رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الحياة جملة من اللحظات التي تتراصف؛ لتُدون لك فصولها ضمن كتاب يخصك وحدك، ويصبح لك دون غيرك من الناس، وإنها لكثيرة تلك الفصول وما تضمه من لحظات تحتضن سطور ذاك الكتاب، وتختلف باختلاف المواقف التي تُفرض عليك وإن رفضتها، كتلك اللحظات التي تشعر فيها وكأنك تواجه نهاية العالم بمحاولات بائسة وبإرادة مسلوبة وأنت على يقين من أن ما تفعله هو الصواب، ولكن وبعد أن تُعلن استسلامك دون مقاومة تُذكر، تُدرك أن ما سبق وأن أقدمت عليه هو كل ما لا يُمت لذاك المدعو (صواب) بصلة، وأن تلك النهاية لم تكن سوى مقدمة قاسية بملامح حازمة تُخفي خلفها بداية مُشرقة ستدرك معها زاوية جديدة من حياتك ما أن تُقبل عليها؛ لِتُقَبِل عتبتها بخطواتك حتى لتدرك أن الله يعطي كل واحد منا بقدر ما يحتمل، حتى وإن شعرت للحظة أن ما يحدث لك يفوق قدرتك وطاقتك.
ما أريده الآن
أنا جزء من نسيج هذا المجتمع، وما يحدث لي لا يخصني وحدي فقط، فلربما هناك من تطابقت ظروفه وظروف معاناتي، التي سبق لها وأن طبقت أصول كل ما تَعلَمَته على جسدي؛ لذا وحين أكتب فأنا على أمل أن يجد من يقرأ كلماتي راحته وسطها؛ لتمسح على رأسه، وتربت على كتفه حتى يبتعد عنه طيف تلك المعاناة ويرحل دون رجعة، فإن كان له ذلك كان لي ما أريد، وما أريده الآن هو التحدث عن التالي: منذ عام مضى كنت قد أُصبت بوعكة صحية كادت أن تودي بحياتي، ولن أخفي عنكم ما شعرت به حينها، لقد شعرت أنها نهايتي، ولكم قتلني ذاك الشعور، الذي عزلني خلف قضبان الخوف من مجهول لم أكن لأعرف ما يُخفيه لي في جعبته، وما زاد (الطين بلة) أن علاقتي بالمستشفى لم تكن جيدة بتاتا، فكل زيارة تقدمت بها بنية الحصول على العلاج المُناسب كانت ترجع بي إلى الوراء -والفضل لتلك المخاوف التي كانت تحلق فوق رأس أي مريض؛ كي تنهشه- والحق أنه ما قد أرهقني فعلا، وامتد بلحظاته التي بدأت تخجل مني بعد أن كللتها بخالص الدعاء حتى ظهر ذاك الفريق الطبي الذي سخره الله لي، وبدأت معه رحلة العلاج، تحت قيادة الطبيب، الذي صحح بعض المفاهيم الخاطئة، عن الإمكانيات والقدرات التي يتمتع بها أهل الاختصاص وتستحق خالص الشكر والتقدير.
ثم ماذا؟
لقد تمكن ذاك الطبيب من ردع كل مخاوفي بفضل إنسانيته، التي تقدمت كل شيء، ولم يكن ليسمح لي بالتراجع أبدا عن مراحل (رحلة العلاج) تلك أو التخلف عنها، والجميل أن كل ما كان يُثير قلقي قد تلاشى بفضل علمه المتجدد، وما يتمتع به من خبرات ميزها حُسن تعامله مع مرضاه وكأنهم أفراد أسرة واحدة، حتى أن كل من يُقبل على عيادته كان يرغب بالانضمام إليه أكثر من غيره؛ لنجد الحشود وقد توافدت عليه؛ ليُطرح هذا السؤال: ما الذي يقدمه ذاك الطبيب؛ ليكسب المريض ويجذبه إليه؟
إن طبيعة البشر تؤكد على أن تلبية الاحتياجات، وسد فوهة (النقص) الذي نعاني منه من أكثر العوامل التي تجذب الأفراد لبعضهم البعض، وهو الأمر ذاته مع المريض والطبيب، بمعنى أن ما يحتاجه المريض؛ كي تمضي رحلة العلاج على خير هو (الأمل)، الذي وإن شعر بامتداده من خلال طبيبه المُعالج فلا شك أنه سيُبادر بمنح ذاك الأخير كامل ثقته؛ ليباشر عمله، وما أتحدث عنه هو (الأمل) الممزوج بكثير من الإنسانية، وهو ما يأخذنا لنقطة يجدر بي ذكرها وهي أن المريض بحاجة لمن يُخفف عنه وجعه لا من يزيد من جرعته (كما هو الحال مع البعض).
وماذا بعد؟
كي تنجح رحلة العلاج أيا كان عمرها، وتكون المخرجات بما يُسعد كل الأطراف المعنية، فلابد وأن تكون العلاقة التي تربط الطبيب بالمريض إنسانية خالصة، يبث فيها الأول طاقة إيجابية يُشعلها (الأمل)؛ ليُبادر الثاني بما لديه من (ثقة) ستؤدي المهمة على خير وجه بإذن الله وهو كل ما سبق وأن ذكرته آنفا.
وأخيرا:
ومن هذا المنبر أتوجه بخالص الشكر والتقدير لهذا الطبيب الإنسان وكل فريق عمله عن العمل الرائع الذي تقدموا به وتقدمت معه حياتي بخطوات كبيرة نحو الأفضل.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3405
| 04 نوفمبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2580
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2106
| 03 نوفمبر 2025