رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

7253

العنف المتلفز.. ينشئ أطفالاً عدوانيين لايقبلون أي توجيه

19 أغسطس 2016 , 06:32م
alsharq
سلمى وهدان - البندري الشهري

المحتوى الإلكتروني يغذي غريزة الشر لدى اليافعين

د. بتول خليفة : مطلوب قانون يوقف السلوك العدواني حتى لا يتمادى ويستفحل

د. زياد وهدان : 90% أو أكثر من الأطفال يستخدمون الألعاب الإلكترونية

"شؤون الأسرة" : مشاهد العنف تجعل الطفل أقل إحساساً بالآخرين وأشد ميلاً للسلوك العدواني

"هيئة الاتصالات" : لابد للأهالي من تشديد الرقابة على المحتوى الرقمي الموجه للأطفال

هدى بعلبكي : مشاهد العنف في التلفاز أو الألعاب الإلكترونية تعمل على تلاشي شعورالطفل بالسلام في حياته

اختصاصيون نفسيون : الخطر الأكبر على الأطفال يكمن بمشاهد العنف اليومية في نشرات الأخبار العربية

الأهالي : تصرفات أطفالنا عدوانية ولا نستطيع حرمانهم من الألعاب والتلفاز وتصفح الإنترنت

ارتفاع نسبة مشاهد العنف الدموي في وسائل الاعلام بشكل كبير جعلها خطرا داهما يتهدد مستقبل الأبناء، حيث إنها تعزز الفكر العنيف لديهم وهذا ما نراه يترجم إلى سلوكيات غير سوية من أبنائنا.

وهذا ينتج عنه في نهاية الأمر جيل عدواني وسلبي من الدرجة الأولى. فيتأثرون بهذا النوع من الإعلام والمشاهد العنيفة كالقتل والظلم والسرقات ومشاهد الدماء والضرب والسطو وغيرها من السلوكيات الهمجية، التي تغرس في نفوس الأطفال الكثير من القيم والأفكار السلبية.

جميعنا يعرف مدى قوة الإعلام في وقتنا الحاضر وتأثيره على المتلقي ونشر الثقافة والفكر وهو البوابة التي تنقل المتلقي حول العالم وتفتح آفاقه للثقافات الأخرى وتنقل له كل ما يحدث حوله، ليصبح الإعلام هو الموجه الأول للفكر السائد في المجتمع.

و أكد اختصاصيون نفسيون ان نشر مشاهد العنف والقتل فى الوسائل الاعلامية أو تداوله بين الأطفال من خلال الألعاب والبرامج الترفيهية أو حتى الوسائط الالكترونية على شبكة الانترنت له آثار سلبية على اطفالنا فهى تحثهم على العنف والتعصب.

وأكدت دراسة أعدها المجلس الوطني لشؤون الاسرة حول البرامج الموجهة للأطفال في الفضائيات العربية وأثرها على سلوكهم تبين أن للعنف المتلفز تأثيرات على الاطفال وسلوكهم العدواني ، موضحة ان للعنف المتلفز تأثيرا كبيرا على شخصية الطفل ومستقبله، بل وتضيف ان مشاهدة الطفل للتلفاز دون رقابة قد تجعله يصبح اقل احساساً بالآخرين وأكثر خشية من المجتمع المحيط به وأشد ميلا الى ممارسة السلوك العدواني.

وأضافت الدراسة ان مشاهدة الأطفال لبرامج التلفاز لفترات طويلة دون رقابة تنشر سلوكيات سلبية كالأنانية وعدم مراعاة مشاعر الاخرين الى جانب التقليد الاعمى في الملبس والحركات، بالإضافة الى تأثيرات سلبية أخرى تتمثل فى العجز عن ضبط النفس واللجوء الى العنف بدل التفاوض والشعور الدائم بالخوف اضافة الى قتل روح الإبداع لدى الطفل.

الضرر النفسي على الأطفال

الدكتورة بتول خليفة الأستاذ المشارك بقسم العلوم النفسية في جامعة قطر أوضحت أن مشاهد العنف تعتبر مشاهد متعلمة ومكتسبة حسب نظرية باندورا والتي أجراها منذ سنوات طويلة في نظرية العدوان وكيفية تكون السلوك العدواني لدى الأشخاص ، السلوك العدواني هو مكتسب من خلال المشاهدة على مدار فترات طويلة يصبح جزءا من الذاكرة .

الطفل يمارس هذا العدوان بشكل لا إرادي ، حيث أجرى تجربة وأسماها تجربة اللعبة، حيث يحضروا لعبة ويقوم شخص ما بضربها ، أثناء مراقبة الطفل لهذا المشهد وبعد ذلك يوضع الطفل في غرفة لوحده مع اللعبة ، فأول ما قام به الطفل هو إمساكه للعبة وتطبيق ما رآه من ضرب على اللعبة . ولم يمارس الطفل ذات التصرف فحسب بل طور سلوكه العدواني وقام بأكثر مما قام به الشخص في التجربة .

فتكلم باندورا بعد هذه التجربة عن نزعة العدوان عند الأشخاص ، فهي نزعة فطرية عند الإنسان ، فإما أن نهذبها ونقلل أثرها أو نطورها ونغذيها وبالتالي يصبح الأشخاص أكثر عدوانية.

لذلك الشخص الذي يشاهد هذه المشاهد العنيفة على مدى فترات طويلة تصبح جزءا من سلوكه ويكتسبها من خلال المشاهدة. وبالتالي يتأثر الأطفال بمحيطهم وما يشاهدوه من حولهم. وينعكس على سلوكهم وهنا تكمن الخطورة، واذا لم يكن هناك قانون يوقف هذا السلوك فإنه يتمادى ويستفحل فى العدوان.

التربية مسؤولية الأسرة

وقالت فيما يخص الحد من هذا السلوك العدواني الذي يشاهده أطفالنا في وسائل الاعلام تقع المسؤولية على الأهل وتربيتهم للطفل واهتمامهم بما يشاهده الطفل على الانترنت او التلفزيون من افلام كرتون او العاب الكترونية ، ويجب على الأهل أن يستعينوا بنشاطات اخرى بديلة اجتماعية وأعمال تعاونية بين الاطفال ، وممارسة الرياضة والهوايات المختلفة التي يمارسها بيده وعقله ، والاشتراك بالمسابقات والمنافسة والمتعة وبالتالي يستمتع الطفل ويتعلم كل ما هو جديد و يمر بخبرات ايجابية ، تعزز من نجاحاته وسلوكه وتجعله دائما يبحث عن الانجاز، وأما اذا كان في مواقف تشعره بالفشل والعجز و بأنه غير فعال فهذا يؤثر سلبا على الطفل وعلى نواحي حياته. فيجب على الأهل والتربويين والاعلاميين أن يتحملوا هذه المسؤولية الاخلاقية تجاه أطفالنا فهي مسؤولية مجتمعية لأفراد المجتمع ككل من خلال التنبيه بصورة ايجابية على أي ضرر على أطفالنا.

واستخلص الدكتور فيكتور كلاين من جامعة يوتا الاميركية أن الاطفال يميلون إلى السلوك العدواني إذا اكثروا من مشاهدة الاحداث العنيفة في الوقت الذي ما زال الخلاف بين الباحثين عن مدى هذا الاثر لعدم ورود دليل قاطع على العلاقة السببية، وذلك لصعوبة ضبط العوامل الاخرى المحيطة بالفرد من بيئة اجتماعية ونفسية وعوامل وراثية.

التشبع من العنف

بينما يذهب الدكتور عبد الله باخشوين استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ، إلى اهمية تعزيز البيئة الاجتماعية للحيلولة دون تفشي العنف قائلاً «ان المشاهد التلفزيونية احد مصادر العنف وهناك المصدر الاول والاهم للعنف وهو البيئة المحيطة بالفرد، فإذا كانت هذه البيئة تحث على العنف فان المصدر التلفزيوني يصبح في الدرجة الثانية، اما إذا كانت هذه البيئة تعلي من قيم التسامح والاعتراف بحرية الرأي واحترام حرية التفكير وعملت على ضبط هذه العملية اي مشاهدة المناظر العنيفة فإنها تعمل على الحد من تأثير مشاهد العنف».

في الجانب الاخر اصبح لدى المشاهد ما يسمى بالتشبع من هذا العنف الذي مل من سماعه طوال فترات اليوم واصبح لديه لا مبالاة بما يسمع او يشاهد. فعندما تتصدر نشرات الاخبار خبرا يتضمن قتلا ودمارا ومشاهد دماء فانه لا يقف عند هذا الخبر طويلاً وقد لا يكون لديه الاستعداد لسماعه كما يقول المواطن خلف احمد، والذي يرجع السبب إلى انها اصبحت تصيب المشاهد بالكآبة.

وحسب تفسير الدكتور اليحيى إن ذلك ناتج من التعود على مشاهدة العنف، حيث يقول «بينت الدراسات ان حساسية المُشاهدين لمشاهد العنف تؤدي إلى نوع من اللامبالاة إذا ما شاهدوا عرض حدث دام يقع امامهم وقد حدث ان تعرضت امرأة للقتل امام مرآى 37 شخصاً دون ان يحركوا ساكناً او يقدموا شيئاً لمساعدتها وكأن ما يحدث امامهم دراما تلفزيونية.

تشديد الرقابة على المحتوى

وفي هذا السياق دعت هيئة تنظيم الاتصالات الى تشديد رقابة الاهالي على المحتوى الرقمي للاطفال وقالت من المستحسن استخدام خاصية الرقابة الأبوية على الأجهزة التي يستخدمها الأطفال بشكل خاص وذلك من خلال إعدادات الأجهزة الذكية. كما شددت الهيئة على ضرورة تحميل واستخدام نسخ التطبيقات الأصلية والمتوافرة محليا وذلك لضمان ان يكون المحتوى المعروض أو الذي يود المستخدم مشاركته يعد لائقا اجتماعيا، وفي حال وجود تردد حول استخدام أي من هذه التطبيقات يمكن التواصل مع مقدم خدمة الاتصالات للتأكد .

ودعت هيئة الاتصالات الى التبليغ عن أي محتوى غير لائق اجتماعيا من خلال التواصل مع مقدم الخدمة الخاص بالمستخدم، كما يجب العمل على حماية البيانات الشخصية حيث ان مشاركة ونشر البيانات الشخصية والصور الخاصة والموقع الجغرافي ومعلومات التواصل بشكل علني أو عبر هذه التطبيقات يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة لذلك يجب اخذ الاحتياطات اللازمة في هذا الصدد.

و قالت الدكتورة حصة الجابر الامين العام للمجلس الاعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تحقيق إلكتروني أعدته بخصوص حماية أطفال قطر في الفضاء السيبراني على موقع وزارة المواصلات والاتصالات ، بأنه يتعين على الآباء و الأقارب أن يلعبوا دورا فعالا في ضمان سلامة أطفالهم على الانترنت. فالكبار مطالبون بمعرفة المواقع التي يزورها الاطفال عبر شبكة الانترنت ، موضحة أنه يستطيع أولياء الامور التحكم فيما يتصفحه الأطفال على الانترنت باستخدام اداة الرقابة الأبوية كحجب أي محتوى أو صورة غير مناسبة. فهو أمر يرجع إلى كل أحد منا كونه جزءًا من مسؤولية الحفاظ على الثقافة، التي تحترم قيمنا وتراثنا في ظل حماية أولادنا ليكبروا ويصبحوا شبابا منتجا وموجها بطريقة صحيحة.

سهولة التطبيقات وخطورة الألعاب

وأكد الاختصاصي التربوي د/ زياد وهدان بأنه من السهل الحصول على أجهزة الألعاب الالكترونية سواء الأصلية منها أو التقليد ، وبعض هذه الأجهزة يوجد بها برمجيات لألعاب معينة بالإضافة الى إمكانية استخدام أسطوانات مضغوطة لألعاب الكترونية وهذه متوفرة في الأسواق العربية بسهولة وبأسعار زهيدة في كثير من المناطق. كذلك الهواتف النقالة الذكية واستخدام بعض التطبيقات زاد من سهولة ويسر استخدام هذه الألعاب الالكترونية بالإضافة الى سهولة استخدام الانترنت باستخدام تقنية الـ Wi-Fi الذي سهّل على جميع أفراد الأسرة استخدام هذه الألعاب الالكترونية.

مع الاخذ بعين الاعتبار أن 90% أو أكثر من الأطفال يستخدمون الألعاب الالكترونية ، و لابد من التأكيد على اثار استخدام هذه الألعاب عليهم. لذلك يجب علينا الإشارة الى بعض الدراسات التي أجريت على هذا المجال ولابد من الرجوع الى آراء أولياء الأمور وكذلك للاختصاصيين التربويين والنفسيين واختصاصي الالكترونيات للوقوف على التأثيرات إيجابا او سلبا.

معاناة الأهالي

وتقول السيدة وفاء دياب وهي ام لولد وثلاث بنات بأن مشاهد العنف المنتشرة سواءً في وسائل الاعلام أو الالعاب الالكترونية تعتبر وجبات يومية يتلقاها الابناء سواء المشاهدات التي تظهر في نشرات الاخبار أو الافلام الاجنبية التى تعرض على القنوات الفضائية والتي يشاهدها الابناء يوميا واسبوعيا ،ترسخ هذه المشاهد في ذهن الابناء بل بدأت تظهر على تصرفاتهم وسلوكهم اليومي ، فقد بدأوا برفض تعليمات وتوجيهات الوالدين بل تعدا الامر الى العنف الجسدي عندما لا يتفقون على امر ما ، لم يعد لديهم لغة هادئة تسودها عاطفة الاخوة لم أعد قادرة على السيطرة عليهم ولم نكن نحن هكذا في أيامنا.

تكنولوجيا الاتصالات والتبلد

أما اية متزوجة حديثا ولا يوجد لديها أطفال حاليا تقول ان ما يعرض على القنوات الفضائية وما اشاهده من تواجد الهواتف النقالة بين أيدي الاطفال يعتبر أمرا مخيفا يدخل الاطفال في عالم افتراضي غير العالم المحسوس ، فأنت تتكلم مع هؤلاء الاطفال وهم ينظرون اليك بدون مشاعر وبدون استجابة ، ما الذي حدث لهم ؟ انه تأثير هذه الهواتف النقالة وتطبيقاتها .

أمست هذه الهواتف هي المعلم الاول بدون رقابة والتي قد تكون مخلة بالقيم والثقافة العامة لقد اخرجت لنا جيل لديه ثقافة استخدام الالكترونيات والتواصل مع الاخرين عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي الا أنها اخرجت جيلا أُمّي من الناحية الاجتماعية وخالٍ من العاطفة وروح التعاون واعتمادي لاقصى درجة . مستقبلا سوف اضع حدوداً لابني القادم بعد عدة اشهر على استخدامه لهذه الاجهزة ولن اسمح لهذه الاجهزة بأن تستحوذ على وجدانه وحياته فنحن في عالم غريب ذي وتيرة سريعة.

مشاهد العنف لاتمحى

وقالت بسمة أحمد في تجربة شخصية لها من مشاهد العنف في التلفاز: ( كنت في الثانية عشرة من عمري حيث كنت أشاهد المصارعة الحرة يوميا بشغف كبير، مما أثر علي بشكل سلبي فتغيرت شخصيتي في هذه الفترة فأصبحت أقسى وأشعر باللؤم والعصبية في كل وقت ، والتوتر من دون سبب بما انها كانت فترة بلوغ وتكون الشخصية ، فهي مرحلة مهمة في حياة الطفل لأنه يكتسب كل ما يشاهده لا شعوريا وهذا ما حدث معي. فالمشاهد العنيفة تؤثر على أطفالنا في هذا الوقت أينما يشاهدها سواء في التلفاز أو الألعاب الالكترونية فتصبح جزءًا من سلوكه لا إراديا).

و أوضحت السيدة هدى بعلبكي بخصوص الأطفال وتأثرهم قائلة: ( إذا كان الطفل يشاهد العنف في التلفاز أو يلعب ألعاب عنف تصبح لديه رغبة دائما في تطبيق ما يراه على أرض الواقع ورغبته في الانتقام والضرب و يتلاشى شعوره بالسلام في حياته، بالتالي يشعر بأنه يستطيع تحقيق رغباته بالعنف ، وهذا عائد على الأهل والتربية والاهتمام بالطفل والرقابة من الذين هم أكبر منه عمراً. وهذا التأثير النفسي على الطفل يجعله يتصرف لا شعوريا بشكل عنيف).

مساحة إعلانية