رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

صالحة أحمد

مساحة إعلانية

مقالات

1146

صالحة أحمد

ما الذي يقدمه ذاك الطبيب؟

03 سبتمبر 2024 , 02:00ص

الحياة جملة من اللحظات التي تتراصف؛ لتُدون لك فصولها ضمن كتاب يخصك وحدك، ويصبح لك دون غيرك من الناس، وإنها لكثيرة تلك الفصول وما تضمه من لحظات تحتضن سطور ذاك الكتاب، وتختلف باختلاف المواقف التي تُفرض عليك وإن رفضتها، كتلك اللحظات التي تشعر فيها وكأنك تواجه نهاية العالم بمحاولات بائسة وبإرادة مسلوبة وأنت على يقين من أن ما تفعله هو الصواب، ولكن وبعد أن تُعلن استسلامك دون مقاومة تُذكر، تُدرك أن ما سبق وأن أقدمت عليه هو كل ما لا يُمت لذاك المدعو (صواب) بصلة، وأن تلك النهاية لم تكن سوى مقدمة قاسية بملامح حازمة تُخفي خلفها بداية مُشرقة ستدرك معها زاوية جديدة من حياتك ما أن تُقبل عليها؛ لِتُقَبِل عتبتها بخطواتك حتى لتدرك أن الله يعطي كل واحد منا بقدر ما يحتمل، حتى وإن شعرت للحظة أن ما يحدث لك يفوق قدرتك وطاقتك.

 ما أريده الآن

   أنا جزء من نسيج هذا المجتمع، وما يحدث لي لا يخصني وحدي فقط، فلربما هناك من تطابقت ظروفه وظروف معاناتي، التي سبق لها وأن طبقت أصول كل ما تَعلَمَته على جسدي؛ لذا وحين أكتب فأنا على أمل أن يجد من يقرأ كلماتي راحته وسطها؛ لتمسح على رأسه، وتربت على كتفه حتى يبتعد عنه طيف تلك المعاناة ويرحل دون رجعة، فإن كان له ذلك كان لي ما أريد، وما أريده الآن هو التحدث عن التالي: منذ عام مضى كنت قد أُصبت بوعكة صحية كادت أن تودي بحياتي، ولن أخفي عنكم ما شعرت به حينها، لقد شعرت أنها نهايتي، ولكم قتلني ذاك الشعور، الذي عزلني خلف قضبان الخوف من مجهول لم أكن لأعرف ما يُخفيه لي في جعبته، وما زاد (الطين بلة) أن علاقتي بالمستشفى لم تكن جيدة بتاتا، فكل زيارة تقدمت بها بنية الحصول على العلاج المُناسب كانت ترجع بي إلى الوراء -والفضل لتلك المخاوف التي كانت تحلق فوق رأس أي مريض؛ كي تنهشه- والحق أنه ما قد أرهقني فعلا، وامتد بلحظاته التي بدأت تخجل مني بعد أن كللتها بخالص الدعاء حتى ظهر ذاك الفريق الطبي الذي سخره الله لي، وبدأت معه رحلة العلاج، تحت قيادة الطبيب، الذي صحح بعض المفاهيم الخاطئة، عن الإمكانيات والقدرات التي يتمتع بها أهل الاختصاص وتستحق خالص الشكر والتقدير.

ثم ماذا؟

   لقد تمكن ذاك الطبيب من ردع كل مخاوفي بفضل إنسانيته، التي تقدمت كل شيء، ولم يكن ليسمح لي بالتراجع أبدا عن مراحل (رحلة العلاج) تلك أو التخلف عنها، والجميل أن كل ما كان يُثير قلقي قد تلاشى بفضل علمه المتجدد، وما يتمتع به من خبرات ميزها حُسن تعامله مع مرضاه وكأنهم أفراد أسرة واحدة، حتى أن كل من يُقبل على عيادته كان يرغب بالانضمام إليه أكثر من غيره؛ لنجد الحشود وقد توافدت عليه؛ ليُطرح هذا السؤال: ما الذي يقدمه ذاك الطبيب؛ ليكسب المريض ويجذبه إليه؟

   إن طبيعة البشر تؤكد على أن تلبية الاحتياجات، وسد فوهة (النقص) الذي نعاني منه من أكثر العوامل التي تجذب الأفراد لبعضهم البعض، وهو الأمر ذاته مع المريض والطبيب، بمعنى أن ما يحتاجه المريض؛ كي تمضي رحلة العلاج على خير هو (الأمل)، الذي وإن شعر بامتداده من خلال طبيبه المُعالج فلا شك أنه سيُبادر بمنح ذاك الأخير كامل ثقته؛ ليباشر عمله، وما أتحدث عنه هو (الأمل) الممزوج بكثير من الإنسانية، وهو ما يأخذنا لنقطة يجدر بي ذكرها وهي أن المريض بحاجة لمن يُخفف عنه وجعه لا من يزيد من جرعته (كما هو الحال مع البعض).

وماذا بعد؟

   كي تنجح رحلة العلاج أيا كان عمرها، وتكون المخرجات بما يُسعد كل الأطراف المعنية، فلابد وأن تكون العلاقة التي تربط الطبيب بالمريض إنسانية خالصة، يبث فيها الأول طاقة إيجابية يُشعلها (الأمل)؛ ليُبادر الثاني بما لديه من (ثقة) ستؤدي المهمة على خير وجه بإذن الله وهو كل ما سبق وأن ذكرته آنفا.  

وأخيرا:

ومن هذا المنبر أتوجه بخالص الشكر والتقدير لهذا الطبيب الإنسان وكل فريق عمله عن العمل الرائع الذي تقدموا به وتقدمت معه حياتي بخطوات كبيرة نحو الأفضل.

مساحة إعلانية