رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

2874

أم ناصر.. اختزال صعب لحكاية طويلة من الكفاح الفلسطيني

21 ديسمبر 2022 , 07:00ص
alsharq
رام الله - محمـد الرنتيسي

بخطى متسارعة، ومشاعر مختلطة، وكلمات مبعثرة، اقتربنا من منزل عائلة الشهيد ناصر أبو حميد، في مخيم الأمعري قرب رام الله، ليلتقيك الأهل الصابرون بنُبلهم، رغم عمق أحزانهم.

في الطريق الى المنزل، أزقة ضيقة، وشواهد تذكارية تحاكي العودة المنشودة إلى القرى الأم، وصور للشهداء الذين سقطوا على تراب الوطن الطهور، وما يلفت الانتباه أكثر، رحابة وشهامة من قدّموا الشهداء، فتراك تستعين بصلابتهم، وأنت تلقي أسئلتك عليهم!.

والدة الشهيد، لطيفة ابو حميد، التي كانت تجلس على كرسيها شامخة، بدت وكأنها تتوضأ بالصبر، مع رفع آذان الظهر، فتبدو متألقة صبراً واحتساباً، رغم ما أصابها من حزن وألم، أما شقيقه باسل الذي رزق بطفل قبل استشهاد ناصر بساعات، وأسماه (ناصر) فيَظهر وابتسامة رضا على محياه، وفي ساحة البيت، أعلام وصور لناصر الذي يبدو أنه سيكمل أعوامه المؤبدة شهيداً، إذ ترفض سلطات الاحتلال تسليم جثمانه لعائلته!.

هذا ما تراه حين تطأ بقدمك منزل عائلة أبو حميد، لتجد الأطفال الصغار، يقودونك إلى حيث تجلس والدة الشهيد، محاطة بـ"المعزّيات" ولسانها لا يزال يردد "وبشّر الصابرين" كلما بادرتها بالسؤال للحديث عن ناصر، وقد أوردت في حديثها المقتضب لـ"الشرق" ما يشير إلى أن ناصر، هو ضحية جديدة لـ"الاغتيال" لا "الإهمال" في سجون الاحتلال، فقلبها مطمئن، إلى أنه قضى شهيداً، لكنها تحتسب على القتلة، وتتمنى لهم، أن يشربوا من ذات الكأس التي أذاقوها لناصر.

ولا تمر دقيقة واحدة، من وقت والدة الشهيد، دون تقليب صور ناصر وإخوته الأسرى الخمسة، متأملة، وتقول: "لديّ مئات الصور لناصر، وأتحدى أن يكون في واحدة منها غير مبتسم".

وسجلت أم ناصر في شموخها وكبريائها، وعطائها الذي لا ينضب، منجزات كثيرة، لا تقل شأناً ولا قيمة ولا منزلة عن منجزات الرجال، فهي إن لم تتساو في حجم تضحياتها معهم، فإنها على مستوى العمل الوطني، الذي هو محطّ فخر واعتزاز للكل الفلسطيني، وقفت جنباً إلى جنب في صفوف الرجال، حتى في أحلك الظروف وأشدّها سوداوية.

 

ألبوم حيّ

عصفت تجارب حياتية قاسية بحياة المناضلة أم ناصر أبو حميد أو "سنديانة فلسطين" كما يحلو للفلسطينيين أن ينادونها، بيد أنها رغم كل الصعاب، قررت متابعة مسارها الكفاحي، ولم تتراجع أو تنكسر، أمام حجم المآسي والكوارث التي ألحقتها قوات الاحتلال بها وعائلتها.

وفي حين يمضي الاحتلال الآثم ويتمادى في شروره وآثامه، مستهدفاً أم ناصر وعائلتها في مخيم الأمعري، إذ يعتقل خمسة من أبنائها في سجونه الفاشستية، بعد أن أوقع سابعهم شهيداً برصاصه الغادر والفتاك، وثامنهم ناصر أبو حميد الذي يقضي اليوم شهيداً، تمضي أم ناصر على امتداد سنوات نضالها، غير آبهة ولا عابئة بكل ما يعترض سبيلها من استهداف ومضايقات، تجلّت سوءاتها وغيّها في هدم منزلها عدة مرات، على أيدي "مغول العصر".

كيف انتصرت أم ناصر؟.. وما هي طبيعة العناصر التي شكّلت شخصيتها، ومنحتها كل هذه القوة والصلابة، والقدرة على التماسك؟.

 

سيرة نضالية

ولدت لطيفة ناجي أبو حميد، العام 1947 لعائلة مناضلة، لجأت من قرية أبو شوشة المحتلة قضاء الرملة، إلى مخيم الأمعري قرب مدينة رام الله، بعد نكبة العام 1948، ومنذ الصبا، امتلكت حسّاً وطنياً عالياً، وإن سددت ثمنه غالياً، وكانت أول مواجهة حقيقية لها مع قوات الاحتلال، العام 1988، خلال الأشهر الأولى لانتفاضة الحجارة، عندما ساهمت في تخليص عدد من شبان المخيم، حاول الاحتلال اعتقالهم، فنالت نصيبها ضرباً واعتقالاً.

وشهد العام 1994، محطة رئيسية في الحياة الكفاحية لأم ناصر، عندما اغتالت قوات الاحتلال نجلها عبد المنعم (24) عاماً، غير أن هذه الحادثة، صقلت شخصيتها النضالية، وجعلت منها أم الشهيد والأسير والجريح، لتصبح "جاهزة" تماماً، لمتابعة دورها الكفاحي، الذي استمر على امتداد سنوات الانتفاضتين الأولى والثانية، وخلالها أكمل الاحتلال بسلوكه الفجّ والمُشين، اعتقال أبنائها الستة، إذ كان ناصر وهو أكبرهم، يقضي حتى استشهاده حكماً قوامه 7 مؤبدات، ونصر السجن المؤبد 5 مرات، وشريف 4 مرات، ومحمـد المؤبد مرتين، وإسلام السجن المؤبد، بينما يقبع جهاد رهن الاعتقال الإداري.

خلال هذه التجربة القاسية، واجهت أم ناصر، التحقيق والصمود في مواجهة الجلاد، إذ تم استجوابها مراراً من قبل قادة الاحتلال، الذين لا ينفكّون من الاتصال بها، وتهديدها، وتذكيرها بأنهم سيهدمون بيتها في كل مرة يتم بناؤه، لكنهم لم ينالوا من عزيمتها أو معنوياتها.

وبينما يمارس شُذاذ الآفاق وأشرار العالم، هوايتهم المفضلة بهدم منزل أم ناصر، في حالة من الجنون والهستيريا، التي تقترفها آلة الاحتلال التدميرية، وتُفصح عن ممارسات تقطر حقداً وكراهية وعنصرية، لا تملّ أم ناصر من الرد عليهم بالعباراة ذاتها: "أنا وأبنائي وبيتي فداء لفلسطين ولن تكسروا إرادتنا".

وفي كل مرة، تستردّ أم ناصر مظاهر الحياة على أنقاض منزلها المهدوم، وتشرع من جديد بمهامها الاستثنائية، فتنهض كطائر الفينيق، الذي ما يلبث أن ينهض من بين الركام محلّقاً في الأعالي والآفاق، وتقلع في حوار جديد وسجال طويل مع الاحتلال، وتطلق العنان لمشوار آخر مع الحياة، فلا زال المشهد أخضر في ذاكرتها، والبريق يلمع في ذكرياتها، في تجربة مزدوجة وأدوار متعددة، تقدم خلالها نموذجاً للأم الفلسطينية، في الكفاح وإرادة التماسك.

 

اقرأ المزيد

alsharq حماس تعلن تسليم جثامين 3 أسرى إسرائيليين

أعلن الجيش الإسرائيلي تسلم الصليب الأحمر جثث 3 رهائن في غزة بعد ساعات من إعلان كتائب القسام، الجناح... اقرأ المزيد

52

| 02 نوفمبر 2025

alsharq بعد توقعات بانتحارها.. العثور على المدعية العسكرية الإسرائيلية بعد ساعات من اختفائها

أعلنت الشرطة الإسرائيلية العثور على المدعية العامة العسكرية المعزولة يفعات تومر يروشلمي، التي فقدت الاتصال بها منذ ساعات... اقرأ المزيد

156

| 02 نوفمبر 2025

alsharq استشهاد أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي

أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطينيين، اليوم، عن استشهاد أسير فلسطيني من مدينة جنين في سجون... اقرأ المزيد

72

| 02 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية