رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1502

علماء دين لـ الشرق: العشر الأواخر فرصة لإدراك ليلة القدر بالطاعات والعمل الصالح

24 أبريل 2022 , 07:00ص
alsharq
نشوى فكري

دعا عدد من رجال الدين إلى ضرورة اغتنام العشر الأواخر من شهر رمضان، والاجتهاد في طاعة الله تعالى، والإكثار من الأعمال الصالحة، مؤكدين على ضرورة أن نخص هذه العشر المباركة بمزيد من الاجتهاد طلباً للثواب، ومضاعفة الأجر في هذه الليالي، وطلباً لليلة القدر التي اختصت بها العشر الأواخر من رمضان، فليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان يقيناً لا شك فيه... وقالوا "للشرق" إن شهر رمضان هو فرصة قيمة للمسلم، وما هو إلا أيام معدودات تتلاشى سريعًا من أيدينا إن لم نحسن استغلالها، وبدلًا من الندم على الضائع من رمضان، موضحين أنه يجب علينا أن نعد العدة ونعقد العزم على تعلم كيفية الاستفادة من ساعاته وأيامه، مشددين على أهمية استدراك في آخر الشهر ما فاتنا في أوله، وأحسنوا خاتمته فإنما الأعمال بالخواتيم.

* فرصة عظيمة

في البداية قال فضيلة الشيخ جاسم بن محمد الجابر: الله سبحانه وتعالى قد جعل الأيام العشر الأواخر من رمضان فرصة لمن أحسن في أول الشهر أن يزداد، ولمن أساء فيه أن يستدرك ما فاته؛ وأن يغتنم هذه الأيام العشر في الطاعات وما يقربه من الله تبارك وتعالى، منوها إلى أن الأيام العشر الأواخر من رمضان لها خصائص وفضائل عدة، ومنها: نزول القرآن في العشر الأواخر من رمضان، في ليلة القدر، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾، فالعبادة في هذه الليلة خير من العبادة في ألف شهر، وهذا فضل عظيم لمن وفقه الله تعالى. فليلة القدر من أدركها واجتهد فيها ابتغاء مرضاة الله فقد أدرك الخير كله، ومن حرمها فقد حُرِم الخير كله.

* اجتهاد النبي

وأكد فضيلته أن من خصائص هذه العشر: اجتهاد النبي – صلى الله عليه وسلم – في قيامها، والأعمال الصالحة فيها اجتهاداً عظيماً، فقد رُوي في الصحيحين: (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ) فقد كان من هديه عليه الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة، وهذا فيه حرص منه صلى الله عليه وسلم على أن يدرك أهله معه من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم، ولا يقتصر على العمل لنفسه، ويترك أهله في نومهم، وفي صحيح مسلم: (قَالَتْ عَائِشَةُ رضى الله عنها كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ)، وهذا الإحياء شامل لجميع أنواع العبادات: من صلاة، وقرآنٍ، وذكرٍ، ودعاء، وصدقة، وغيرها.

وأشار إلى أنه من خصائص هذه العشر الاعتكاف فيها، وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وهو ثابت بالكتاب والسنة، ففي البخاري ومسلم: عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – زَوْجِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ)، داعيا إلى الاجتهاد في طاعة الله تعالى، ولنخص هذه العشر المباركة بمزيد من الاجتهاد طلباً للثواب، ومضاعفة الأجر في هذه الليالي.

* شهر الإحسان

بدوره أكد الداعية الشيخ ثابت سعد القحطاني، أن رمضان، شهرُ الإحسان وتلاوة القرآن، وشهر المغفرة والعتق من النيران، يتهيَّأ للرحيل والزوال، تصرَّمتْ ساعاتُه، وانقضت لياليه وأيامه، كغيرها من الليالي والأعوام، التي مرَّتْ علينا وكأنها أضغاثُ أحلام، موضحا أننا في ثلثه الأخير وما بقي خير وأبقى وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتفي به أيما احتفاء، يزيد فيها من العبادة ما لا يزيد في غيرها من أيام وليالي الشهر، تقول عائشةُ - رضي الله عنها: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشرُ شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"؛ البخاري، وكانت تقول - رضي الله عنها - كما عند مسلم: "كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيرها".

وأشار إلى أن السلف الصالح كان من أسرع الناس امتثالاً واتِّباعًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في اغتنام العشر، فكان كثير منهم يجتهدون في ليالي العشر اجتهادًا عظيمًا، وكان بعضهم يغتسل كل ليلة ليكون أنشطَ له في العبادة، ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه، ليخلو في محرابه يدْعو الله ويعبده، وهو في أكمل هيئة، وأبهى صورة، منوها إلى أن سفيان الثوري يقول: أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يجتهد بالليل، وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك... وتابع قائلا: وكان نبيُّكم - صلى الله عليه وسلم - يحرص في العشر الأواخر من رمضان على الاعتكاف، وهو لزوم المسجد لطاعة الله - عز وجل - فاعتكف - صلى الله عليه وسلم - العشرَ الأواخر من رمضان، وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله – تعالى - جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق، كل خندق أبعد ما بين الخافقين)).

* العبد الموفق

بدوره يرى الدكتور محمود عبدالعزيز يوسف، أستاذ الفقه المقارن، أن أيام رمضان أسرعت ولياليه انقضاء، ومر من رمضان عشره الأوائل ثم عشره الأواسط، ولم يبق من رمضاه إلا الثلث الأخير والعشر الأواخر، مشيرا إلى أنه إذا كان رمضان قد قارب الرحيل، وأشرف على نهايته فإن "العبد الموفق من أدرك أن حسن النهاية يطمس تقصير البداية، وما يدريك لعل بركة عملك في رمضان مخبأة في آخره، فإنما الأعمال بالخواتيم... وأوضح أن الله سبحانه وتعالى قد خص العشر الأواخر من رمضان بمزايا لا توجد في غيرها، وبعطايا لا سبيل في سواها لتحصيلها، وقد خصها النبي صلى الله عليه وسلم بأعمال لم يكن يفعلها في غيرها، فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) رواه مسلم، وكان يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجَدَّ وشدَّ المئزر)، منوها إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في هذه الليالي للصلاة والذكر، حرصا على اغتنامها بما هي جديرة به من العبادة، خاصة وأن شهر رمضان هو فرصة قيمة للمسلم، وما هو إلا أيامٌ معدودات تتلاشى سريعًا من يدك إن لم تحسن استغلالها، وبدلًا من الندم على الضائع من رمضان، يجب عد العدة و العزم على تعلم كيفية الاستفادة من ساعاته وأيامه.

ولفت إلى أن ما كان اجتهاده واعتكافه صلى الله عليه وسلم إلا تفرغاً للعبادة، وقطعاً للشواغل والصوارف، وتحرياً لليلة القدر، هذه الليلة الشريفة المباركة، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر، فقال سبحانه: {ليلة القدر خير من ألف شهر}، منوها إلى أن الله عز وجل قد أخفى علم تعيين يومها عن العباد، ليكثروا من العبادة، ويجتهدوا في العمل، فيظهر من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها، ومن كان عاجزاً مفرطاً، فإن من حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه... وتابع قائلا: فعلى الراغب في تحصيل هذه الليلة المباركة الاجتهاد في هذه الليالي والأيام، وأن يتعرَّض لنفحات الرب الكريم المنان، عسى أن تصيبكم نفحة من نفحاته لا يشقى العبد بعدها أبداً، فاستدركوا في آخر شهركم ما فاتكم من أوله، وأحسنوا خاتمته فإنما الأعمال بالخواتيم، ومن أحسن فيما بقي غفر له ما قد مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي، فإن المغبون حقا من صرف عن طاعة الرب، والمحروم من حرم العفو، والمأسوف عليه من فاتته نفحات الشهر، ومن خاب رجاؤه في ليلة القدر.

مساحة إعلانية