رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عندما تجلس في غرفة مظلمة لا يوجد بها سوى شمعة مشتعلة، ماذا سترى؟ سترى بلا شك ضوء الشمعة وهو يتراقص أمامك ويضيء ما حوله.. ولكن، هل سألت نفسك يوما كيف ترى الشمعة، نحن نعلم ان حاسة البصر هي التي تنقل الصور والاشكال والألوان والحركات عبر العين الى الدماغ، وبالتالي تتحقق الرؤية، فالعين تلتقط الضوء القادم اليها من العالم الخارجي لتنعكس صورة ذلك الشيء المنظور على الشبكية التي تقوم بدورها بنقل تلك الصورة الى الدماغ، هكذا يمكن تبسيط العملية، الا ان المثير في الموضوع هنا هو أن الشمعة وشكلها وضوءها الذي يتراقص امام عينيك لم ينفذ أي من تلك الأشياء إلى داخل دماغك البتة!.
فالدماغ سيبقى دائماً صندوقاً مظلماً محكم الاغلاق لا ينفذ اليه الضوء ويعيش في ظلام دامس!، إذاً كيف لنا أن نرى هذا الشيء او ذاك؟ في الواقع، فإن ما يحدث هو ان العين وعبر آلية الابصار تستقبل الاشارات الكهروضوئية فتقوم بتحويلها الى إشارات عصبية، فتنقلها الى الدماغ كـ"معطيات" فيقوم الدماغ بدوره "بتفسيرها" فيصور لك شكل ذلك الشيء المنظور الذي تبصره.
والسؤال هنا.. هل ما نراه في ادمغتنا مصدره الخارج، ام الداخل؟ وهل يتحقق الوجود الخارجي بنفس الماهية المنطبعة في الدماغ؟ بل هل يتحقق وجود الشيء خارج الدماغ اساسا؟ والى اي درجة من التحقق والتطابق يتم ذلك، وإذا كانت الأشياء مصدرها الدماغ نفسه، فمن أين أتى هذا الأخير بتلك الصورة او ذلك الشكل؟ هل اختلقها دون وجود حقيقي لها، ام هي عملية تفسير لشيء أو ماهية أخرى؟ وما ذلك الشيء تحديداً؟.
شكلت تلك الاسئلة منذ القدم "وما زالت" تحديا على المستوى الفلسفي والعلمي والمعرفي، وقد افترض الفيلسوف أفلاطون، في محاولته لفهم الوجود، أن ما نختبره من عالم خارجي ليس سوى صورة مستنسخة وقاصرة عما اسماه "عالم المثل"، وهو يعتقد ان تلك النسخة تعد نسخة قاصرة وغير كاملة لذلك العالم المثالي.
ان عالم المثل عند افلاطون يتمثل في كونه عالم الأفكار والحقائق الجلية التي لا نرى منها في عالمنا المادي سوى صور مشوهة لحقيقتها، اما ذلك العالم "عالم المثل" او "عالم الأفكار" ففيه يكمن الوجود الحقيقي لما نشاهده من أشياء عبر حواسنا، وعليه فإن الفلسفة الافلاطونية لا تقيم وزنا للحواس في عملية إدراك العالم وإدراك الحقائق لأنها قاصرة عن ذلك، وترى ان الانسان يمكنه الوصول الى معرفة الاشياء وحقائق الأمور عبر استخدامه للحواس بجانب التفكر والتأمل.
إذاً فالفلسفة المثالية ترى ان المادة هي نتاج الفكر والعقل، وان المعرفة موجودة ومتسامية ومنفصلة عن العالم المحسوس، كما انها تؤمن بتسامي العقل على المادة من حيث ان الأخيرة ما هي الا نتاج للأولى، وللتبسيط، فإن ذلك يعني ان الأشياء التي نراها حولنا وما يحيط بنا من محسوسات تشكل الوجود المادي، ما هي سوى صور لما هو موجود في الدماغ وبالتالي فهي أشياء غير متحققة موضوعيا بشكل منفصل عن الوعي والعقل.
وعلى نقيض المثالية، تقع المادية ففي حين ترى المثالية مركزية الفكر والعقل وثانوية المادة، ترى الفلسفة المادية اسبقية المادة على الفكر والوعي، وتعتقد ان المادة موجودة وجودا حقيقيا بشكل منفصل عن وعينا، وان الوعي والعقل ما هو الا انعكاس للوجود المادي، وهو نتيجة لتفاعلات الكيمياء الحيوية في الدماغ.
وبين الفلسفتين السابقتين يمكننا وضع الواقعية في المنتصف، والتي ترى ان الوجود المادي منفصل عن الادراك والوعي، وأن جهود فهم هذا الوجود والواقع تبقى في إطار المحاولات سعياً لمعرفة حقيقته، كما ترى أن "الحقيقة تتشكل في تطابق العقل مع الواقع"، وأن كل ملاحظة جديدة تقربنا أكثر لفهم الواقع.
هناك الكثير من المقاربات والفلسفات التي تحاول فهم الواقع وتطرح أسئلة كبيرة حول الوجود المادي خارج الدماغ، وشكله ودرجة تحققه، والأهم من ذلك أنها تطرح سؤالاً عن مدى قدرتنا على إدراك هذا الواقع المادي او بمعنى آخر قدرتنا على الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بماهية الأشياء وحقيقتها.
ان هذا العرض المبسط وربما المخل، يخرجنا من البديهية والاطمئنان الى متعة التساؤل والتفكر، ويطرح أسئلة جوهرية عن الوجود المحيط بنا، وعن ماهيته وكيفية شكله، ولماذا نفترض ان ما نراه "بأعيننا" هو الواقع الحقيقي، وما الحقيقية أصلا وهل يمكننا ادراكها؟
كيف نرى الألوان والاشكال؟ وهل نحن جميعاً نرى الألوان بشكل متشابه؟ واذا كانت الاجابة "لا" كيف نستطيع شرح ذلك للآخر او اثباته؟ وهل اللغة أساسا قادرة على توصيف الواقع والوجود؟ والأهم من هذا وذاك هل يعد الواقع المادي الذي نراه مجرد "صورة" كالصور التي نراها على أجهزة الحواسيب والتي يتم انتاجها عبر الخوارزميات والأرقام؟ وما الشيء او المعطى الذي يختبئ خلف الوجود المادي؟.
اسئلة كثير وكبيرة لا حصر لها تتقافز الى الذهن عند التفكر والتأمل في حقيقة الوجود، وعلامات الاستفهام التي تطرحها هذه القضية تخفي وراءها اسئلة أكبر وتشمل حقولاً معرفية اكثر، وتزعزع ثقتنا بالحقائق النسبية التي قد نتمسك بها ونركن اليها، واذا كان الوجود "الجلي" كما نراه بوضوح يطرح كل هذه التساؤلات المحيرة، فلا بد ان يتولد إشكال يتعلق بحقيقة الأفكار وماهيتها وما هو النسبي وما هو المطلق؟ وهل نمتلك القدرة على إدراك الحقائق؟ ناهيك عن التمسك بها والتعصب لها!.
ان هذه الأسئلة المؤرقة التي تتطرق للوجود لابد انها ستمتحن الفكر أيضاً، وستعرج على مسألة جدوى التمسك بآرائنا والتعصب لها ورفض الآراء المخالفة، وستبين لنا هشاشة الفكر الانساني وعلاقته المتزعزعة بمحيطه، وستثبت لنا ان معرفتنا ما هي الا معرفة نسبية بل وقاصرة.
وفي الختام لابد ان ابين ان هذا المقال لا يُتوقع أو يُنتظر منه أن يقدم إجابة على سؤال الوجود، وليس هذا مراده، بل يكفي ان يبين ان هناك سؤالا يتعلق بحقيقة وماهية الوجود أساسا، وكيف نرى هذا الوجود؟ ويثبت قصور ادراكنا ووعينا ومدى تواضعه في معرفة الحقائق والنسبية التي تغلف احكامنا، وهنا أستذكر بيتاً للشاعر إيليا أبوماضي الذي قال فيه:
أيهذا الشاكي وما بك داء.. كن جميلا تر الوجود جميلا.
يـريدون الدفء في الشتاء
ظهرت وهي تمشي حافية القدمين وبالية الملابس ودموعها تنهمر مثل المطر على وجهها الصغير وفي يدها لعبة مهترئة... اقرأ المزيد
75
| 16 نوفمبر 2025
السياسة الخارجية القطرية والقوة الناعمة
حلت دولة قطر في المرتبة الـثانية والعشرين عالميا في مؤشر أفضل الدول بالقوة الناعمة الصادر عن مؤسسة براند... اقرأ المزيد
63
| 16 نوفمبر 2025
لولا المشقة ساد الناس كلهم
ينطلق الإنسان في هذه الحياة بين شقشقات الأمل، وجراح الواقع، ونداءات الفطرة التي تناديه إلى أن ينهض، وأن... اقرأ المزيد
60
| 16 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
17292
| 11 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
9099
| 13 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
9072
| 10 نوفمبر 2025