رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1150

الغنوشي لـ"الشرق": مع السبسي في إعلان الطوارئ

09 يوليو 2015 , 10:37م
alsharq
تونس - صباح توجاني

قال رئيس حركة النهضة التونسية، الشيخ راشد الغنوشي في بداية حواره مع " الشرق" وفي رده على سؤال حول زيارته الأخيرة الى دولة قطر حيث زار المؤسسة القطرية لرعاية الأيتام "دريمة" بالدوحة واطلع على ما تقدمه من خدمات للأيتام وعلى نبذة من الأعمال الإنسانية الخيرية التي تقودها دولة قطر من خلال مؤسساتها الخيرية لرعاية المستضعفين.

في الحقيقة كان اعجابنا كبيرا من خلال الجولة التي تفضل مدير مؤسسة "دريمة" بتمكيننا منها وهي مؤسسة ضخمة وعصرية لرعاية الأيتام حيث يستقبلون منذ ولادتهم وتتولى "دريمة" رعايتهم وتوفير كافة الظروف المادية والبشرية من أجل الإحاطة بهم وتنشئتهم التنشئة الصالحة والمتوازنة.

وتحرص مؤسسة " دريمة" على مرافقة هؤلاء الأيتام خلال مراحل دراستهم المختلفة حتى يتخرجوا بعد حصولهم على شهادات علمية، حيث تعمل على توفير فرص عمل لهم ثم تمكنهم من المساعدة عند الزواج بما يساهم في صون العائلة القطرية وتوفير كافة مستلزمات العيش الكريم.

حقيقة هي تجربة رائدة شدت انتباهي والمرافقين لي خاصة ان هذه المؤسسة الخيرية تندرج في اطار المؤسسة الخيرية الكبرى التي ترعاها سمو الشيخة موزا التي حرصت على ان يكون لهذه المؤسسة امدادات في اكبر الدول العربية والعالمية، واملي ان تزيد هذه المؤسسة الخيرية توسعا وان تتولى بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية هنا في تونس ابرام اتفاقيات شراكة معها حتى تعم الفائدة.

كيف تعقب على اتهام بعض الأطراف لـ علي العريض الأمين العام لحركة النهضة ورئيس حكومة الترويكا الثانية بالضلوع في اغتيال السياسي المعارض شكري بلعيد؟

نحن ندين الإغتيال مهما كان الطرف المتعرض له من سياسيين وعسكريين وامنيين ومنهم الأستاذ شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي رحمهما الله تعالى، وقضية الأستاذ بلعيد مرت بأطوار كثيرة وتعرضت لتوظيفات سياسية هائلة، فقد عمل البعض على أن يستثمروا في دم الشهيدين بما يذكرنا بالاستثمار في دم عثمان للنيل من الخصوم وللوصول الى السلطة.

اما الخصم السياسي الذي سلطت نحوه السهام فهو حركة النهضة، والحال أنها أكبر ضحية لهذا الاغتيال بعد عائلة الفقيد، وهو اكبر متضرر من هذا العمل الشنيع، إذ فقدت السلطة وقتها.. على كل حال اليوم القضية نضجت للحكم وهي لدى المحكمة والقضاء وليس من بين الثلاثين متهما رسميا نهضوي واحد بالرغم من كل الخلط واللغط حول تجريم النهضة ظلما وعدوانا ومنافسة سياسية غير شريفة والتي كان اصحابها مصرين على ألا يعترفوا بأي بحث حتى يقف قادة النهضة في قفص الاتهام معترفين بارتكاب هذه الجريمة ولأن ذلك لم يحدث الى اليوم، فهم ممتعضون من هذه المحكمة متهمين المؤسسة القضائية بالانحياز لحركة النهضة.

قلت في تعقيبك على حادثة "سوسة" الإرهابية بان هناك قوى عالمية كبرى وراء انتشار الإرهاب، وبان تونس تخوض حربا على الإرهاب، فمن من القوى تعني بالضبط وبأية أسلحة سنقاوم الإرهاب وقانون مكافحته لا يزال في أدراج مجلس نواب الشعب؟

ليس هناك فراغ قانوني بشأن محاربة الإرهاب، فقانون عام 2003 الذي تم سنه في العهد السابق لا يزال ساري المفعول وهو قانون ليس متهما بالتساهل مع العناصر والمجموعات الإرهابية، ومشروع القانون الجديد لس سوى تطوير للقديم.

كيف قرأت حركة النهضة مشاركة الرئيس السابق المنصف المرزوقي في أسطول الحرية الثالث لفك الحصار على غزة وما تعرض له من مضايقات؟

لقد أدانت الحركة ما تعرض له الدكتور المنصف المرزوقي من مضايقات وككل التونسيين فالنهضة موالية للقضية الفلسطينية ونحن ندين الأعمال الوحشية البربرية التي ما فتئ الكيان الصهيوني يأتيها في حق اهالينا في فلسطين المحتلة الى جانب اعتدائه على سفينة "مرمرة" التي تقوم بعمل انساني بحت لا علاقة له بالحرب.

انشغل الرأي العام التونسي لفترة طويلة وفي مرحلة حرجة بحملة "اين البترول"، وهي حملة ساندتها الحركة دون ان تنخرط فيها وهو موقف فيه الكثير من الضبابية.

قلت بان هذه الحملة هي كلمة حق اريد بها باطل على اعتبار ان من حق التونسيين جميعا الإطلاع على العقود التي تم ابرامها في مجال التنقيب عن البترول واستغلال آبار الموجود منه وهذا هو الحق، أما الباطل فقد ارادت بعض الأطراف صرف انظار التونسيين عن السبيل الوحيد للخروج من أزمة البطالة وهو العمل ثم العمل ثم العمل. اي المبادرة بالعمل وليس التلويح بوجود ثروات ضخمة لو استغلت لما احتاج التونسيون للعمل.

وهذه الحملة ساهمت في ترسيخ ثقافة الكسل والأمل الزائف في الحصول على أموال دون عمل. فمن الأوهام الاعتقاد بأن تونس تسبح فوق بركة من البترول، فإذا كان كذلك، فلم لم نشم رائحة البترول الذي نسبح فوقه إذن؟؟؟ (يضحك الشيخ ثم يواصل مستدركا) ولكن هذا لا يعني بان ثرواتنا لا توجد اخلالات في ادارتها، ولذا ينبغي الكشف عن كل اخلال ممكن مع التدقيق حتى يتبين لكل التونسيين حجم ثرواتنا ومواقعها وكيفية ادارتها.

قمت مؤخرا بزيارات مطولة وواسعة شملت كافة المناطق الجنوبية الساخنة اجتماعيا والتي عاشت على وقع حراك شعبي خطير، ما الذي يحول دون استقرار اهالينا هناك وما هي مشاغلهم؟

لمست في المناطق الجنوبية قلقا وغضبا ونفاد صبر.. ولدى اهالينا بالمناطق الجنوبية التي زرتها مؤخرا احساس وشعور بأن الدولة لا تستمع الى مشاغلهم.. والحقيقة ان هناك رسائل تعطيها احتجاجات المناطق الجنوبية ينبغي ان تصل الى اصحابها، الى النخبة والى المسؤولين بالسلطة، وخلاصتها أن الأوضاع القائمة غير قابلة للاستمرار وأن الأهداف الاجتماعية الرئيسية للثورة التونسية لم تتحقق بعد، وأن تونس مكبلة بترسانة ثقيلة جدا من القيود تمنعها من التحليق والطيران. اي ان اوضاع البلد تحتاج الى اصلاحات كبرى في مجال القوانين المتعلقة بالاستثمار وفي مجال الخيارات الاقتصادية والاجتماعية.

نحن في تونس نحتاج الى استعادة ثقافة العمل لدورها كمحرك رئيسي واساسي للتنمية ولإنتاج الثروة وكذلك ثقافة المبادرة بدلا عن ثقافة الانتظار والكسل والتواكل والتعويل على الغير والاستجداء.

الكثير من نسبة البطالة في بلادنا هي بطالة مقنعة وهذا الوضع يحتاج الى معالجة ثقافية وقيمية تعيد للعمل اعتباره، ونحتاج الى اصلاح تربوي، اي اصلاح نظام التعليم برمته ليصبح منسجما مع طلبات السوق. فالمؤسسات التعليمية اليوم تخرج سنويا 120 ألف حامل لشهادات علمية لا يحتاجهم السوق وهو غير مستعد لاستقبالهم وامتصاص هذا العدد الكبير وتوفير مواطن شغل لهم، فالجامعات التونسية تخرج اختصاصات معينة ليس عليها طلب في الاقتصاد، بينما السوق يطلب تقنيين من حدادين ونجارة وفنيي الكهرباء والماء والغاز. كل هذا بسبب تدهور منظومة التعليم المهني الذي قضى عليه بن علي وفتح المجال أمام الجميع للنجاح والارتقاء والحصول على شهادات عليا بلا ادنى علاقة مع السوق وما يحتاجه.

تتمسك النهضة بحكومة الحبيب الصيد رغم تمثيليتها الضعيفة صلبها حتى ان مساندة الحركة لهذه الحكومة تتجاوز مساندة نداء تونس الحزب الحاكم لحكومته الإئتلافية؟

نعم نحن متمسكون بمبدأ المشاركة في الحكم، لأنها تترجم عن استراتيجيتنا في التوافق باعتبار ان المرحلة انما هي مرحلة توافق لا مغالبة، لأننا لا نزال بعد في مرحلة انتقال ديمقراطي، ومثل هذه المراحل لا ينبغي ان يحكمها مبدأ الأغلبية البسيطة.. في الأوضاع الديمقراطية العادية نسبة 51 بالمائة كافية للحكم، وفي المقابل لا تكفي هذه النسبة للحكم في الأوضاع الانتقالية..وحتى يكون الحكم مستقرا نحتاج الى ان نستند الى قاعدة انتخابية تساوي او تفوق 70 او 80 بالمائة.

ثم ان الوضع الحالي ببلادنا لا يتحمل معارضة بحجم النهضة او معارضة بحجم حركة نداء تونس لو كانت النهضة في السلطة، ولقد جربنا الحكم بمنطق سلطة ومعارضة، وكاد البناء ان يسقط فوق الجميع سنتي 2012 و2013 ولم يقع انقاذ الموقف الا بالقيام بعملية جراحية كبرى تمثلت في خروجنا من السلطة ونحن سلطة منتخبة، هذه العملية الغريبة عن منطق الديمقراطية في نظر البعض من النخبة السياسية، لأن حزبا منتخبا يترك السلطة بإرادته.

كان البعض يقول في السابق بان الإسلاميين لا يؤمنون بالديمقراطية وحتى وان آمنوا بها فمرة واحدة وهي عند توصيلهم الى سدة الحكم ثم لا يتركونها.. نحن برهنا على انه يمكننا تركها متى شئنا وكلما اقتضت المصلحة العليا للبلاد ذلك حتى بدون انتخابات.. لأننا فعلا مقتنعون بان البلاد احب الينا من السلطة...نعم لقد خسرنا السلطة ولكننا في المقابل، ربحنا تونس...ربحنا الوطن...ربحنا الديمقراطية...ولو بقينا يومها في السلطة لخسرناها وخسرنا الديمقراطية في النهاية..وهو ما حصل في بلاد اخرى حيث قاد الصراع الى السلطة ومنه الى انهيار الدولة، او الى عودة الديكتاتورية.

يروج حديث حول امكانية تعويض حكومة الحبيب الصيد بحكومة اخرى ثنائية بين النداء والنهضة، وهو حديث انطلق مباشرة بعد تصريحك بانه على الحكومة تحمل مسؤوليتها في تعقيبك على حادثة سوسة الإرهابية، وهو أول تصريح من نوعه لك منذ تشكيل الحكومة الحالية؟

لا أزال أدافع عن حكومتنا وكنت طالبت احزاب الائتلاف الحاكم بالا تنتقد الحكومة لدى الرأي العام واذا كان لها من نقد فهو داخل الحكومة نفسها وداخل تنسيقية الأحزاب المشكلة للحكومة، خاصة وان هنالك مواعيد لقاءات ثابتة ودورية لهذه التنسيقية مع رئيس الحكومة وخلال هذه الاجتماعات يقع توجيه النقد لحكومة الحبيب الصيد وليس في المنابر الإعلامية لأنه علينا أن نختار إما أن نكون في السلطة وإما خارجها ولا يمكن وضع ساق هنا واخرى هناك، نحن داخل السلطة ونعتبر ان هذه الحكومة هي حكومتنا ونحن وصفنا مرات متعددة بأننا أكثر المدافعين عنها.

إذن ماذا يعني كلامك "يجب أن تتحمل مسؤوليتها"؟

قطعا يجب أن تتحمل مسؤوليتها ازاء الحادث الأمني او الكارثة الأمنية التي حصلت، فمسؤوليتها تتمثل في تقصي الحقائق والوقوف على الإخلالات ومحاسبة المخطئين في حال وجدت اخلالات، حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث لأن المسالة تتعلق بمصير الوطن..."

كيف تنظرون الى الإجراءات الحكومية عقب هجوم سوسة، وهل تستهدف الحريات خاصة الدينية مثل إغلاق المساجد والتضييق على الجمعيات، هل هناك عودة لدولة القمع؟

الشعب التونسي لن يسمح بعودة دولة القمع، إذا هذا السيناريو غير وارد، ما أعلنته الحكومة هو جملة من الإجراءات لمواجهة آفة الإرهاب، بالنسبة للمساجد، هناك حوالي ستة آلاف مسجد، منها عدد صغير غير ملتزم بالتراتيب القانونية، سواء في تسييره أو في إمامته، فقررت الحكومة إغلاقها مؤقتا لتسوية وضعيتها القانونية ثم فتحها مجددا، موضوع الحرب على الإرهاب يحتاج الى خطة قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، تعالج الخطر آنيا، وتعالج ايضا تعقيدات وهذه الظاهرة على المستوى الأمني والتشريعي، وايضا جذور هذه الظاهرة على المستوى الاقتصادي الاجتماعي، وعلى المستوى الفكري والتعليمي والديني. هذه المقاربة الشاملة تحتاج الى إجماع ووحدة وطنية ليتم تنزيلها في استراتيجية وطنية لمحاربة الإرهاب.

وماذا عن إعلان رئيس الدولة لحالة الطوارئ، ما هو موقفكم من هذا الإعلان؟

حركة النهضة أصدرت بيانا يعبر عن تفهمنا لإعلان حالة الطوارئ من قبل الرئيس كإجراء مؤقت لمدة شهر للتعامل مع وضعية استثنائية تواجهها البلاد على المستوى الأمني وأيضا على المستوى الاجتماعي بتكاثر الإضرابات خاصة في قطاعات حساسة مثل الفسفاط، ونحن نأمل ان تنتفي الحاجة الى هذا الإجراء الاستثنائي في أقرب الآجال.

مساحة إعلانية