رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فهد عبدالرحمن بادار

تويتر @Fahadbadar

مساحة إعلانية

مقالات

87

فهد عبدالرحمن بادار

الفورمولا 1 من التراجع إلى العالمية

16 ديسمبر 2025 , 04:00ص

في عام 2016، كانت سباقات الفورمولا 1، تعاني من تراجع شعبيتها وعلامتها التجارية. فقد انخفضت أعداد الحضور والمشاهدين، وكانت نتيجة بعض السباقات متوقعة إلى حد ما، كما أن قاعدة المشجعين كانت تتكون في الغالب من الذكور وكبار السن. ومع مرور سبعين عامًا على انطلاقتها، كان تمثيل هذه الرياضة ضعيفًا إلى حد ما خارج موطنها الأصلي في أوروبا. 

استحوذت شركة ليبرتي ميديا ​​على مجموعة الفورمولا 1 في 2016، وأدرك المالك الجديد أن رياضة الفورمولا 1 لم تحظَ بالترويج الكافي لنفسها. فمع ضعف حضورها على وسائل التواصل الاجتماعي، كانت تواجه صعوبة في استقطاب الجيل الجديد من المتابعين. ولم تكن هذه الرياضة عالمية بالمعنى الحقيقي، فعلى سبيل المثال، لم تجذب سوى جمهور محدود في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث توجد سباقات سيارات محلية منافسة مثل ناسكار وإندي 500. ومنذ ذلك الحين، وتحت إدارة شركة ليبرتي ميديا، ​​المالكة لحقوق سباقات الفورمولا 1، شهدت هذه الرياضة تحولاً جذريًا، لتصبح علامة تجارية عالمية تحظى بشعبية واسعة ومكانة مرموقة. 

وكان من أبرز العوامل المؤثرة في هذا التحول مسلسل "درايف تو سرفايف" (Drive to Survive)، الذي بدأ عرضه على شبكة نتفليكس في عام 2019. فمن خلال عرض الدراما التي تدور خلف الكواليس، أصبح السائقون أقرب إلى الواقع وأكثر إنسانية بالنسبة للجيل الجديد من المشجعين. وأعقب ذلك عرض فيلم الحركة "الفورمولا 1: ذا موفي" (F1: The Movie)، من بطولة براد بيت. وقد ساهمت هذه المبادرات، إلى جانب الرعاة الجدد والحملات التسويقية المتميزة على وسائل التواصل الاجتماعي، في تعزيز قاعدة المشجعين وجذب عدد أكبر من الشباب والمتابعات من النساء.

وتشير جميع الإحصائيات في نفس الاتجاه؛ فقد وصل عدد مشجعي سباقات الفورمولا 1 هذا العام إلى 826.5 مليون مشجع، بزيادة قدرها 90 مليونًا منذ عام 2023. ويتجاوز عدد مشاهدي السباقات عبر التلفزيون على مستوى العالم مليار مشاهد. وقد لوحظ حدوث نمو واضح في عدد المشجعين في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج. ففي الفترة ما بين عامي 2007 و2012، لم يُقم أي سباق للجائزة الكبرى في الولايات المتحدة. أما الآن، تستضيف الولايات المتحدة سنويًا ثلاثة سباقات للجائزة الكبرى، بما في ذلك سباق لاس فيغاس الليلي المبتكر، كما تستضيف دول الخليج أربعة سباقات تُقام في البحرين، والسعودية، وقطر، وأبوظبي. 

وتكشف هذه الشراكات والمشاريع الفرعية عن براعةٍ فائقة، حيث تعقد شراكات مع شركات الألعاب، على سبيل المثال. وتُعدّ علامة "هوت ويلز" (Hot Wheels) التابعة لشركة "ماتيل" (Mattel) خيارًا مثاليًا، بينما تتميز مجموعة المبادرات التي انطلقت بالتعاون مع شركة ليغو للألعاب بأنها ممتعة للغاية. وقد تلقّى سائقو السباقات نماذج لكؤوس مصنوعة باستخدام مكعبات الليغو، بل وحتى نسخًا طبق الأصل بالحجم الطبيعي لسيارات الفورمولا 1 من ليغو قابلة للقيادة.

وكما هو الحال في جميع الرياضات الحديثة، حوّل تحليل البيانات السباق إلى علم دقيق، حيث باتت كل تفاصيل القيادة، والسائق، والحلبة، والطقس تُسجّل في بيانات تصل سعتها إلى أكثر من تيرابايت لكل سباق. وكان فريقٌ مكون من 40 محللاً يعمل في مركزٍ بالمملكة المتحدة على بُعد آلاف الأميال، ويراقب هذه المعلومات، ويقدم التوجيهات اللازمة لمساعدة الفنيين في منطقة الصيانة. 

وتُتيح الرياضة التي تعتمد بشكلٍ كبير على التكنولوجيا فرصًا للمصنّعين لعرض ابتكاراتهم. فعلى سبيل المثال، تُعدّ شركة شل العملاقة في قطاع إنتاج النفط من الرعاة الرئيسيين لفريق فيراري منذ زمنٍ طويل، وتقدر قيمة رعايتها للفريق بحوالي 40 مليون يورو للموسم الواحد في الوقت الحالي. وتُروّج الشركتان لمنتجات بعضهما البعض، وقد طوّرت شل وقودًا متخصصًا لسيارات الفورمولا 1، وهو ما ساهم في تحسين أدائها.

وقد حققت سباقات الفورمولا 1 ديناميكية تجارية مربحة تضاهي العلامات التجارية الفاخرة، حيث يزداد الطلب كلما ارتفع السعر. ويساهم حضور سباق الجائزة الكبرى في منح الشخص مكانة اجتماعية مرموقة. وقد تتجاوز تكلفة الباقات المؤسسية لحضور بضعة أيام من منافسات السباق بصفتك ضيفًا لفريق أو راعٍ في سباقات الفورمولا 1 مبلغ 30 ألف دولار. وتتماشى هذه الظاهرة مع توجه تجاري ملحوظ يميل إلى دفع مبالغ إضافية مقابل خوض تجارب استثنائية. ويهدف جزء كبير من النشاط في وسائل الإعلام الجديدة إلى تشجيع الناس على حضور السباقات بشكلٍ مباشر. الفورمولا 1 مثال حي على أن التسويق الذكي يحوّل الرياضة إلى قوة عالمية مؤثرة.

مساحة إعلانية