رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. علي محيي الدين القره داغي

مساحة إعلانية

مقالات

465

د. علي محيي الدين القره داغي

قضايا ومسائل فقهية حول الأضحية 6 من 6

05 يونيو 2025 , 02:00ص

المسألة الواحدة والعشرون: دفع قيمة الأضحية لجمعية خيرية معتبرة:

أولاً- سبق أن بينا أن دفع قيمة الأضحية بدل ذبحها لا يجزئ الأضحية، لأنه لن تتحقق بها إقامة الشعيرة من ذبح الأضحية تعظيماً لله تعالى وإطعاماً للمحتاجين، ولذلك قلنا: لا يجوز دفع القيمة بدل الأضحية.

ثانياً- وسبق أيضاً أن بينا أن الأفضل هو أن يقوم الشخص الذي نوى الأضحية بذبح أضحيته، أو يحضرها، ولكن ذلك قد يكون متعسراً وخاصة إذا تم ذبح الأضحية خارج البلد، لأجل وصولها إلى مستحقين أكثر.

ثالثاً- إذا نوى الشخص الأضحية بشاة أو نعجة أو معزة، أو بقرة، أو ناقة ودفع قيمتها إلى إحدى الجمعيات الخيرية المعتبرة، مثل جمعية قطر الخيرية في دولة قطر، والرابطة الإسلامية الخيرية في العراق، فقد وكَّل بذلك الجمعية الخيرية للقيام بشراء الأضحية، ثم ذبحها وكالة عن المضحي، وتوزيعها، وإخواننا في الجمعيات الخيرية الإسلامية يعرفون ذلك وينوون ذلك عند الذبح على أنهم وكلاء عن أصحاب الأضاحي.

رابعاً- أما الدليل على جواز التوكيل بصورة عامة، وصحته فهو أن عقد الوكالة محل إجماع، وأما الدليل الخاص فهو ما رواه مسلم وغيره بسنده عن جبر رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نحر بمنى ثلاثاً وستين بدنة، وأمر علياً رضي الله عنه أن يذبح الباقي وهو سبع وثلاثون بدنة) [صحيح مسلم الحديث (1218)].

وأيضاً ما رواه أبو داود وغيره بسند صحيح عن عروة البارقي أنه: (أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ديناراً يشتري به أضحية، أو شاة، فاشترى شاتين، فباع إحداهما بدينار، فأتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه)، والحديث صريح في جواز الوكالة في الأضحية [رواه أبو داود في سننه الحديث (3384) قال ابن الملقن في البدر المنير (6/452): (إسناده جيد)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (3384): (حديث صحيح)].

وقد عقد الحافظ ابن حجر باباً خاصاً في (بلوغ المرام) بجواز التوكيل في ذبح الهدْي والأضحية، واستند فيه على حديث جابر السابق [بلوغ المرام من أدلة الأحكام (4/163)] الذي يدل على التوكيل في الذبح والتوزيع.

كما نص فقهاؤنا السابقون على ذلك، قال النووي: (فإن استناب جاز، بلا خلاف) [المجموع للنووي (8/407) ط. دار الفكر، وشرح النووي على صحيح مسلم (7/100) حيث ذكر الحديث (1965) الذي يدل على التوكيل، ونيل الأوطار للشوكاني (5/158)]، وقال الزركشي في التوكيل بالأضحية: (يجوز أن يوكل مَنْ يذبح، وينوي عنه) [المنثور في القواعد (3/312)].

فالوكيل هنا مثل المضحي الموكل، فلا يجوز له أن يحتفظ بجلد الأضحية أو نحوه على سبيل الأجرة، أو غيرها، ولكن له الحق أن يأخذ حصته من اللحم مثل بقية المستحقين.

ودائماً نوصي الجمعيات بالالتزام بالشروط والضوابط الشرعية الخاصة بالوكيل، من وجوب شراء الأضحية الصحيحة شرعاً، والالتزام بشروطها، ووقت ذبحها، والنيّة لأصحابها، وتفريق لحوم الأضاحي بالكامل على الفقراء والمحتاجين، وبذلك تكون قد أدت ما عليها.

هذه بعض المسائل المهمة التي أردت بيانها، وقصدي من ذلك سعة الشريعة، وأهمية المقاصد والتقوى وضرورة تقديمهما على الشكل والمبنى، وأهمية العناية القصوى بالكليات مع رعاية الجزئيات والوسائل، ولكن مع ملاحظة وزن كل واحدة (فأعطوا كل ذي حق حقه) بالكامل.

وكل عام والأمة الإسلامية جمعاء بخير

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مساحة إعلانية