رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

البروفيسور د. أحمد أويصال

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
 

مساحة إعلانية

مقالات

177

البروفيسور د. أحمد أويصال

العولمة وتحديات التنمية

10 نوفمبر 2025 , 06:08ص

تُعَدّ العولمة من أبرز الظواهر التي ظهرت في أواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، وهي العملية التي أدّت إلى تزايد الترابط بين اقتصادات العالم ومجتمعاته وثقافاته بفضل التطور السريع في تقنيات النقل والاتصال. وفي الفترة نفسها تقريبًا، ظهر مفهوم التنمية المستدامة الذي يقوم على تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للأجيال الحاضرة، مع ضمان قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها في المستقبل. وقد فتحت العولمة آفاقًا واسعة للنمو والابتكار أمام بعض الدول، غير أنها في الوقت نفسه خلقت تحديات معقدة أمام الدول الساعية إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

لقد مكَّنت العولمة الدول النامية من الوصول إلى التقنيات الحديثة وزيادة صادراتها وجذب رؤوس الأموال الضرورية، مما ساهم في تحقيق نمو اقتصادي سريع وتحسن ملحوظ في مستويات المعيشة كما في الصين والهند وفيتنام، إلى جانب تطور قطاعات الصناعة والخدمات وتعزيز البنية التحتية. كما أدّت العولمة إلى توسيع تبادل المعرفة والتكنولوجيا والابتكار، وتعزيز التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي بين دول العالم. ومع ذلك، فإن الطريق نحو التنمية في عالم متزايد العولمة ما زال مليئًا بالتحديات والعقبات التي تعوق تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

الأهم من ذلك أن السعي وراء النمو الاقتصادي السريع في سياق العولمة قد أدى في كثير من الأحيان إلى مشكلات بيئية خطيرة. فالدول النامية التي تسعى إلى جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل تعطي الأولوية للتوسع الصناعي على حساب حماية البيئة، مما يؤدي إلى تلوث التربة والهواء والمياه، وإلى الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، وهو ما يهدد النظم البيئية المحلية واستدامة التنمية على المدى الطويل. ومع ازدياد الإنتاج واتساع سلاسل التوريد العالمية وازدياد المسافات، ترتفع أيضًا معدلات انبعاث الكربون وإنتاج النفايات. وغالبًا ما تكون الدول النامية أكثر ضعفًا في مواجهة آثار تغيّر المناخ، إذ إنها بحاجة ماسة إلى النمو لكنها تتضرر بشكل غير متناسب من نتائجه البيئية.

تُفيد العولمة في الغالب الدول الغنية برأس المال والمتقدمة تكنولوجيًا أكثر من الدول الفقيرة. فحتى عندما يتم الإنتاج في البلدان النامية، فإن الشركات والعلامات التجارية التابعة للدول الصناعية الغربية هي التي تحصد الأرباح الكبرى. وهذا الوضع لا يزيد فقط من عدم المساواة بين الدول، بل يوسع أيضًا الفجوة داخلها بين العمال المهرة وغير المهرة من حيث الدخل. ومن ناحية أخرى، أصبحت اقتصادات الدول النامية تعتمد على الأسواق الخارجية والاستثمارات والتقنيات المستوردة، مما يجعلها عرضة للتأثر الشديد بالأزمات الاقتصادية أو التغييرات السياسية في الدول المتقدمة. فعلى سبيل المثال، الأزمة الاقتصادية في الغرب في 2008 أثرت سلبا على اقتصادات الدول النامية كثيرا. وعلى عكس سياسات بايدن، أدت الحرب التجارية التي أطلقها ترامب إلى إثارة القلق في اقتصادات العديد من الدول حول العالم.

تُبنى المؤسسات التجارية العالمية مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي غالبًا بطريقة تُفضِّل الاقتصادات المتقدمة. كما أن السياسات الحمائية في الدول الغنية تُقيّد وصول الدول النامية إلى الأسواق العالمية، بينما لا تملك هذه الدول القدرة على الرد بالمستوى نفسه من الحماية. وتؤدي هجرة الكفاءات والعمال المهرة إلى الاقتصادات المتقدمة إلى إضعاف رأس المال البشري في بلدانهم الأصلية. وبالمثل، تواجه الدول النامية صعوبة في الاحتفاظ بالعقول الماهرة التي تحتاج إليها، إذ تميل الفوارق في الأجور وفرص العمل إلى جعل الدول المتقدمة أكثر جذبًا لهم. حتى الاقتصادات القوية تستنزف العقول من البلدان في أطراف أوروبا.

كحلٍّ لهذه التحديات، وللاستفادة من مزايا العولمة مع تقليل مساوئها، ينبغي للدول النامية أن تعزِّز دورها وثقلها في المؤسسات الدولية. كما يجب عليها أن تستثمر في التعليم والبنية التحتية والتكنولوجيا لزيادة قدرتها التنافسية وضمان مشاركتها الفاعلة في الاقتصاد العالمي. ومن جانبها، يتعيّن على الدول المتقدمة ألا تكتفي بجني ثمار العقول المهاجرة، بل أن تساهم في تنمية الكفاءات ودعم المؤسسات في الدول النامية وتشجيع الإدارة الرشيدة فيها. كما ينبغي تعزيز الرقابة على الشركات الكبرى ودعم الاقتصادات المحلية والخضراء. والأهم من ذلك هو ضرورة بذل جهود متعددة الأطراف من أجل بناء نظام عالمي أكثر عدلاً واستدامة، يقوم على حماية البيئة، وتوسيع المشاركة الاجتماعية، وتحسين ظروف العمل، ومكافحة الفساد.

اقرأ المزيد

alsharq شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن... اقرأ المزيد

5733

| 11 نوفمبر 2025

alsharq الاعتراف بفلسطين في موازين السياسة الدولية

عندما أعلن كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني الجديد، عن نيّة بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، بدت الخطوة للبعض بمثابة... اقرأ المزيد

171

| 11 نوفمبر 2025

alsharq بين الأفول والإشراق تطيب الحياة

ليست الحياة الطيّبة تلك التي تُساق للمرء فيها الأقدار كما يشتهي، وليس معنى جودة حياته أن يتحقق له... اقرأ المزيد

237

| 11 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية