رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المسألة الواحدة والعشرون: دفع قيمة الأضحية لجمعية خيرية معتبرة: أولاً- سبق أن بينا أن دفع قيمة الأضحية بدل ذبحها لا يجزئ الأضحية، لأنه لن تتحقق بها إقامة الشعيرة من ذبح الأضحية تعظيماً لله تعالى وإطعاماً للمحتاجين، ولذلك قلنا: لا يجوز دفع القيمة بدل الأضحية. ثانياً- وسبق أيضاً أن بينا أن الأفضل هو أن يقوم الشخص الذي نوى الأضحية بذبح أضحيته، أو يحضرها، ولكن ذلك قد يكون متعسراً وخاصة إذا تم ذبح الأضحية خارج البلد، لأجل وصولها إلى مستحقين أكثر. ثالثاً- إذا نوى الشخص الأضحية بشاة أو نعجة أو معزة، أو بقرة، أو ناقة ودفع قيمتها إلى إحدى الجمعيات الخيرية المعتبرة، مثل جمعية قطر الخيرية في دولة قطر، والرابطة الإسلامية الخيرية في العراق، فقد وكَّل بذلك الجمعية الخيرية للقيام بشراء الأضحية، ثم ذبحها وكالة عن المضحي، وتوزيعها، وإخواننا في الجمعيات الخيرية الإسلامية يعرفون ذلك وينوون ذلك عند الذبح على أنهم وكلاء عن أصحاب الأضاحي. رابعاً- أما الدليل على جواز التوكيل بصورة عامة، وصحته فهو أن عقد الوكالة محل إجماع، وأما الدليل الخاص فهو ما رواه مسلم وغيره بسنده عن جبر رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نحر بمنى ثلاثاً وستين بدنة، وأمر علياً رضي الله عنه أن يذبح الباقي وهو سبع وثلاثون بدنة) [صحيح مسلم الحديث (1218)]. وأيضاً ما رواه أبو داود وغيره بسند صحيح عن عروة البارقي أنه: (أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ديناراً يشتري به أضحية، أو شاة، فاشترى شاتين، فباع إحداهما بدينار، فأتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه)، والحديث صريح في جواز الوكالة في الأضحية [رواه أبو داود في سننه الحديث (3384) قال ابن الملقن في البدر المنير (6/452): (إسناده جيد)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (3384): (حديث صحيح)]. وقد عقد الحافظ ابن حجر باباً خاصاً في (بلوغ المرام) بجواز التوكيل في ذبح الهدْي والأضحية، واستند فيه على حديث جابر السابق [بلوغ المرام من أدلة الأحكام (4/163)] الذي يدل على التوكيل في الذبح والتوزيع. كما نص فقهاؤنا السابقون على ذلك، قال النووي: (فإن استناب جاز، بلا خلاف) [المجموع للنووي (8/407) ط. دار الفكر، وشرح النووي على صحيح مسلم (7/100) حيث ذكر الحديث (1965) الذي يدل على التوكيل، ونيل الأوطار للشوكاني (5/158)]، وقال الزركشي في التوكيل بالأضحية: (يجوز أن يوكل مَنْ يذبح، وينوي عنه) [المنثور في القواعد (3/312)]. فالوكيل هنا مثل المضحي الموكل، فلا يجوز له أن يحتفظ بجلد الأضحية أو نحوه على سبيل الأجرة، أو غيرها، ولكن له الحق أن يأخذ حصته من اللحم مثل بقية المستحقين. ودائماً نوصي الجمعيات بالالتزام بالشروط والضوابط الشرعية الخاصة بالوكيل، من وجوب شراء الأضحية الصحيحة شرعاً، والالتزام بشروطها، ووقت ذبحها، والنيّة لأصحابها، وتفريق لحوم الأضاحي بالكامل على الفقراء والمحتاجين، وبذلك تكون قد أدت ما عليها. هذه بعض المسائل المهمة التي أردت بيانها، وقصدي من ذلك سعة الشريعة، وأهمية المقاصد والتقوى وضرورة تقديمهما على الشكل والمبنى، وأهمية العناية القصوى بالكليات مع رعاية الجزئيات والوسائل، ولكن مع ملاحظة وزن كل واحدة (فأعطوا كل ذي حق حقه) بالكامل. وكل عام والأمة الإسلامية جمعاء بخير وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
462
| 05 يونيو 2025
نواصل شرح القضايا والمسائل الفقهية حول الأضحية ونتناول: * المسألة الثامنة عشرة: دفع قيمة الأضحية للفقراء بدل الذبح، لحاجتهم إلى الفلوس نقداً أكثر من اللحم، الجواب: لا يجزئ ذلك عن الأضحية، لما يأتي: أولاً – ذبح الأضحية شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام وأن وجودها، وتعظيمها من مقاصد الشريعة فقال تعالى: ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )[ سورة الحج / الآية 32]، كما أن ذلك كان فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، لذلك لا يجوز مطلقاً ترك هذه الشعيرة، ولا تجزي القيمة عن الأضحية. ثانياً- أما دفع قيمة الأضحية للفقراء بنية الأضحية، فلا تجزئ عن الأضحية كما ذكرنا. ولكن إذا تبين أن الحاجة للفلوس أكثر وأشد، فحينئذ يدفع لهم باسم الصدقات، وحتى الزكاة بشروطها، ما يشاء، ويكون له أجره العظيم إن شاء الله تعالى. فالشريعة قد جعلت لكل شيء ميزاناً، والأضحية شعيرة لها ميزانها، والصدقات العامة لها ميزانها، والزكاة لها ميزانها، فلا يجوز الخلط. ثالثاً- وقد نص جمهور الفقهاء على أن الأضحية أفضل من الصدقة العامة – من حيث الظاهر- لأن الأضحية أوجبها بعض الفقهاء لقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)[ سورة الكوثر / الآية 2 ]. وعموماً فالثواب هو عند الله تعالى يضاعفه لمن يشاء حسب النية والحاجة، ولكن يجب أن تبقى الشعائر قائمة. هذا والله أعلم. * المسألة التاسعة عشرة: تخصيص الأضحية بعائلة واحدة: وتخصيص الأضحية بعائلة واحدة إنما يجوز إذا كانت العائلة كبيرة، أما إذا كانت عائلة صغيرة فينبغي أن يشرك معهم غيرهم، ليعمم الخير، وبخاصة في عصرنا الحاضر حيث المحتاجون كثيرون فلا ينبغي استئثار عائلة بذبيحة واحدة، والآخرون لا يصلهم شيء، إلاّ لمصلحة شرعية معتبرة. * المسألة العشرون: تسليم الأضاحي (حيّة) للعوائل الفقيرة، وهم يذبحونها. أولاً - الأضحية – كما سبق- شعيرة عظيمة، تحتاج إلى النيّة وأن تذبح في وقتها الذي يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى يوم العاشر من ذي الحجة إلى يوم الثالث عشر من ذي الحجة. ثانياً - وحتى تكون الأضحية صحيحة في هذه الحالة، يمكن من خلال أحد الحليّن الآتيين: الحل الأول: أن يقوم الشخص المضحى بذبح أضحيته في الوقت الذي ذكرناه، ثم يقوم بتسليمها إلى العائلة الكبيرة. الحل الثاني: أن تسلم الأضحية إلى رئيس العائلة ويوكله بذبح الأضحية خلال فترة الأضحية (أي بعد صلاة العيد إلى اليوم الرابع) نيابة عن المضحي، ثم يأخذ منها ربعها، أو ثلثها، ويوزع الباقي على المستحقين.
858
| 04 يونيو 2025
المسألة 14: الأضحية بخروف استرالي، أو مقطوع الإلية: الخروف الاسترالي إذا توافرت فيه الشروط التي ذكرناها - كما سبق - تجوز الأضحية به كما تجوز بغيره، ولا سيما إذا كان عدم وجود إليته ناتجاً عن طبيعته دون تدخل من البشر كما تجوز الأضحية بالمعز وليس له إلية. وأما إذا كانت له إلية ثم قطعت فلا يضر ذلك عند الراجح من أقوال أهل العلم، لأن ذلك لا يؤثر في اللحم، كما لا يؤثر الإخصاء في اللحم فتجوز الأضحية بالحيوان الخصّي أيضاً. المسألة 15: فوات وقت الأضحية: إذا فات وقت الأضحية المعينة وهي الأيام الأربعة (10، 11، 12، 13 ) من شهر ذي الحجة من بعد صلاة العيد أو وقتها، فقد فاتت الأضحية، وعليه أن يذبحها بعد أيام العيد وتكون حينئذٍ صدقة. المسألة 16: ما يتعلق بامتناع المضحي عن حلق الشعر، وقلم الأظافر: تثار في كل عام هذه المسألة، وينشغل بها الناس، فأود أن أبين هنا مجموعة من الأمور المهمة، وهي: (1) لا شك أنه ورد في هذه المسألة حديث صحيح رواه مسلم بسنده عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمسّ من شعره وبشره شيئاً ) وفي رواية: ( فلا يأخذنّ شعراً، ولا يقلمن ظفراً ) فهذا الحديث صحيح أخذ بظاهره في الدلالة على الحرمة بعض أهل العلم، قال ابن قدامة: ( وهو قول بعض أصحابنا وحكاه ابن المنذر عن أحمد واسحاق وسعيد بن المسيب، وقال القاضي وجماعة من أصحابنا: هو مكروه غير محرم - أي كراهة تنزيه -، وبه قال مالك والشافعي لقول عائشة: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلدها بيده، ثم يبعث بها، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي..متفق عليه)[ المغني لابن قدامة (13/362)]، وقال أبو حنيفة: ( لا يكره ذلك....) [ بدائع الصنائع (5/76) والفتاوى الهندية (5/201 وما بعدها) ]. فهؤلاء العلماء - وهم الجمهور - حملوا حديث أم سلمة رضي الله عنها على كراهة التنزيه أو الاباحة، لأن النهي وإن كان الظاهر فيه الدلالة على التحريم عند جماعة من العلماء، لكن هذا ليس محل إجماع، كما أن القرائن تصرفه عن التحريم إلى غيره، ومن أهمها حديث عائشة رضي الله عنها الصحيح المتفق عليه، حيث علق عليه الشافعي فقال: ( فيه دلالة على أنه لا يحرم على المرء شيء ببعثه بهديه، والبعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية ) [ المصادر السابقة ]. وهذا هو الذي نرجحه، لأن الأصل براءة الذمة وأن التحريم لا يثبت إلاّ بدليل صريح صحيح غير مؤول والله أعلم. (2) هذا الاختلاف في قص الشعر أو حلقه، وفي تقليم الأظافر فقط، وليس هناك خلاف فيما عداهما حيث لا يمنع الطيب، ومعاشرة الزوجة ونحو ذلك بالنسبة لمن أراد أن يضحي. (3) هذا الحكم من كون الامساك عن الشعر سنة أو واجباً، وتركه محرماً أو مكروهاً كراهة تنزيه أو مباحاً خاص بالمضحي نفسه دون أهله ومن يضحي عنه، ويبدأ هذا من يوم النية والإرادة الجازمة للأضحية. المسألة 17: نقل الأضحية وتوكيل الجمعيات الخيرية: إن مما أنعم الله به علينا في قطر بصورة خاصة، وبلاد الخليج بصورة عامة من الأمن والأمان ووفرة الخير والمال والغنى، فهذا من موجبات العطاء، والشكر لله تعالى، في حين أن أهل بعض البلاد الإسلامية يتضورون جوعاً، ولا يجدون كسرة خبز، وبعضهم رأيتهم يقولون لم نتذوق لحماً من عدة أشهر، ففي ظل مثل هذه الأحوال فإن القول بنقل الأضاحي إلى الفقراء البائسين في سوريا، وفلسطين، والعراق، وأفريقياً، وبورما، وكشمير ونحوها من البلاد الإسلامية يكون هو الراجح القوي المتفق مع مقاصد الشريعة، ولا يتعارض مع أي نص من نصوص الكتاب والسنة، فقد صدرت فتاوى جماعية بنقل الزكاة وهي الركن الثالث، وبغيرها، بالإضافة إلى أن توكيل المضحي لغيره - مثل الجمعية الخيرية الثقة - محل إجماع لدى أهل العلم – كما سيأتي تفصيله- وأن ما أثاره بعض المعاصرين من فوات إظهار الشعيرة ونحو ذلك بالنقل غير مسلم، لأن الشعيرة تقام فعلاً في كل بلد، والحمد لله، ولو سلم فإن المسلمين أمة واحدة، وجسد واحد، فإن إقامة الشعيرة تتحقق في البلد المنقول إليه، كما أن النية والتقوى هي الأساس فقال تعالى: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ) [ سورة الحج / الآية 37]، كما أن من مقاصد الأضحية إطعام الفقراء البائسين فقال سبحانه: ( وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [ سورة الحج / الآية 28]، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع ادخار لحوم الأضاحي لما وجد شدة فاقة الناس، ولما وجد السعة أجازه. ولكن الأفضل لمن هو قادر أن يكتفي بأضحية واحدة داخل بلده لإظهار الشعيرة، ويقوم هو بنفسه بذبحها، أو يحضر ذبحها، ويأكل منها، ويرسل بقية الأضاحي إلى الفقراء البائسين في سوريا، وفلسطين ونحوهما. وقد ذكر بعض الفقهاء صورة قريبة مما يحدث اليوم، وهو أن الشيخ محمد بن سليمان الكردي ذكر في حاشيته على شرح ابن حجر، وأورده الدمياطي في إعانة الطالبين، أنه: سئل رحمه الله تعالى: (جرت عادة أهل بلد جاوى (جاوة) على توكيل مَنْ يشتري لهم النعم في مكة للعقيقة، أو الأضحية، ويذبحها في مكة.. أفتونا؟ فأجاب: بأنه يجوز التوكيل في شراء الأضحية والعقيقة، أو الأضحية وفي ذبحها، ولو ببلد غير بلد المضحي والعاق..
360
| 03 يونيو 2025
ونواصل في شرح القضايا والمسائل الفقهية حول الأضحية ونقول إن المسألة العاشرة: هلاك الأضحية بعد شرائها أو تعيينها: (أ) إذا اشترى المضحي الأضحية ثم هلكت قبل وقتها فلا شيء عليه إلا إذا كانت الأضحية نذراً وهلكت بسبب منه من التعدي أو التقصير، ففي هذه الحالة يجب عليه شراء مثلها ثم يضحي بها. (ب) أما إذا تعيبت بعد شرائها فلا حرج من أن يضحي بها، لأنه معذور شرعاً. (ج) أما إذا ولدت بعد تعيينها فيذبح معها ولدها. المسألة الحادية عشرة: الأضحية عن الغير: (أ) الأضحية عن الميت: (1) إذا أراد أن يضحي عن الميت الذي وصّى بها فهذا جائز حتى ولو لم يترك مالاً، أما لو ترك مالاً ووصّى بها فيجب تنفيذها من ثلث أمواله بالاتفاق. (2) أما إذا لم يوص بها فقد أجازه جمهور أهل العلم ولا سيما للوالدين، وتجوز الأضحية عن أقاربه أو أحبته الموتى على الراجح الثابت، وأما الصدقة عن الأقارب فهي محل اتفاق. ( ب ) الأضحية عن الحيّ: (1) يجوز أن يضحي عن الحيّ العاجز وعن الوالدين وعن الأهل - كما سبق - وأجاز بعض أهل العلم لغيرهما أيضاً من القادرين، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ضحى عن أهله، وعن أمته. (2) والأفضل أن يعطي الغني بعض أضحياته للفقراء، أو غيرهم حتى لا يحرموا من هذا الأجر، فقد روى البخاري: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قسّم ضحايا بين أصحابه ) [ رواه البخاري في صحيحه (5547) ومسلم (1965) وأحمد (17424)] وذلك بأن يوزع الغني الحيوانات التي يريد أن يضحي بها على الفقراء أو على غيرهم ليقوموا هم بذبحها وتوزيعها، وأخذ جزء منها، وتوزيع الباقي على المستحقين لها، وبذلك شاركوا في إقامة شعائر الله تعالى. المسألة الثانية عشرة: الحيوانات التي تجوز للأضحية وأسنانها: (1) ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا تجزئ الأضحية من غير بهيمة الأنعام وهي: الإبل، والبقر، والضأن، والمعز. وذهب بعض أهل العلم منهم الحسن بن صالح إلى أن بقرة الوحش تجزئ عن سبعة، والظبي عن واحد [يراجع: المغني لابن قدامة (13/368)]. (2) وأما أسنانها فهي أن الضأن لا بد أن لا يقل سنّه عن ستة أشهر أي: الجذع، وثني المعز لا بد أن يكمل سنة، والبقر سنتين أي: مسنة، والإبل خمس سنوات ودخلت السادسة. المسألة الثالثة عشرة: سننها وآدابها: (1) من حيث الحيوان أن يختار الأحسن والأسمن والأفضل والأقرن، واختلفوا في أن الشاة أفضل من سبع الإبل والبقر؟ والراجح أن الكبش أفضل من السُّبُع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ضحى به - كما سبق - وأن يلتزم بآداب الذبح المعروفة. (2) ومن سنن الأضحية للمضحي (رجلاً أو امرأة) أن يمتنع من قصّ شعره، وقلم أظافره بعدما نوى الأضحية منذ العشر الأوائل من ذي الحجة إلى أن يضحي، قال ابن قدامة: (من أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئاً) [يراجع: المغني لابن قدامة (13/362)]. (3) ومن المستحبات تقسيم الأضحية أثلاثاً: ثلث لنفسه وأهله، وثلث يهدي لمن أراد من الجيران والأصدقاء حتى ولو كانوا أغنياء، وثلث يوزعه على الفقراء. (4) ومنها أن يذبحها بنفسه إن أمكن ذلك، وليس هذا واجباً ولا يؤدي إلى نقصان الأجر، ويقول عند الذبح: (بسم الله، والله أكبر، هذا منك، ولك، اللهم تقبل مني، أو من فلان) أو يقول: (اللهم هذا عني، وعن أهل بيتي). (5) ولا يشترط أن يذكر الوكيل اسم الشخص الموكل المضحي، قال أهل العلم: (لا نعلم خلافاً في أن النية تجزئ، وإن ذكر من يضحي عنه فحسن) [يراجع: المغني لابن قدامة (13/390)].
273
| 02 يونيو 2025
ونتناول فيما يلي المسألة الخامسة: صحة الدفع للجمعيات الخيرية ونقول : إن ما تقوم به الجمعيات الخيرية من جمْع أثمان الأضاحي، ثم هي تقوم بذبحها من خلال فروعها في البلاد المحتاجة أمر مشروع بالإجماع، لا يجوز الاعتراض عليه أو الشك فيه ما دامت الجمعية ثقة معروفة بحُسن التنفيذ. المسألة السادسة: أضحية واحدة لكل أهل بيت: تكفي أضحية واحدة لكل أهل بيت واحد حيث روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بكبش ليضحّي به، فأضجعه ثم قال: ( بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد) ثم ضحَّى به[ رواه مسلم في صحيحه (1967)]، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين أقرنين أملحين) [ رواه أبو داود وسكت عنه، الحديث رقم (2794)] وفي رواية: (قال عند ذبح الثاني: عن مَنْ آمن وصدّقني من أمتي) [ قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (4/25): (ورجاله رجال الصحيح) ]. ولكن لمن هو قادر فالأفضل أن يكثر من الأضاحي. المسألة السابعة: مقاصد الشريعة من الأضحية: للأضحية مقاصد كثيرة وحِكم متنوعة وفوائد عظيمة من أهمها: (1) تحقيق العبودية لله تعالى في مجال المال، وتعظيم شعائره، فالأضحية عبادة مالية لله تعالى، ووسيلة للتقرب إلى الله تعالى من خلال صرف جزء من الأموال لتنفيذ أوامر الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم. (2) أداء الشكر على نعمة المال، ولذلك لا يشرع إلاّ لمن له مال وقدرة على الأضحية. (3) أداء حق الاخوة الايمانية والمساهمة في التكافل الاجتماعي المطلوب تحقيقه بكل الوسائل الممكنة. (4) إدخال السرور في قلوب الفقراء حتى يحسّوا بفرحة العيد ويشاركوا غيرهم فيها. (5) التوسيع على النفس والعيال في العيد. (6) إحياء سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وإبقاء هذه السنّة في الذاكرة والتطبيق، حيث أراد أن يضحي بابنه إسماعيل عليه السلام، ولكن الله تعالى فداه بذبح عظيم. وفي ذلك قدوة للكبار والشباب والنساء، وتربية على طاعة الله تعالى بأغلى ما لدى الإنسان. المسألة الثامنة: كيفية تقسيم الأضحية: يقسم المضحي الأضحية على الفقراء والمحتاجين، ويترك جزءاً منها لنفسه وأهله إن لم يكن ناذراً، ولو قسمها أثلاثاً فلا حرج حيث ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه من الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث)[ رواه الأصفهاني وقال: (حديث حسن)، هكذا ذكره صاحب كشاف القناع (3/22)]. المسألة التاسعة: إعطاء جزء منها لغير المسلمين: ويجوز أن يعطي جزءاً منها لغير المسلمين ممن يعيش في بلادنا من الأصدقاء، والخدم والسواق والعمال ونحوهم؛ لأن ذلك من باب البر المطلوب في سورة الممتحنة قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [ سورة الممتحنة / الآية 8]، وصحّ عن ابن عمر رضي الله عنهما انه ذبحت له شاة في أهله، فلما جاء قال: (أهديتم لجارنا اليهودي؟) (مرتين)، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)[ رواه الترمذي (1943) وصححه الألباني، ويراجع: المغني لابن قدامة (9/450)].
525
| 01 يونيو 2025
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد المسألة الأولى: التعريف بالأضحية الصحيحة: الأضحية هي ما يُذبح من بهيمة الأنعام الغنم، والمعز، والبقر، والإبل، بقصد التقرب إلى الله تعالى في عيد الأضحى، وأيام التشريق الثلاثة، وتكفي الشاة الواحدة والمعزة الواحدة لشخص واحد، وأما البقر والإبل فتكفي الواحدة منهما لسبعة أشخاص. ويشترط في الأضحية أن تكون سليمة غير معيبة عيباً مؤثراً في اللحم، أو الشكل، ولا يضر كونها بدون الإلية على الراجح، ولا يضر كونها مقطوعة الإلية، أو خصيّاً على الراجح من أقوال أهل العلم. ولذلك لا تجوز الأضحية بالعوراء البيّن عورها، ولا بالمريضة البيّن مرضها، ولا بالعرجاء البيّن عرجها، ولا الهزيلة التي ليس لها لحم، ولا يجوز أن يعطى الجزار شيئاً منها في مقابل عمله (أي الأجرة) ولا بيع شيء منها لا لحمها ولا جلدها. ويجب التصدق بجميع أجزاء الأضحية حتى جلدها، وشعرها. فالمطلوب من المسلم أن يختار الأفضل من حيث السمنة وكثرة اللحم، والبعد عن أي عيب، وذلك لقوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)[ سورة الحج / الآية 32]. المسألة الثانية: حكم الأضحية إن الراجح الذي تدعمه الأدلة من الكتاب والسنة هو أن حكم الأضحية أنها شعيرة عظيمة، وسنة مؤكدة، وليست واجبة لا على الحاج، ولا على غيره، والأحناف ومَنْ معهم قالوا بوجوب الأضحية، بناء على أن الأمر في الآية للوجوب، وهي قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)[ سورة الكوثر / الآية 2 ] حيث فسره قتادة، وعطاء، وعكرمة، وغيرهم بالأضحية[ يراجع تفسير الطبري (12/722-723)]، بناء على أن الأمر حقيقة في الوجوب، ولكن الجمهور استدلوا بأدلة قوية، وقالوا: إن كون الأمر حقيقة في الوجوب محل خلاف، والراجح أنه لمجرد الطلب، ثم القرائن تحدد كونه للوجوب، أو الندب، بل للإرشاد، أو الإباحة، بالإضافة إلى أن لفظ (وَانْحَرْ) ليس نصاً في الأضحية بل يمكن أن يراد به نحر الهدي، كما أن السورة مكية. ويدل على عدم وجوبها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمسّ من شعره وبشره شيئاً)[ رواه مسلم في صحيحه الحديث (1977) وابن ماجه (3149) ]، ومحل الشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: (وأراد) حيث يدل على الخيار. وهناك أحاديث كثيرة تدل على مشروعية الأضحية وفضلها، وعلى ذلك الإجماع، كما قال ابن قدامة في المغني[ فليراجع المغني (13/360) ط. دار عالم الكتب ]. ولكن الأضحية أفضل من الصدقة العامة، وقال بعض أهل العلم أن الصدقة بقيمتها أفضل، وهذا مروي عن عائشة رضي الله عنها، والأول أرجح. المسألة الثالثة: وقت ذبح الأضحية وقت ذبح الأضحية يوم العاشر من ذي الحجة من بعد صلاة العيد أو بمقدار مضيّ وقتها إلى غروب الشمس من اليوم الرابع من العيد أي ( 10، 11، 12، 13 ) من ذي الحجة، ولا مانع من الذبح ليلاً أو نهاراً في هذه الأيام الأربعة من بعد صلاة العيد مع ملاحظة انتهاء وقتها بغروب الشمس من اليوم 13، والأفضل في ذلك ما يحقق مصالح الفقراء. المسألة الرابعة: توكيل المضحي لغيره يجوز توكيل المضحي لغيره ممن يجوز ذبحه في الذبح بالإجماع، وإن كان الأفضل هو أن يقوم المضحي بذبح أضحيته بنفسه إن كان قادراً، وسيأتي مزيد من التفصيل.
258
| 30 مايو 2025
رسالتي إلى الحكومة العراقية هي ما يأتي: المطالبة بالحوار المتكافئ مع كردستان لحقن الدماء، وإعادة الأمن والأمان.وتحقيق صلح شامل عادل مع جميع مكونات الشعب العراقي.وإبعاد شبح الطائفية والعنصرية.ليبدأ العراق نهضته في ظل الأمن والأمان والاستقرار، وقد أمرنا الله تعالى بالصلح والحوار فقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ الآية (10)} سورة الحجرات.أو ما تكفي الحروب الداخلية والخارجية التي أكلت الأخضر واليابس، وحصدت أرواح الملايين منذ نحو نصف قرن؟فليتعلم قادة العراق جميعا من التاريخ بأن الحرب -مهما كان صاحبها قويا- لن تحل المشاكل داخل الأمة أو الشعب، ولن تنهي شعبا، ولن تحقق خيرا.ورسالتي إلى الشعب الكردي ما يأتي:1- أطالبهم بوحدة المواقف، والحوار البناء القوي، فالوحدة فريضة شرعية، وضرورة قومية ووطنية، فليس الآن وقت التلاوم والتخوين، وإنما يؤجل إلى وقت آخر، فاليوم هو يوم البحث عن الوجود بالوحدة، والعدم بالاختلاف، (كردستان يان نه مان)، فإما أن تتفق قيادات الإقليم على تجاوز خلافاتها -أو تأخيرها على الأقل- وحينئذ تستطيع أن تقاوم ما يراد من استهداف جميع المكتسبات التي تحققت للشعب الكردي طوال نصف قرن بالتضحيات والدماء، والتدمير، والأنفال، وحلبجةK ثم التضحيات لإخراج داعش.فليس أمام من عنده ذرة من الإحساس بالمسؤولية إلا أن يترك مصالحه الشخصية المؤقتة، أو مصالحه الحزبية التي لن تستمر.وأما أن نبقي الخلافات مستعرة، ويغذيها الأعداء فحينئذ يخسر الكل خسارًا مبينا. لذلك أطالب بالاتحاد على الثوابت، وترك الخلافات التي لن تنفع الشعب ولا الأحزاب. فهل نسيتم التاريخ، كيف كنتم تعيشون في بلاد المهجر قبل 1991؟2- أطالب بقوة بانتهاج عملية إصلاحية جذرية تنهي أزمة الرئاسة والبرلمان واحتكار السلطات (وهل يبقى لكم شيء تتنازعون عليه إذا لم تصلحوا؟) فأطالب بعودة البرلمان فورا بجميع أعضائه ورئاسته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة تضم مكونات الشعب الكردستاني حتى من العرب والتركمان.3- أطالب بقوة بتشكيل هيئة قومية للمحاسبة والمراجعة.4- أطالب الحكومة بكشف تفصيلي شفاف عما قامت به حول الاتفاقيات الخاصة بالبترول والعقود الدولية حتى يكون الشعب على علم بكل ما جرى ويجري.5- أطالب المسؤولين، والقيادة الكردية بفتح باب الحوار أيضا مع مسؤولي المكونات العراقية. وأخيرا أطالب الشعب الكردي في الداخل والخارج بعدم الاعتماد على الدول الكبرى، فالكل يعلم بأنها هي المسؤولة عما حدث لكردستان من خلال اتفاقية (سايكس بيكو) من بريطانيا، وفرنسا، وروسيا عام (1916م).وأما أمريكا فهي كان لها دور في مأساة عام (1975) فخذلت القيادة الكردية.وأما إسرائيل فهي محتلة القدس الشريف والأراضي الفلسطينية، فكيف تقف مع أحفاد صلاح الدين الذين حرروا القدس من أيدي الصليبيين؟ فهي تريد أن تشوه صورة الكرد وتاريخه المشرف أمام العالم الإسلامي والعربي، وتعطي المبررات لمزيد من الإيذاء للشعب الكردي.فحذار حذار من هذا الاتجاه، وما الذي فعلت إسرائيل التي لها القدرة على تحريك أمريكا لو أرادت، أمام هذه الأزمة سوى الكلام الذي يضر الكرد ولا ينفع؟فعليكم الاعتماد على الله تعالى ثم على أنفسكم ووحدتكم، وعلى أصدقائكم المخلصين من داخل العراق وخارجه.وأخيرا أوجه مناشدتي إلى دول الجوار بأن يتجه سعيهم نحو الحوار، والتوسط بين بغداد وأربيل لحل المشاكل العالقة بالحوار، والضغط على حكومة بغداد بالكف عن الإجراءات العسكرية، فالمنطقة لا تتحمل مأساة أخرى بعد مأساة سوريا، والموصل ومعظم المناطق السنية.وليس من مصلحة أي مخلص إذلال شعب أو كسر إرادته، وإنما المصلحة والحكمة هي العلاج بالحوار، فقال تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ الله فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} سورة الحجرات.حفظ الله إقليم كردستان والعراق كله والمنطقة جميعها، من هذه الفتن، وأعاد إليها أمنها واستقرارها لتنعم بالاستقرار والازدهار بإذن الله تعالى.{وَالله غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (يوسف: 21).
514
| 24 أكتوبر 2017
إن الإسلام أولى عناية قصوى بالرحمة والرأفة والجوانب الإنسانية حتى حصر الله تعالى مهمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في نشر الرحمة وتحقيقها فقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء : 107] وأن على المسلم الملتزم أن يبدأ كل أنشطته بذكر الرحمن الرحيم فيقول عند البدء بصلاته ، وجميع أعماله : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وأن الله تعالى كرر هذه الصفة مئات المرات في القرآن الكريم ، ووصف نفسه بأنه الرحمن الرحيم ، الرؤوف الرحيم ، الرب الكريم . كل ذلك حتى يكون المسلم رحيماً بكل شيء في هذا الكون رفيقاً مشفقاً عليه محافظاً ، ولأجل هذه الرحمة دخلت امرأة عاصية الجنة لأنها سقت كلباً عطشان ، ودخلت امرأة مسلمة أخرى النار بسبب أنها حبست هرة حتى ماتت من الجوع - كما وردت هاتان القصتان في كتب السنة بسند صحيح - فإذا كان حبس هرة موجباً للنار فما ظنكم بحبس إنسان أو قتله ، أو تعذيبه ؟ وهذا ما نصت عليه المادتان 20و21 من إعلان حقوق الإنسان الإسلامي. الأصل في العلاقات السلام والتعايشإن القرآن الكريم قد دعا الناس جميعاً إلى الدخول في السلم والسلام فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) [البقرة : 208] وقال سبحانه: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [الأنفال : 61] وقد جاءت هذه الآية من سورة الأنفال بعد الآية 60 الداعية إلى إعداد القوة حتى تمنع الحرب، ما يسمى في العالم العسكري بنظرية الردع فقال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال : 60]، وهذا أكبر دليل على أن الإسلام هو دين السلم والسلام، وأن أحد أسماء الله تعالى المكرر في القرآن الكريم هو ( السلام ) وأن تحية المسلمين السلام، وأن نهاية الصلاة وهي الركن الثاني الأهم في الإسلام بأن يسلم المصلي بالسلام على من في يمينه ويساره من الإنسان وجميع المخلوقات، أي يعطي العهد بعد هذا الاتصال مع الله تعالى بأنه يكون سلماً وسلاماً ولا يؤذي أحداً إلاّ من باب الدفاع ودرء الضرر والأذى. وبناء على المبادئ الثابتة في القرآن فإن الجهاد في الإسلام ليس خاصاً بالقتال ، بل هو شامل لبذل كل ما في قدرة الإنسان لخدمة الدين والوطن والإنسان، وأن الجهاد بمعنى القتال لا يجوز لأجل الهيمنة والجاه والمال والتعدي، وإنما يجب أن يكون في سبيل الله، وأنه في هذه الحالة للدفاع ودرء العدوان والضرر.العلاقات الانسانية وعلاقة المسلم بالآخروالحق أن القرآن الكريم لخص علاقات الدولة الإسلامية بغيرهم في ثلاث آيات ، وهي : (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة : 7- 9] .
642
| 24 يونيو 2017
في مؤتمر حوار الأديان الدولي، أكد المشاركون من ممثلي الديانة الإسلامية على دعوة الأديان السماوية إلى التعايش السلمي، والاعتدال، وحسن الجوار. كما عبروا عن إيمانهم بأن الأديان السماوية تدعو إلى كرامة الإنسان وحقوقه وإلى التعايش السلمي، وأن مصدرها واحد، وملتها هي ملة إبراهيم أبي الأنبياء بمن فيهم موسى، وعيسى، ومحمد المصطفى عليهم السلام جميعاً. وأن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين هذه الأديان، وبخاصة في مجال حل المشاكل الاجتماعية. ومن أهم المشتركات البحث عن الحقيقة، وفي تجمع العقول السليمة والفطر المستقيمة جميعاً في مجموعة من المسلمات مثل قانون السبيبية، ومجموعة من المبادئ العظيمة التي أقرتها البشرية على مر العصور وأكدتها الشرائع السماوية مثل مبادئ العدل، والإحسان والرحمة، وكرامة الإنسان، والحرية، وقبح القتل والاعتداء على الأنفس، والأموال والأعراض، وهي ثوابت في الشرائع السماوية والقوانين الطبيعية، وأقرها الفلاسفة، وسماها الشاطبي (كليات أبدية وضعت عليها الدنيا، وبها قمت مصالحها.. بالاستقراء)، وقد أولى القرآن الكريم والسنة النبوية عناية قصوى بهذه المبادئ العامة، نذكر أهمها: أن الاختلاف في الأديان والأفكار وفي الألسنة والألوان والقوميات والشعوب سنة من سنن الله تعالى، وبالتالي يجب القبول بهذا الاختلاف، والسعي للإصلاح والتعايش دون الصراع والقتال. وثانيا وجوب الاعتراف بكرامة الإنسان مطلقاً واحترامها. ثالثا، الاعتراف بالأديان السماوية ووجوب الإيمان بها، وإيمان المسلم لن يتم إلاّ إذا آمن بجميع الرسل والأنبياء والأديان السماوية دون تفرقة بينهم، وعدم الازدراء بأي دين حتى ولو لم يكن ديناً مقبولاً في نظر المسلم. والأصل في العلاقات هي السلم والحوار والتعايش، وعلى ذلك الأدلة كثيرة، ومن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم صلح الحديبية على الحرب، على الرغم مما كان فيه من حيث الظاهر.ونحن على يقين بأن إحراز التقدم في مجال العلاقات العامة، لا يمكن دون إحياء وتعزيز المبادئ الأخلاقية في الإنسان. تلك المبادئ التي وضعها الخالق. كما لا يمكن إحراز تقدم دون أن يتدبر الإنسان ويعي مهمته على هذه الأرض، ومسؤوليته أمام الخالق، عن مصيره وعن حياة الآخرين، وعن البشرية والعالم أجمع. فإدراك الإنسان لمهمته ومسؤوليته يولد مفهوم الواجب الأخلاقي ومفهوم الشرف والكرامة، ويربي في الإنسان السمات العالية النبيلة. وهذا ما ظهر في إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام (1990)، الذي اعتمدته جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بعد عرضه على المجامع الفقهية وكبار العلماء، حيث نصت المادة (1) على: (أن البشر جميعاً أسرة واحدة) ونصت المادة (2) على أ،: (الحياة - هبة الله وهي مكفولة لكل إنسان ... والمحافظة على استمرار الحياة البشرية إلى ما شاء الله واجب شرعي"، ونصت المادة (3) على أنه: (لا يجوز قتل المدنيين) كما نصت المادة (4) على أنه: (لكل إنسان حرمته والحفاظ على سمعته في حياته، وبعد مماته). ونحن المسلمين نؤمن بأن الله خلق الأرض لجميع البشر وسائر المخلوقات، وليس للمسلمين وحدهم ولا لليهود أو النصارى فقط، فقال تعالى: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ) [الرحمن: 10] أي لجميع الخلق، وحينئذ يجب التعايش بعدل وسلام، دون ظلم أو تعدّ على حق الآخر.
13115
| 23 يونيو 2017
إن الميزان الذي وضعه الإسلام في حالة الدعوة، والسلم والتعايش (الذي هو الأصل في الإسلام) هو التعامل باللين والرفق والأخلاق العظيمة، ومقابلة السيئة بالحسنة، والحوار بالأفضل والجدال بالتي هي أحسن.فقد أوجب الإسلام أن تكون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار والجدال بالتي هي أحسن فقال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وهذا يقتضي أن يسعى المؤمن لتعلم الحكمة في القول والفعل والأسلوب عندما يدعو، ويختار الموعظة الحسنة، وأن لا يجادل إلاّ بالتي هي أحسن، وهذا أنه إذا لم يستعمل الأحسن فهو قد خالف الأمر الرباني.(3) خطابنا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، والتأصيل والتجديد، والحكمة والموعظة الحسنة:وقد شبه القرآن الكريم الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة التي لها أصول ثابتة تستقر وتتمدد، وجذور تصمد وتبقى، وأغصان تقطع لتتجدد وتتقوى، وأوراق تخضّر فيكون لها جمال، ثم تصفّر فتتساقط، وثمار يانعة تصبح ذات فائدة، وهكذا الكلمة الطيبة، حيث يقول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). فالكلمة الطيبة لا بدّ أن تنطلق من ثوابت الإسلام، ولا تتجاوزها، وتخرج من بوتقة الهوية ولا تحزمها، ثم عليها أن تتسع وتتمدد وتعلو وتشمخ في إطار المتغيرات والاجتهادات العصرية التي تكون هي الأكثر، والمجال الأرحب، لأن مساحة الثوابت - كجذور الشجرة - أقل وأصغر من الأغصان والمتغيرات.ثم إن هذه الكلمة تحتاج إلى دراسة وتخطيط ، وإلى رعاية وعناية حتى تثمر (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا)، وإلاّ فأي كلمة دون نفع فلا خير فيها، وهذا ما أكده الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).ومن هنا يجب على الدعاة والخطباء، والكتاب والباحثين أن يلتزموا بالكلمة الطيبة حسبما وصفها الله تعالى في هذه الآية الكريمة.(4) أن يكون الخطاب متنوعاً ومراعياً ظروف المخاطبين، وعقولهم، وأفهامهم، وثقافتهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (خاطبوا الناس على قدر عقولهم، أتحبون أن يكذب الله ورسوله)، فقد كان من هدي رسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يخاطب الأعرابي بما يفهمه في بيئته، ولذلك أقنع أحدهم حينما شك في ولده الأسود بما كان لديه من إبل حمر يكون بينها أورق، فقال الأعرابي: (أراه عرق نزعه) فقال صلى الله عليه وسلم: (لعل هذا نزعة عرق) فاقتنع الأعرابي وعاد إلى أهله.
2194
| 19 يونيو 2017
الكلمة هي بداية الخلق وبها بدأ الله تعالى، فقد خلق الكون بكلمة (كُنْ) وخلق آدم بيده تشريفاً له حتى يحترم الكلمة ويحملها، فالكلمة إيمان أو كفر، بناء أو هدم، شرف أو حتف، سلم أو حرب، محبة أو عداوة، طيبة تفوح شذاها بالمسك والعنبر، أو خبيثة تزكم منها الأنوف، وفاء، أو خيانة، رحمة أو عذاب...، فالكلمة هي الأمانة التي عرضت: (عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) لخطورتها ومسؤوليتها (وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) حتى يزول بها جهله وظلمه حينما يلتزم بالأمانة. وللخطاب الاسلامي مواصفات أهمها: (1) خطاب التسامح والسلام والكلمة الطيبة: يجب أن يكون خطابنا طيباً جميلاً رائعاً رقيقاً لطيفاً يحمل إلى الآخر (غير المعتدي) الرحمة والحب والأمن والأمان، والسلم والسلام. ومن المعلوم أن المسلم يقابل الآخر بهذه الكلمة الطيبة التي تحمل في طياتها منح الأمن والأمان له فيقول: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وهي الكلمة التي يختتم بها صلاته فيسلم بها على من في يمينه ويساره، وبذلك أعطاهم جميعاً العهد بأن ينشر السلام ولا يؤذي أحداً إلاّ إذا اعتدى عليه. (2) الخطاب الأخلاقي: يجب أن يكون خطابنا — نحن المسلمين — حاملاً أخلاق الإسلام العظيمة، فهذا الدين هو دين الأخلاق، ورسوله صلى الله عليه وسلم رسول القيم والأخلاق الراقية، وقد شهد الله تعالى له بذلك فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). وتدل النصوص الشرعية على أن الأخلاق الفاضلة والقيم السامية هي غاية قصوى حتى للعبادات ولذلك ربطها الله تعالى بها فقال في الصلاة: (..إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) وفي الزكاة: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) وحتى العقيدة فقد ربطها بالأخلاق من حيث الايمان بالله تعالى، وصفاته العظيمة التي هي صفات الكمال التي تنبئ عن الجمال والجلال، والإيمان باليوم الآخر الذي يردع المؤمن عن الظلم والظغيان والاعتداء على الإنسان والحيوان لأنه يبدأ الحساب مباشرة ثم الحساب الأخير الذي يترتب عليه دخوله الجنة أو النار. فهذه المرتبة العليا للأخلاق تفرض على المؤمن أن يكون متخلقاً بها في أفعاله، وفي أقواله وخطابه مع الآخرين بالقول الطيب فقال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، بل إن الله تعالى وصف عباد الرحمن الذي يستحقون الجنة بقوله: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً) ومن المعلوم أن المراد بالجاهل هنا هو من يسبّ ويشتم، أو يقول شراً ومع ذلك جواب المسلم السلام.
478
| 18 يونيو 2017
يعرف خطاب الكراهية بأنه: تصريح بالقول، أو الكتابة، أو الإشارة بما يدل على الانتقاص من الآخر بسبب دينه، أو عرقه، أو لونه، أو جنسه. وهذا الخطاب بهذا المعنى محرّم في الإسلام، ومناف لتعاليمه وقيمه، وذلك لأن الإسلام جاء لرفع الظلم عن الناس، ولتحقيق المساواة في الأصل، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته بمنى في حجة الوداع: (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد (عزّوجل) واحد، ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ألا لا فضل لأسود على أحمر إلاّ بالتقوى...). والنصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تدل بوضوح على حرمة الاستهزاء والسخرية بأي شخص، فكل كلمة مقروءة أو مكتوبة، أو مرئية أو منشورة في الإنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي إذا حملت بين طياتها الكراهية، والازدراء والسخرية والاستهزاء فهي محرّمة بالإجماع، بل حرّم الله تعالى ذلك حتى ولو بالإشارة، أو اللّمز والهمز فقال تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ). أما الخطاب الإسلامي فهو يراد به كل وسائل التعبير عن هذا الدين داخل العالم الإسلامي وخارجه، سواء كانت وسيلة التعبير الكتابة، أم القول، أم الإشارة، وسواء كانت الوسيلة معاصرة، أم قديمة. وهذا الخطاب بهذا المعنى الشمولي يحمل أهمية ومسؤولية كبرى على الفرد والجماعة والدولة والأمة الإسلامية جمعاء، لأنه المعبر عن الإسلام وموصله إلى الآخر، وبالتالي فكل تبعاته وآثاره يتحملها قائلها أو كاتبها فقال تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).ولذلك أولى الإسلام عناية قصوى بدقة التعبير وعدم اشتماله على أي إيذاء أو تعبير لا تصريحاً ولا كتابة ولا تلميحاً ولا تعريضاً، فقد قال النبي صلى الله عليه: (وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم)، فالكلمة في الإسلام مسؤولية ويترتب عليها نتائج خطيرة، ولذلك يجب على صاحبها أن يفكر فيها قبل أن يبرزها تفكيراً عميقاً من جميع جوانبها، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ - بعدما نصحه عن أسباب الجنة ..-: (ألا أخبرك برأس الأمر كلّه، وعموده، وذروة سنامه ... ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأخذ بلسانه، قال: كفّ عليك هذا. فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يُكبّ الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم).
705
| 17 يونيو 2017
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4092
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1734
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1587
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1260
| 07 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
888
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
651
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
606
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
555
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية