رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

372

جباليا.. الثمن الباهظ للصمود

10 يناير 2025 , 07:00ص
alsharq
❖ غزة - محمـد الرنتيسي

مر أكثر من مائة يوم على بدء العدوان الهستيري الأوسع على مخيم جباليا شمال غزة، وما زال صامداً يرفض الخنوع أو الاستسلام لمنطق الفولاذ والقوة، يواجه بدماء شهدائه أعتى آلة حرب عرفها الفلسطينيون في صراعهم مع الكيان الغاصب، الذي بلغ من العمر عتيّا.

إنها ضريبة الصمود وإفشال مخططات كيان الاحتلال وجنرالاته، لكن هذا لا يعني عدم تلقي خسائر، فكل دقيقة تمر على المخيم تعني المزيد من الدماء والأشلاء، وفي كل لحظة هستيرية تتغير فيها معالم المخيم، إثر نسف المباني والمربعات السكنية، والغارات المكثفة بالبراميل المتفجرة، التي تنتج عنها انفجارات هائلة، يُسمع صداها أحياناً في الضفة الغربية!.

في مخيم جباليا، عم الدمار في منطقة الفالوجة وشارع النزهة وحي القصاصيب ودوار أبو شرخ، وتوسعت عمليات جيش الكيان لتطول جباليا البلد، وجباليا النزلة، ومنطقة الصفطاوي وشارع الجلاء، وتحدث ناجون لـ «الشرق» عن مشاهد صادمة ومروعة، وتغيير معالم في المناطق المذكورة.الهدف واضح كما يقول نازحون، وهو الضغط على السكان بالقوة المفرطة، والتهجير بالنار، لكنهم صامدون ويرفضون الرحيل، حتى أن قادة الكيان استهجنوا من هذا الصمود الأسطوري، وكثيرون منهم أعلنوا هذا صراحة في وسائل إعلامهم. أحد الشهود لم يشأ الكشف عن اسمه، قال لـ»الشرق» إن لهذا الصمود البطولي أسبابه، وهناك ما يعين أهالي المخيم عليه، ويتقدمه التشبث بالحياة حتى الرمق الأخير، والإصرار على البقاء في مواجهة آلة الدمار ومعاول الاقتلاع، مضيفاً: «طبيعة أهالي جباليا يعشقون التحدي، ويرفضون الخنوع أو الاستسلام، ويمتازون بالبأس الشديد، والعناد في مواجهة المحتل، وجيش الاحتلال يعرف هذا جيداً، وله تجارب ووقائع صعبة في مخيم جباليا منذ الانتفاضة الأولى التي انطلقت شرارتها الأولى من أزقته».

فيما أشار (علاء) مكتفياً بذكر اسمه الأول، إلى أن جيش الاحتلال يكثف من غاراته الوحشية، ويوسع عملياته في مخيم جباليا بين الحين والآخر، بدوافع انتقامية، وتصفية حسابات مع المخيم الذي استعصى عليه وآلته التدميرية، في سجالات عدة، خصوصاً وأن ما يزيد على 30 من جنوده قتلوا على مشارف المخيم.

في مخيم جباليا، لا يكتفي جيش الكيان بتدمير المنازل، بل يعمد إلى تثبيت أسلحة آلية رشاشة، وأجهزة مراقبة، ترصد تحركات المواطنين، وكل من يحاول العودة إلى منزله، يقع في مصيدة القناصة والطائرات المسيّرة، تنفيذاً لتوصية جنرالاته، بتهجير سكان المخيم وبقية مناطق شمال غزة، لإحكام سيطرته عليها.

تحولت المنازل والمدارس والأزقة في جباليا إلى أكوام من الحجارة، وسوّيت أحياء بالأرض، وأبيدت عائلات بأكملها، وباتت جثث الشهداء تملأ الشوارع دون أن تجد من ينتشلها، الدمار الهائل يلف المكان، ورائحة القتل تستوطنه، في استهداف هو الأوسع منذ بدء العدوان على قطاع غزة، وظل المخيم شاهداً على أفظع جرائم العصر، يواجه آلة الإجرام بالدماء والأشلاء.

مساحة إعلانية