رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

293

ليبيا.. نزاع مستمر ومعاناة إنسانية لا تتوقف

17 نوفمبر 2014 , 11:33ص
alsharq
الدوحة - وكالات

ألقى تعقد المشهد السياسي في ليبيا بظلاله القاتمة على الأوضاع الإنسانية هناك، وكشف النزاع بين كافة الأطراف الليبية عن وجهه الآخر، المتمثل في نشوء ظاهرة اللجوء والنزوح الجماعي لسكان المدن الواقعة بالقرب من مناطق القتال، وهو الأمر الذي رصدته منظمات دولية عدة غير معنية بالخلاف السياسي بين أطراف اللعبة في ليبيا بقدر ما يعنيها انعكاسات ذلك على الإنسان وأمنه واحتياجاته الأساسية.

وفي أحدث إحصاء من هذا النوع كشف تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن أكثر من 106 آلاف شخص أجبروا على النزوح من ديارهم الشهر الماضي، بسبب حدة القتال في ليبيا، ليبلغ عدد من أسمتهم المنظمة بـ"المشردين" داخليا خلال الـ5 أشهر الماضية نحو 400 ألف ليبي.

وسيطرت جماعات مسلحة كثيرة بأجندات وتحالفات متباينة على مناطق كبيرة من البلاد ومواردها، بما في ذلك المناطق الثرية بالنفط ومصدر دخلها الرئيسي، وأخفقت الحكومة المنقسمة أيضاً في نزع السلاح من الميليشيات أو ضم المقاتلين الذين قاتلوا قوات معمر القذافي في انتفاضة 2011 إلى صفوف القوات الحكومية.

هناك تقارير مؤكدة من منظمات غير حكومية عن نزوح 65.500 شخص من بنغازي

وقال أدريان أدواردز، المتحدث باسم المفوضية، إن انعدام الأمن يعوق الجهود الإنسانية لمساعدة المحتاجين، وأن الوكالات الإنسانية تحاول تقييم النطاق الحقيقي للنزوح الداخلي، مضيفا أن هناك تقارير مؤكدة من منظمات غير حكومية عن نزوح ستة وخمسين ألفا وخمسمائة شخص من بنغازي خلال الأسابيع القليلة الماضية، منهم ألفان وخمسمائة شخص من الطوارق الذين فروا في موجات النزوح السابقة عام 2011، وأشار إلى أن القتال الكثيف بين الجماعات المسلحة المتصارعة في بنغازي ودرنة بشرق ليبيا، وفي جنوب شرقها وغربها، قد أدى إلى تفاقم أزمة النزوح وزيادة أعداد المشردين داخليا.

وأوضح تقرير المفوضية الدولية أن عمليات النزوح تتركز في 35 بلدة ومدينة، يحتاج سكانها بشدة إلى المأوى والرعاية الصحية والغذاء والمياه وغير ذلك من المساعدات الأساسية.

وفي تقريرها الأخير حول ليبيا، ذكرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن مدينة تاورغاء تمثل نموذجاً صارخاً لما آلت اليه حقوق الإنسان في ليبيا في ظل الاقتتال الدائر حالياً، وأشارت إلى أن نحو 35 ألف شخص من بلدة تاورغاء مشردون قسراً منذ عام 2013، حيث تتهمهم جماعات مسلحة في مصراتة بارتكاب جرائم جسيمة في عام 2011، منها الاغتصاب والتعذيب، كما تم تسجيل أكثر من 1300 شخص من ذات المدينة في عداد المفقودين أو رهن الاحتجاز القسري.

وذكر التقرير، أن هناك حوالي 800 آلاف محتجز موقوفون على صلة بالنزاع المسلح منذ عام 2011، بينهم حوالي 300 آلاف منهم في قبضة الأجهزة الأمنية الحكومية، والبقية تحت سلطة الجماعات المسلحة غير مسموح لهم بالتواصل مع محامين أو إجراء مراجعات قضائية لأسباب احتجازهم.

أكثر من 150 أسرة في بنغازي باتوا يقيمون داخل المدارس القديمة والمهدمة بعيدا عن دائرة القتال

أما في مدينتي بنغازي وطرابلس أكبر المدن الليبية، فالوضع فيهما من سيء إلى أسوأ، وأعلنت الهيئة الليبية للإغاثة أن عدد الأسر النازحة من مدينة بنغازي بلغ أكثر من 8 آلاف أسرة خرجت من المدينة بسبب الاشتباكات، وذكرت في تقرير لها أن أكثر من 150 أسرة باتوا يقيمون داخل المدارس القديمة والمهدمة بعيدا عن دائرة القتال، وتشهد المدينة موجة من المواجهات المسلحة وعمليات القتل والاختطاف وسقوط القذائف العشوائية واقتحام البيوت وحرقها وهدمها، وإغلاق المستشفيات والمحلات التجارية ومحطات البنزين، والنزوح الجماعي لآلاف الأسر من الأهالي.

كما تشهد المدينة انقطاعا متواصلا للاتصالات والكهرباء يدوم لساعات، وإغلاقاً للمدارس والجامعات والمصارف وكذلك المحلات ومحطات البنزين والمستشفيات، وانتشار أكوام القمامة في كل مكان، وإغلاق مداخل المدينة ومخارجها، وسط تخييم شبح الخوف من نفاد المواد الغذائية في أي وقت، كل ذلك أنتج أوضاعا إنسانية في غاية الصعوبة والتعقيد، وخلق حالة من الخوف والرعب والهلع واليأس تسيطر على من بقي من الأهالي داخل بيوتهم خوفا من قذيفة أو رصاصة عشوائية.

وفي طرابلس العاصمة قال مدير مكتب النازحين بالمدينة، وسيم الكبير، إن ليبيا أمام كارثة إنسانية قد تذهب ضحيتها عائلات بأكملها هجرت من بيوتها أما قسرا أو خوفا من الاشتباكات الدائرة بمنطقة مطار طرابلس الدولي والمناطق المجاورة له، خاصة، وأن عدد الأسر النازحة وصل إلى ما يقارب 10 آلاف عائلة، نزح بعضها لمدن الخمس وزليتن وسبها وترهونة وسرت وصبراتة وصرمان والعجيلات.

القوى المتصارعة في ليبيا تتغذى وتستفيد من التجاذبات الإقليمية والدولية

وأضاف مدير مكتب النازحين أن أوضاع الأسر النازحة جراء الأحداث المؤسفة التي تشهدها العاصمة قد تتحول إلى كارثة إنسانية، إذا طال عمر هذه الأزمة، وأشار إلى أن مجلس طرابلس المحلي لا يستطيع استيعاب الآلاف من العائلات وتوفير احتياجاتها من مواد أساسية غذائية وصحية وسكن، خاصة في ظل نقص وشح هذه المواد من السوق المحلي.

من جانبه، قال مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا دليتا محمد دليتا، إن الاتحاد الأفريقي يسعى لمنع انهيار الدولة في ليبيا التي تمثل العمق الاستراتيجي لأفريقيا ولها تأثيرات على الأمن الأفريقي، كما لها امتدادات عبر البحار إلى أوروبا ،وحذر من أن استمرار الفوضى في ليبيا قد يقوض الأمن في أوروبا .. داعيا المجتمع الدولي إلى حسم الصراع لصالح الشعب الليبي حتى ينعم بالاستقرار والسلام.

وأوضح دليتا أن القوى المتصارعة في ليبيا تتغذى وتستفيد من التجاذبات الإقليمية والدولية، مشيرا إلى الانقسام الذي تشهده الساحة السياسية الليبية في الفترة الأخيرة بوجود حكومتين وبرلمانيين يعكس حجم التعقيدات التي تعيشها ليبيا.

مساحة إعلانية