رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من القواعد الشائعة في التفكير الاستراتيجي أن عدم المبادرة بمشروع سياسي، ابتداءً، أفضلُ بكثير من إطلاق المبادرة، ثم التردد في إنهائها.
خرج السوريون منذ خمسة أعوام إلى الشوارع محتجين على الظلم والطغيان. كان هذا شأنًا سوريًا يومذاك. لكن نظام الأسد أشعل معركة مع شعبه، ثم نقلها لتُصبح، بالتدريج، شأنًا دوليًا. من وقتها، وبالتدريج، أدرك العرب أن سوريا باتت، قبل كل شيء، شأنًا عربيًا محضًا لا يمكن الهروب منه.
وشهرًا في إثر شهر، علموا أن تجاهل حقائق الجغرافيا السياسية مستحيل؟ كما هو الحال مع التاريخ والثقافة والاجتماع واللغة والاقتصاد، و..المصير المشترك، ليس بالمعنى التقليدي الرتيب الذي كان يُطلقُ يومًا شعارًا للاستهلاك في منابر الإعلام، وإنما نتيجة الوقائع الجديدة الأمنية والعسكرية والسياسية التي فُرضت على المنطقة خلال السنوات الخمسة الماضية.
قد يحاول البعض الهروب من الحقائق والأسئلة السابقة، استسهالًا ومللًا، على المدى القريب. قد يرى آخرون أن ثمن مواجهتها كبير، على المدى القريب أيضًا. لكن حسبةً تاريخيةً سياسية جدية تُظهر أن ثمن الهروب سيكون أكبر من أي ثمنٍ آخر، وبما لا يُقاس، على المدى المتوسط قبل البعيد.
ثمة تقاطعاتٌ مهمة في قواعد الاستراتيجيات بين عالمي السياسة والاقتصاد. من هنا، تصدقُ المقولة التي يؤكد عليها دائمًا مارك زوكيربيرغ، مؤسس موقع فيسبوك الذي يغير العالم، حين يقول: "إن أكبر مخاطرة تكمنُ في محاولة تجنب المخاطرة. ففي عالمٍ يتغير بسرعة، تتمثل الإستراتيجية الوحيدة المحكومة بالفشل في عدم القيام بأي مخاطرة".
منذ أعوام، تقود السعودية جهدًا عربيًا لدعم الشعب السوري محورهُ الإصرار المتكرر على حلٍ سياسي تؤكد دومًا باستحالتهِ "في ظل بقاء الأسد". ولإدراكها العميق، المبني على الحسابات، بالتأثير السلبي الاستثنائي لبقائه في موقعه، على وجود ومصير المنطقة بأسرها، وليس فقط على سوريا، فإنها تَذكرُ بين آونةٍ وأخرى أن "ذهابهُ" يجب أن يكون حتميًا، إن لم يكن بالوسائل السياسية فبغيرها.
واستمرار هذا الموقف الحاسم، طوال الفترة السابقة وإلى الآن، ليس ردة فعل أو فرقعةً إعلامية تتلاشى بعد وقتٍ قصير. وإنما هو نتيجةٌ منطقية لحسبةٍ إستراتيجيةٍ معقدة لا تنحصر في النظر إلى الأسد كلاعبٍ في المعادلة السورية الداخلية، وإنما تتسع لتدرك دوره الأداتي والوظيفي الخطير والمركزي في ترتيبات إقليمية وعالمية لا يمكن وصفُ تَبِعاتها سوى بعبارة "التهديد الوجودي"، وتحديدًا، للدول العربية القليلة التي لا يزال بإمكانها أن تتصدى لتلك الترتيبات. والمؤهلة، بالمقاييس الاستراتيجية أيضًا، للمساهمة في فرض ترتيبات جديدة تأخذ مصالحَها بعين الاعتبار، وبلغةٍ وأدوات يفهمها تمامًا أهل الترتيبات المذكورة.
نقولها مرةً أخرى: مايجري خطيرٌ جدًا. وهو يستهدف كل المكونات، دون استثناء.. ولا تنفع معه لا التطمينات السرية، ولا الوعود الزائفة، ولا التنازلات الجانبية، ولا التفاهمات المُنفردة. فهذه كلها تدخل في تكتيكات (الاستفراد)، وهي جزءٌ من اللعبة الجديدة التي انطلق مسارُها، ولن يوقفها إلا تفكيرٌ استراتيجي حقيقيٌ لا يزال موجودًا دون شك.
لا مفر هنا من مصراحةٍ اعتادها القارىء في هذا المقام. وفي قلب المصارحة إجماعُ السوريين على أن رحيل الأسد، وانتقال سوريا لتُصبح دولةً تضمن الكرامة والحرية لمواطنيها، لن يُشكلا تهديدًا لأحد.. وإذ يركزُ أهلها على إعادة بناء بلدهم من الخراب الكامل فسيبقونَ مستغرقين في هذه المهمة لأجيال.. وسيكون أقل واجبهم ردُّ الجميل، لمن وقف معهم فعليًا في محنتهم، على جميع المستويات، ليس فقط بالكلام والشعارات، وإنما بالتنسيق والتعاون والتحالفات على جميع المستويات. وهذا أمرٌ لن ينبع فقط من اعتبارات أخلاقية، وإنما انسجامًا مع جوهر الواقعية السياسية.
ثمة اعتقادٌ بأن التعامل مع المسألة سيكون أسهل بعد رحيل أوباما من البيت الأبيض، وهذا يُجانبُ الصواب من أكثر من وجه. فمن ناحية، إن فازت كلينتون مثلًا كما هو مُرجح، سيجري استنزافها لشهور في معارك داخلية يخطط لها الجمهوريون منذ الآن.
ومن ناحية أخرى، يعرف الجميع أن الرئيس أوباما دخل الآن فيما يُسمى مرحلة (البطة العرجاء) في السياسة الأمريكية. بمعنى أنه أضعف من أي وقتٍ مضى في إدارته حين يتعلق الأمر بصنع السياسات، داخليةً كانت أو خارجية. فالرجل، مثلًا، يحاول منذ شهرين تعيين قاضٍ في المحكمة الدستورية العليا بعد شغور مقعدٍ فيها. ورغم أنه رشّحَ قاضيًا أقل ليبراليةً مما توقع المراقبون، لمحاولة إرضاء الجمهوريين، ورغم أن من حقه دستوريًا ترشيح القاضي بحيث يمضي الكونجرس في عملية التعيين، إلا أنه لم يستطع مجرد إقناع الجمهوريين بعقد جلسات استماع رسمية لمرشحه. لهذا، يكتفي الرجل اليوم بزيارات وداعية داخلية وخارجية، وقضاء الوقت مركزًا على تحضيرات بناء وتجهيز المكتبة الرئاسية الخاصة به.
هذا يعني أن ثمة نافذة فرصة خلال الأشهر القادمة لتشكيل أمرٍ واقعٍ جديد في سوريا، من خلال جملةٍ من الإجراءات التي تندرج في إطار الدبلوماسية والسياسات، المُعلنة وغير المعلنة، كما هو الحال دائمًا في ساحة العمل السياسي الدولي الراهن. ويدعم إمكانية النجاح في هذه الممارسة الهوة المتزايدة بين الرجل ومُجمل مؤسسة صناعة السياسة الخارجية، من الساسة والدبلوماسيين والأمنيين والعسكر، داخل إدارته نفسها وخارجه.
لا دعوة لمواجهاتٍ طفولية في هذا المقام. كل المطلوب هو الاعتماد على القوة وكأنه لا يوجدُ شيءٌ اسمه دبلوماسية أو سياسة، واستخدامُ الدبلوماسية والسياسة وكأنه لا يوجد شيءٌ اسمه القوة، دون تضاربٍ موهوم بين الأمرين. ويأتي معه الفهم العميق والمستمر لمعادلات موازين القوى والمصالح العالمية، وتحقيق الأهداف، بإبداع، من خلال استيعاب وتوظيف مناطق الخلخلة والتغيير المتكررة في تلك المعادلات.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
72
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
93
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
162
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4095
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1734
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1587
| 02 ديسمبر 2025