رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كان محتضنًا ابنته ليحميها من البرد القارس، كما اعتاد في هكذا أحوال، كان يحاول أن يصنع من جسده مدفأة لها، يتوسل لأي ذرة دفء أن تسري من بين أضلاعه نحو جسدها النحيل، كان يفرك كفّيه ببعضهما علّ احتكاكهما ينتج حرارةً، ثم يلفّ بهما كفّي ابنته الصغيرة ذات الأشهر الستة، بعد أن نفدت حلول الأرض كلّها في إيجاد دفء داخل خيمته الممزّقة التي اقتلعها المطر وشرّد مَن بقي تحتها، تمامًا كما يريد المحتل أن يقتلع الغزيين من أرضٍ ارتوت بدماء أبنائها الشرفاء، ونسائها الماجدات، وشيوخها الكرام.
كان يحاول بكل ما تبقّى له من قوة أن يحافظ على آخر ما تبقى من عائلته التي مزّقت الحرب أوصالها، لكنه فوجئ بأن محاولاته المستميتة لحمايتها لم تُجدِ نفعًا، فهدأت أنفاسها شيئًا فشيئًا، وكأنها تستسلم لإرادة الطقس القارس، بدأ يهزّها برعب، يناديها بصوتٍ متقطّع: «بابا… قومي، قومي يا با»، محاولًا أن يعيد الروح إلى جسدها الذي بدأ يتحوّل إلى قطعة جليد يابس. وعندما أدرك الحقيقة، صرخ من أعماقه: «يا الله»، صرخةً اختلط فيها الظلم بالعجز، والمرارة بالانهيار، اتهم الدنيا كلها باللاعدالة، واستغاث بآخر أنفاسها علّها تعود إليه ولو لحظة.
هذا المشهد ليس بداية فيلم، ولا مقدّمة رواية تنافس على الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، ولا مشهدًا مفبركًا لرفع مشاهدات إحدى المنصات!، هو مشهد حقيقي من قلب المعاناة التي يعيشها الغزيون يوميا، مشهد اختزله عقلي المثخن بالمشاهد الموجعة، وربما كان أقلّها قسوةً رغم فداحته، لكنه إنسانيا بامتياز، فقد عرَّى أمةً بأكملها، وأسقط عنها آخر ورقة توتٍ كانت تغطي تخاذلها، هو مشهد واحد ضمن آلاف المشاهد التي كان ضحيتها الفلسطيني أينما كان، والغزيّ الذي حاول أن يصدّق أنّ للمحتل عهدًا ومواثيق، رغم أن التجربة الطويلة تقول العكس، فالإنسان الفلسطيني يتعامل مع الاحتلال بكتاب مفتوح، فيما يتعامل العالم مع الاحتلال بحسن نية لا يستحقها، وحدسٍ يأتي غالبًا في غير محلّه.
وفي مواجهة هذا الواقع القاتم، أطلق مؤثرون وسم #أدخلوا_الكرفانات_ إلى_غزة كصرخة في واد، علَّها أن تحيي الضمائر التي تنعم في سباتها، وتعكس الحاجة الإنسانية العاجلة، وتذكّر بأن البرد دون مأوى فعله كفعل الرصاص بل أشد وطأة فهو الذي يقتل ببطء، الوسم أعاد تسليط الضوء على فجوة ضخمة في توفير الملاجئ والمأوى المؤقت، إذ تُقدّر الحاجة الفعلية بما يقارب 60,000 كرفان و200,000 خيمة لإيواء العائلات التي دُمّرت منازلها، وفق تقارير محلية ومنظمات إنسانية. ومع ذلك، لم يدخل إلى غزة سوى عدد محدود جدا من الكرفانات، وهي وحدات غالبا مخصصة لمؤسسات دولية، فيما تبقى الغالبية العظمى من الناس بلا مأوى يليق بانتمائهم إلى النوع البشري.
وتشير بيانات الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة إلى فجوة مرعبة بين الاحتياج والمتوفر، فبينما يحتاج أكثر من 1.3 مليون شخص إلى مواد إيواء عاجلة، لم تتم تلبية سوى نسبة صغيرة للغاية من هذا الاحتياج، هذا النقص الفادح يعرض المدنيين، ولا سيما الأطفال والرضّع وكبار السن، لخطر مباشر من البرد، ومضاعفات الأمراض، والموت البطيء داخل خيام لا تقاوم الرياح ولا المطر، وفي موجات الطقس القاسية التي ضربت القطاع، سجّلت منظمات إنسانية عشرات الوفيات بسبب البرد وحده.
ولم يتوقف البؤس عند حدود المأوى، فبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، لا يزال 945 ألف شخص بحاجة إلى مساعدات شتوية ضرورية، كما أكدت منظمة الهجرة الدولية (IOM) أن الأطفال الرضّع وكبار السن هم الأكثر عرضة للوفاة المبكرة نتيجة البرودة ونقص التدفئة، وقد وثّقت وكالات الإغاثة وفاة سبعة رضّع على الأقل خلال هذا الشتاء بسبب غياب المأوى المناسب.
أما الجوع، فهو رفيق البرد، وخصمه الأصعب. فوفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، تجاوزت الوفيات الناتجة عن سوء التغذية والمجاعة 460 شخصًا، بينهم 154 طفلًا. وبينما يدخل بعض الغذاء منذ وقف إطلاق النار، يبقى 1.6 مليون فلسطيني في حالة انعدام أمن غذائي، ما يجعل البقاء نفسه معركة يومية.
وما يزيد المشهد قسوة أنّ هذا الواقع لم يعد يثير ضجة كما كان يفعل في بدايات الحرب، الاعتياد قتل الحسّ الإنساني لدى كثيرين، وباتت الصور التي كانت تُبكي العالم تمرّ اليوم مرورًا عابرًا في خوارزميات المنصّات، لكن داخل غزة، لا شيء عابرا؛ فكل خيمة تحمل حكاية، وكل أسرة لديها شهيد أو جائع أو طفل أو رضيع قضى برداً، كثير من العائلات باتت بلا مأوى بكل ما تحمل الكلمة من معنى، هذا التآكل البطيء للكرامة الإنسانية هو الوجه الآخر للحرب التي يحياها الغزيون رغم الاتفاقيات والهدن!، وهو ما يجعل توفير الكرفانات والاحتياجات الرئيسية أكثر من مجرد مطلب إغاثي، بل مطلب حياة.
ختاما
هذه الفجوة بين الاحتياجات والواقع لا تكشف فقط قصور الاستجابة الإنسانية، بل تفضح حجم ضعفنا واعتيادنا على المشهد،رغم أنَّ وسم #أدخلوا_الكرفانات_إلى_غزة هو بمثابة نداء حياة؛ وتذكير بأن كل يوم تأخير يعني روحًا ستزهق مع كل تقاعس عن تلبية نداء الاستغاثة هذا.
عولمة قطر اللغوية
حين تتكلم اللغة، فإنها لا تفعل ذلك طلبًا للاحتفاء، بل إعلانًا للسيادة. لا تتحدث من باب العاطفة، بل... اقرأ المزيد
99
| 24 ديسمبر 2025
حفل جمع الأُمة والأئمة
تابعت بكل شغف حفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية والذي عُرض فيه فيلم عن البوابة الإلكترونية الجديدة... اقرأ المزيد
54
| 24 ديسمبر 2025
في مراهقتي كنت أراها في المجلات ، أقص صورها وألصقها في دفتر خاص، وأكاد أجزم أنه يستحيل أن... اقرأ المزيد
57
| 24 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صحفية فلسطينية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1131
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1032
| 22 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
684
| 18 ديسمبر 2025