رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يجد المواطن الجزائري نفسه في حيرة ودهشة وهو يشاهد النشرة الرئيسية للأخبار عند الساعة الثامنة مساءً. تقارير عن انتخابات 12 ديسمبر وشهادات لمواطنين من مختلف الأعمار تؤكد أهمية الانتخابات وواجب التصويت والذهاب إلى صناديق الاقتراع، حيرة ودهشة لأن ما شاهده في النشرة ويشاهده كل مساء خلال الأسابيع الماضية شيء، وواقع الحراك كل يوم جمعة ومسيرات الطلبة كل يوم ثلاثاء شيء آخر. مئات الآلاف من الجزائريين ترفض الذهاب للانتخاب يوم 12 ديسمبر وتطالب بالتخلص من بقايا نظام بوتفليقة، والتلفزيون الرسمي الجزائري يصر على أن الجميع مع الانتخابات والحل الوحيد للأزمة هو تنفيذ تعليمات قائد الأركان أحمد قايد صالح الذي سكن التلفزيون واصبح هو الآمر والناهي والمدبر والحاكم في البلاد. ما يعيشه المشاهد الجزائري هذه الأيام مع التلفزيون الرسمي تعيشه مئات الملايين من المشاهدين في أرجاء المعمورة: الواقع شيء وما تقدمه وسائل الإعلام شيء آخر.
لا يتلقى الجمهور صورة كاملة في غالب الأحيان عن المشهد السياسي، بل يحصل بدلا عن ذلك على سلسلة منتقاة للغاية من الومضات أو اللمحات وتكون النتيجة في النهاية تشويه الواقع، وحسب والتر ليبرمان هناك تضارب بين الديمقراطية والممارسة الإعلامية اليومية، حيث إن وسائل الإعلام لا تقدر على تأدية وظيفة التنوير العام، لا تستطيع وسائط الإعلام تقديم الحقيقة بموضوعية، لأن الحقيقة شخصية وتستوجب الكثير من الدقة والتمحيص والتفسير والتأكد، الأمر الذي لا تسمح به صناعة الأخبار التي تتطلب السرعة الكبيرة والمواعيد الدقيقة التي لا ترحم. فحسب والتر ليبرمان، الجمهور لا يحصل على صورة كاملة ووافية وشاملة للمشهد السياسي؛ بل يتلقى بدلا من ذلك مجموعة أو سلسلة من الومضات أو اللمحات التي تفبرك هذا المشهد السياسي أكثر مما تعكسه. وبذلك يفبرك الواقع ويُقدم للرأي العام بالتناغم والتناسق مع مصالح القوى السياسية والاقتصادية في المجتمع، يستنتج ليبرمان أن وسائل الإعلام تعيق الديمقراطية أكثر مما تخدمها لأن الديمقراطية تقوم على السوق الحرة للأفكار وعلى الرأي والرأي الآخر، الأمر الذي فشلت وتفشل وسائل الإعلام في تحقيقه على أرض الواقع.
بالنسبة لرجال السياسة تعتبر وسائل الإعلام الوسيط المحوري والإستراتيجي للوصول إلى الجماهير العريضة للتأثير فيها وتكوين وتشكيل الرأي العام الذي يتبنى آراءهم وأفكارهم ووجهات نظرهم وبذلك برامجهم. فالسياسي الناجح هو ذلك الذي يحسن التعامل مع وسائل الإعلام والذي يعرف كيف يمرر خطابه السياسي عبر وسائل الإعلام بلباقة وبمهنية عالية، فالعلاقة بين وسائل الإعلام والحياة السياسية تشكل عنصراً هاماً من عناصر فهم الرهانات المرتبطة بتطور الديمقراطيات العصرية. تؤثر وسائل الإعلام في الحكام والمحكومين، فوسائل الإعلام تغير القوانين التقليدية للعبة الديمقراطية. فسمعة السياسي تحددها بدرجة كبيرة الصورة التي يكونها ويصنعها لنفسه من خلال وسائل الإعلام، هذه الصورة يجب أن تكون متناغمة ومتناسقة مع الصورة المقدمة والصورة التي تدركها الحشود والجماهير، فإدارة الصورة تعتبر ظاهرة رئيسية ومحورية في جعل الحياة السياسية ظاهرة إعلامية، أي تتناولها وتناقشها وسائل الإعلام باهتمام بالغ وبتركيز كبير، من جهة أخرى نلاحظ أن التغطية الإعلامية لنشاط السياسيين وعملهم اليومي تترك آثاراً كبيرة على الجماهير والمتتبعين للفعل السياسي الذين يقومون بمتابعة نشاط السياسيين ومدى تطابق أقوالهم مع أفعالهم. وحسب ليبرمان Lippmann فإن الأخبار لا تعكس الحقيقة بل تفبرك الواقع: الأخبار والحقيقة ليسا نفس الشيء، ولابد من التمييز بينهما، فوظيفة الأخبار هي الإشارة إلى حادثة، ووظيفة الحقيقة هي إظهار الحقائق المخفية وربط الواحدة منها بالأخرى، ورسم صورة للحقيقة يستطيع الناس أن يتصرفوا بناء عليها. إن دراسة علاقة وسائل الإعلام بالسياسة تقودنا إلى مساءلة علاقة تطور وسائل الاتصال بتشكيل الرأي العام، وإلى أي مدى تساهم وسائل الإعلام في إيجاد فضاء عام لمناقشة الأفكار والآراء والأطروحات من قبل الجميع؟ أم أن هناك قوى محدودة جدا تسيطر على الفضاء العام وتحتكره لنفسها لتمرير أفكارها ووجهات نظرها. ما هي العلاقة بين وسائل الإعلام واستطلاع الرأي العام؟
بالنسبة لبيار بورديو Pierre Bourdieu الرأي العام لا يوجد وأن الرأي العام الذي يدعيه أصحاب مراكز سبر الآراء والصحافيون ما هو إلا إشكاليات متعلقة بمصالح سياسية تقوم أساسا على عدد معين من المسلمات المغلوطة والخاطئة. أولا باستطاعة أي شخص أن يكوّن رأيا حول موضوع؛ ثانيا كل الآراء تكتسي نفس القيمة؛ وأن هناك تفاهما حول الأسئلة التي تستحق الطرح، فنتائج سبر الآراء التي تبثها وتنشرها وسائل الإعلام، ما هي في حقيقة الأمر، سوى فبركة اصطناعية لمنتج تم استخراجه من حسابات إحصائية لجمع آراء أشخاص لفرض وهم اسمه الرأي العام، تثير أطروحة بوردي تساؤلاً كبيراً جداً وخطيراً في نفس الوقت، يتعلق بالمصداقية العلمية لاستطلاعات الرأي العام وبثباتها وبمفهوم الرأي العام كمصطلح وكظاهرة اجتماعية وسياسية. أصبحت وسائل الإعلام، على حد قول بوردي وشابان، محكمة الرأي حيث أصبح الواقع يتحدد ويتلخص فيما تنقله وسائل الإعلام وتناقشه وتحلله وفق ما يراه الصحافيون ومحترفو صناعة الرأي العام صالحا ومؤهلا لأن ينقل إلى عيون ومسامع القراء والمشاهدين والمستمعين. وحسب نظرية تحديد الأولويات Agenda Setting فإن وسائل الإعلام من جرائد ومجلات ومحطات إذاعية وتلفزيونية تحدد للجمهور ماذا يقرأ ويسمع ويشاهد ليس هذا فقط وإنما تحدد له كذلك كيف ينظر ويحلل وفي أي إطار يدرك ويفهم الأحداث والوقائع التي تُقدم له.
توجد علاقة متبادلة بين الرأي العام والفضاء العام، فالرأي العام كمصطلح ظهر في القرن الثامن عشر. من جهة أخرى أدت التغييرات السياسية المترتبة على نهاية الملكية المطلقة إلى ظهور مصطلح الفضاء العام. نشأ الفضاء العام إذن في القرن الثامن عشر في الصالونات والمقاهي والنوادي والدوريات التي كانت تمثل حلقة الوصل بين القراء والمؤلفين والمستمعين أي بعبارة أخرى النخبة المثقفة القادرة على الحوار والنقاش. وبهذا المنطق كان الشعب مقصى من الفضاء العام نظرا لعدم قدرته على مناقشة المسائل الأدبية والفنية والسياسية والاقتصادية وغيرها. هذا الفضاء بدأ ينهار شيئا فشيئا في القرن العشرين، حيث انتقل الأمر من جمهور يناقش الثقافة إلى جمهور يستهلكها، إن تطور ثقافة الاستهلاك والتسويق والإعلان وبعد ذلك العلاقات العامة أدى إلى تدهور وتفكك وانهيار الفضاء العام المعاصر. أدى المجتمع الجماهيري والصبغة المركنتيلية التجارية والتسويقية لوسائل الإعلام وكذلك النموذج العصري للعلاقات العامة إلى تغيير الفضاء العام. ما هو دور وسائل الإعلام؟ هل هو دعم الفضاء العام حيث يتبادل أفراد المجتمع أفكاراً وأحكاماً وحججاً رشيدة وعقلانية ومنطقية من أجل الصالح العام، أم أن دور وسائط الإعلام، كما يرى "هابرماس" هو تذويب القيم الديمقراطية والقضاء عليها؟.
mkirat@qu.edu.qa
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4053
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1731
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1575
| 02 ديسمبر 2025