رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لن تستطيع أمة أن تؤكد ذاتها من خلال أشواقها الحارة نحو المعرفة، دون أن تغامر بمشاعرها من أجل التجديد المتواصل لذاتها، ودون أن تحتمل المخاطر الخلاقة المحتملة. ولن يستطيع مجتمع أن يؤكد ذاته دون تنمية ثقافية وعلمية وقدراته البحثية والتكنولوجية... وأخيراً نظام تعليمه " هكذا صرخ فيلسوف التربية المعاصر باولو فريري منذ سنوات ليست بالبعيدة.
وتكمن مشكلة البحث العلمي في البلدان العربية في مدى قدرة الجامعات على الاستمرار ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي، وهي تئن بين مطرقة ضعف الإمكانات المادية التي تعاني منها، إما بسبب ضعف مصادر التمويل الحكومي المخصص لها أو بسبب عدم قدرتها على توفير مصادر إضافية لسد النقص في إمكاناتها التمويلية وبين سندان التخلف الإداري الذي تعانيه من فقدانها استقلالها، وبالتالي فإن استمرار الجامعات مع ضعف إمكاناتها المادية سوف يجعلها – في رأي معظم أهل الفكر - غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة. إضافة إلى عدم قدرتها على تخريج الكوادر المؤهلة للمساهمة في عملية التطور والنمو والتنمية للمجتمع. وكذا عدم قدرتها على مواكبة التطور والنمو الذي تشهده الجامعات في الدول المتقدمة.
إن التعليم – بوجه عام - إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها نظام أي دولة، فبواسطة التعليم قامت حضارات مختلفة قدمت للإنسانية العديد من العلوم في جميع المجالات، والتي لا يزال العلم قائما على الكثير من النظريات التي قدمتها هذه الحضارات. ويعتبر التعليم أحد العناصر الإستراتيجية التي يقوم عليها بناء أي أمة وتقدمها.
والتعليم حق للجميع وليس حكرا على طبقة معينة دون غيرها، أو على جنس معين دون غيره، أو على عرق دون آخر. فهو مكفول للجميع فمن حق الجميع أن يتعلم، وأن ينال القدر الذي يريده من التعليم ويستطيع أن يحقق به السعادة الشخصية ورفاهية المجتمع وتقدمه.
من هنا كان لابد من الاهتمام بالتعليم بوجه عام، والتعليم الجامعي بوجه خاص وتطويره وتحديثه ليواكب التطورات والتغيرات الحادثة في العالم. ومن واجب الحكومات الاهتمام بالتعليم وتمويله وتوفير الميزانية الكافية لسد احتياجات العملية التعليمية وجعلها قادرة على تقديم خدمة تعليمية متميزة وعلى درجة عالية من الكفاءة، قادرة على مواكبة التغيرات السرعة الحالية والتقدم التكنولوجي المتلاحق.
وذلك لما للتعليم من دور مؤثر وكبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث إن التعليم هو قوام تقدم أي أمة.
فقد صار من المتفق عليه بين رجال التربية والاقتصاد أن التعليم الجيد نوع من أنواع الاستثمار من أجل التنمية. وذلك يرجع إلى أن النظام التعليمي يعد الموارد البشرية التي يتطلبها النمو الاقتصادي ويحتاج إليها. كما أن النظام التعليمي يستخدم هذه الموارد أفضل استخدام، ويتطلب تحقيق ذلك وجود تطابق بين نمط المخرج التعليمي Educational Output ونمط القوى العاملة Labour Force التي يحتاجها المجتمع.
ولتحقيق التنمية في أي مجتمع لابد من وجود نظام تعليمي متميز وأيضا وجود تمويل كاف لهذه الأنظمة التعليمية، مما جعل الفكر التربوي الحديث يقرر ويكرر أنه ربما يكون تمويل التعليم من أكثر القضايا جدلا في اقتصادات التعليم. وهنا تتشعب القضايا في حالة تمويل التعليم العالي على وجه الخصوص لدرجة أن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD قد اعتبرت أن الأنماط المتغيرة لتمويل التعليم العالي من أبرز الموضوعات البحثية الحديثة في اقتصادات التعليم. وربما يرجع ذلك إلى الطبيعة الخاصة لهذه المرحلة التعليمية عالية التكاليف. ولكونها خارج نطاق التعليم الإلزامي ولغيرها من الأسباب الأخرى.
وإذا كان واقع التعليم العالي والبحث العلمي في البلدان العربية متدنيا، تدنيا يقترب به من الانهيار، فإن واقع التعليم العالي والبحث العلمي في الكيان الصهيوني، ينتقل من ازدهار لازدهار، ومع ذلك يطلب الكثيرون هناك مزيدا من الميزانيات لتحسين واقع التعليم العالي والبحث العلمي في الكيان!!
ففي مقال عنوانه " ترتيب الجامعات الإسرائيلية على مستوى العالم " كتب موران زليكوفيتش في صحيفة يديعوت أحرونوت 5/9/2006 يقول:
" في تصنيفات لأفضل 100 جامعة على مستوى العالم، أدرجت مجلة نيوزويك الأمريكية الجامعة العبرية في المركز الـ 82، في حين لم تشمل القائمة بقية الجامعات الإسرائيلية.
وقد احتلت معظم المراكز الأولى في القائمة: الجامعات العريقة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والشرق الأقصى. وجاءت في مقدمة القائمة الجامعات الأمريكية الثلاث: هارفارد، وستانفورد، وييل، علما بأن الجامعة العبرية احتلت مركزا متقدما قبل مؤسسات أكاديمية عريقة ورائدة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
وقد اعتمدت مجلة النيوزويك في تصنيفها للجامعات على مجموعة من المعايير %50 من التقييم يستند إلى ثلاثة معايير هي:
1- عدد الأبحاث الرائجة في مختلف الحقول البحثية.
2- عدد المقالات المنشورة في الدوريات المتخصصة في الطبيعة والعلوم.
3- عدد المقالات التي تم نشرها حسب مؤشر ISI للعلوم الاجتماعية والفنون والآداب والفنون والآداب.
في حين تم توزيع %40 من النقاط بالتساوي على أربعة معايير، وهي التي قام عليها استطلاع الرأي الذي أجرته مجلة تايمز أوف لندن، وهي:
1- عدد أعضاء هيئة التدريس المنتدبين من الخارج.
2- حجم الإصدارات الأكاديمية التي يصدرها أعضاء هيئة التدريس.
3- النسبة والتناسب بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب.
4 - عدد الطلاب.
وقد اعتمدت الـ10% من النقاط المتبقية في تصنيف مجلة نيوزويك على عدد الكتب الموجودة في مكتبات الجامعات.
وعددت صحيفة نيوزيوك أسباب اختيار القائمة قائلة: ردا على تلك القوى التي دفعت اقتصاد العالم نحو التكامل العالمي، طورت الجامعات (المائة التي اختارتها الصحيفة) وعيا ذاتيا يتمثل في اختيار واستقطاب طلاب من كافة أنحاء العالم، ممن يمثلون خلاصة الثقافات والقيم، وإيفاد طلاب للخارج لإعدادهم لمهام عالمية، تقديم دورات تدريبية تنمي مهارات تستطيع أن تواجه التحديات العالمية، وطرح خطط للتعاون البحثي من أجل التقدم العالمي وتحقيق الرفاهية للإنسانية.
*التصنيف الصيني: الجامعة العبرية في المركز الـ60
وفي تصنيف آخر نشرته هذا العام جامعة جياوتونج في شنغهاي بالصين، جاءت الجامعة العبرية في المركز الـ60 من بين 500 جامعة عريقة في العالم. ونحن هنا بصدد تقدم كبير مقارنة بالعام الماضي، حيث كانت الجامعة قد احتلت المركز الـ68.
وقد تضمن تصنيف جامعة شنغهاي جامعات إسرائيلية أخرى، منها: معهد الهندسة التطبيقية (التخنيون)، وجاء في المركز الـ115، وجامعة تل أبيب في المركز الـ116، ومعهد فايتسمان للعلوم في المركز الـ151، وجامعة بار إيلان في المركز الـ303، وجامعة بن جوريون في المركز الـ304، فيما تذيلت جامعة حيفا قائمة الجامعات الإسرائيلية، حيث جاءت في المركز الـ467، وقد تصدَّرت القائمة الصينية: جامعة هارفارد، في المركز الأول تليها جامعة كمبردج وجامعة ستانفورد.
وتعقيبا على ذلك، قال رئيس الجامعة العبرية البروفيسور مناحم مجيدور:
ما من شك في أن هذا التصنيف يرفع من شأن الجامعة العبرية بين الجامعات العريقة في العالم، إلا أنه لا يزال هناك خطر يهدد مستقبل الجامعة ومستقبل التعليم العالي في إسرائيل طالما أنه لا يتم إلغاء الاستقطاعات من الميزانية المرصودة للجامعات خلال السنوات الأخيرة، من الواضح أنه من غير الممكن الاستمرار في الاستقطاع من موازنات التعليم والأبحاث، وفي الوقت نفسه ننتظر أن تبقى المعايير– التي طالما عملنا جاهدين من أجل وضعها لأنفسنا، والتي منحتنا مكانة بارزة بين المؤسسات الأكاديمية العريقة للتعليم العالي في العالم– على حالها أو تصبح أكثر تشدداً".
وقد رحب عضو الكنيست زئيف ألكين (عن حزب كاديما)، عضو لجنة التعليم في الكنيست وخريج الجامعة العبرية، الذي يقوم بتدريس دورة تدريبية في تاريخ الشعب الإسرائيلي، بهذا الإنجاز قائلا: "أتقدم بالتهنئة لإدارة الجامعة العبرية على هذا المركز المرموق، لأنها رفعت من شأن الدولة، إلا أنني أشعر بالقلق من أننا إذا لم ندرك كدولة كيف نستثمر المزيد من الأموال في مجال التعليم العالي وأن نعيد للجامعات الموازنات التي استقطعت منها خلال السنوات الأخيرة، فإننا لن نحقق مثل هذه الإنجازات مرة أخرى".
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
1569
| 20 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025