رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جاسم الشمري

مساحة إعلانية

مقالات

1347

جاسم الشمري

البطانة «الشيطانية» والحاشية «الماكرة»!

02 سبتمبر 2024 , 02:00ص

لا يُذكر أي مسؤول في العالم، وبالذات في عالمنا العربي، إلا وتذكر معه البطانة والحاشية التي تعمل معه. والبِطانة: (اسم)، وجمعها: بَطَائِن، والبِطانَةُ: ما يُبَطَّن به الثوب، والبِطانَةُ هي السريرةُ، ويقال في قواميس اللغة العربية: بِطانَةُ الرَّجُلِ: أَهْلُهُ وَأَقْرِباؤُهُ. ويرى العالم محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح المعروف بالقرطبي إن كلمة «البطانة» مصدر، يسمى به الواحد والجمع.  ويؤكد بأن «بطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره، وأصله من البطن الذي هو خلاف الظهر. وبطن فلان بفلان يبطن بطونا وبطانة إذا كان خاصا به.

قال الشاعر:

أولئك خلصائي نعم وبطانتي... وهم عيبتي من دون كل قريب».

وهنالك تشابه بين الحاشية والبطانة فكلاهما بمعنى واحد تقريبا حيث تذكر قواميس اللغة العربية أن الحاشية: الأهل والخاصّة، والبطانة: حاشية الرَّجل/ الملك.

وفي جميع الأحوال فنحن نقصد غالبية الأشخاص المقربين من الملوك والرؤساء والأمراء والمسؤولين وزعماء الكيانات الكبيرة والصغيرة.

وتشمل البطانة اليوم السكرتير الخاص، ومدير المكتب (السكرتير)، والحرس الخاص، والسائق الشخصي، وغالبية الأفراد المقربين من المسؤول.

وقد لاحظنا بأن الحاشية (البطانة) قد تكون صالحة وصافية وقد تكون طالحة وشيطانية، ولا شك أن الكلام في الغالب ينصب على الحاشية السوداء والشيطانية والخبيثة والحاقدة والماكرة والمستهترة والشاذة. وأخطر أنواع البطانة الشريرة هي البطانة التي تتفق مع بعضها في تضليل المسؤول وتخريب رأيه ونظره للقضايا المحيطة به والأفراد! وصِرنا، ربما، أمام مرحلة «حُكم الحاشية» حيث إن الحاشية هي التي تتحكم بهذا الملف أو ذاك، وهي التي تقدم هذا الشخص أو ذاك، وهي التي تزكي وتُسَقِط وتُضيّع وتلعب بالملعب وكأنها القادرة على فعل أي شيء وقد يكون دورها ليس فقط خداع هذا المسؤول أو ذاك بل وتتحرك وتتصرف وتقرر دون الرجوع عليه مستغلة الثقة التي منحها ذلك المسؤول لفلان أو فلان من الحاشية!

إن المنطق السياسي والعقلي والإنساني يؤكد أن الحاكم أو الملك أو القائد أو أي مسؤول هو المسؤول عن أي قرار يصدر من مكتبه سلبا أو إيجابا، وهنا تكمن أهمية وخطورة البطانة الخبيثة ودورها في قتل وتسقيط ونهاية المسؤول «النائم في العسل» بسبب الثقة الكبيرة التي منحها لأُناس لا يستحقونها!

والحقيقة فإن البطانة الشريرة هم ثلة من السرّاق والخبثاء والأشرار والنفعيين والفاقدين لأبسط مقومات الرجولة، وهم يَدّعون النزاهة والأمانة والنقاء والطيبة والرجولة.

ولا يمكن هنا أن نُبرئ المسؤول من تقريبه لهذه الحاشية الفاسدة المتهالكة، وكان ينبغي عليه أن يفطن لألاعيب البطانة واتفاقهم المستمر في التقييم، وتطابق الآراء ولعبهم لدور الجنود الأوفياء الأنقياء والحقيقة هم أعداء خبثاء!

ولا يفوتنا هنا أن نشير بأن المسؤول النقي يفترض أن يتابع الترف المادي والمالي لحاشيته، والذي لا يتوافق مع ما يحصلون عليه من أموال خلال عملهم معه، وهذا يدلل على وجود فساد مالي وإداري يحتاج للمعالجة والاستئصال!

ليعمل كل مسؤول سواء في الدولة أو خارجها سواء أكان هو المسؤول الأعلى أم هنالك من هو أعلى منه أن يعمل على إعادة النظر في بطانته وحاشيته، ويسعى لتنقيتها من الأشرار والخبثاء الذين يتظاهرون بالطيبة والولاء وهم أخطر أعداء المسؤول، وربما، هم من سينهُون مسيرته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

المسؤول الناجح هو المسؤول الذي يعرف كيف يختار حاشيته وبطانته، والمسؤول الفاشل هو المسؤول الذي لا يحرص على تنقية حاشيته ويترك مصير العمل بيد بعض الحاشية وكأنه بهذا التصرف بعيد عن المساءلة!

صححوا المسار، ونقوا مكاتبكم وصفوفكم من الحاشية والبطانة الفاسدة قبل فوات الأوان!

مقالات ذات صلة

مساحة إعلانية