رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تنتسب مدرسة رقية الاعدادية الى صاحبة هذا الاسم الكريم رقية بنت محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمية القرشية بنت رسول الله — عليه الصلاة والسلام — أمها السيدة خديجة بنت خويلد.. أم المؤمنين وسيدة نساء العالمين.
رقية: ثانية أربع شموس ولدتهن السيدة خديجة لرسول الله — صلى الله عليه وسلم — ذات الهجرتين.. كان يقال عنها وعن زوجها الصحابى الجليل، ثالث الخلفاء الراشدين (ذى النورين) عثمان بن عفان — رضى الله عنه — أحسن زوجين رأهما انسان.
كانت رقية وعثمان — رضى الله عنهما — أول أسرة مسلمة هاجرت فى سبيل دينها — بعد ابراهيم ولوط — عليهما السلام — اللذين هاجرا بأهليهما فراراً بدينهما.
ونحن اليوم حين نذكر رقية التى سميت المدرسة باسمها انما أردنا أن نظهر تميز المدرسة بهذا الاسم الكريم وتميز ادارتها وهيئتها التدريسية وطالباتها اقتداء بهذه السيدة العظيمة.. والزوجة الكريمة.. والابنة المطيعة.
كنا من بين المدعوات الفضليات لحضور درس من دروس التربية الاجتماعية للمستوى التاسع فى المدرسة اللاتى حظين بدعوة كريمة من ادارة المدرسة لمعلمة من معلمات مادة الاجتماعيات خريجة من خريجات جامعة قطر الشامخة بخريجيها من البنين والبنات وقد تميزت باللباقة والفصاحة والأناقة والخلق القويم ما يفوق الوصف والتعبير.. وقد ظهر لنا من المشاهدة أنها بذلت من الجد والاجتهاد والجهد والتفانى ما يستحق الشكر والتقدير.. انها المعلمة الفاضلة نادية رامس.. وقد استمر الدرس أربع ساعات متواصلات بفقراته وتقنياته المتنوعة من الثامنة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً لم يظهر على أحد من الحاضرات من المدعوات والأمهات والمدرسات والطالبات أى ملل أو فتور أو ضجر أو شرود.. بل كان هناك تفاعل عجيب بين الجميع والاستمتاع بالفقرات المتنوعة للدرس الذى تزامن مع احتفالات الوطن العزيز باليوم الوطني.. فكان الدرس عن الانتماء الأسري.. الذى نأمل ألا نفقده كما فقدنا كثيرا من المعانى الجميلة فى حياتنا وأعمالنا ومدارسنا وعلاقاتنا الاجتماعية.. اننا بحاجة الى التماسك والتعاضد والتعاون والتراحم والتكافل.. ولن يتأتى ذلك الا بالأسر المتماسكة فهى نواة الوطن فبتكاتفها وتعاونها الصادق يتكاتف الوطن ويتعاون أفراده رجالاً ونساء وشباباً وشيبانا فتياتٍ وفتياناً على النهوض به، وبتعاضدها وبعطائها تقوى لحمة الوطن، ويسعد أبناؤه، وينجو المجتمع من فتنة التفكك والتشرد وضياع الهوية.
بدأ البرنامج الاجتماعى العلمى بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله والترحيب بالحاضرات من المدعوات والطالبات والمتضامنين من الضيوف الكرام عن طريق الشاشات بلسان عربى مبين.
ثم اعلاء قيمة الاحساس بالانتماء الى الأرض الواحدة والخليج الواحد والشعب الواحد فخليجنا واحد وقد تزامن مع انعقاد القمة الخليجية المباركة.. واحتفالات الدولة باليوم الوطني، وبيان النماذج المتميزة من الأسر الكريمة.. واستضافة شخصيات تميزت بالاهتمام بالقضايا الاجتماعية والدعوة الى الانتماء الأسرى عن طريق الاعلام الهادف كالاعلامى المتميز الاستاذ حسن الساعي، والفاضلة شايعة الفاضل.. الأم الكريمة والاعلامية القديرة.. والاستاذ الكريم.. من سلطنة عمان.. كما تم عرض فيلم قصير عن حياة أسرة قطرية تتميز بتواصل الأجيال وتعاونهم فيها.. كنموذج للأسرة الممتدة القطرية التى بدأنا بفقدانها شيئا فشيئا فى المجتمع القطرى مع خضم الحياة ومشاغلها، وتغريب الأجيال وابعادهم عن دينهم ووطنيتهم وهويتهم العربية الاسلامية الأصيلة.
انها فقرات متميزة متنوعة عبرت بصدق عن الانتماء الأسرى الجميل ليس فقط بالمفهوم التقليدي، لكنه شمل الانتماء الأسرى فى التكامل بين الأسرة والمدرسة والمجتمع بكل فئاته وشمولياته فالانسان ابن بيئته.. ومتى ما كانت بيئته متكاملة ومتناسقة..... مع جميع الأطراف كان الانسان سوياً... وبالتالى كان مواطناً صالحاً واباً كريماً وأماً حانية وابناء متحابين متعاونين.. ومتى ما كان الاجتماع على الخير دائماً كان فى أى جزء من الوطن مباركاً.
حقيقة.. اننا بحاجة الى مثل هذه العطاءات البناءة.. والنظرة الشمولية لحاجة ابنائنا فى مجتمعنا الكريم الجميل التى تحاول بعض الأصابع الهدامة أن تسئ اليه ببعض التصرفات والاقتراحات البعيدة كل البعد عن قيمنا ومبادئنا وأهدافنا التربوية كدعوة بعض المدارس التى تحمل أسماء كريمة لا تستحقها، والتى تفتقد الحس الدينى والهدف التربوى الراقي، تلك الدعوة القبيحة الى اختلاط البنين بالبنات فى أخطر مرحلة عمرية يمر بها الطالب بحجة اثراء العملية التعليمية التربوية فما أتعسه من هدف، وما أحقره من اقتراح.
وختاما لا يسعنا الا أن نقول..انه يوم جميل.. استمتعنا بحضوره مع ثلة من المربيات الفاضلات.. والامهات القديرات تتقدمهن المربية الفاضلة والادارية الناجحة مديرة المدرسة.. وأخواتها من الاداريات المتميزات، مع تمنياتنا القلبية بتعميم مثل هذه التجربة بين أرجاء مدارسنا.. ليتعرف الطالب على حقيقة انتمائه للمدرسة التى يحمل اسمها فى مختلف مراحل حياته حتى اعتاب الجامعة التى يختارها..وحقيقة انتمائه لأسرته ووطنه وأمته.. فلمثله تسعى المجتمعات، وعلى أكتافه تبنى الأوطان.. فالتحية والتقدير لكل من غرس غرسا طيبا فى أرجاء الوطن.. وتعهد بنموه وانتمائه.. بالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء، تؤتى أكلها كل حين باذن ربها.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كيف يُدار العجز دون المساس بأساسيات الموازنة
أودّ توظيف مفهومٍ يُعرف بـ المشتقة الجزئية (Partial Derivative) كإطار تحليلي في استعراض الموازنة العامة لسنة 2026، وذلك... اقرأ المزيد
264
| 16 ديسمبر 2025
الفورمولا 1 من التراجع إلى العالمية
في عام 2016، كانت سباقات الفورمولا 1، تعاني من تراجع شعبيتها وعلامتها التجارية. فقد انخفضت أعداد الحضور والمشاهدين،... اقرأ المزيد
84
| 16 ديسمبر 2025
هوية الاعتبار.. من باب الاعتزاز
تزامناً مع اليوم الوطني لدولة قطر، لا شك بأن أفضل وأنسب ما يكتب خلال هذه الفترة ما يتعلق... اقرأ المزيد
138
| 16 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2328
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1248
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
804
| 10 ديسمبر 2025