رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

طارق الهاشمي

● سياسي من العراق

مساحة إعلانية

مقالات

162

طارق الهاشمي

قطر.. قصة وطن يتألّق في يومه الوطني

17 ديسمبر 2025 , 12:15ص

في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تكون دولة قطر على موعدٍ مع ذاكرتها الوطنية، وتفتح صفحات الفخر لتقرأ للعالم قصة وطنٍ شقّ طريقه بثقة، ونسج من الطموح إنجازاتٍ سبقت الزمن. هو يومٌ يليق بشعبٍ آمن بالحلم، وقيادةٍ أحسنت الرؤية، فكانت الحصيلة نهضةً راسخة ورفعةً مستحقّة.

منذ أن خطت قطر قرارها الاستراتيجي بدخول عالم الصناعة الاستخراجية، لم تكن مجرد لاعبٍ جديد، بل سرعان ما غدت رائدةً عالمية في إنتاج وتسويق الغاز الطبيعي المسال. وأساطيلها البحرية اليوم تجوب المحيطات، حاملةً الطاقة إلى الأمم، ومؤكدةً حضور الدولة كقوة اقتصادية موثوقة في منظومة الطاقة العالمية.

وحين آمنت بأن الحقيقة حقٌّ كوني لا يُجزَّأ، وأن الإعلام رسالة قبل أن يكون صناعة، ولجت قطر ميدان الإعلام من أوسع أبوابه، فكانت ولادة قناة الجزيرة؛ المنبر الذي كسر احتكار الرواية الواحدة، وارتقى بالإعلام إلى فضاء الحرية والمهنية. سرعان ما أصبحت أيقونةً عالمية، وصوتاً لمن لا صوت له، ومرآةً تنقل الواقع كما هو، بلا تزييف ولا تزيين.

ولم تكن الرياضة في مسيرة قطر ترفاً أو هامشاً، بل كانت حلماً وطنياً جريئاً تحوّل إلى إنجازٍ عالمي غير مسبوق. إنجازات قطر في الحقل الرياضي تقف شاهدة على قدرة دولةٍ فتية على تحقيق ما عجزت عنه دولٌ متقدمة لها باعٌ طويل في الرياضة الدولية. وكيف يُنسى نجاحها الاستثنائي في استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، ذلك الحدث الذي أعاد تعريف مفهوم التنظيم والاحتراف، حتى غدت قطر في إدارتها المتميزة مدرسةً تُدرَّس، وفاقت خبرتها خبرات دولٍ وشعوب سبقتها في هذا المضمار بعقود. واليوم، لا تكاد قطر تنتهي من بطولةٍ حتى تستعد لتنظيم أخرى، مؤكدةً رسوخ تجربتها، وها هي تختتم بجدارة تنظيمها الرائع لدورة الألعاب العربية لكرة القدم (فيفا)، حيث شكّل حفلَا الافتتاح والختام لوحةً بصرية وحضارية عكست هوية الدولة وثقافتها وقدرتها على الإبهار.

وفي ميدان السياسة الدولية، أدركت قطر أن الحكمة رأس مالٍ لا ينضب، وأن السلم لغة القادرين على الفعل. فدخلت باب الوساطة الدبلوماسية بثقةٍ واقتدار، ونجحت حيث تعثّر الآخرون، حتى غدت الدوحة محطة أملٍ للدول حين تُغلَق السبل وتتعقّد المسارات. نجاحات لم تكن مصادفة، بل ثمرة توفيقٍ رباني، ورؤيةٍ عميقة، ودبلوماسيةٍ رصينة.

أما في مجال الإغاثة والعمل الإنساني، فقد جسّدت قطر معناها الأصيل كـ «قلعة المضيوم»، لا شعاراً يُرفع، بل نهجاً راسخاً تُترجمُه الأفعال عند الشدائد. فكانت سبّاقة في نصرة المظلوم، وملاذاً آمناً للمستضعفين، وباباً مفتوحاً للنجدة والعون، مهما عظمت التحديات وتعاظمت الأكلاف. وتألّقت منظماتها الإنسانية، وفي مقدمتها قطر الخيرية، لتغدو رمزاً عالمياً في إغاثة المنكوبين في إفريقيا وآسيا، تمدّ يد العطاء للبعيد قبل القريب، وتقدّم الإنسان حيثما كان على ما سواه من اعتبارات.

وفي واحدةٍ من أشدّ المحطات قسوةً في التاريخ المعاصر، حين تعرّض قطاع غزة لعدوانٍ همجي وحصارٍ خانق، لم تكتفِ قطر بالإدانة اللفظية أو المواقف الرمزية، بل تحمّلت مسؤولية إنسانية وأخلاقية جسيمة، فانخرطت بثبات في دعم الشعب الفلسطيني، إغاثةً وعلاجاً وإسناداً سياسياً، رغم ما رافق ذلك من ضغوط واستهدافات ومحاولات ثنيٍ وإرهابٍ سياسي وإعلامي. ومع ذلك، لم تتراجع، ولم تساوم على مبادئها، بل مضت متمسكةً بمنطلقاتها الثابتة في الدفاع عن العدالة ونصرة المظلوم.

فسُيّرت الجسور الجوية دون إبطاء، واستُقبل الجرحى في مستشفياتها، وامتد الدعم الإنساني إلى ما وراء الحصار والجراح، في موقفٍ أخلاقي نادر يُجسّد معنى الشجاعة السياسية حين تقترن بالضمير الإنساني. وهكذا أثبتت قطر أن الوقوف مع الحق ليس خياراً ظرفياً، بل التزامٌ مبدئي، وأن الانحياز للإنسان، حتى في أحلك الظروف، هو جوهر سياستها ورسالتها في هذا العالم.

وعندما تحقق للدولة فائضٌ معتبر من عوائد الغاز، لم يُبدَّد في ترفٍ عابر أو إنفاقٍ استهلاكي، بل وُظّف بعقلٍ استثماري واعٍ في مشاريع عقارية وصناعية وتكنولوجية حول العالم، لتغدو المحافظ القطرية نموذجاً لحسن التدبير وبعد النظر، وشاهداً على اقتصادٍ يُدار بعقل الدولة لا بعجلة اللحظة.

إن هذا النجاح المتكامل، في الرياضة كما في التعليم والصحة، وفي السياسة والاقتصاد والمال، وفي الإغاثة والعمل التطوعي، والعدل والحقوق، ليس إلا دليلاً ساطعاً على نظام حكمٍ ناجح، وقيادةٍ حكيمة، وشعبٍ مثابر صنع من محدودية الجغرافيا و السكان دولةً يُشار لها بالبنان: أمناً واستقراراً، ازدهاراً وتقدماً. دولةٌ تجاوز تأثيرها حدود المساحة، وباتت رقماً فاعلاً في السياسة والاقتصاد والمال والتكنولوجيا، إقليمياً ودولياً، وما تحقق ذلك إلا بفضل تميز دولة قطر عن كثير من دول العالم – صِغارًا وكِبارًا – بمزيجٍ نادر من قيادة موهوبة، تملك رؤية واضحة، و قدرة على التنفيذ، وتتمتع بمرونة سياسية، واستثمار ذكي في الإنسان.

قطر… مباركٌ يومك الوطني.

وإلى مزيدٍ من التألّق والنجاح.

يحقّ لشعبك أن يحتفل، وأن يفرح، وأن يروي تجربته بفخر، فيما يشارك العالم من أقصاه إلى أقصاه بهجة هذا اليوم، ويحيّي دولةً كتبت لنفسها قصة نجاحٍ استثنائية بل نادرة … حيو معي دولة قطر.

اقرأ المزيد

alsharq جمال الأذان المفقود

لماذا غاب جمال الصوت في رفع الأذان؟ أليس لاختيار المؤذن شروط وضوابط؟ كيف تراجعت هذه الشروط التي كانت... اقرأ المزيد

69

| 19 ديسمبر 2025

alsharq جسم الإنسان يقبل التدرج ويرفض المفاجأة

غالبا، حينما نود تغيير أو زيادة أو علاج عنصر في جسم الانسان، علينا البدء باعطائه جرعات خفيفة من... اقرأ المزيد

63

| 19 ديسمبر 2025

alsharq تدابير الله كلها خير

يقول الله تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله... اقرأ المزيد

60

| 19 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية