محليات

666

سفارة قطر في واشنطن تحتفل باليوم الوطني

توشح قلب واشنطن باللون العنابي في احتفال سفارة دولة قطر باليوم الوطني ، تلك المناسبة التي شكلت حضورا بنكهة خاصة اجتذبت الضيوف الأمريكيين ومن مختلف الجنسيات بمبنى فندق ريدز كارلتون والذي اكتظ تماما بالمدعوين الذين عاشوا مساء مختلفا مزج بين المتعة والمعرفة ومزيج من الأحاسيس التي يصعب فرزها.

وفي الحفل الذي أقيم تحت رعاية سعادة السيد محمد جهام الكواري سفير دولة قطر لدى الولايات المتحدة الأمريكية وبحضور رفيع المستوى من الدبلوماسيين ورجال الأعمال وأطياف من المجتمع الأمريكي وكافة دول العالم، كان عبق قطر وتراثها حاضرا ممتزجا براهنها المميز وإرثها الحضاري، وكان عدداً كبيراً من القطريين قد توافدوا كبارا وصغارا، رجالا ونساء، لإحياء ذكرى هذا اليوم التاريخي، عندما اصدر الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني -رحمه الله- مرسوماً بإنشاء دولة قطر، التي شهدت نقلة كبيرة في كافة المجالات بعد أن وضعت الأسس والمرتكزات وتم استكمال البنيان لمسيرة التقدم التي تواصل دفقها إلى اليوم بكل قوة وحيوية.

وبارك سعادة السيد محمد جهام الكواري سفير دولة قطر لدى الولايات المتحدة الأمريكية القطريين وعلى رأسهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، المناسبة العزيزة على القلوب، وأكد لـ "الشرق" عمق العلاقات القطرية الأمريكية وأنها تقوم على أسس متينة وراسخة ومصالح استراتيجية مشتركة تشمل التعاون في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية وغيرها.

وقال سفيرنا في معرض حديثه لــ"الشرق": " يومنا الوطني هو يوم أصبحت دولة قطر فيه بلداً ذات رؤية، ووطناً موحداً ينمو بسرعة ودأب ويسعى دائماً إلى العلا. وهذا العام، وكأجيال قبلنا، نحتفل بالكثير في هذا اليوم، وفي مقدمتها علاقاتنا الدولية وخاصة مع الولايات المتحدة، التي بدأت قبل أكثر من أربعين عاماً وتوسعت وتعمقت لتشمل عدداً كبيراً من المجالات".

وتابع سعادة السفير الكواري قائلاً : " ففي هذا العام، وصلت هذه العلاقة إلى مستويات رفيعة، إذ قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى "حفظه الله" في فبراير بزيارة رسمية إلى واشنطن وعقد مباحثات ثنائية في البيت الأبيض مع الرئيس باراك أوباما. ثم حضر سموه في مايو قمة كامب ديفيد، وهي القمة التي شكلت علامة فارقة في طريق العلاقات بين بلدينا ومع المنطقة بشكل أوسع".

واضاف سفير دولة قطر ل" الشرق" : " كما شهد هذا العام زيارات لعدد من الوزراء القطريين المميزين عزّزت العلاقات السياسية والاقتصادية بين بلدينا. ولقد كنا فخورين في شهر أكتوبر الماضي بالإعلان عن أول حوار اقتصادي استثماري قطري-أمريكي، الذي جاء في وقت بلغ فيه التبادل التجاري بين دولتينا مستويات عالية، وليمهّد للبناء على ذلك لتحقيق أفضل النتائج المرجوة في المستقبل".

35 مليار دولار استثمارات

وأكد سعادته ان الاستثمار القطري في الولايات المتحدة سيعزز العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال الافتتاح الرسمي لأول مكتب لهيئة الاستثمار القطرية في مدينة نيويورك، والذي سوف يستثمر مبلغ 35 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات الخمس القادمة، مما سيخلق عدداً كبيراً من الوظائف ويدعّم العلاقات التجارية والاقتصادية بين بلدينا".

من جانب آخر قال الكواري في تصريحه ل" الشرق" ان مسألتي الأمن والدفاع، توجد علاقات عميقة بشأنها ، " ننسق في كوننا حليفاً قوياً للولايات المتحدة في محاربة الإرهاب ، إذ أننا نؤمن بأن هزيمة هذه الآفة وإنهاء الحرب في سوريا هما من أبرز الأولويات المشتركة بيننا. كما نؤمن أنه من المهم أن نقف سوياً مع أصدقائنا وجيراننا إذا أردنا التغلب على التحديات الكبيرة التي تواجهنا. ولن نسمح لمآسي سان برناردينو وباريس وغيرهما أن تزعزع تصميمنا أو أن تزرع الفرقة بين الحلفاء، وسنستمر في تنسيق العمل لهزيمة التطرف والإرهاب أينما حلّا".

وتطرق الى إعصار كاترينا، مشيراً الى انه : "في الصيف الماضي، كانت الذكرى العاشرة لمأساة إعصار كاترينا، وكان من دواعي فخري كسفير أن أزور ساحل خليج المكسيك عدة مرات للاطلاع على عملية إعادة البناء الناجحة ونهضة مدينة نيو أورلينز والمدن المجاورة بولاية لويزيانا".

وعبر السفير محمد جهام الكواري عن فخره بالدعم القطري الى ضحايا كاترينا قائلاً : " قطر فخورة بأن تكون قد تبرعت بمائة مليون دولار لإعادة البناء من خلال صندوق قطر كاترينا الذي ساهم في تغيير حياة المحتاجين من خلال مشاريع مع شركاء محليين. وهذا التعاون دليل على ما يمكن أن نحققه معا".

ولفت سفير قطر لدى واشنطن الى انه :" هناك عدد آخر من المجالات التي يمكن أن تخدمها شراكتنا. فلقد كان من دواعي سرورنا وفخرنا أن تشارك السيدة الأمريكية الأولى ميشيل أوباما كمتحدثة في مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم في الدوحة الشهر الماضي. وقد تحدثت بحرارة عن تعزيز تعليم الفتيات حول العالم من خلال مبادرتها "لنسمح للبنات بالتعلم". إن هذه القمة السنوية جمعت، منذ عام 2009، قادة استكشفوا خطوات ناجحة لتحسين التعليم حول العالم، ونحن سعداء لاستمرارنا في هذا التقليد من خلال دعوة السيدة أوباما للمشاركة فيها".

كما شدد ان التعليم ساهم في تعزيز التعاون بين البلدين، قائلاً :" التعليم يمكن أن يكون جسراً بين الثقافات لا بل ينبغي أن يؤدي هذا الدور، إذ يدفع الطلبة لأن يكونوا مواطنين عالميين أفضل وقادة عظماء في المستقبل. ونحن مسرورون لوجود طلبة أمريكيين في حفل عيدنا الوطني يتعرفون على قطر ومنطقتنا. وهذا ثمرة تعاوننا مع مدارسهم هذا العام وهو أيضا جزء من مشاريعنا للتواصل مع محيطنا. إن العمل مع عدد من المنظمات في الولايات المتحدة وحول العالم يعطينا الأمل بأنه من الممكن تحقيق أهداف كثيرة إذا عملنا سوياً في المستقبل".

حضور رفيع المستوى

وقال سعادة السفير محمد بن جهام الكواري : "إن حفل اليوم الوطني هذا العام جمع عددا كبيرا من المدعوين في مقدمتهم رئيس لجنة الدفاع في الكونجرس الأمريكي السناتور جون ماكين، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، ونانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية النيابية الحالية ورئيسة مجلس النواب السابقة ، ومارك ميدوز،عضو مجلس النواب عن ولاية كارولينا الشمالية، ودانا روراباكر،عضو مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا، و أندريه كارسون، عضو مجلس النواب عن ولاية إنديانا، ونيك رحال عضو مجلس النواب السابق عن ولاية فرجينيا الغربية. كما حضر الاحتفال القس والزعيم الأفريقي-الأمريكي جيسي جاكسون، إضافة إلى عدد من المسؤولين الحكوميين والإعلاميين وممثلي المجتمع المدني".

وفي تلك الأمسية باليوم الوطني وتحت خيمة الوطن تلاشى الإحساس بالغربة، وكان اللقاء وتبادل الأحاديث حول مختلف شؤون الحياة وهموم الديار، للعشرات الذين حضروا المناسبة وهم يتدفقون في الشارع المجاور لمبنى فندق ريدز كارلتون وسط العاصمة واشنطن، التي ارتسمت حبورا بالأغاني الوطنية والحضور القطري المميز للأزياء والتقاليد.

ولاحظت " الشرق" الحضور الدبلوماسي الرفيع والمميز، الذي يعكس مكانة قطر الطليعية بين دول العالم، كما كان لافتا حضور رجال الأعمال وساسة الكونجرس وصناع القرار من المراكز المختلفة في المجتمع الأمريكي، وكان للأشقاء من الدول الخليجية والعربية مشاركتهم البهية في الحدث، وعبر الكل عن اعتزازه بقطر وقائدها وشعبها.

ومن الملامح الساحرة لذلك المساء ذلك الاداء الجميل للنشيد الوطني القطري الذي قدمه ثلة من طلبة مدرسة ( ايش دي كوك) الابتدائية الامريكية وهم يلبسون الزِّي القطري الرسمي، في مشهد ممتع نقل الجميع إلى أجواء قطر خاصة مع رفرفة الأعلام باللون العنابي والتفاعل الكبير للأجيال الصاعدة من الطلبة القطريين، الذين شكلوا لوحة بانورامية لحب الوطن والتماهي الإيجابي مع تاريخ بلدهم العريق وحاضرها الزاهي.

وعبر عدد من الطلبة والمرضى القطريين المتواجدين بالولايات المتحدة، عن اعتزازهم بالتطور الذي شهدته قطر خلال زمن وجيز لتنتقل إلى مصاف التقدم والنماء، معبرين عن تقديرهم وولائهم لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى داعين الله أن يحفظه ويرعاه، معددين المنجزات التي حققتها البلاد في عهده.

وكان الانتماء للوطن محورا للأحاديث الجانبية في الليلة وذلك بين أطياف مختلفة من المجتمع القطري في الغربة، ومن مهن وتخصصات متنوعة.

وفي حين كان محور حديث الطلاب يدور حول هموم الدراسة والجامعات وما تحقق من رقي في هذا المجال فإن الحفل شهد بشكل عام مناقشة شتى القضايا والأفكار التي يجمعها عنوان واحد هو الاعتزاز والشعور العميق بحب الوطن والفخر به، وامتدت الحوارات لتشمل الثقافة والفنون والرياضة وكافة مناحي الحياة الإنسانية في قطر .

بلد متنوع

وأكد حضور من الأمريكيين الذين توشح بعضهم بالعنابي كذلك، أن المناسبة تفتح لهم نافذة مصغرة على قطر ، يطلون من خلالها على بلد كبير ومتنوع وزاخر بالموروثات والقيم والحضارة استطاع أن يواكب العصر ويبني دولة حديثة، وأبدوا إعجابهم بالتراث القطري والأزياء والأكلات الشعبية المميزة التي تم تقديمها بعضها في الحفل ابتداء من القهوة القطرية الأصيلة ذات المذاق والنكهة الخاصة.

وفي زاوية أخرى كان للأطفال طلتهم المشرقة في الحفل وهم يتوشحون بالعنابي أيضا ويرسمون بهجة لمستقبل جيل قادم مفعم بالأمل والطموح، كما كان حضور بعض المرضى الذين يتلقون العلاج في الولايات المتحدة الامريكية لمسة إنسانية راقية أعطت الحفل بعدا لعمق التواصل والمشاعر الدافئة بين أهل قطر وعكست ثقافة الإسلام وحرصها على تجسيد معاني المحبة والأخوة والاعتناء بالآخرين .

وإذا كان البعض قد سار لمسافات طويلة حتى وصل موقع الاحتفال نسبة للازدحام والاقبال الكثيف، فهناك من لم يجد موقفا لسيارته إلا في اماكن بعيدة عن موقع الاحتفال ، ومن ثم ترجل لكيلومترات، فإن مشاعر الحبور في فضاء الحفل أنست الجميع الرهق، ليعيشوا أمسية خالدة في الأذهان لا يمكن نسيانها، عبق فضاؤها باللطف والمحبة، والمشاعر المتباينة لكل في هواه وذكرياته وحنينه، ولم يبق من أحد إلا وخرج بذكرى طيبة عن أمسية استمرت من السادسة مساء إلى العاشرة ليلا، كانت قطر قد انتقلت فيها من الخليج إلى قلب واشنطن، في حين انتقلت قلوب الجميع إلى هناك.