رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يتوقع أن يحقق اقتصاد دولة الإمارات نموا مريحا في العام 2011 لأسباب تتعلق ببقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا في الأسواق العالمية فضلا عن احتواء أزمة مديونية دبي. وكانت أزمة مديونية دبي، والتي ظهرت للعيان في نهاية 2009، قد ألقت بظلالها على التوقعات المتعلقة بمؤشرات أداء الاقتصاد الإماراتي في 2010.
وفي كل الأحوال، نأمل لتصديق التوقعات الرسمية بتسجيل نسبة نمو تتراوح ما بين 3 و3.5 في المائة للناتج المحلي الإجمالي الإماراتي في 2011. حقيقة القول، يكتسب هذا الموضوع أهمية إضافية لأنه سوف يفسح المجال أمام تخطي الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بالأسعار الجارية حاجز التريليون درهم أي 270 مليار دولار للمرة الأولى.
ومن شأن هاذ التطور اللافت تعزيز مكانة الاقتصاد الإماراتي كثاني أكبر اقتصاد بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية. حسب الإحصاءات الرسمية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي السعودي قرابة 427 مليار دولار في العام 2010.
وعلى صعيد العالم العربي، يحتل الاقتصاد الإماراتي المرتبة الرابعة بعد السعودية ومصر والجزائر على التوالي. وحسب أرقام البنك الدولي للعام 2009، يأتي ترتيب الاقتصاد الإماراتي في المرتبة رقم 42 على مستوى العالم مقارنة بالمراتب 21 و25 و40 للسعودية ومصر والجزائر على التوالي.
بالمقارنة، تم تسجيل نمو سلبي قدره 2.1 في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات في 2009 بسبب تذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية نتيجة الأزمة المالية العالمية. وكانت أسعار النفط قد هوت من 147 دولارا للبرميل في يوليو من العام 2008 أي قبل أسابيع من إعلان الكشف عن الأزمة المالية العالمية إلى نحو 35 دولارا للبرميل مع بداية 2009 نتيجة تصدع الثقة في الاقتصاد العالمي.
يبقى أنه رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي، يلعب القطاع النفطي جوهريا فيما يخص نتائج المؤشرات الاقتصادية في الإمارات حيث يساهم بنحو ثلاثة أرباع كل من دخل الخزانة والصادرات. بل تعتبر الإيرادات النفطية المساهم الأول بلا منازع فيما يخص تمويل مصروفات الدولة والتي بدورها تعبر عن التوجهات الاقتصادية للدولة. إضافة إلى ذلك، يساهم القطاع النفطي بنحو 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات. بمعنى آخر، يقع الاقتصاد الإماراتي تحت رحمة تطورات الاقتصاد العالمي كما تجلى ذلك من خلال نتائج العام 2009.
من جهة أخرى، أقرت الدولة ميزانية الاتحاد بنفقات وإيرادات قدرها 11.17 و10.35 مليار دولار كنفقات وإيرادات للسنة المالية 2011. بدورنا، لا نعتقد بأن العجز المالي وقدره 820 مليون دولار يشكل خطرا فعليا، حيث ليس من المستبعد أن يتحول لفائض في نهاية المطاف لسبب جوهري. كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، تتبنى الإمارات سياسيات مالية محافظة نسبيا فيما يخص دخل الخزانة العامة.
الجدير ذكره، أن هذا الرقم يمثل مصاريف الجانب الاتحادي وليس جميع النفقات العامة، حيث إن لكل إمارة ميزانية خاصة بها. المشهور بأن ميزانية بعض الإمارات السبع خصوصا أبو ظبي أكثر بكثير من الميزانية الاتحادية نظرا لسيطرة العاصمة على نحو 90 في المائة من صادرات القطاع النفطي للدولة.
وفي تطور جدير، أقر المجلس الوطني في الإمارات في الأسبوع الماضي مقترح يقضي بتقييد الدين العام للدولة عند حاجز 25 في المائة من الناتج المجلي الإجمالي. حقيقة القول، تعتبر مقترحات المجلس الوطني غير ملزمة إلا في حال قيام رئيس الدولة بتصديقها. لا شك تعبر توجه المجلس الوطني عن ميول قطاع واسع من الناس بضرورة عدم المبالغة في تراكم الديون لما لها من تأثيرات سلبية على خيارات الأجيال القادمة.
مؤكد، يعود هذا التطور غير العادي في جانبه كنتيجة طبيعية لأزمة مديونية دبي والتي حدثت كرد فعل على قرار السلطات المالية في دبي بتأجيل سداد سندات بقيمة 3.5 مليار دولار مستحقة على شركة نخيل أي الذراع العقارية لمجموعة دبي العالمية والتي بدورها تعد واحدة من أهم المؤسسات الاستثمارية التابعة لحكومة دبي.
مؤكد لم تكن دبي موفقة في قرار تأجيل المستحقات بشكل مفاجئ دونما ترتيب مع الأطراف الدائنة خصوصا البنوك البريطانية والتي يقف وراءها وسائل إعلام مؤيدة. بدورنا لا نؤيد فكرة وجود مؤامرة ضد دبي كما يحلو للبعض وقت الأزمات. بل لم يكن من المستبعد تشدد وسائل الإعلام البريطانية أكثر من غيرها بسبب تورط مؤسسات مالية بريطانية في سوق التمويل في الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص.
وتشتهر وسائل الإعلام في الغرب بممارسة القسوة وقت الأزمات بدليل تعاملها بقسوة مع الولايات المتحدة والتي انطلقت منها الأزمة المالية العالمية. وقد تعرضت الولايات المتحدة لضغوط إعلامية ومطالبات بإعادة ترتيب بيتها المالي وأنظمتها التشريعية المالية بعد أن كشفت الأزمة تورط بعض المؤسسات المالية الأمريكية العملاقة في عمليات مالية مشبوهة.
وربما يحمل العام 2011 بعد المفاجآت التي ليست في الحسبان كما هو الحال مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في منتصف 2008 وأزمة مديونية دبي في نهاية 2009 فضلا عن معضلة مشكلات مالية في عدد من الدول الأعضاء في منقطة اليورو في 2010. وقد بدأت أزمة اليورو باليونان بسبب عدم قدرتها على سداد التزاماتها المالية ومن ثم انتقلت لأيرلندا وربما تشمل دولا أخرى في 2011.
ونظرا لأننا نعيش في عصر العولمة، فقد أصبحت الاقتصادات تتقاسم الظروف الإيجابية والسلبية على حد سواء. وصدق من قال بأنه إذا عطست أمريكا فإن أوروبا تصاب بالزكام وربما انتقل الزكام للعالم بأسره بعد ذلك.
مكافحة الفساد مسؤولية عالمية
تعكس جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد والتي دخلت عامها العاشر، الأهمية... اقرأ المزيد
60
| 15 ديسمبر 2025
كأس العرب من منظور علم الاجتماع
يُعَدّ علم الاجتماع، بوصفه علمًا معنيًا بدراسة الحياة الاجتماعية، مجالًا تتفرّع عنه اختصاصات حديثة، من أبرزها سوسيولوجيا الرياضة،... اقرأ المزيد
54
| 15 ديسمبر 2025
في زحمة الصحراء!
يُخطئ كثيرون في الظنّ بأن الصحراء مجرد رمال وحصى وحرارة تُنهك الجلد وتخدع الروح، كأنها مكان مُفرغ من... اقرأ المزيد
48
| 15 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2322
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1206
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
792
| 10 ديسمبر 2025