رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

414

هدنة غزة.. تغوص في المجهول

22 مايو 2024 , 07:00ص
alsharq
صفقة التبادل دفنتها دبابات الاحتلال في رمال غزة
❖ غزة - محمـد الرنتيسي

من خلف غبار العدوان المباغت الذي حولت معه قوات الاحتلال موافقة المقاومة الفلسطينية بزعامة حركة حماس على مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى غطاء، تسلل جيشها على وهج نزوته الإيجابية العابرة، على تخوم رفح تمهيداً لشن عدوانه عليها، ارتسمت مخاوف جدية، من مراوغة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي تعمد زرع ألغامه في آخر أمتار مباحثات التهدئة، في تدهور خطير عنوانه العريض شراء مزيد من الوقت، وإطالة أمد الحرب، وريثما تعبر قاطرة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لعل رياحها تأتي بما تشتهي سفنه بعودة حليفه السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. المخاوف من مسار جديد للعدوان الاقتلاعي على غزة آخذة في التصاعد، وعلى وقع حبس الأنفاس حيال مصير الهدنة، التي باتت أقرب إلى عض الأصابع ومن يصرخ أولاً، وغدت تشق طريقها في حقل ألغام، أصبحت رفح أمام تدافع خشن بين جيش الاحتلال الذي أخذ يفرض حصاره المشدد على المدينة ويصب حممه عليها.

ووراء كواليس «التفاوض بالنار» التي رصدتها «الشرق» كانت الارهاصات تشي بأن قوات الاحتلال ماضية في توسيع رقعة عدوانها لتطال آخر معاقل اللائذين من غبار الحرب في شمال ووسط قطاع غزة، بينما ردت فصائل المقاومة الفلسطينية التي انطلقت آخر صواريخها من رفح تحديداً، بايصال رسالة للاحتلال مفادها: «نحن نقاتل هنا على هذه الأرض، فكيف ننسحب منها»؟.

وفق الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي، فلم يكن عابراً ما أقدمت عليه المقاومة الفلسطينية بأن شنت هجماتها الأخيرة من مدينة رفح، فصواريخها حملت معها رسائل عدة ذات معان ومضامين كثيرة، أهمها «أن لدينا القدرة على المواجهة بذات القوة التي كنا عليها في اليوم الأول للحرب».

يقول عرابي لـ»الشرق»: «أرادت المقاومة الفلسطينية، إفهام نتنياهو وأركان حكومته المتطرفة، بأن التهدئة التي لم يهنأ بها أهل غزة، الذين انفجروا فرحاً لدى إعلان حركة حماس القبول بها، ما كانت لتكون إلا استراحة محارب، لإكمال صد العدوان عن الشعب الفلسطيني وأرضه، وأن رفضها ووضع العراقيل في طريقها، سيعكس حسرة كبيرة في الشارع الإسرائيلي الذي لا يلقي له نتنياهو بالاً». وفيما عجزت آلة العدوان والدمار الإسرائيلية عن تحقيق أي من الأهداف المعلنة منذ السابع من أكتوبر، ووسط تفاعل ضغوط عائلات الرهائن، وتعاظم استقالات الجنرالات من حاشية نتنياهو، والحراك الجماهيري في كل من أمريكا وأوروبا، فضلاً عن الشارع العربي، وما يخلفه استمرار جرائم الإبادة والتطهير في قطاع غزة، من غضب شعبي عالمي، تنتاب دولة الاحتلال إحباطات عسكرية بعد أن ثبت عجزها.

ولا يطغى حديث في الساحة السياسية الفلسطينية على أخبار مصير الهدنة وصفقة تبادل الأسرى، وخصوصاً بعد أن وضع نتنياهو العصي في دواليبها، لكن من الواضح أن فصائل المقاومة الفلسطينية اتخذت قرارها، بأن على جيش الاحتلال الإذعان والانسحاب من قطاع غزة، ووقف عدوانه، حتى يمكن القول إن الهدنة دخلت حيز التنفيذ، وأن صفقة التبادل باتت وشيكة.

ويجمع مراقبون على أن جهود التهدئة ستبقى متأججة، بما يفضي إلى اتفاق، وإن بدا الموقف الإسرائيلي واضحاً بمواصلة العدوان، ما يبقي الهدنة المرتقبة في حالة حرجة، وربما يصعب إنعاشها، بعد أن غاصت في المجهول، ودفنتها دبابات الاحتلال في رمال غزة.

وبانتظار استكمال المفاوضات السياسية، تبقى كل الخيارات متاحة أمام تسارع الأحداث، فإما هدنة تلجم العدوان وتوقف الحرب، وإما ارتفاع وتيرة القتال بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال على جبهة رفح، تعيد المواجهة إلى المربع الأول.

مساحة إعلانية