رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

318

بعد شهر واحد في البيت الأبيض وسياسة اندفاعية غير مسبوقة

حصاد العاصفة ترامب.. زوبعة في الداخل والخارج

22 فبراير 2017 , 10:01م
alsharq
هاجر صكاح

أكمل دونالد ترامب اثنين وثلاثين يوماً من الحكم في منصب رئيس القوة العالمية الأولى، ورغم قصر فترة حكمه هذه، فان عرض التغييرات التي استجدت خلال هذه الفترة يبدو أمراً مستعصياً ومتذبذب الحاضر والآفاق..

من أين فقط يمكننا أن نبدأ إذا ما أردنا إبراز الخطوط العريضة لهذه الرئاسة اليافعة؟.. لا يسعنا إلا أن نقول أن الشهر الأول لحكم الملياردير كان زوبعة عاصفة في الشؤون السياسية والمراسيم الجديدة، والمظاهرات، والاستقالات، وفوق كل... الأكاذيب. فلقد تزعزع مبدأ الحقيقة الموضوعية المندرج في حد ذاته ضمن مبدأ الفطرة السليمة، وتلقت وسائل الإعلام الأمريكية وفي العالم صفعات عنيفة لا تعد..

23 قراراً رئاسياً و5 مشاريع قوانين و189 تغريدة

الملياردير، الذي وصل إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، لخص في مؤتمر صحفي عقد يوم 16 فبراير فترة 28 يوماً من حكمه مستعيراً، كالمعتاد، صيغ التفضيل المطلقة والمبالغة المستفيضة: "لا أعتقد أنه كان هناك في أي وقت مضى رئيس قد نجح كما نجحتُ في تحقيق إنجازات عظيمة في مثل هذا الوقت القصير"، بهذا بدأ دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي، في خطاب حيَر في محتواه قاعة الصحفيين، بما في ذلك صحفيو فوكس نيوز، القناة التلفزيونية المفضلة للرئيس، التي تعتبر على مقربة متواطئة من الخط الجمهوري.

ورثت كارثة

في نفس المؤتمر الصحفي، كان من دواعي سرور ترامب التذكير بأن لديه "55 ٪ من المؤيدين لعودة المنشآت الأمريكية مرة أخرى إلى بلدنا"، خصوصاً، حسب قوله، بعد أن "بدأت في خوض مفاوضات مثمرة للغاية مع القادة الأجانب للمضي قدماً نحو المزيد من الأمن والاستقرار والسلام".

وهذا التأكيد يصطدم طبعاً مع الواقع، إن لم نقل يحرفَه تماماً. ففي غضون أسابيع قليلة، نجح ترامب في الاصطدام مع مالكولم تيرنبول، رئيس الوزراء الأسترالي، الحليف التاريخي للولايات المتحدة، في مكالمة هاتفية تم اقتضابها بسرعة قبل قطعها، كما أنه قد أربك في دبلوماسية معتمة المنهج والغاية علاقته مع الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو، الذي ألغى زيارته إلى واشنطن بعد أن أصر الملياردير مرة أخرى أنه على الحكومة المكسيكية دفع نفقات بناء الجدار المهول الذي سيفصل بين البلدين..

ولم يتوقف الرئيس الأمريكي عند هذا الحد، بل أنه في مقابلة حال تنصيبه مع صحفيتين أوروبيتين، هاجم سياسات أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، واعتبر "تفكك الاتحاد الأوروبي أمراً مفروغاً منه". هذا دون الحاجة إلى الاستفاضة بشأن منع سبع جنسيات من دول مسلمة تعيش تغيرات سياسية واجتماعية عميقة من دخول الولايات المتحدة بتعلة مكافحة الإرهاب.

وكتبرير لسياسته الاندفاعية غير المسبوقة، قال ترامب "بصراحة، لقد ورثت كارثة، داخلياً وخارجياً. هذه "الكارثة" التي خلَفها أوباما قال إن حكومته عاقدة العزم على تفكيك تشعباتها "في أقرب وقت ممكن". هذا هو أساساً إذن السبب في فهم ما أقدم عليه منذ 20 يناير، بدعم جيد من قبل الجمهوريين في الكونغرس.

في واحد وثلاثين يوماً، أصدر ترامب 23 قراراً رئاسياً، ووقع خمسة مشاريع قوانين.. وأرسل 189 تغريدة (لم يتم حذفها)، وطالب باستقالة أحد مستشاريه، وطرد وزير العدل بالوكالة، ورأى اثنان من وزرائه يرفضان مناصبهما قبل تفعيلها من قبل مجلس الشيوخ..

الناخبون راضون

لا ينفك ملياردير الاستثمارات العقارية يكرر"أنا أفي بوعودي التي قدمتها للشعب الأمريكي". إذ أنه لا يزال ينعم بثقة العديد من أنصاره. فوفقاً لأحدث إحصائية أجرتها صحيفة راسموسن، فإن 39 ٪ من المشاركين "يوافقون بشدة" على سياسة ترامب. فهذا الأخير، في الواقع، احترم جزءاً لا بأس به من برنامج حملته الانتخابية. ومنها جملة القرارات التنفيذية القوية التي اعتمدها في أول يوم من تنصيبه، والتي فتحت الطريق لإلغاء برنامج الضمان الصحي المعروف باسم "أوباما كير"، الإصلاح الرئيسي الذي خلّفه أوباما في مجال الضمان الصحي.

وإذا كان ترامب قد وعد الأمريكيين ببرنامج صحي يحل محل "أوباما كير" في شكل "تغطية صحية للجميع،"، فإنه لا يزال لم يقدم أي مشروع ملموس في ذلك. ودائماً بفضل مرسوم رئاسي قاطع، وتطبيقاً لوعده، قام ترامب بتجميد كل عروض التوظيف الفيدرالي من أجل تخفيض النفقات الحكومية الإدارية.

وإلى جانب سياسته في هذه الانجازات، قد تتبلور شعبية (وعدم شعبية) ترامب، بصفة واضحة في موقفه من قضايا الهجرة. ولإرضاء ناخبيه، بدأ ترامب في 25 يناير بإتمام إجراءات لبناء "جدار عظيم" على الحدود المكسيكية، وتوظيف 15 ألف ضابط جمارك حدودي وشرطي هجرة جدد.

وأعلن الكونغرس في نفس الوقت أنه سيدفع، حتى شهر أغسطس المقبل، نفقات ذلك. وبعد يومين فقط من ذلك، أصدر البيت الأبيض مرسوماً آخر على الهجرة، يفضل معارضوه تسميته "حظر المسلمين"، تسبب في حفر هوة عميقة بين سكان الولايات المتحدة أنفسهم. وبعد اعتراض المحكمة الفيدرالية على هذا المرسوم، وعد ترامب بإعادة النظر فيه "في ضربة قوية" هذا الأسبوع بهدف إصدار قرار تنفيذي جديد، لأن "هدفه هو محاربة الإرهاب".

و لكن ماذا عن "الخطة الفائقة السرية للقضاء على داعش في ثلاثين يوماً؟" التي لطالما صرح بها ترامب خلال حملته الانتخابية في مزيج من الغموض والتشويق؟ من الواضح أن هذه الخطة لا تزال وستظل "شديدة السرية"، إلى درجة التسليم أنها غير قائمة أصلاً، والدليل على ذلك أن ترامب قد طلب رسمياً في 28 يناير من وزارة الدفاع "العثور على برنامج قوي لهزيمة داعش"..

خطوط مشوشة دولياً

عسكرياً أيضاً لم يتمكن ترامب بعد من الوصول إلى نجاح بحجم تصريحاته المدوية. فقد أسفرت أول غارة أمريكية في اليمن عن مقتل جندي أمريكي وعدد من المدنيين. وسحبت اليمن بعد ذلك إذنها للولايات المتحدة بالتدخل على أراضيها. والملاحظ أن ترامب يميل بصفة خاصة إلى دحض بيادق وزرائه الذين لا يشتركون معه في كثير من الأحيان في رؤية المسرح الدولي. ونتيجة لذلك، فإن الدبلوماسية الأمريكية أضحت مطموسة الخطوط، والمثال الأكثر وضوحاً على ذلك هو أن الوضع لا يزال في إزدواجية صداقة - عداوة تجاه موسكو.

وفي يوم السبت المنقضي، في مؤتمر أمني دولي عقد في ميونيخ بألمانيا، أكد مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي أن "روسيا تعتبر مسؤولة" عن الصراعات في أوكرانيا وسوريا. وأشار أيضاً إلى "الالتزام الثابت" للولايات المتحدة لدى حلف شمال الأطلسي. في حين أن ترامب قد صرح بالقول مراراً وتكراراً أن الناتو لا تعتبر أكثر من "منظمة عفا عليها الزمن". كما أن الجمهوريين التقليديين من فريقه ومن الكونغرس يحاولون بكل الطرق كبح جماح طموحات ترامب إلى زعزعة النظام العالمي، وبذلك زعزعة الدور التاريخي لحاملة الشعلة في الكتلة الغربية، الولايات المتحدة. ولكن في خضم "العاصفة ترامب" لا تنفك روسيا وكذلك الصين في سجل مختلف من استدرار فوائد وتمركز غير منتظر على الساحة الدولية.

مساحة إعلانية