رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من الأمور التي يثيرها البعض في معرض خشيته من مجلس الشورى القطري المنتخب، تجربة مجلس الأمة الكويتي وحالة التأزيم السياسي المستمر والمتواصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فيحاول تعسفاً تحميل البرلمان الكويتي مسؤولية بطء التنمية، لذا يدعو إلى عدم خوض تجربة مماثلة قد توصلنا إلى وضع مماثل.
ورغم أن هذا القول لا ينطلي إلا على البسطاء، إلا أن من الفائدة القيام بتفنيده. ذلك أن من يستحضر هنا التجربة الكويتية حسب رأينا إما أن تكون له مآرب أخرى، أو أنه لم يقرأ الدستور القطري، أو لم يدرك حقيقة تشكيل هذا المجلس، ولا حقيقة صلاحياته!، وهو أمر يجعل المقارنة بين المجلسين القطري والكويتي في غاية التباين!، فبشأن التشكيل على سبيل المثال، فإن مجلس الأمة الكويتي يتألف من أعضاء منتخبين عددهم خمسون عضواً، ومن الوزراء وهم أعضاء بحكم مناصبهم، ونسبة هؤلاء لا تشكل عائقاً أمام الوصول للأغلبية المطلوبة لاتخاذ القرارات المهمة كفرض تشريع ما، أو سحب الثقة من وزير ما. أما تشكيل مجلس الشورى القطري فيتألف من 45 عضواً ثلاثون منهم منتخبون وخمسة عشر يعينهم الأمير وهو من يملك إعفاءهم، وهذا الثلث المعين يشكل في الواقع العملي نسبة معرقلة لعمل مجلس الشورى إنْ لم تكن نسبة معيقة لدوره، لكون الأغلبية المطلوبة لاتخاذ القرارات المهمة هي أغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس!
والتباين في القوة بين المجلسين لا يقتصر على التشكيل فحسب بل يبرز كذلك في شأن صلاحيات كلٍ منهما! ففي الرقابة على أعمال الحكومة على سبيل المثال لا يمكن لمجلس الشورى القطري أن يستجوب رئيس مجلس الوزراء، ولا يمكنه أن يطلب عدم التعاون معه، في حين يتمكن مجلس الأمة الكويتي من ذلك. كما لا يُمكن، من جانب آخر، أن تثار مسألة استجواب أحد الوزراء إلا بموافقة ثلث أعضاء مجلس الشورى في الوضع القطري، بخلاف الوضع في الكويت إذ يستطيع أي عضو من أعضاء مجلس الأمة منفرداً أن يوجه استجواباً لأي وزير (انظر المادة "100" دستور الكويت). أما بشأن سحب الثقة من وزير ما فلا يمكن في قطر أن يتم ذلك إلا بموافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الشورى أي ثلاثون عضواً، وهي أغلبية شبه مستحيلة التحقق في الواقع العملي لوجود الثلث المعين، في حين أن الأغلبية المطلوبة لسحب الثقة من أي وزير في الحالة الكويتية هي أغلبية الأعضاء المنتخبين أي أن الأعضاء بحكم مناصبهم لا يشتركون في التصويت (انظر المادة "101" دستور الكويت) وهي بالتالي أغلبية يمكن أن تتحقق في الواقع العملي.
لذلك كله فإننا نقول لمن يثير الحالة الكويتية ويخشى أن يؤدي وجود المجلس القطري المنتخب إلى مصادمات وتأزيم سياسي ينعكس على التنمية: اطمئن فإن واضعي الدستور القطري قد كفوك العناء ونزعوا فتيل ما تخشاه.
ورغم محدودية دور مجلس الشورى المنتخب والمرتقب الذي أثرناه في الفقرات السابقة، فإن ذلك لا يعني إطلاقاً عدم المطالبة به أو عدم الحث على الدعوة لانتخاب أعضاءه. فهو بلا ريب أفضل من المجلس الحالي المعين إذ سيصبح للشعب دور في انتخاب ثلثي المجلس، وهؤلاء المنتخبون سيستمدون قوتهم في أداء عملهم من قوة الشعب، ولن يكونوا أسرى لمن عينهم. كما أن عضويتهم مؤقتة بأربع سنوات تجرى قبل انتهائها انتخابات جديدة قد تأتي بدماء جديدة، تحمل طموحات وأفكار ورؤى الزمن الجديد الذي انتخبوا فيه، وهو خلاف المجلس المعين الذي يبقى فيه العضو إلى أمد غير مسمى يتجمد فيه فكره وفاعليته وحماسه إن لم تكن حركته أيضاً. أما بشأن الصلاحيات الأخرى فإن المجلس المعين وبخلاف المجلس المنتخب، لا يملك حق الاستجواب أو حق سحب الثقة من أي وزير، كما لا يملك حق اقتراح القوانين، علاوة على أنه لا يملك إلا رؤية باب المشروعات الرئيسة العامة من مشروع الموازنة العامة. بالتالي يعتبر المجلس المرتقب أفضل، شيئاً ما، من المجلس المعين ويحقق غرض التدرج نحو امتلاك المجلس يوماً ما صلاحيات برلمانية أوسع. علاوة على أن إجراء الانتخابات والجو الذي تحيا فيه ودوريتها، وعلنية جلسات مجلس الشورى ووجود أعضاء منتخبين سوف ينعكس لا محالة إيجاباً على حرية التعبير وقد يحرك مياه الرقابة والشفافية الراكدة.
إن الذي يتخذ من الوضع الكويتي شماعةً يُعلق عليها رغبته في سد أي منفذ للمشاركة الشعبية ولو كان كخرم الإبرة، ويود تأجيل الدعوة لانتخابات مجلس الشورى يجب أن يدرك جيداً بأنه يضرب المصداقية في مقتل. ففي الأول من نوفمبر عام 2011 ألقى سمو الأمير خطابه السنوي في افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى جاء فيه: "...إني أعلن من على منصة هذا المجلس أننا قررنا أن تجري انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من العام 2013. نحن نعلم أن هذه الخطوات كلها خطوات ضرورية لبناء دولة قطر الحديثة والإنسان القطري القادر على خوض تحديات العصر وبناء الوطن. ونحن على ثقة أنكم ستكونون على قدر المسؤولية".
إن الدعوة لإبقاء الحال على ما هو عليه وعدم الثقة بالشعب لا شك بأنه يخالف قناعات سمو الأمير التي عبر عنها في هذا الخطاب، وفي خطابات عديدة ذكرنا بعضها في المقال السابق، ونذكر هنا كلمة سموه قبل أيام قليلة مضت في افتتاح منتدى الدوحة ومؤتمر إثراء المستقبل بتاريخ (20 مايو 2013) والتي جاء فيها: "...إنني على يقين بأن من يرفض الإصلاح والتغيير ولا يستوعب حقائق العصر ومتطلبات المجتمعات الحديثة سوف تغيره ضرورات التاريخ ومسيرة الزمن...".، وكأن كلمة سموه جاءت هؤلاء.
ومن جانب آخر لا يمكن أن يكون عدم استكمال التشريعات الخاصة بمجلس الشورى سبباً في تأخر إجراء الانتخابات إلى الآن. ذلك أن الصحف المحلية زفت لنا قبل عام من الآن وبالتحديد في تاريخ 7 يونيو 2012 موافقة مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه الأسبوعي على اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستصدار مشروع قانون بنظام انتخاب أعضاء مجلس الشورى، بعد أن وافق مجلس الشورى عليه قبل أربع سنوات من تاريخه رفعه إليه! (أي بتاريخ 19 مايو 2008) في هذا الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 6 يونيو 2012 تمت الموافقة أيضاً على مشروع مرسوم بتحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى وبيان مناطق كل دائرة وعدد الأعضاء الذين يتم انتخابهم عن كل منها، والموافقة على مشروع قرار أميري بشأن إنشاء وتشكيل لجنة تحديد العنوان الدائم للناخب وتحديد اختصاصاتها والإجراءات التي تتبع أمامها، وأخيراً الموافقة على مشروع قرار وزير الداخلية بنظام الاقتراع بسفارات الدولة بالخارج لانتخاب أعضاء مجلس الشورى. جميع مشروعات الأدوات التشريعية السابقة والمرتبطة بانتخابات مجلس الشورى قد استكملت وأعلن عن الموافقة عليها قبل عام من الآن فلم تبق حجة أو سبباً لتأجيل الانتخابات أو للتمديد للمجلس المعين!
والله من وراء القصد.
عولمة قطر اللغوية
حين تتكلم اللغة، فإنها لا تفعل ذلك طلبًا للاحتفاء، بل إعلانًا للسيادة. لا تتحدث من باب العاطفة، بل... اقرأ المزيد
15
| 24 ديسمبر 2025
حفل جمع الأُمة والأئمة
تابعت بكل شغف حفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية والذي عُرض فيه فيلم عن البوابة الإلكترونية الجديدة... اقرأ المزيد
18
| 24 ديسمبر 2025
في مراهقتي كنت أراها في المجلات ، أقص صورها وألصقها في دفتر خاص، وأكاد أجزم أنه يستحيل أن... اقرأ المزيد
21
| 24 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1131
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1005
| 22 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
684
| 18 ديسمبر 2025