رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في 13 يوليو الماضي وفي عقر داره جرت محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق ترامب كما يقولون ! وجرحت أذنه فقط واهتزت عواصم عربية وعالمية وراحت تلك العواصم تشجب وتدين محاولة الاغتيال المقصودة وراح البعض يتصل بالرئيس المرشح ترامب ليتحمد له على السلامة ويعبر له عن إدانته لتلك المحاولة المزعومة. في نوفمبر عام 1995 أقدم شاب إسرائيلي في تل ابيب على اغتيال إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل في حينة وأرداه قتيلا وتسابقت بعض القيادات العربية نحو تل أبيب لتقديم فروض العزاء لعدو بتر اطراف الشباب الفلسطيني عام 1978 المشاركين في انتفاضة أطفال الحجارة وعاث في القدس ومدن الضفة الغربية عام 1967 خرابا وقتلا وتدميرا وسحق أسرى الجيش المصري في سيناء تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية، تلك الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بقيادة رئيس الأركان إسحاق رابين لم تردع قيادة السلطة الفلسطينية بمن فيهم محمود عباس من الامتناع عن تقديم العزاء حضوريا في رابين، وصمتت تلك القوى أو لم تعط حادث اغتيال إسماعيل هنية اهتماما يليق بمكانته.
(2)
في صبيحة يوم الأربعاء 31 يوليو الماضي امتدت يد الغدر والخيانة لتغتال المجاهد ابي عبد السلام العسقلاني المعروف « بأبي العبد « رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، كان في طهران في ضيافة رسمية للمشاركة في تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان كغيره من رؤساء الدول والحكومات العربية والأجنبية. لقد كثرت التحليلات والتخمينات وصناع الاشاعات عن كيفية اغتيال المجاهد ابي العبد تغمده الله بواسع رحمته ورفيقه وسيم أبو شعبان واسكنهما فسيح جناته ولن نخوض مع الخائضين في هذا الشأن.
كان رحمه الله يجمع بين العلم والحكمة والعقلانية والتجربة العملية في الكفاح من اجل استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.. انه الشخصية الفلسطينية التي تسلمت منصب رئيس وزراء السلطة الفلسطينية عن طريق الانتخاب في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، وأطيح بسلطته بأيادٍ فلسطينية (محمود عباس ورهطه) وصهيونية وبعض دول جوار فلسطين الحبيبة. قدم على طريق التحرير ثلاثة من ابنائه واخته شهداء عند ربهم يرزقون واكثر من 60 فردا من اسرته واحفاده ولم يعمل أبناؤه بالتجارة بين غزة وتل البيب كما يتاجر أبناء رئيس السلطة محمود عباس بالتجارة بين رام الله وتل ابيب.. لم يعمل أي من كوادر حركة حماس بالتجارة مع الأعداء كما يعمل بعض قيادات السلطة العباسية ومنتسبيها. ان كوادر حماس شرفاء مجاهدون ليس من اجل الاثراء وانما من اجل تحرير فلسطين وبيت المقدس من ربقة الاحتلال الصهيوني.
(3)
فرح البعض في عالمنا العربي ورقص نتنياهو وزمرته في تل أبيب احتفالا بتغييب المجاهد إسماعيل هنية ويعتقدون ان ذلك نهاية المطاف وان حركة المقاومة حماس ستنكس اعلامها وترفع رايات الاستسلام، ونذكّر أصحاب تلك الأوهام والعقول الضيقة انه كلما سقط قائد من حماس يخرج عشرات غيره أشد تمسكا بمبادئ الكفاح من اجل التحرير وأشد عنفا تجاه العدو نذكّر أولئك الصغار ان استشهاد الشيخ المقعد احمد ياسين رحمه الله وعبد العزيز الرنتيسي ويحيى عياش وعدنان الغول ونزار ريان والقائد الفذ صلاح شحادة واحمد الجعبري وصلاح العاروري وغيرهم من الذين قضوا في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2024 وغزة، وفي دبي اغتالت إسرائيل محمود المبحوح عام 2010 هذا غيض من فيض لكن نستطيع القول ان قافلة هؤلاء الشهداء خلّفت جحافل من العلماء في صناعة السلاح واجادوا فنون القتال في المدن والقرى والمزارع والارياف وكانوا اشد مِمَن سبقوهم قوة وإصرارا على استعادة الحقوق الفلسطينية من الغاصبين.
والسؤال هل قوة وفاعلية حركة حماس 2024 تساوي قوتها وفاعليتها في عهد الذين انتقلوا الى جوار ربهم ممن ذكرنا أعلاه ؟ الجواب انهم اليوم اقوى واكثر تضحية واكثر علما واصرارا على الانتصار.
(4)
كنت أتوقع كغيري من شرفاء امتنا العربية من جامعة الدول العربية ومن مصر على وجه التحديد موقفا جادا حازما للدعوة الى اجتماع لمجلس الجامعة لتدارس الموقف من فعل إسرائيل في اغتيال الدكتور الشيخ إسماعيل هنية العسقلاني وحض ايران على كشف حقيقة اغتيال المجاهد الزعيم الفلسطيني هنية والمطالبة بالثأر من الفاعلين. كنت أتوقع من مصر ردة فعل جوهرية على عملية اغتيال زعيم فلسطيني تقضي باسترداد معبر رفح ومحور فيلادلفيا من ايدي الصهاينة ولو بالقوة بعد احتلاله الشهر الماضي، ولقد خيب موقف السلطة العباسية من اغتيال شخصية فلسطينية قائدة آمال وتوقعات كثير من العرب والمسلمين والفلسطينيين، حتى انها لم تتجرأ وهي تعلن الحداد ليوم واحد بذكر منصب الشهيد هنية بأنه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وانما ذكرت بانه رئيس الوزراء السابق للسلطة الفلسطينية «الدمية «. قبل ان يوارى جثمان الشهيد الثرى قامت اسرائيل باجتياح مدن في الضفة الغربية نابلس وطولكرم ورام الله وغيرها من المدن والسلطة تتفرج دون أي رد فعل ضد جحافل قطعان المستوطنين، يا للعار يا سلطة العار والشنار على ما تفعلين حماية لإسرائيل !!.
(5)
قطر، يا دار كل مضيوم، يا قادة قطر وشعبها الأبي لقد أديتم الأمانة وناصرتم امتكم في كل مِحَنها وازماتها، كان وما برح موقفكم من الشأن الفلسطيني مشرفا وآخرها وليس الأخير استقبالكم للمجاهد إسماعيل هنية حيا ووقفتم الى جواره في حواراته عبركم مع الصهاينة وانصفتموه ولم تميلوا أو تضعفوا رغم التهديدات من الأقربين والأبعدين، ووقفتم مع شعبكم تحملون نعشه على الاكتاف الى مثواه الأخير ليكون ضريحه الى جوار ضريح المؤسس لدولة قطر تكريما لجهاده.
لقد ضربتم المثل الأعلى في الوفاء والصدق لأمتكم العربية والإسلامية ومواقفكم النبيلة والمشرفة ياقادتنا الميامين تجاه أمتنا العربية لا ينكرها إلا حاقد مغرور.
آخر القول: شكرا قطر قيادة وشعبا ومقيمين على مناصرتكم للحق، وإلى جنة الخلد يا أبا العبد أنت ورفيقك وسيم أبو شعبان تغمدكما الله بواسع رحمته.
«يومنا الوطني».. احتفال قومي لكل العرب
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي، ويخفق عالياً فوق جميع السواري، على إيقاعات «العرضة»، وأهازيجها الوطنية،... اقرأ المزيد
261
| 18 ديسمبر 2025
وللوطن جمال
نعم للوطن جمال بما تحمله كلمة الجمال من معانٍ ومساحات وأفراح وأشواق، إنها فطرة فطر الله تعالى الإنسان... اقرأ المزيد
180
| 18 ديسمبر 2025
اختتمت قبل أيام في الدوحة، النسخة التاسعة من جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في... اقرأ المزيد
129
| 18 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
795
| 16 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي تحاول القيام بأدوار إيجابية أو سلبية، وخصوصا في مراحل بناء الدول وتأسيسها. ومنطقيا ينبغي على مَن يُصَدّر نفسه للقيام بأدوار عامة أن يمتاز ببعض الصفات الشخصية والإنسانية والعملية والعلمية الفريدة لإقناع غالبية الناس بدوره المرتقب. ومن أخطر الشخصيات والكيانات تلك التي تتعاون مع الغرباء ضد أبناء جلدتهم، وهذا ما حدث في غزة خلال «طوفان الأقصى» على يَد «ياسر أبو شباب» وأتباعه!. و»أبو شباب» فلسطيني، مواليد 1990، من مدينة رفح بغزة، وَمَسيرته، وفقا لمصادر فلسطينية، لا تُؤهّله للقيام بدور قيادي ما!. ومَن يقرأ بعض صفحات تاريخ «أبو شباب»، الذي ينتمي لعائلة «الترابية» المستقرة في النقب وسيناء وجنوبي غزة، يجد أنه اعتُقِل في عام 2015، في غزة، حينما كان بعمر 25 سنة، بتهمة الاتّجار بالمخدّرات وترويجها، وحكم عليه بالسجن 25 سنة. وخلال مواجهات «الطوفان» القاسية والهجمات الصهيونية العشوائية على غزة هَرَب «أبو شباب» من سجنه بغزة، بعدما أمضى فيه أكثر من ثماني سنوات، وشكّل، لاحقا، «القوات الشعبية» بتنسيق مع الشاباك «الإسرائيلي»، ولم يلتفت إليها أحد بشكل ملحوظ بسبب ظروف الحرب والقتل والدمار والفوضى المنتشرة بالقطاع!. وبمرور الأيام بَرَزَ الدور التخريبي لهذه الجماعة، الذي لم يتوقف عند اعترافها بالتعاون مع أجهزة الأمن «الإسرائيلية» بل بنشر التخريب الأمني، والفتن المجتمعية، وقطع الطرق واعتراض قوافل المساعدات الإنسانية ونهبها!. وأبو شباب أكد مرارًا أن جماعته تَتَلقّى الدعم «دعماً من الجيش الإسرائيلي»، وأنهم عازمون على «مواصلة قتال حماس حتى في فترات التهدئة»!. وهذا يعني أنهم مجموعة من الأدوات الصهيونية والجواسيس الذين صورتهم بعض وسائل الإعلام العبرية كأدوات بديلة لتخفيف «خسائر الجيش الإسرائيلي باستخدامهم في مهام حسّاسة بدل الاعتماد المباشر على القوات النظامية»!. ويوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2025 أُعلن عن مقتل «أبو شباب» على يد عائلة «أبو سنيمة»، التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث: وأنهم «واجهوا فئة خارجة عن قيم المجتمع الفلسطيني». وبحيادية، يمكن النظر لهذا الكيان السرطاني، الذي أسندت قيادته بعد مقتل «أبو شباب» إلى رفيقه «غسان الدهيني» من عِدّة زوايا، ومنها: - الخيانة نهايتها مأساوية لأصحابها، وماذا يَتوقّع أن تكون نهايته مَن يَتفاخر بعلاقته مع الاحتلال «الإسرائيلي»؟ - دور جماعة «أبو شباب» التخريبي على المستويين الأمني والإغاثي دفنهم وهم أحياء، مِمّا جعل مقتل «أبو شباب» مناسبة قُوْبِلت بالترحيب من أكثرية الفلسطينيين وغيرهم. - مقتل «أبو شباب» يؤكد فشل الخطة «الإسرائيلية» بجعل مجموعته المُتَحكِّم بمدينة «رفح» وجعلها منطقة «حكم ذاتي» خارج سيطرة المقاومة، وبهذا فهي ضربة أمنية كبيرة «لإسرائيل» التي كانت تُعوّل عليهم بعمليات التجسّس والتخريب. - قد تكون «إسرائيل» تَخلّصت منه، قبل إرغامها، بضغوط أمريكية، على المضي بالمرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار وذلك بتركه ليواجه مصيره كونه قُتِل بمنطقة سيطرة جيشها!. - الحادثة كانت مناسبة لدعم دور المقاومة على أرض غزة، ونقلت هيئة البثّ «الإسرائيلية»، الأحد الماضي، عن مصادر فلسطينية أن «مسلحين ينتمون لمليشيات عشائرية معارضة لحماس سَلّموا أنفسهم طواعية لأجهزة (حماس) الأمنية في غزة». منطقيًا، لو كانت جماعة «أبو شباب» جماعة فلسطينية خالصة ومنافسة بعملها، السياسي والعسكري، للآخرين بشفافية وصدق لأمكن قبول تشكيلها، والتعاطي معه على أنه جزء من المشاريع الهادفة لخدمة القطاع، ولكن حينما تَبرز خيوط مؤكدة، وباعترافات واضحة، بارتباط هذا الكيان وشخوصه بالاحتلال «الإسرائيلي» فهنا تكون المعضلة والقشّة التي تَقصم ظهر الكيان لأن التعاون مع المحتل جريمة لا يُمكن تبريرها بأيّ عذر من الأعذار. مقتل «أبو شباب» كان متوقعا، وهي النهاية الحتمية والسوداء للخونة والعملاء الذين لا يَجدون مَن يُرحب بهم من مواطنيهم، ولا مَن يَحْتَرِمهم من الأعداء، ولهذا هُم أموات بداية، وإن كانوا يمشون على الأرض، لأنهم فقدوا ارتباطهم بأهلهم وقضيتهم وإنسانيتهم.
657
| 12 ديسمبر 2025
السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة المنال، ويظنون أن تحصيلها لا يكمن سوى في تحقيق طموحاتهم ومضامين خططهم، لكن السعادة ربما تأتيك على هيئة لا تنتظرها، قد تأتي فجأة وأنت في لحظة من الغفلة، فتكون قريبة منك أشد القرب، كما لو كانت تلتف حولك وتحيط بك من كل جانب. كثيرًا ما تختبئ السعادة في تلك التفاصيل التي لا تكترث بها، في تلك اللحظات التي تمر سريعة وكأنها حلم. ربما مر عليك تلك الليلة التي تلوت فيها القرآن، فتوقف قلبك عند آية بعينها، فانبعثت من أعماقك مشاعر جديدة، فسالت دموعك على وجنتيك، أو ربما كانت تلك الدمعة الثمينة قد سكبتها في إناء ركعة بجوف الليل، فسرت فيك طمأنينة وسكينة ورقة لم تعهدها، لا تعدل بها شيئًا من لذات الدنيا، ألم يكن ذلك موعدًا لك مع السعادة؟ وربما مر عليك يوم، كنت تقلب منزلك رأسًا على عقب بحثًا عن شيء مفقود، وبينما أنت في حال من اليأس، تتذكر موضعه، أو يظهر لك في موضع لم تتوقعه كأنه يهدئ من روعك قائلًا: «هأنذا»، فتبتسم وتبتسم وتتسع ابتسامتك، ألم تكن هذه اللحظة الرائعة موعدًا لك مع السعادة؟ وذلك الفقير الذي يعاني من ضيق اليد، ربما قضى ليلته مهمومًا يفكر كيف يدبر قوتًا أو شيئًا من أمور المعاش لأهله، وبينما يخرج مجترًا همومه، يكتشف في جيب سترته القديمة ورقات نقدية قد نسيها منذ العام الماضي، فيتحول ذلك الفقر إلى لحظة من الفرح، ألم يكن هذا الرجل على موعد مع السعادة؟ حدثني أحدهم وكان حديث عهدٍ بالزواج أن صديقًا طرق بابه يطلب منه بعض المال، وهو لا يملك في جيبه غير مبلغ زهيد بالكاد يكفيه، لكنه يأبى أن يرد سائله، ويؤثره على نفسه رغم الخصاصة، ثم في نفس اليوم تزوره خالة له جاءت من سفر على غير موعد، لتبارك له وتهنئه، فأعطته مبلغًا من المال، فإذا به يراه نفس المبلغ الذي بذله إلى صديقه بالتمام والكمال لم ينقص منه قرش، فتجلى أمامه ذلك الوعد الإلهي بالعوض، ألم يكن ذلك الرجل على موعد مع السعادة؟ وذاك الذي كان على وشك أن يسقط في يد أعدائه وقد أشهروا أسلحتهم في وجهه، وبينما كان الخنجر يوشك أن يغرس في صدره، إذا به يستفيق فجأة من حلم مزعج، ويكتشف أنه كان مجرد كابوس، فيحمد الله على نجاته باليقظة من ذلك الهلع، ألم يكن وقت نجاته من ذلك الكابوس على موعد مع السعادة؟ وماذا عن تلك اللحظة التي أخذت فيها بيد عجوز هرم، تمشي بصعوبة وتبدو ملامحها تحمل سنوات من التجاعيد، لتسير بها إلى الجهة الأخرى من الطريق؟ ثم ترى تلك الدعوات التي تتدفق منها، والتي تظل تشعرك بالدفء والسعادة، وكأن دعاءها درعٌ لك، ألم يكن ذلك موعدًا لك مع السعادة؟ وكم هي السعادة حقيقية عندما يتمكن من الإصلاح بين زوجين كانا على شفير الفراق، فيكون سببًا في حماية ذلك البيت من الخراب؟ أو عندما يغمره الضحك على فكاهة بريئة تكاد تطيح به على ظهره من شدة السعادة؟ ألا يجد السعادة في تلك اللحظة الصغيرة عندما يقابل طفلة مبتسمة في الشارع، تملأ قلبه بالفرح بلا سبب آخر سوى ابتسامتها الطفولية؟ أليست كل هذه المشاهد مواعيد للمرء مع السعادة؟ السعادة تكمن في كل زاوية، في لمحة صغيرة، في حديث عابر، في ابتسامة، في دعوة، في لحظة طمأنينة، في إنجاز بسيط. نحن الذين نغفل عنها لأننا نبحث عنها في مكان بعيد، ولو أننا فهمنا أن السعادة ليست في ما نمتلكه من أشياء، بل في قدرتنا على الرضا، لتغيرت حياتنا. ليتنا ندرك أن السعادة ليست حلمًا بعيدًا أو حلمًا محجوزًا لمن يسعى للوصول إلى شيء معين، بل هي لحظات متجددة متغيرة متناوبة في كل يوم. السعادة موجودة في القلوب الراضية، وفي الأرواح الطاهرة، وفي الأبصار التي تلتقط جمال الحياة حتى في أصغر تفاصيلها، وما علينا سوى أن نرصد واقعنا بعين القناعة والتفاؤل، نتخلى قليلًا عن النظارة السوداء، فندرك أن مواعيد السعادة لا تنتهي.
642
| 14 ديسمبر 2025