رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
اعتدنا أن تتحفنا إيران بمشروع عسكري واستخدام أسلحة جديدة خاصة من نوعية الصواريخ عابرة القارات وآلاف الأميال كلما تعرضت لنوع جديد من الحصار أو فشلت مفاوضاتها مع الغرب بشأن برنامجها النووي. وهذا ما خرجت به وسائل الإعلام الإيرانية في بدايات الأسبوع الماضي عندما اعتقدت أنها فاجأتنا بأنها اختبرت بنجاح صواريخ متوسطة المدى قادرة على ضرب إسرائيل وذلك ردا على تهديدات بعمل عسكري ضدها. ولكن هذا التهديد المبطن لم يأت ردا على تهديدات إسرائيلية أو أمريكية بتوجيه ضربة عسكرية ضد المفاعلات النووية الإيرانية لإجهاضها، وإنما ردا على الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على مشتريات النفط الخام الإيراني ودخوله حيز التنفيذ بالكامل اعتبارا من أول يوليو الجاري وذلك بعد جولة أخيرة غير مجدية من محادثات القوى الكبرى مع طهران.
وسرعان ما أعلنت إيران عن مناورة التدريب الصاروخي "الرسول الأعظم 7" بعد وقت قصير من إجراء تجربة على صاروخ شهاب 3 الذي يصل مداه إلى 1300 كيلومتر حسب زعمها والقادر على الوصول إسرائيل بعد أن سبق وجربت صاروخي شهاب 1 و2 الأقصر مدى. اللعبة الإيرانية لم تتوقف عند إعلان المشروع العسكري، وإنما ترغب في المبالغة في سرد التفاصيل والهدف.. الهدف الأساسي هنا هو إظهار عزمها السياسي للدفاع عن قيمها الحيوية ومصالحها الوطنية، وذلك على حد زعم القادة العسكريين الإيرانيين، وكأن الشعب الإيراني يعيش في جزيرة معزولة عن الجيران والتاريخ والعالم ومنظومة المعلومات الافتراضية التي تفضح كذب الحكومات على شعوبها.
وما يعلنه الإيرانيون هو بالضبط ما يسميه العسكريون ب" حرب الطاولة" أو ما كان يفعله القادة العسكريون زمان وهو وضع الخطة العسكرية على منظومة إسمنتية لإظهار خطوط العدو وكيفية مهاجمتها أو اختراقها قبل اختراع خاصية البعد الثالث. وأمامنا الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي لم يتوان عن ترديد التهديدات لتلقين الأمريكان درسا لن ينساه التاريخ، ثم فوجئنا به يخرج من حفرة في صباح يوم لن ينساه العراقيون.
الإيرانيون وكما هي عادتهم أيضا التي حفظناها عن ظهر قلب، هي اللجوء إلى تهديد الجيران وتحديدا دول مجلس التعاون الخليجي عن طريق إغلاق مضيق هرمز الذي تمر منه صادرات النفط الخليجية والإيرانية إلى العالم. ولا أدري لماذا تلجأ إيران دوما إلى مثل هذا التهديد وتؤكد هيمنتها العسكرية على المضيق لتثير قلق صناعة النفط التي تخشى إعاقة إمدادات النفط العالمية.
والتساؤل الآن :" هل تنفذ إيران تهديدها بإغلاق المضيق كما أعلن رامين مهمان باراست المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن بلاده كما هي مستعدة بكل قوتها لتوفير الأمن في منطقة الخليج وأمن نقل شحنات النفط هي أيضا على أتم الاستعداد لحظر مرور الناقلات فيه؟".. ولهذا ولكي يقف القادة الإيرانيون على أرض صلبة في حالة تنفيذ تهديدهم، فقد أوعزوا إلى مجموعة من النواب الإيرانيين لتقديم مشروع قانون داخل البرلمان يدعو الجمهورية الإسلامية إلى محاولة وقف ناقلات النفط المتجهة عبر مضيق هرمز إلى بلدان تؤيد العقوبات ضد إيران.
المهم في سريان الحظر الأوروبي على شراء النفط الإيراني ومنع تقديم الخدمة في موانئها للناقلات البحرية التي تحمل نفطا إيرانيا مع منع شركات التأمين العالمية من تقديم خدمة التأمين على تلك الناقلات، أن شحنات النفط الإيرانية ستشهد تراجعا نسبته 40 % بالفعل هذا العام مع قيام أكبر عملاء طهران - الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية - بخفض أو وقف مشترياتهم بسبب العقوبات الغربية التي تهدف إلى وقف برنامج إيران النووي.
ويبدو أن إيران لم تمل لعبة تصريحاتها الزائفة وهي ممارسة الضغوط وأن فرض العقوبات ضدها سيكون له آثار سلبية على سير المفاوضات بين إيران والمجموعة (5+1). ولكن مثل هذا التصريح الأخير خرج من طهران هذه المرة عندما أعلنت الولايات المتحدة أنها وضعت تعزيزات عسكرية في منطقة الخليج بهدف ردع القوات الإيرانية من أي محاولة محتملة لإغلاق مضيق هرمز، كما زاد عدد الطائرات المقاتلة القادرة على ضرب مسافات عميقة داخل إيران في حال تصاعدت المواجهة بشأن برنامجها النووي الإيراني. ومن الواضح أن مسألة نشر القوات الأمريكية تعد جزءا من الجهود الطويلة المبذولة لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج ولطمأنة إسرائيل من معاونة أمريكا لها.. ولا يهمنا في هذا المقام أولوية الأهداف الأمريكية من تلك التعزيزات، أي طمأنة دول الخليج أم دعم إسرائيل وطمـأنتها أيضا، ولكن المهم هو أن واشنطن نجحت في إقناع شركائها الأوروبيين على تطبيق فرض حظر واسع على صادرات النفط الإيرانية لإجبار طهران على الحد من قدراتها النووية، حتى وإن ظهرت مخاوف من أن تلك التحركات والحشد الدولي الذي تعمد إليه القوى الغربية قد يسفر عنه مخاطر كبيرة تتضمن قيام الحرس الثوري الإسلامي الإيراني باتخاذ قرار للرد على النفوذ الغربي المتزايد.
إذا.. الرسالة الأمريكية للإيرانيين هي تحذير طهران من التفكير في إغلاق المضيق وألا تفكر أيضا في مسألة إرسال الزوارق السريعة لعرقلة مرور ناقلات النفط العملاقة أو السفن التجارية. ويأتي التصرف الأمريكي عشية الانتخابات الأمريكية وفي إطار الحرب على تحقيق الانتصار الرئاسي بين الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري ميت رومني، فالرئيس أوباما يطبق سياسة المسارين السياسي والعسكري أي التفاوض في يد والتلميح بضرب إيران في اليد الأخرى، فإذا فشلت المفاوضات، حل دور فرض عقوبات جديدة بهدف الضغط على عائدات إيران النفطية، وإذا فشل الخيار الأخير، فليس أمام الأمريكيين سوى ممارسة الضغوط العسكرية. وكل هذا للرد على اتهامات المرشح الجمهوري للرئيس الديمقراطي بأنه يتعامل بضعف مع إيران. كما أن أوباما يطبق سياسة " المسارين" أيضا لإبراز صلابته دون ترجيح إمكانية نشوب أزمة في منطقة الشرق الأوسط من خلال سياسة الشدة واللين التي يعتمدها، ومن ثم يغازل الإسرائيليين حتى يقطع خط الود مع الجمهوريين،لإثبات مدى قلقه على أمنها والعمل على تحقيق الدعم لإسرائيل، ولكن ليس الدعم الذي يجعل الإسرائيليين ينظرون لهذا الحشد باعتباره فرصة لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
وأعتقد أن إيران على وشك مواجهة اقتصادية طاحنة وأن تهديداتها ليست إلا لحرف أنظار الداخل الإيراني عن خطورة تلك الأزمة، ولعل ما ذكره رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية أحمد غلابيني "إنه من المنتظر أن تنخفض صادرات النفط الخام إلى نسبة تتراوح بين 20% إلى 30% خلال النصف الثاني من العام الجاري وذلك نظرا للعقوبات الدولية المفروضة علينا "، ليؤكد خطورة الموقف الاقتصادي الإيراني والذي لا يتحدث عنه بقية المسؤولين بوضوح أمام شعبهم. يضاف إلى هذا، تقرير مؤسسة استشارات الطاقة في فيينا "جي بي سي " الذي أكد أن " معدلات إنتاج النفط الخام الإيراني قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1989 حيث أنتجت إيران 3 ملايين برميل يوميا خلال الشهر الماضي، مقارنة ب 3.7 مليون برميل في الفترة ذاتها من عام 2010 أي قبل منع تدفق الاستثمارات الأوروبية في قطاعي النفط والغاز الإيرانيين ". وأمام تلك الحقائق عن الاقتصاد الإيراني، لا يهمنا ما جاء على لسان وزير النفط الإيراني رستم قاسمي التي زعم فيها استعداد بلاده لمواجهة العقوبات الدولية المفروضة عليها، لأن ليس أمامه سوى ترديد مثل هذه الأكاذيب لإقناع الداخل بأن ليس هناك أزمات اقتصادية، في حين أن التقارير الواردة من إيران تؤكد شعور الإيرانيين بعبء العقوبات الاقتصادية وزيادة نسبة البطالة والتضخم واختفاء السلع الرئيسية من الأسواق وإغلاق بعض المشروعات الخاصة.
ليس الخارج فقط الذي يعرف جيدا حجم المأساة، فالمواطن الإيراني العادي يشكو ويئن من تراجع مستوى المعيشة بسبب انخفاض حجم الدعم الحكومي نتيجة تقليص العائد الأجنبي.. المؤكد أن الأراضي الإيرانية مليئة بالنفط والغاز الطبيعي، ولكن ماذا يفعل الإيرانيون بمخزون الأرض طالما لم يخرج من باطنها ويصدر لبقية بقاعها والاستفادة بعائداته؟.. وهل يأكل ويشرب الإيرانيون النفط إذا لم يصدر للخارج؟
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
99
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
195
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
279
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4158
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1602
| 02 ديسمبر 2025