رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ.د عبد الهادي العجمي

• أستاذ التاريخ – جامعة الكويت

مساحة إعلانية

مقالات

4056

أ.د عبد الهادي العجمي

أقم عليهم مأتماً وعويلا

03 يناير 2025 , 02:00ص

أستطيع أن أعرب عن تصوري بأن ابن خلدون الذي قال إن «لحظات تقهقر الدول وتراجعها تنعكس في أخلاقياتها»، وأحمد شوقي القائل «إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتمًا وعويلا»، لم يكن الاثنان قادرين في هذا المشهد المعنوي للابتعاد الزمني أكثر لاستشفاف واقعنا الذي نحياه اليوم. وأظن أنه لم تمر علينا مرحلة واضحة المعالم لما قاله ابن خلدون وأحمد شوقي كالمرحلة التي نعيشها اليوم، فالحاصل وما نراه ونلمسه من تقهقر وتراجع وشلل أخلاقي، بدا أن البعض يسعى جاهداً في سباق ليضيف عليه مزيداً من التعاسة والمعاناة والألم، وذلك بفتح الباب على ثقب أسود مجتمعي جديد وهو « فقدان الإنسانية»، أو ما يمكن أن نطلق عليه «عنصرية التشفي، والفرح بالظلم، والإقصاء، والإساءة». عموماً وقبل توصيفي لهذه الحالة المجتمعية (الشاذة)، أستطيع القول مطمئناً إن الصراعات اليومية المباشرة بين المواطنين في شتى الدول تشكل جزءًا من طبيعة العيش البشري والاحتكاك الإيجابي السلمي بينهم، كما أن الاختلاف والتشاكل بين الأمم والشعوب هو أمر طبيعي، لكن وهنا تحديدا حين يتسع ويشتد الخلاف والنزاع والانقسام حول الرأي والموقف، يبرز المعيار (الأخلاقي والإنساني) كحكم وضابط للفصل بين الجميع. وسواء اتفقنا أو اختلفنا حول كثير من قناعاتنا المتعلقة بمعايير الإنسانية وضوابطها، تبقى ظاهرة التشفي بضحايا المجتمع واحدة من أسوأ وأخطر المؤشرات على سوء صاحبها وانهيار أخلاقياته، بل بتصوري أن وجود هذه المشكلة في المجتمعات لا تعكس فقط أزمة فردية، بل تهدد وجدان المجتمع وتماسكه بأكمله، خطر يتعدى مجرد سلوك الأفراد ليعبرها نحو رسم مشهد الرحيل أو الهجرة للنهاية، مشهد سيجد الجميع أنفسهم فيه مقسمين ومصنفين لطوائف وفرق وإثنيات وعرقيات مختلفة، وقتها سيتحتم على الجميع العمل على حماية شرائحهم وطوائفهم بكسب المزيد من المصالح دون الأخذ في الاعتبار بأية قيم إنسانية أو أخلاقية أو مجتمعية، ومن ثم سيصل الجميع عبر هذا الطريق إلى مشهد النهاية الذي حذر منه ابن خلدون وشوقي وهو التفكك والانهيار. وربما أتساءل مع القارئ، ما الذي يجعل هذه الظاهرة (التشفي وفقدان الإنسانية) تظهر في المجتمعات؟ الإجابة برأيي أن العامل المساعد الأكثر تأثير في الوصول لهذا المشهد هو «حينما تصبح الفئات الأضعف عاجزة عن الدفاع عن نفسها، سواء لافتقارها إلى الأدوات القانونية والرقابية، أو بسبب غياب العدالة التي تحميها». إن التدهور الأخلاقي ليس مجرد نتيجة للصراعات، بل هو أيضًا محفز لمزيد من الأزمات. ولسنا في حاجة للقول إن كل مجتمعاتنا العربية اليوم في حاجة (للطمأنينة فالقادم المجهول بدأ بالفعل طرق الأبواب، منها من سيصمد في وجه هذا المجهول ومنها من سيضيع)، وعليه يمكن أن نبدأ ببعض العلاجات ذات التأثير السريع والأكيد، (التعليم) فبناء منظومة تعليمية تُعنى بغرس القيم الدينية والأخلاقية، وتؤكد على الالتزام بها في الحياة اليومية أمر فائق الأهمية- الاستفادة من آراء المثقفين والمفكرين، وإعطاء مساحة أوسع لهم لطرح الحلول والتوعية - إعادة النظر في قضايا العدالة الاجتماعية وأقصد رفع الظلم عمن وقع عليه ظلم، ومعالجة المشاكل المتجذرة من منطلق يضع في الاعتبار العامل الإنساني والأخلاقي، والابتعاد عن العناد والتشفي وشيطنة الآخر المختلف معه. أخيراً تأملت هذه التغريدة المأساوية على وسائل التواصل الاجتماعي لصاحبتها، والتي تقول فيها «أرجو ألا يكون حقيقيًا كل هذا الشعور وكل هذه الكلمات الرديئة التي تعكس تدني الأخلاق، لأنني سأكون مصدومة أن كل هؤلاء يعيشون حولنا». صعب ومعقد أن أصف شعور هذه المواطنة حين كتبت هذه الكلمات لكن أستطيع أن أقول إنها تغريدة في صورة «صدمة» تغريدة تحمل في مضمون كلماتها أعلى مكنون الألم والخوف (من وعلى) مجتمع يُخشى عليه من مثل هؤلاء الأفراد الذين يحملون في قلوبهم كل هذه العنصرية نحو الآخرين والفرح في مصابهم والتشفي في جراحهم وآلامهم وأحزانهم.

اقرأ المزيد

alsharq تحسبونــه هينا وهو عند الله عظيم

وصلت صباحا وكلي همة وتفكير من أين سوف أبدأ، فإذا بي أدخل المكتب وأجد مكتب زميلتي ليس على... اقرأ المزيد

24

| 17 ديسمبر 2025

alsharq قطر.. قصة وطن يتألّق في يومه الوطني

في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تكون دولة قطر على موعدٍ مع ذاكرتها الوطنية، وتفتح صفحات... اقرأ المزيد

33

| 17 ديسمبر 2025

alsharq 1878.. الفَيصَل

في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تستعيد دولة قطر لحظة مفصلية في تاريخها الحديث؛ ففي 18... اقرأ المزيد

30

| 17 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية