رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1289

وداعاً للأمن الغذائي في لبنان 

16 يونيو 2020 , 07:00ص
alsharq
بيروت - أماني جحا

مع مرور أكثر من سبعة أشهر على بدء تهاوي سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، لا يظهر أن الأزمة ستنتهي عند هذا الحد، فهي على ما يبدو لا تزال في بدايتها. فبالإضافة إلى كل التداعيات المالية والاقتصادية الخطيرة على سوق العمل والاستثمار في لبنان، فإن القدرة الشرائية للمواطنين هي الهمّ الأساسي لدى الأكثرية الساحقة في ظلّ خسارتهم لعملهم أو مع التضخّم الذي أتى على قيمة رواتبهم. في الأسواق تضاعفت أسعار السلع الغذائية والمنزلية مرات عدة، وذلك أولاً بسبب تمويل استيراد هذه السلع بالدولارات المسعرة، في السوق بأكثر من 4600 ليرة لكل دولار، وثانياً بسبب الاحتكارات وفجور بعض التجار الذين سارعوا إلى رفع أسعار موادهم برقم أعلى حتى من سعر الصرف في السوق السوداء أمام لجوء الناس لتخزين المواد خوفاً من انقطاعها أو ارتفاع سعرها مع كل يوم، بما يملكون من مدخرات أو مداخيل.

خسارة الليرة

وحالياً، مع خسارة الليرة اللبنانية نسبة ضخمة من قيمتها (كان الدولار الأمريكي قبل الأزمة يساوي 1500 ليرة لبنانية)، فإن المواطن لم يعد يحاول سوى تأمين أساسيات عيشه اليومي ويبتعد أكثر فأكثر عن الكماليات. وهذا ما أثّر أيضاً على ما يستورده التجار من الخارج، فمثلاً بين تشرين الثاني 2019 ونهاية آذار 2020 استورد لبنان بما قيمته 5560 مليون دولار مقارنة مع 8057 مليون دولار في فترة مماثلة من عامَي 2018 – 2019، أي تقلّص الاستيراد بنسبة 31%. هذا التراجع لم يحصل بشكل مفاجئ بل جاء تدريجياً وبلغ ذروته في شهر آذار بتراجع نسبته 62%. ولعل هذه النتيجة تعكس بداية الأزمة لأن الاستيراد المسجل في الجمارك عائد لطلبات استيراد عمرها ثلاثة أشهر على الأقل. وهذا يعني أن الأزمة بدأت تفرض على اللبنانيين نمطاً من التخلي عن استهلاك سلع مترفة أو لها بديل محلّي. ويشير ذلك إلى أن اللبنانيين استغنوا عن ثلث السلع المستوردة خلال خمسة أشهر، وعن ثلثي السلع المستوردة في شهر آذار. هذه النتائج تؤثر على سلوك المستهلك وهي ناتجة عن انفلات سعر صرف الليرة مقابل الدولار وتقلباته الحادة والسريعة، وتضخّم أسعار السلع والخدمات، وإغلاق المؤسسات. أي إن المستهلك بدأ يركّز أكثر على إعادة توزيع نفقاته على نحو يتناسب مع مستوى مداخيله ومع تضخّم الأسعار وأصبح يعمد إلى تقليص سلّته الاستهلاكية ويفاضل أكثر بين الأصناف. فجأة أصبح اللبنانيون كأنهم، إذ صح القول، أعضاء في "جمعية حماية المستهلك". يعرفون سعر كل سلعة في عدد كبير ومختلف من المحال التجارية، ويقضون وقتاً طويلاً في التبضع لانتقالهم بين محل وآخر، تبعاً لفارق السعر. وتطوّر الأمر، توفيراً للوقت، أن تقسم العائلة نفسها ويذهب كل فرد إلى مكان لشراء سلع معيّنة، فالتوفير أصبح ضرورة قصوى والبحث عن بدائل أرخص لم يعد ترفاً.

نموذج قابل للتعميم

فؤاد مثلاً يعيش مع زوجته ولم ينجبا أولاداً. هما اليوم يعتبران ما قرراه انجازاً في ظل الوضع الاقتصادي القائم، فدخول فرد ثالث على حياتهم يعني "تدمير حياة مخلوق ليس لديه ذنب في أن يخلق في الوضع الحالي". وفي هذه الإطار، تُعتبر حاجيات الأطفال، خصوصاً الرضّع، من أغلى السلع في السوق كونها كلها مستوردة وليست من السلع المدعومة من الدولة كالدواء. نقصد هنا حليب الأطفال والحفاضات التي تستهلك بشكل يومي. وبالعودة لفؤاد، ورغم انه يعيل أسرة من فردين فقط، فهو "حوّل" غرفة النوم الثانية في المنزل إلى ما يشبه المستودع، وضع فيها عدد كبير من أكياس الأرز والبرغل والسكر والملح وغيرها من مواد التنظيف والتعقيم وحاجيات أخرى كمساحيق الغسيل والمياه المعدنية. يعتبر أن ما فعله انجازاً باقتناصه كل فرصة لشراء "عروض" من السوبر ماركات بأهداف تخزينية طيلة الثلاثة أشهر الماضية. أصبح لديه أشبه بدكانة صغيرة في المنزل. هذا المواطن استطاع أن يشتري كل ذلك من مدخراته لكن معظم العائلات اللبنانية تعيش "كل يوم بيومه" وهي تكابد لكي تؤمن قوت أطفالها.

في حديث إعلامي، يلفت رئيس جمعية المستهلك في لبنان، زهير برو، إلى أنّ "ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بلغ 13 في المائة بين 15 فبراير/ شباط و31 مارس/ آذار الماضيين، كما وصل ارتفاع أسعار السلع والخدمات ذات الاستهلاك اليومي للعائلات إلى نحو 58.43 في المائة منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، بسبب تجاوز سعر صرف الدولار في السوق الموازية الضعفين، فيما زادت التكلفة على المستوردين أكثر من 100 في المائة". وبحسب بيان هذه الجمعية، فإنّ أسعار الخضار ارتفعت إلى 17.27 في المائة فيما بلغ ارتفاع سعر الفواكه 20.13 في المائة واللحوم 17.9 في المائة، والألبان والأجبان 11.1 في المائة والمعلبات والزيوت. وفي هذا السياق، تسجّل السلة الغذائية للأسرة من 5 أفراد ارتفاعاً من 450 ألف ليرة لبنانية شهرياً إلى 800 ألف ليرة لبنانية، أي نسبة 80 في المائة تقريباً حتى مطلع الشهر الحالي.

ماذا نشتري أولاً؟

في إحدى التعاونيات تقف أمّ وإلى جانبها أحد أولادها وقريبة لها أمام قسم الألعاب. تحاول جاهدة إقناع ابنها الصغير أن اللعبة التي يريدها لن يستخدمها وعليه أولاً أن يستفيد من الألعاب التي لديه. المرأة الأربعينية تدرك أن ارتفاع الأسعار واختلاف الأولويات هو سبب عدم شراء ما اعتادت عليه سابقاً. أصبحت، كمعظم المواطنين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة، تشتري المواد الأساسية فقط وبكميات محدودة. منذ أسبوعين، أعلن وزير الاقتصاد راوول عن "دعم السلة الغذائية على أساس 3200 ليرة للدولار بالتعاون مع مصرف لبنان" وعن "آلية ستؤدي لانخفاض أسعار السلع الغذائية الأساسية للمواطن اللبناني والحفاظ على الأمن الغذائي"، وذلك مع استفحال الأزمة المعيشية يوماً بعد يوم. وزارة الاقتصاد اعتبرت أنه "من مسؤوليتها إيجاد طريقة أو حلّ لتخفيف العبء عن الناس"، وأن هذه السلة المدعومة "تتضمن كافة المكونات الغذائية التي يحتاجها الإنسان من بروتينات حيوانية ونباتية ونشويات وغيرها، وهي تشمل السكر والأرز والمواد التي تدخل في صناعة الزيوت والحبوب". اليوم، لا هذه السلّة أبصرت النور ولا الأمن الغذائي يبدو قابلاً للتحقق. الأسعار في المحال تختلف كل يوم كالبورصة وقيمة الليرة تهبط... على رؤوس الفقراء.

اقرأ المزيد

alsharq الملابس الدافئة حلم يراود أهالي غزة في الشتاء

أصبح الحصول على ملابس شتوية حلما يراود معظم أهالي غزة بعد أن فقدوا بيوتهم وكل ما تحتويه من... اقرأ المزيد

76

| 04 نوفمبر 2025

alsharq السفير صالح عطية لـ "الشرق: علاقات قطر والجزائر وصلت مرحلة تسمح بشراكة إستراتيجية شاملة

- تنسيق للمواقف بين البلدين تجاه القضايا العربية وعلى رأسها فلسطين -إطلاق خط بحري مباشر بين قطر والجزائر... اقرأ المزيد

164

| 04 نوفمبر 2025

alsharq سفير جمهورية السودان لدى الدولة: جرائم الدعم السريع في الفاشر إبادة جماعية مروعة

-ندعو المجتمع الدولي لتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية أعرب سعادة السيد بدرالدين عبدالله محمد أحمد، سفير جمهورية السودان... اقرأ المزيد

182

| 04 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية