رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ميسون أبو حمدة

* مدربة معتمدة في التنمية الذاتية

مساحة إعلانية

مقالات

267

ميسون أبو حمدة

وجوه مألوفة.. تسرق سلامك النفسي

01 أغسطس 2025 , 02:56ص

ليس من الضروري أن يُوجّه إليك أحدهم كلمة قاسية لتشعر بالتعب. أحيانًا، يكفي وجود شخص بعينه في حياتك لتبدأ طاقتك بالتناقص دون سبب واضح، قد تلتقي به في العمل، أو بين الأصدقاء، أو حتى داخل العائلة، لا يُظهر عداءً صريحًا دائمًا، كل تواصل معه يجعلك تشعر وكأنك تمشي في غرفة مُظلمة لا تعرف متى تتعثر.

تحاول أن تكون متفهمًا، مرنًا، صبورًا… لكنك في نهاية كل لقاء، تخرج مشوشًا، متوترًا، وفي داخلك شعور غامض بأن هناك خطبًا ما.

المتخصص النفسي والمحامي الأمريكي «بيل إيدي» أطلق على هذا النوع من الناس اسم: الشخصيات عالية الصراع.

هم أشخاص يُديرون علاقاتهم بطريقة تُربك، وتُتعب، وتُرهق من حولهم، حتى دون وعي منهم أحيانًا. قد يكونون زملاء عمل، شركاء مشاريع، أصدقاء مقربين، أو حتى أقرباء.

والمفارقة أنهم يأتونك بأقنعة مألوفة، يصعب تصنيفها، لكنهم يتركون في داخلك أثرًا لا يُنسى… من التعب.

ستجدهم حولك، بأشكال متعددة في المنزل، والعمل، والمجتمع … وهذه أبرز ملامحهم:

1. المتقلّب المزاج:

يُحبك اليوم… ويُشكك فيك غدًا، تبدأ العلاقة معه بدفء واهتمام، ثم فجأة يتحول إلى شخص جاف، غاضب، أو منسحب دون تفسير، تعاملك معه يجعلك تُشكّك في نفسك أكثر مما تُشكّك فيه. وإن تجاوزت مزاجية الشخص المتقلّب، ستصادف من يرى نفسه محور الكون.

2. النرجسي:

يتحدث عن إنجازاته بلا توقف، ويبحث دائمًا عن الانتباه والمديح، أي نقد ولو كان لطيفًا يُفسّره على أنه هجوم شخصي.

في العمل، يحتكر الأضواء، وفي العلاقات، يتجاهل حاجاتك، ويرى نفسه فوق المساءلة.

وما أن تبتعد عن هالة النرجسي، حتى تصطدم بمن يُتقن فن التلاعب دون أن يرفع صوته. 

3. العدواني المقنّع:

يوهمك أنه متعاون وداعم، لكنه يتأخر عن مواعيد مهمة، أو يتجاهل تعليمات واضحة، ثم يقول بابتسامة هادئة: ‹كنت فاهمها بطريقة مختلفة.›… وكأن الخطأ خطأك أنت. 

وبعد هذا العداء، ستواجه من يشكّك في نواياك من الأساس.

4. الشكاك المراقب:

يُشكك في كل كلمة، ويفسر أبسط تصرف بأنه إشارة خفية، تشعر معه وكأنك في محكمة… عليك أن تُثبت براءتك في كل مرة، رغم أنك لم تُتهم رسميًا.

وإن كنت تبحث عن هدوءٍ بعد كل هذا، فقد تصادف من يجعل كل لحظة بسيطة… مسرحًا مفتوحًا للدراما.

5. الدرامي العاطفي:

يضخّم كل حدث… ويحول كل اختلاف إلى مأساة، كل تفصيلة تُصبح قضية، كل خلاف صغير يتحول إلى رواية طويلة فيها دموع، وتفسيرات، وشعور دائم بأنه «ضحية العالم».

توقف قليلا...

هل مرّ في بالك أحدهم وأنت تقرأ؟

هل وجدت نفسك في دائرة استنزاف متكررة مع أحد هذه الأنماط؟

ربما حان الوقت لتسأل نفسك بصدق:

• من الشخص الذي تُرهقك علاقته أكثر مما تُسعدك؟

• هل تمنحه من وقتك وطاقة تفكيرك أكثر مما تستحق العلاقة؟

والحل ليس أن تقطع علاقاتك بالجميع، ولا أن تُرضي الكل على حساب نفسك، بل أن تتصرف بوعي:

✔️ حدّد ما يُتعبك بدقة.

✔️ لا تُسرف في التبرير والتفسير.

✔️ لا تدخل في جدالات لا نهاية لها.

✔️ تجنّب التوقع المستمر بأن يتغيروا.

✔️ وإذا احتجت أن تنسحب، فافعل ذلك بلطف… لكن بثبات.

وأخيرًا…

في عالم مزدحم بالمطالب، ومليء بالضغوط الخفية…

سلامك الداخلي ليس رفاهية، ولا امتيازًا نادرًا…

إنه حقك ومسؤوليتك، فلا تُساوم عليه، اختر العلاقات التي تطمئن فيها لا التي تُرهقك.

ضع حدودك بوعي، واحمِ نفسك… وكفى.

 

مساحة إعلانية