رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1544

هدى صبري:أخفيت إصابتي بالسرطان على أبنائي خوفاً عليهم

10 يونيو 2015 , 06:24م
alsharq
الدوحة - بوابة الشرق

حل فصل الصيف وبدأت تستعد للسفر ، كانت مكة هي وجهتها هذه المرة ، لكن القدر حال بينها وبين وجهتها، أرادت العمرة وأراد الله تأجيلها لأسباب عجزت عن إدراكها ، وبالرغم من ذلك لم تشعر بضيق أو حزن بل شكرت الله شكراً على ما اختار وقدر.

هدى صبري، إحدى الناجيات من سرطان الثدي أدركت تماماً معنى قوله سبحانه وتعالى { فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} النساء19 ، حينما لم يكتب الله لها أداء العمرة وقامت بزيارة المركز الصحي لعمل فحوصات طبية إعتيادية لتكتشف إصابتها بسرطان الثدي وتبدأ رحلتها مع العلاج وهي مؤمنة بقضائه وقدره ودعائها الذي لا ينقطع بأن يثبتها وييسر لها رحلة العلاج التي كان عليها البدء بها فوراً.

إلتقينا هدى لتحدثنا عن تجربتها مع سرطان الثدي ، وكيف استقبلت خبر إصابتها بكل عزيمة وصبر لتكمل رحلتها العلاجية حتى شفائها تماماً ، والنصيحة التي يمكن أن تقدمها للمجتمع في هذا الصدد ، والدروس التي خرجت بها من هذه المحنة ، فكانت السطور التالية :

• بداية ، كيف تم اكتشاف إصابتك بالسرطان ؟

حل فصل الصيف وبدأت أستعد للسفر ، كانت مكة هي وجهتي هذه المرة ، لكن القدر حال ‏بيني وبين وجهتي، أردت العمرة وأراد الله تأجيلها لأسباب عجزت عن إدراكها ، وبالرغم من ‏ذلك لم أشعر بضيق أو حزن بل شكرت الله على ما اختار وقدر ، في ذلك الوقت فكرت في زيارة المركز الصحي لإجراء بعض الفحوصات الطبية المعتادة وبعد أن فحصت الطبيبة المختصة الكتلة غير المؤلمة التي وجدتها في صدري عن طريق الصدفة قامت على الفور بإعطائي تقرير تحويل لقسم الجراحة بمستشفى حمد ، وأوصت لي بموعد عاجل ، لم أفهم وقتها سبب تحويلي بهذه السرعة ؟! وما الحاجة إلى الجراحة في ظل غياب الألم ؟! ويا لدهشتي عندما ذهبت في الموعد المحدد لاكتشف بأنهم في حاجة لأخذ عينة من ثديي المصاب لفحصها ، إنتظرت نتيجة العينة ليصلني التشخيص الذي كان لوقعه الصادم أعظم الأثر في حياتي ليخبرني بالكلمة التي اعتدت تجنب النطق بها وهي " سرطان الثدي ". ‏

• وكيف كان استقبالك لخبر الإصابة ؟

شعرت بتخبط رهيب بين صدمتي وخوفي وتفكيري في مصير أطفالي الذي ظل يؤرقني وبين جهلي التام بعواقب المرض الذي سأشق طريق علاجه فقط بعون الله في ظل خوفي وترقبي ، حمدت الله بأن منٌ علي بالإكتشاف المبكر للمرض وقد حال بيني وبين السفر لأداء العمرة لسبب كان يعلمه سبحانه وتعالى ، ووقتها جاء في خاطري قوله عزوجل

{ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }، ودعوته من كل قلبي أن يثبتني وييسر لي رحلة العلاج التي كان لابد لها أن تبدأ فور التشخيص ، وعندما علم أهلي بمرضي أصروا على سفري لتلقي العلاج بمصر، لكني آمنت بأن ماقدره لي الله لن يفارقني أينما كنت ، فقررت البقاء في الدوحة لأبدأ رحلتي العلاجية .

• حدثينا عن رحلتك مع العلاج ؟

قبل الجراحة لم يكن لدي أدنى فكرة عما يمكن توقعه وكان يجول بداخلي العديد من التساؤلات منها ، هل كتلة الورم حميدة ؟ هل إنتشرت في صدري أم لا ؟ هل سيقومون باستئصال ثديي كاملاً أم سيكتفون باستئصال الورم فقط ؟، دخلت غرفة العمليات بعقل مشتت ومشبع بأسئلة لايعلم إجابتها إلا هو سبحانه وتعالى ، وبالأمل رزقني الله قوة وصلابة لم أكن أتوقعها ، وعندما خرجت من غرفة العمليات واستعدت وعيي تحسست ثديي فوجدت الثدي لم يبرح مكانه بل الكتلة فقط هي التي تم استئصالها ، ظللت أحمد الله على هذه المنة حتى يومنا هذا ، وبعدها بدأت مرحلة العلاج الكيميائي والإشعاعي، وفي الفترة مابين الجرعتين الأولى والثانية من العلاج الكيميائي حققت رغبتي السابقة في أداء العمرة بالرغم من قلق الطبيبة بشأن مناعتي الضعيفة آنذاك وأن جرح العملية لم يكن قد إلتأم تماماً وبدأ شعري أيضاً بالتساقط، إلا أن عزيمتي لم تضعف وكانت دافعاً لي للمضي قدماً في رحلتي وامتلكت الشجاعة الكافية بالتوكل على الله أولاً وأخيراً وسافرت إلى مكة ، فكلُّ ما تعرضتُ له - بإذن الله - بعد مرضي جعلني أكثرَ قوة منْ ذي قبل.

• هل غيرت هذه التجربة نظرتك للحياة ؟

بالفعل ، لقد تغيرت نظرتي لكل الأمور الحياتية والتي بدأت أنظر إليها من جانب مختلف ، فوجدت أن أي مصاعب ومحن ومشكلات واجهتني من ذي قبل بدت ضئيلة مقارنة بسرطان الثدي الذي أصابني، وعندما عدت من العمرة كان علي بدء العلاج الإشعاعي الذي كان من أصعب المراحل التي مررت بها حيث إمتلأ صدري تدريجياً بالصديد ، فكنت أحترق ألماً وقررت ألا يشاركني أطفالي الذين كانوا جميعاً طلاباً في المدرسة رحلة العلاج ، لم أكن أريدهم يروني وأنا أتدهور بعد العلاج الكيميائي أو أشكو من الألم الذي لا يوصف أمامهم ، لذلك قررت إرسالهم إلى مصر لمواصلة تعليمهم في ظل رعاية والدتي ، رحمها الله ، والتي كانت أقرب الأشخاص لي ، وكان زوجي هو الشخص الوحيد المدرك لتفاصيل علاجي ومرضي، واتفقنا على حمايةِ الأبناء من معرفة أي شيء عن مرضي، حتى إنَّهم كانوا يجهلون معنى مصطلحِ سرطان الثدي ، وسافرت بالفعل بعد هذه الفترة إلى مصر وقوفاً على رغبة أهلي، وتأكدت أن كل شيء على ما يرام، ولله الحمد لم يعاود السرطان الظهور في جسدي منذ 13 عامًا.

• ما مدى حاجة مريض السرطان للدعم النفسي ؟

لطالما تمنيت عند إصابتي أن ألتقي مريضة بسرطان الثدي لتعطيني لمحة عن مشوار العلاج ، وبعد طول إنتظار قررت أن أكون أنا تلك المرأة التي تمنيت لقاءها بعد إكتشاف مرضي ، وبدأت بتوجيه النساء الآخريات اللآتي أقابلهن لكل خطوة في طريق العلاج الأمر الذي جعلني أكثر تحملاً وإيماناً ومنحني الجرأة الكافية للتحدث معهن عن مرض سرطان الثدي .

أتذكر أنني تحدثت إلى سيدة كانت راقدة بجواري بعد خروجي من عملية إستئصال الورم وعلمت أن الكتلة التي تشعر بها في صدرها قد تنبأ بحالة مشابهة لحالتي ، لذلك نصحتها على الفور بمراجعة الطبيب لأخذ عينة وتشخيصها ، وبعون الله تمكنت من تقديم عشرات النصائح لنساء آخريات إما عن طريق طلبهن إستشارتي أو أبادر أنا بالذهاب إليهن عندما أعلم بتشخيص إحداهن بسرطان الثدي الأمر الذي ساعدهن عن إعطائهن خيارات لعلاج أكثر فعالية ، وهنا يجب التأكيد على أن التشخيص المبكر هو أهم عامل في علاج سرطان الثدي.

• وما ذكرياتك في هذه التجربة ؟

عندما أعود بذاكرتي إلى فترة العلاج المكثفة أشعر بالإمتنان لوجود ما كان يمنحني القوة ويخفف عني شدة الألم ويهون علي محنتي ، فقد كان لإيماني بقضاء الله وقدره أكبر الأثر وأهمه في رفع معنوياتي وإدخال الطمأنينة في نفسي ، فكلما إستشعرت أن كل ما قدره الله لي من إبتلاء بالمرض إنما هو إختبار منه سبحانه وتعالى لأظفر بالأجر في الدنيا والآخرة ، على الجميع إدراك حقيقة مفادها أن صدمة تلقي النبأ الأول هي المرحلة الحساسة التي لا يستطيع أي مريض أن يتخطاها إلا باليقين في حكمة الله وإصطفائه لإبتلائه بالمرض، فالشعور بالإبتلاء يسهم في رفع منزلة صاحبه إلى مرتبة الأنبياء والصالحين ، فقد إبتلي الله هؤلاء من قبل ، وما زادهم الإبتلاء إلا شرفاً.

• ما النصيحة التي يمكن أن تقدميها ؟

تجربتِيْ مع مرض سرطان الثدي جعلتني أدرك أن معظم النساء تميل إلى التكتم حول هذا الموضوع لدرجة أن مجرد ذكر كلمة "سرطان" تكون أحيانًا وصمة عار، ومثل هذه العقلية تمنع عددا كبيراً من النساء من إتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية اللازمة ، وفي الحقيقة أنا لا أجد سبباً وجيهاً واحداً يدفع لإخفاء المرض ، ومن خلال تجربتي أنصح كل سيدة بمتابعة الفحص الدوري للثدي وعمل الفحوصات اللازمة.

مساحة إعلانية