رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

2963

21 يوليو.. يوم يتمنى الموساد نسيانه.. وثائق تكشف فضيحة عملية "غضب الرب"

21 يوليو 2022 , 07:25م
alsharq
الموساد الإسرائيلي
الدوحة - موقع الشرق

كشفت وثائق بريطانية حصل عليها موقع "بي بي سي" تفاصيل مثيرة عن فضيحة من فضائح جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" انتهت بفشل أحد أعماله الإرهابية لتصفية الخصوم واعتقال العملاء في إحدى الدول الأوروبية عام 1973.

العملية التي حاول تنفيذها فريق اغتيالات أطلقت عليه إسرائيل "غضب الرب" ضد أحد الفلسطيين، انتهت بالفشل بداية من الخطأ في تحديد الهدف وقتل آخر ليس له علاقة بالمهمة نهاية بكشف عملاء الموساد واعتقالهم وطرد أحد أعضاء السفارة الإسرائيلية في النرويج.

ويوضح موقع "بي بي سي" تفاصيل فضيحة عملية "غضب الرب"، قائلاً إن

فرقة الاغتيالات الإسرائيلية كانت تخطط لقتل الفلسطيني حسن سلامة، أحد أبرز قيادات منظمة "أيلول الأسود" العقل المدبر للهجوم الذي أسفر عن مقتل 11 رياضياً إسرائيلياً في دورة الألعاب الصيفية في ميوينخ الألمانية في أوائل سبتمبر عام 1972

وارتكبت فرقة "غضب الرب" التابعة للموساد بموافقة غولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الوقت، خطأً جسيماً بقتل شاب مغربي يدُعى أحمد بوشيخي وهو نادل يعمل في مطعم في بلدة ليلهامر النرويجية الصغيرة الهادئة، ظناً منها أنه الهدف.

تقول الوثائق إن أعضاء فرقة الاغتيالات الإسرائيلية اعتقلوا، لكن اثنين منهم اختبآ في شقة مسؤول أمن السفارة الإسرائيلية في العاصمة النرويجية أوسلو. ودخلت الشرطة النرويجية الشقة وقبضت عليهما. ثم طردت الحكومة لاحقاً المسؤول الأمني بالسفارة من النرويج.

وحاولت إسرائيل التغطية على فضيحة فرقة "غضب الرب" بالاحتجاج قانونياً ودبلوماسياً ضد النرويج بزعم أنه ليس من حق الشرطة النرويجية دخول الشقة "لأن صاحبها يتمتع بالحصانة الدبلوماسية"، غير أن النرويج رفضت، حسب الوثائق، الحجة الإسرائيلية وأبلغت إسرائيل بأن قانونها الوطني لا يسمح بـ "إساءة استغلال" الحصانة الدبلوماسية، في ارتكاب جرائم.

وقضت المحكمة العليا النرويجية بأنه ليس من حق الدبلوماسي إساءة استغلال الحصانة في خرق القانون النرويجي، وقضت باستمرار احتجاز العميلين الإسرائيليين، اللذين اعتقلا من شقة الدبلوماسي الإسرائيلي.

ورغم محاولات إسرائيل، بعد فشل العملية، إبعاد الشبهة عنها، فإن الإدارة العامة للشؤون القانونية في الخارجية النرويجية أبلغت السفير البريطاني في أوسلوا باعتراف إسرائيل للنرويجيين بأنها وراء العملية، حسب تقرير للسفير.

وقالت الإدارة: "اضطر الإسرائيليون لأن يقروا ضمنياً وعملياً بأن اغتيال بوشيخي كان عملية إسرائيلية رسمية". وأبلغ القائم بأعمال رئيس الإدارة السفير البريطاني بأن الإسرائيليين "دافعوا بالقول بأن إقدامهم على عمل من هذا النوع له ما يبرره"، غير أنه وصف هذا الدفاع بأنه "غير مقبول على الإطلاق لدى النرويجيين".

وأشار المسؤول نفسه إلى أن "السلطات النرويجية مقتنعة بأن العملية خطط لها رسمياً، وأنها على علم بأن بعض المشاركين فيها هم بالتأكيد موظفون إسرائيليون رسميون".

إعلامياً، راجت في وسائل إعلام نرويجية تقارير، أعادت صحف بريطانية نشرها، عن أن الذي نفذ عملية ليلهامر هي فرقة إعدام غير رسمية اسمها "غضب الرب" اخترقها عملاء إسرائيليون رسميون.

غير أن المسؤول القانوني النرويجي "دحض تماماً هذه التقارير"، وعبر عن اعتقاده بأنها "من الممكن أن تكون قصة دسها الإسرائيليون للتضليل"، وفق تقرير السفير البريطاني في أوسلو. كما تردد أيضاً حينها أن النرويج "طلبت من إسرائيل سحب مسؤول الأمن في سفارتها بهدوء".

إلا أن المسؤول القانوني نفى صحة هذه المعلومة، وأكد أن النرويجيين "هم الذين قرروا إعلان المسؤول القانوني شخصاً غير مرغوب فيه بسبب ضلوعه الواضح في الاغتيال".

ويضيف موقع "بي بي سي": في هذا الوقت أيضاً، أثيرت تساؤلات عن كفاءة جهاز "الموساد"، الذي اشتهر بعمليات كثيرة استهدفت قادة فلسطينيين خارج فلسطين.

ولما سأل السفير البريطاني المسؤول القانوني النرويجي عن تفسيره لأسباب فشل العملية الإسرائيلية، أشار إلى أن "المشكلة لم تكن فقط في الخطأ في تحديد الهدف، بل الدفع بعدد كبير من العملاء ( 15 شخصاً) لملاحقته في بلدة نرويجية صغيرة كان من الصعب ألا يلفت وجودهم فيها الانتباه". وكان من بين هؤلاء الـ 15 بريطانيون وآخرون استخدموا جوازات سفر بريطانية مزورة.

وقال السفير البريطاني إنه ما لم يستطع المسؤول الأمني النرويجي فهمه "هو لماذا لم تذهب المجموعة، بعد أن حددت مكان بوشيخي، إلى أوسلو أو أي مكان آخر حيث يكون لديهم فرص الاختفاء عن الأنظار، ثم ترسل واحدا أو اثنين من أفرادها لتنفيذ الاغتيال".

وبعد محاكمة جنائية، أدانت المحكمة العليا النرويجية 5 إسرائيليين بتهمة المشاركة في العملية وصدرت أحكام بسجنهم، غير أنهم قضوا جزءاً منها فقط ثم صدر عفو عنهم.

وتكشف الوثائق أن هذه الحلقة الفاشلة من سلسلة عمليات "غضب الرب"، أثارت قلقاً بالغاً في أوروبا، خاصة في إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.

وفيما يتعلق بإسرائيل، فإن الاعتراض الإيطالي الأساسي كان هو "عدم حرص" استخباراتها في تنفيذ العمليات التي تستهدف العرب في إيطاليا وأوروبا.

ووفق تقرير للقائم بالأعمال البريطاني، فإن نظيره الإيطالي قدم احتجاجاً غير رسمي إلى الخارجية الإسرائيلية. وأضاف أن الدبلوماسي الإيطالي "أبلغ الخارجية الإسرائيلية بأن الحصانة النسبية التي يتمتع بها الإسرائيليون حتى الآن في تنفيذ عمليات الانتقام التي يشنونها في إيطاليا ضد العملاء العرب ربما لا تستمر ما لم يتوخ الإسرائيليون قدراً أكبر من الحرص".

أما فرنسا، فقد أبلغ القائم بأعمال سفارتها في تل أبيب نظيره البريطاني بأن هناك "استياءً متنامياً في الإليزيه (قصر الرئاسة الفرنسية) من الحصانة التي يتمتع بها العملاء السريون الإسرائيليون في فرنسا".

فقبل أسابيع قليلة من فضيحة ليلهامر، يقول "بي بي سي"، اغتال عملاء إسرائيليون الفنان الجزائري محمد بودية، الناشط السياسي في حركة النضال الفلسطيني وأحد قادة منظمة "أيلول الأسود"، في العاصمة الفرنسية.

وبشأن موقف بريطانيا من عمليات الاغتيال التي ينفذها الموساد في أوروبا وغيرها من الدول، يقول موقع "بي بي سي"، إن صدى المخاوف الإيطالية والفرنسية وتقييم القائم بالأعمال البريطاني في إسرائيل للموقف تردد في لندن

وأضاف: حذر رئيس إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية من عواقب ممارسة الاستخبارات الإسرائيلية في بريطانيا عمليات مماثلة لعملياتها في دول أوروبا الأخرى.

وقال في برقية إلى القائم بالأعمال في إسرائيل إن "التبعات هنا (في بريطانيا) ستكون بالغة السوء إذا أقدم الإسرائيليون على أنشطة انتقامية ضد العرب في هذه البلاد، ثم يقولون لنا إن هذه الأنشطة مبررة بسبب تغافلنا" عن العرب الموجودين في الأراضي البريطانية.

في هذا الوقت كانت الاستخبارات البريطانية المختلفة تتابع الأنشطة الاستخباراتية الإسرائيلية في أوروبا، وسمتها وزارة الخارجية البريطانية "حملات الانتقام الإرهابي الإسرائيلية من الدول والمنظمات العربية".

وبعدما بدا أن عاصفة فضيحة ليلهامر قد هدأت، كتب السفير البريطاني لدى أوسلو إلى حكومته يؤكد وجود "أزمة في العلاقات بين إسرائيل والنرويج".

وتبع ذلك برقية من السفير البريطاني لدى تل أبيب تقول إنه "من الواضح أن القضية مصدر حرج كبير للحكومة" الإسرائيلية.

ظلت إسرائيل تتملص من المسؤولية عن قتل الشاب المغربي، حتى اضطرت حكومتها بقيادة شمعون بيريز بعد 23 عاماً إلى دفع تعويضات تجاوزت قيمتها ربع مليون دولار أمريكي لأسرة بوشيخي عن قتل عائلها خطأ، في إطار تسوية أُبرمت في شهر فبراير 1996.

وكانت تلك أول قضية من نوعها تتحمل إسرائيل المسؤولية عنها، رغم أنها لم تعتذر مباشرة عن تنفيذها.

أعادت النرويج فتح القضية في عام 1990. وفي عام 1998، أصدرت مذكرة عالمية لاعتقال مايك هراري الذي كان يُعتقد بأنه قائد فرقة الاغتيال، لكن السلطات النرويجية أغلقت الملف في العام التالي قائلة إنه سيكون من المستحيل الحصول على حكم بإدانته.

وفي شهر مارس عام 2000، انتهى تحقيق، أجرته لجنة وطنية نرويجية، استمر عامين إلى أن عملية ليلهامر "كانت انتهاكاً لسيادة النرويج، وقضية خاصة بكل ما تحمله الكلمة من معنى".

وبرأ التحقيق الشرطة النرويجية من شبهة التآمر مع الإسرائيليين في تنفيذ العملية الفاشلة. وقال تقرير اللجنة إن تسعة تقريباً من الذين شاركوا في العملية قد هربوا من النرويج، ومن بينهم هراري قائد فريق الاغتيال، إلا أن التحقيق كشف أن النرويج لم تفعل الكثير للقبض على المشتبه بهم لاحقا.

وقال التقرير "من الواضح أن السلطات النرويجية كانت تتعرض لضغوط"، مشيراً إلى أن الجانب الإسرائيلي " عبر عن تمنياته بعدم متابعة (النرويج جهود الكشف عن) العلاقات (بين ما حدث في ليلهامر) وبين دول أخرى"، في إشارة إلى إسرائيل.

مساحة إعلانية