رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الجرائم الإرهابية التي تنسب لـ"القاعدة" تدعونا إلى التأمل والتفكير والسؤال عن حقيقتها، وهل فعلاً أن "القاعدة" وراء كل هذه الجرائم الإرهابية التي نسبت إليها بدءاً من تفجيرات نيويورك الإرهابية التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء الأمريكان عام 2001م، مروراً بالجرائم الإرهابية في قتل المدنيين الأبرياء بالعراق الشقيق بعد الاحتلال وتلك الجرائم الإرهابية الأخرى في بعض الدول الأجنبية والعربية الأخرى ومنها تفجيرات لندن ومدريد وفي بعض الدول العربية مثل اليمن والسعودية وانتهاءً بجمهورية مصر العربية.
ولأننا ندعو إلى التأمل والتفكير والبحث عن الحقيقة بشكل موضوعي وهادئ وهادف، فإن العقل والمنطق لا يمكن أن يتصورا أن "القاعدة" وراء كل هذه الجرائم الإرهابية، خاصة إذا كانت مثل هذه العمليات الإرهابية تحتاج إلى قدرة تكنولوجية فائقة وخبرة عالمية عالية كما حدث في تفجيرات نيويورك الإرهابية، وهذا العمل الإرهابي سبق أن كتبت عنه مقالاً أوضحت فيه أن القاعدة "بريئة" من هذا العمل الإرهابي الشنيع ولا أريد العودة إليه مرة أخرى، وإنما اعتقدت أن من كان وراء تفجيرات نيويورك هم عناصر المخابرات الأمريكية والصهيونية لخلق ذريعة غزو واحتلال العراق وأفغانستان من أجل رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط التي بشر بها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
أما في العراق الشقيق، فالجميع أصبح يعرف أن قوات الاحتلال الأمريكي بعد أن فشلت في العثور على أسلحة الدمار الشامل التي كانت تدعي الإدارة الأمريكية والصهيونية بوجودها في العراق أن العراق ونظام الرئيس الشهيد صدام حسين على علاقة بتنظيم "القاعدة"، وأنها غزت العراق للقضاء عليه والحقيقة أن تنظيم "القاعدة" لم يكن موجوداً بأرض الرافدين قبل الغزو والاحتلال وهذا أصبح معروفاً أيضاً، لكن الصهيونية والإدارة الأمريكية خططت لجعل هذا التنظيم "بعبعاً" ضد الشعب العراقي فقامت ومعها العملاء والخونة الذين جاءوا على ظهور دباباتها أو من تسلل خلفها بعدة عمليات إرهابية ومنها تفجير مسجد "العسكريين" في سامراء ونسبت هذا العمل الإرهابي للقاعدة وكاد هذا العمل الإرهابي أن يشعل حرباً أهلية وهو ما تخطط له الصهيونية وقوات الاحتلال لولا يقظة الشعب العراقي لكنها استمرأت هذا النهج الإرهابي وبدأت بتنفيذ عدة عمليات إرهابية وتنسبها للقاعدة حتى يومنا هذا لأنها وجدت في نفوس بعض المرضى من العراقيين أو من حلفاء العملاء والخونة تربة خصبة لتصديق ما تروج وتخطط، خاصة عناصر "الصحوة" التي تركت الاحتلال يقتل ملايين العراقيين ويهجر الملايين الأخرى وذهبت لقتال "الوهم" الذي صنعه الاحتلال وعملاء الاحتلال.
وبناء على هذا الاعتقاد الذي لا أستطيع الجزم به وربما أكون مخطئاً ولكن العقل والمنطق والتحليل الموضوعي والهادف تشير إلى امكانيته، خاصة أساليب العدو الصهيوني ومخططاته ومعه الحليف الأمريكي يدفعنا إلى مثل هذا الاعتقاد ومما يعزز هذا التحليل وهذه الرؤية ذلك العمل الإرهابي الذي حدث في كنيسة "القديسين" بمحافظة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية منذ أيام وذهب ضحيته العديد من الأبرياء من المسيحيين العرب بين قتيل وجريح والذي يذكرنا بالعمل الإرهابي الذي استهدف كنيسة "النجاة" في بغداد وأيضاً ذهب ضحيته مئات الأبرياء من أشقائنا المسيحيين ونسب العمل الإرهابي على الكنيسة في بغداد إلى تنظيم "القاعدة" بينما العمل الإرهابي في الإسكندرية فقد أشارت الأصابع إلى تنظيم "القاعدة" حتى يومنا وقبل أن تظهر نتائج التحقيق وهنا نرجو من الحكومة المصرية أن تقوم بواجبها الوطني بمتابعة التحقيق في هذه الجريمة النكراء وأن تطلع الرأي العام المصري والعربي والعالمي على نتائج التحقيق، وهل تنظيم "القاعدة" يقف وراء هذا العمل الإرهابي القذر أم أن "الموساد" الصهيوني يقف من ورائه حتى ولو كانت أداة التنفيذ من غير الموساد أو الصهاينة الذي يدعونا إلى ضرورة التحري والدقة ومعرفة المجرم الحقيقي والإشارة إلى الموساد الصهيوني لعدة أمور واضحة وجلية ولعل من أبرزها تلك الشبكات التجسسية الإسرائيلية التي تم اكتشافها مؤخراً في مصر التي كانت تخطط لضرب الوحدة الوطنية المصرية وإشعال نار الطائفية والعرقية والمذهبية كما حدث في العراق بعد الاحتلال ولأن العدو الصهيوني يعرف أن قوة مصر هي قوة للعرب جميعاً واستقرارها هو ضمانة لاستقرار الوطن العربي، وثانيها قطع الطريق أمام مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي تم بموجبه غزو واحتلال العراق بتفتيت وتقسيم الدول العربية إلى كيانات ومذاهب وطوائف، وثالثها وهو الأهم للمشروع الصهيوني-الأمريكي هو شطب ومسح الهوية العربية الواحدة والجامعة للأمة العربية لأن استهداف المسيحيين العرب هو استهداف للهوية العربية، فالمسيحيون العرب هم من ساهم مع أشقائهم القوميين العرب بالحفاظ على الهوية العربية القومية.
يبقى أن أضيف تصوراً مهماً برأيي وربما أكون مخطئاً أيضاً وهو أن بعض وسائل الإعلام فيها المصرية ذكرت قبل أسبوعين بأن تنظيم "القاعدة" أصدر من خلال ما يسمى "دولة العراق الإسلامي" أمراً باستهداف عدد من الكنائس القبطية في مصر ومن بين هذه الأهداف كنيسة "القديسين" والسؤال لماذا لم تؤمن السلطات المصرية الحماية لهذه الكنيسة وهي تعلم أنها مستهدفة، بل إن موعد الاستهداف كما يدعون كان معروفاً وهو أيام عيد الميلاد؟!
والسؤال الأكثر أهمية هنا لماذا يقوم تنظيم "القاعدة" بقتل الأبرياء من المصريين المسيحيين وهم إخوة لنا في الوطن ويقفون معنا ضد العدو الصهيوني ويترك الصهاينة آمنين؟!
لماذا إذا كان هذا التنظيم قادراً على تنفيذ مثل هذه العمليات لا يوجه هذه العمليات نحو "السفارة" الصهيونية بالقاهرة؟!
لماذا إذا كان هذا التنظيم وهو يدعي الإسلام يقتل من يقف معه من المسيحيين العرب ضد العدو الصهيوني ويترك سفارة عدوه وعدو المسيحيين آمناً؟!
لماذا إذا كان هذا التنظيم قادراً على اجتياز كل الحواجز الأمنية والحراسات لم يفجر تلك السيارة أو هذا الانتحاري بالسفارة الصهيونية التي يرفرف علمها بالقاهرة؟!
هذه الأسئلة الحائرة تدفعني إلى القول إن من قام بهذا العمل الإرهابي ضد كنيسة "القديسين" عناصر الموساد الصهيوني، أما إذا كان تنظيم "القاعدة" كما يدعون وكما يشيرون، فإن هذا التنظيم لا يفرق بين العدو والصديق ولا يفرق بين الأبيض والأسود وبين الإيمان والكفر، ونسأل هذا التنظيم إذا كان هو من يقف وراء هذه الجريمة من هو عدوه الحقيقي الكنيسة أم السفارة؟!
اليوم الوطني.. تجديد الولاء وتعزيز الهوية الوطنية
يحل اليوم الوطني لدولة قطر في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، بوصفه مناسبة تتجاوز حدود الاحتفال... اقرأ المزيد
84
| 14 ديسمبر 2025
التوازن السكاني.. ودوره في ارتفاع نسبة المواطنة
لم نضع أقدامنا في أي موقع خدماتي أو في المجمعات التجارية أو الأماكن السياحية الا ونجد أفواجًا بشرية... اقرأ المزيد
168
| 14 ديسمبر 2025
جائزة سمو الشيخ تميم .. نحو عالم أكثر نزاهة وعدلاً
تمثل جائزة «سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد» نموذجاً رائداً على المستوى... اقرأ المزيد
105
| 14 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2472
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025