رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة

ialsada63@gmail.com

مساحة إعلانية

مقالات

816

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة

أطفئ المحرك... لتسمع صوتك الداخلي

07 مايو 2025 , 02:00ص

ثمة لحظات في الحياة لا نُهزم فيها من الخارج، بل نُنهك من الداخل… من عقولنا التي لا تكفّ عن الدوران، عن محاكمة كل كلمة، وتشريح كل موقف، وتخيل كل سيناريو، ولو كان مستحيلاً، إنها لعنة التفكير المفرط، الذي لا يُشعل فقط الرأس، بل يُطفئ الروح.

تبدأ القصة دائمًا بفكرة عابرة، أو موقف ما، ثم تتحول إلى احتمالات، ثم إلى قلق، ثم إلى دوّامة لا مخرج منها، هل أخطأت حين قلت كذا؟، ماذا لو فُهم كلامي بطريقة خاطئة؟، ماذا لو لم يكن هذا الطريق هو الأفضل؟، وأسئلة أخرى لا تنتهي، تأكل الوقت، وتسرق الطمأنينة، وتتركنا مرهقين دون أن نخطو خطوة واحدة.

التفكير في جوهره نعمة، لكنه حين يفقد زمام العقل ويتحوّل إلى وحش هائج، يفقد الإنسان معه القدرة على الفعل، يصبح المرء أسيرًا في زنزانة “ماذا لو؟”، و”ماذا بعد؟”، و”ماذا قالوا؟”. وهو لا يدري أن الحياة لا تُدار بعقلٍ يعمل كآلة لا تنام، بل بقلب يعرف متى يفكر، ومتى يصمت.

كبح جماح التفكير المفرط ليس تجاهلًا، بل إدارة ومهارة، أن تقول لعقلك: “شكرًا، لقد أوصلتني إلى ما يكفي، الآن دوري أن أعيش”، أن تمنح نفسك حق الهدوء، أن تفهم أن بعض الأمور لا تحتاج إلى تحليل، بل إلى مرور، أن تسمح لبعض الأسئلة أن تبقى بلا إجابة، وبعض الأمور أن تنتهي دون تفسير.

علّم عقلك أن يتوقف عند الإشارة الحمراء، أن يعرف أن الليل للراحة، لا لجلسات تحقيق ذهنية، وأن الصمت أحيانًا أذكى من ألف حوار داخلي، وأن طلب الراحة ليس هروبا من الواقع، بل ضرورة للعودة بتفكيرٍ أكثر صفاءً.

القدرة على كبح التفكير المفرط ليست ضعفًا في الذكاء، بل ذكاء في التوقيت، هي أن تروّض عقلك لا أن تقتله، أن تُطفئ المحرك حين لا تكون هناك حاجة للقيادة، فالصوت الداخلي لا يُسمع وسط الضجيج، بل في لحظة سكون.

فهل تستطيع أن تصمت قليلاً… لتسمع نفسك حقًا؟.

مساحة إعلانية