رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1481

ندوة حول الهويات في مستهل موسم الندوات لوزارة الثقافة

17 مارس 2022 , 11:28م
alsharq
ندوة الهويات إنسانية أم محلية؟ الثقافة وتعدد الهويات ضمن موسم الندوات.
الدوحة - قنا

انطلقت، اليوم، أولى فعاليات موسم الندوات، الذي تنظمه وزارة الثقافة بالشراكة مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات.

ويعد موسم الندوات الأول من نوعه في الدوحة، مستهدفا إثراء النقاش والحوار حول العديد من القضايا الثقافية والفكرية والفنية، بحضور سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، الذي أكد أن من أهداف موسم الندوات ترسيخ ثقافة تقبل الاختلاف في وجهات النظر لإثراء الحياة الثقافية، لافتا إلى أن وزارة الثقافة تدون هذه الأفكار والمرئيات لأخذها بعين الاعتبار.

وحملت الندوة عنوان " الهويات إنسانية أم محلية؟ الثقافة وتعدد الهويات"، وأقيمت في معهد الدوحة للدراسات العليا، وحاضر فيها كل من الكاتب عبدالعزيز الخاطر، والدكتور حيدر سعيد رئيس قسم الأبحاث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والدكتورة أمل غزال عميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، وأدارها الإعلامي حسن الساعي، وسط حضور عدد كبير من النخب الثقافية والأكاديمية والدارسين، الذين أثروا الندوة بمناقشات عديدة حول ما أثير حولها، وتحديدا فيما يتعلق بالهوية.

وتحدث في بداية الندوة الدكتور حيدر سعيد عن الجانب التاريخي في تشكل الهويات بشكل عام والخليجية بشكل خاص، معتبرا أنها جاءت في سياقات محددة، في الأغلب سياسية، وتحدث عن الجانب التاريخي للهوية الخليجية، مشيرا إلى كثرة المؤلفات عن الخليج في بلدان المشرق العربي (مصر، سوريا، العراق) ،والتي جاءت تزامن تشكل الهوية الخليجية، والانتماء إلى الخليج الذي كان حاضرا في الوثائق السياسية المبكرة التي واكبت استقلال دول الخليج.

وقال "إن الهوية معطى تاريخي، ولا يوجد هوية واحدة لا للجماعات ولا للفرد ، حيث إن الإنسان له عدة هويات مثل أنا عربي ومسلم وأنتمي للجزيرة العربية".. لافتا إلى أنه لا يمكن الوصول إلى تفتيت المسألة الهوياتية في العالم والإيمان بهوية أحادية، ومشددا على أنه دائما ما تصحو الهويات لمواجهة لحظات الهيمنة كما حدث مع الاستعمار.

وذكر سعيد أن المجتمعات الخليجية جاذبة للهجرات بسبب وضعها الديمغرافي وحاجتها إلى أيدي عاملة يبرزون هوياتهم، إلا أنها تعمل على إبراز هوياتها وإظهار خصوصياتها الرمزية كالملبس والثقافة والتجمعات السكنية، موضحا أن حماية هذه الخصوصية والكيان السياسي كان سببا في نشأة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

كما أشار الدكتور حيدر سعيد إلى ظهور أدبيات تتحدث عن الخصوصية الخليجية، وأن الهوية الخليجية تجاوزت دور الحماية الأمنية، موضحا أن الهوية العربية كانت حاضرة بقوة وهذا نتاج نخبها، لتكون تعويضا أو بديلا عن الهويات الوطنية.

بدوره، قال الكاتب عبد العزيز الخاطر، في مداخلته، " هناك بعض المعايير يمكن من خلالها التفريق بين الهوية الإنسانية والمحلية"، مؤكدا أن الهوية يمكن ان تكون إنسانية ومحلية في الوقت ذاته.

واعتبر أنه لا يمكن تصور الهوية بدون تصور لمفهوم الحرية، فالإنسان يولد أولا ثم يكتسب هويته فالحرية أسبق من الهوية، لافتا إلى أن المعيار الثاني هو ارتباط الهوية بالضرورة وليس الإمكان، ومعتبرا أن الهوية جزء من الإمكان بمعنى أن الانسان ولد مسلما أليس كان بالإمكان أن يولد غير مسلم؟ وبالتالي هذا الفهم يجعل الانسان قابلا للغير بدلا من اعتبار الامر ضرورة ونكون بصدد هوية مغلقة، ومن هنا رأى أن تصور الإمكان يفتح الهوية ويجعلها قابلة للتعايش مع الاخر.

ورأى الخاطر أن المعيار الثالث يتمثل في التأسيس في مقابل الاستئناف أو الثبات في مقابل التغير، مطالبا بجعل الهوية مرحلة وسطى باتجاه الماهية الإنسانية وليس ثباتا طاردا للتطور في العلاقة مع الآخر، وأن على المؤسسات الثقافية أن تعزز ثقافة الوعي بهذا الجانب، داعيا إلى عدم تصنيف الناس حسب أصولهم واتباع البنية الافقية، حيث العلاقة المباشرة بين البشر المبنية على التنوع المجتمعي.

ومن جانبها، تحدثت الدكتورة أمل غزال، في مداخلتها تحت عنوان الخليج وهوية في هويات: البحر والصحراء الاقتصاد والدولة الحديثة"، عن ترابط مستويات الهوية بين المحلي وطنيا والإقليمي خليجيا أو عربيا أو إسلاميا والإنساني عالميا، مشيرة إلى أن لكل من الثقافة والهوية محدداتهما، سواء الواقعية أو المتخيلة.

وأضافت أن الهوية الخليجية تتجلى بهويات محلية متعددة تنتمي لهذا التاريخ المشترك وفي هذا السياق لا فرق بين هوية خليجية وهويات خليجية، إذ المقصود جمعا هوية ثقافية بأبعاد وتمثيلات وتجليات فيها من الشبه أكثر من الاختلاف، مؤكدة أن معالم هذا التاريخ ومساراته حددته عوامل عدة أهمها عاملا البحر والصحراء وما بينهما، فالصحراء مثل البحر، رابط لا فاصل، وكما للبحر ثقافته واقتصاده وسفنه كذلك للصحراء قوافلها وطرقها ومجتمعاتها، هي تجمع أكثر مما تفرق وتكون روابط اجتماعية وثقافية وشبكات فكرية واقتصادية تعبر الحدود وتجمع فيما بينها.

وتناولت الدكتورة أمل غزال البعد البحري في الهوية الخليجية كموضوع تاريخي متجذر ومصدر فخر واعتزاز في بعض المجتمعات الخليجية ومنها المجتمع القطري، حيث أصبح الغوص على اللؤلؤ جزءا من تجليات الهوية المحلية وله ثقافة خاصة به إن كان على مستوى الفرد أو الدولة.

كما تحدثت عن علاقة الخليج العربي بشبكات بحرية انتقلت من ضفاف الجزيرة العربية إلى ضفاف قارات أخرى، فمن الخليج العربي الى المحيط الهندي وهو في الواقع محيط عربي، هندي ، افريقي- مما أدى إلى هوية خليجية تمتاز عن غيرها بتفرعات أنتجتها انتماءات متشعبة ومتشبعة بثقافات خاصة بجغرافية المحيط الهندي وتاريخ التجارة والهجرة عبره، كما أنتج روافد عديدة لهوية خاصة بالمجتمعات الخليجية مقارنة بغيرها من المجتمعات العربية.

واعتبرت أنه بين البحر والصحراء تلتقي الهويات الخليجية فيما بينها وتتقاطع مع هويات ثقافية ودينية أخرى، تقاطعات أنتجتها البحار والرياح الموسمية والهجرات والتجارة بشتى أنواعها، وتغيرات المناخ وغيرها من العوامل، مشيرة إلى أنه في الوقت الحاضر هناك رافد آخر للهوية الخليجية وهو اقتصادي ناشئ عن اقتصاديات النفط والغاز، والذي أتاح تثبيت دعائم الدولة الحديثة في الخليج من حيث القدرة على التحديث وإنشاء البنى التحتية اللازمة لتحديد وتثبيت هوية وطنية ضمن حدود جغرافية معينة تحكمها سلطة وطنية ترعى برنامج التحديث وأطر الهوية المحلية وتتبناها سياسيا وأمنيا واقتصاديا وثقافيا، ومؤكدة وجود علاقة عضوية بين الهوية والثقافة، وأن نظم الاقتصاد تحدد معالم عديدة من الثقافة بمحاورها المختلفة.

وأوضحت عميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، أن للهويات الخليجية سياقات ثقافية ودينية واجتماعية عامة وكذلك سياقات خاصة بها، منها ما يجمعها ضمن إطار هوياتي واحد ومنها ما يميزها عن بعضها البعض، إذ ما يجمعها أكثر مما يفرقها خاصة في ما يتصل بالعنصر الثقافي والديني واللغوي، كما تتميز هذه الهويات بالجمع بين المحلي والعربي والعالمي، وتتقاطع دوما وتفترق آنيا، وتكتسب خصوصياتها الثقافية من المحلي ومما هو أبعد من ذلك.

ويتضمن موسم الندوات، الذي تقيمه وزارة الثقافة لأول مرة، ثماني ندوات على مدى أسبوعين، بهدف نشر ثقافة التنوع ومنح نخب المجتمع من المفكرين والمثقفين والخريجين فرص تعزيز البيئة الفكرية، إذ تسعى وزارة الثقافة من خلال هذا الموسم إلى تأسيس بيئة فكرية تعزز دور الثقافة والمثقفين في خدمة المجتمع.

مساحة إعلانية