رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
# يحتاج الكاتب مابين فترة وأخرى الابتعاد عن الحديث عن القضايا السياسية لكي يريح نفسه من ضغوطها التي تزداد يوما بعد آخر، ولهذا آثرت أن أفعل ذلك هذا الأسبوع مبتعدا عن السياسة ومقتربا من الحديث عن بعض الأعمال التي يمارسها البعض والتي لا تكاد تصدق لشدة غرابتها، وهذه الأفعال تؤكد أن العقل البشري مهما كان ذكيا لا يمكنه أن يصل إلى الحقيقة دون سند من الله يرشده إليها؛ وإلا كيف يمكننا أن نصدق أن عالما في الطب أو الفيزياء أو الذرة يعبد فأرا أو بقرة أو صنما أو ما شابه ذلك من آلهة لا قيمة لها؟!!
# شاب يمني ادعى النبوة ولما قيل له: ما هي الدلائل على صحة دعواك؟ قال: قوله تعالى: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون)، وأضاف: إن اسمي ضياء وهذا وعد الله قد تحقق وها أنا أتيت!!
هذا المدعي ليس هو الأول وأظنه لن يكون الأخير فمدعوا النبوة كثر ولكنهم تساقطوا جميعا وسريعا فهذا الهراء لا ينطلي على المسلمين اليوم وسيتخذونه حديثا يتندرون به!!
# في بيلاروسيا تتنافس الفتيات في كل عام جديد على معرفة حظهن في الحصول على زوج في العام الجديد، وتبدأ المنافسة بجلوس مجموعة منهن متجاورات وتضع كل واحدة منهن كومة من الذرة أمامها ثم يتم إطلاق ديك من مسافة متساوية عن كل منهن فالذي يختار الديك الأكل من ذرتها تكون هي صاحبة الحظ الأوفر في الحصول على الزوج.
كيف يمكن أن نصدق أن ديكا يستطيع تحديد من ستتزوج من الفتيات؟!! لكنها من طرائف الشعوب وغرائب العادات!!
# برازيلي يدعى (كار مليتا) ويبلغ من العمر أربعة وسبعين عاما وكان قد تزوج من أربع نساء قرر فجأة الزواج من معزاته التي أحبها كثيرا! وقد علل سبب هذه المحبة بأن معزاته لا تتكلم ولا تطلب مالا ولا تحب الذهاب إلى الأسواق!!
الصحيفة التي أوردت الخبر قالت: إن المعزة أكلت ثوب الزفاف الذي كان من المفترض أن تلبسه ليلة الزفاف، لكن الزوج العاشق قرر أن يشترى لمعزاته الحبيبة ثوبا آخر متعهدا القيام بحفل كبير يليق بمعزاته الكريمة!!
هل نتوقع أن تكون المعزاوات منافسات قويات للنساء في العهد القادم؟!! وهل من المفترض على النساء البحث عن وسائل منافسة لقدرات المعزة لاكتساب قلوب الرجال المعزاويين؟!
# في ألمانيا قرر وزير الخارجية السابق (غيدو فيستر فيله) الزواج من صديقه رجل الأعمال (ميشائيل مرونتس)!! وكان بينهما - كما قال - علاقة حب طويلة، وقد حرص على إقامة حفل عقد القران بحضور عدد كبير من أصدقائه وذلك في مدينة بون، عمدة بون قرر أن يقوم بإتمام إجراءات عقد الزواج بنفسه!! رجل شهم ويعرف أصول الصداقة!! هذا الزواج حضره عدد من أصدقاء العروسين السعيدين!!،
(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا)، ما أسوأ انحراف الفطرة البشرية!!
# وفي أمريكا قررت فتاة الزواج من كلبها بعد أن فشلت في زيجاتها الأربع الماضية فقررت أن يكون خامس أزواجها كلبا لأنه أكثر وفاء من كل الرجال وفوق هذا فهو لا يخون زوجته!!
زوجة (الكلب) وزعت رقاع الدعوة على صديقاتها وأصدقائها ولبست أجمل ملابسها كما ألبست زوجها الكلب بدلة أنيقة وتمت مراسم الزواج السعيد وسط فرحة عارمة من الزوجة وزوجها الكلب!!
هذه الحضارة تتهاوى بسرعة، وما يجري انتهاك لحقوق البشر وليس فيه من الحريات ولا حتى اسمها!!
# في عمان الأردنية قام زوج وفي أحد الأسواق التجارية بضرب زوجته بعنف شديد حتى أغمي عليها وتم نقلها بسيارة إسعاف إلى المستشفى، وقد برر الزوج فعلته بأن الحكومة الأردنية رفعت الجمرك على الفساتين من ٥٪ إلى ٢٠٪ ولأن الزوجة أصرت على شراء عدد من الفساتين ذات علامات تجارية معروفة ممن شملتها زيادة الضريبة غضب الزوج فقام بضرب زوجته بعنف!!
على الزوجة أن تكون حذرة وهي تتعامل مع زوجها ماديا فقد تتكرر الصورة في أكثر من بلد عربي!! الحذر الحذر يازوجاتنا الفاضلات!!
# وآخر هذه الغرائب هي ما حدث في مصر قبل أيام ؛ فقد أعلن فريق من القوات المصرية أنهم ابتكروا جهازين باستطاعتهما اكتشاف وعلاج مرض الإيدز وكذلك فيروس الكبد الوبائي خلال ستة عشرة ساعة فقط! ومن عجائب هذا الاكتشاف أن الجهاز يستطيع معرفة وعلاج مريض الإيدز حتى لو كان المريض في مكان بعيد عن الجهاز!! والعلاج كما يقول كبير المخترعين سهل جدا فما على المعالج إلا أن يسحب المرض ثم يضعه في إصبع كفته ليأكله المريض فيقوم وكأنه لم يصب بمرض قط!!
جريدة الغارديان البريطانية علقت على الخبر قائلة: هذا الاكتشاف لاعلاقة له بالمنطق ولا أساس علمي له!! أما المصريون فكانت لهم تعليقات كثيرة عليه، ومما قالوا: هيجيبوا المريض ويوقفوه قدام صورة السيسي فيطلع شعاع من عينه يقتل الفيروسات ويتم شفاؤه دون الحاجة إلى أخذ عينة دم من المريض!!
المفاجأة أن قناة الشرق المصرية أكدت أن من ظهر على القناة الرسمية ليس لواء ولا طبيبا وإنما هو معالج شعبي ظهر على قناة الناس الفضائية بتلك الصفة!!
هذا الاكتشاف المزيف حرك جانب النكتة عند المصريين وسواهم فساهم في إدخال البهجة على بعض النفوس المصابة بالاكتئاب ولعل هذه البهجة تكون علاجا لها وتحقق ما لم يحققه جهاز الكفتة!!
#والغريبة الأخيرة في هذا المقال الـ(غرائبي) كانت من أمريكا، فالفتاة الأمريكية (بيتي هتون) أحبت ست إخوة في وقت واحد وهم أيضا أحبوها في وقت واحد وذهبوا جميعا لخطبتها في وقت واحد!! ولأن الفتاة ديمقراطية - لأنها أمريكية! - فقد اقترحت عليهم أن يتزوجها كل واحد منهم سنتين ثم يطلقها ليتزوجها الآخر وهكذا، ولقي هذا المقترح الديمقراطي قبولا من جميع الأخوة!! وبدأ التنفيذ بحسب الاتفاق حتى وصل الدور على الأخ الأخير ولكنه رفض تطليقها بعد انتهاء فترة عقده!! الفتاة الديمقراطية أعجبها موقف الزوج السادس وشعرت أنه متمسك بها أكثر من الخمسة السابقين فوافقت على الاستمرار معه!! شخصيا لا أدري كم سنة مددت له!! ولا أدري أيضا عن نوعية هذا الزواج بل وهل يسمى زواجا أصلا؟!! ولكن مادام أن الأمريكان عملوه فلا بد أن يكون جيدا فهم أهل الحكمة والعقل وأهم شيء الديمقراطية!
في عالمنا الكثير من الغرائب والنوادر مما قد لا يصدقه بشر، ولكن من أعطاه الله عقلا فليحمد الله عليه فهناك كثيرون لا يملكون عقولا صالحة للاستخدام الآدمي!!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4302
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2058
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1788
| 04 ديسمبر 2025