رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أي هوية متماسكة تحد من الآخر الدخيل، على الرغم من قوة التأثير التي تستمر في الولوج بشكل غير مباشر على المجتمعات، هذا باختصار محط الاهتمام نحو فهم الهوية ومدى قدرتها على مقاومة الآخر على انه غريب، خاصة عندما تحدد له خطوطه الحمراء في محيط يصعب من خلاله الترحيب فيه! يحصل أن تتحول الهوية إلى عنصر هش، عندما يتقبل المجتمع المحلي ذاك الغريب بقيمه وأخلاقياته ويتقمص تلك الهوية على انها انفتاح حضاري عليه وعلى الآخر أيضاً، هنا يكمن الفرق الخطير، ومن هنا تتضح الصورة أكثر لمدى الخوف والقلق على الهوية من الانهيار ومدى هشاشتها أمام الغريب الآخر.
وهذه نظرة عامة، ولكن أجد أنها صريحة جداً حول مدى وازع وقيم المجتمع في وضعه للخطوط الحمراء أمام الآخر غير المرغوب به، ولو أصبح تقبل الآخر نابتا وسط المجتمع اليوم، وهنا يكمن القلق الفعلي، عندما تحصر الهوية في تعريف وتتعامل معها في محيطك بتعريف آخر، بل عندما تتعايش مع الآخر في أجهزتك وتواصلك الاجتماعي وحياتك الشخصية، وتترفع عنها مع الجماعة على أن الغريب غير مرحب به!.
وهذا بحد ذاته يعتبر هوسا جدليا مستمرا لسؤال من نحن في ذروة ثقافية نعيشها ويصعب علينا أحياناً كثيرة التصدي لها، فيبدأ الناس في هذه الحال الاهتمام أكثر بسؤال الماهية خلال ذروة القلق، وحاملين هم التنشئة الاجتماعية بشكلها الجماعي وأثرها على أجيال تبتعد من الآن من مبادئ وأخلاقيات المجتمع وتتقبل الآخر لأنه منفتح، منطلق مبدع ومتجرد، ويضع نفسه المهم أمام كل شيء آخر.
نشء ينظر للنواة والوحدوية باختصار على انها انطلاق وحرية وقوة في الشخصية. ولا أستطيع في الحقيقة في هذه الحال أن أضع حملاً على المنزل، الأسرة أو المؤسسة وحدهما لتعزيز الانتماء وتقوية الهوية، إلا إذا كان جهداً يتوحد في المفهوم أولاً والمبادئ التي تبرز من خلالها الرسالة التوعوية، بأهمية الحفاظ على هوية مجتمع تميزه عن الآخر ولا تتشابه معه في منكراته، وما يتوارد الآن في الوسط المجتمعي من دون تعميم هو الخوف على الهوية الظاهرية واستنكارها لأنها تختلف عن ظاهرية المجتمع، وهذا جزء واحد لمنظور هوية يخشى على حدوده من الغريب.
وبالنسبة لي، استبق موضوع الهوية جزء آخر أهم منه بكثير!
تظل مثل هذه الجدليات الثقافية مستمرة من دون أن تجد لها حلاً واضحاً وجواباً موحداً، خاصة إن ظل مفهوم المواطنة أيضا من دون تعريف موحد يعكس منظور الهوية من خلال تعريف القطري لنفسه، من أنت كقطري وكقطرية، كيف تعرف نفسك على أنك قطري؟ أو كيف يعرفك القطري الآخر على أنك قطري؟ هل يراك الآخر بأنك قطري تتشابه معه في الحقوق والواجبات والمواطنة. إذ يعتبر جزء المواطنة مساراً أعمق من مجرد طرح موضوع الهوية في ذروة القلق والخوف على مجتمع من الخارج. بل من المفترض أن ينبع المفهوم من الداخل وتبرز فيه روح الانتماء بتشابه المواطنة ولو تنوع تاريخها الثقافي الحافل واختلفت أطيافها. فلا غنى عن تلك العناصر التي تصنع الهوية الوطنية وتربط علاقتها الاجتماعية بالجماعة بشكل أعمق وأقوى، إذ إن الوطن والثقافة يعتبران العنصرين اللذين لا غنى عنهما في تشكيل أي هوية في العالم، فمن دونهما لن تكون هناك شخصنة مجتمع، ولن تتشكل القيم التي تختلف من جغرافيا لأخرى.
بالتالي، لن تجد الإجابة الواضحة للهوية لتصدي الآخر الظاهري الذي لا ترغب فيه، طالما لا توجد مقاربة مشتركة وموحدة للمواطنة والهوية بنظرة الداخل وتقبله لقطري اليوم وقطري الأمس، إذ نختلف هنا في تقبل الآخر حينما يكون مرغوباً وحينما يكون منبوذاً، ولابد من تقبل الآخر المرغوب ممن يمثل بعلمه، يعكس وطنه، يكرس حياته باسم وطن، وحام لقيمه ومبادئه. فلا بد أن تنظر للآخر من الداخل ولا تخشى منبوذ الخارج عندما يكون طفرة تأتي وتذهب إن ظلت معايير الهوية والمواطنة واحدة، وقاومت المنبوذ بمواطنة تقاومه وتعي قيمها ضده!.
ولا شك بأن العولمة لن تترك المجال للخصوصية أن تكون محدودة داخل أسوار المنزل ولا جغرافيا الدول، بل اجتازت الأسوار واخترقت الشبكات كي تكون عند كل فرد في نفس المنزل، وفي كل منزل من نفس المجتمع. بالتالي، يظل التحدي مستمراً في تشكيل وحماية الهوية من الانهيار في ظل موجات خطيرة لها دخول غير مرحب به وبشكل مبطن لعملية تقبل الآخر، ولكن تظل الموازنة مهمة في الوعي بالقيم والوازع الديني والأخلاقي والذي سيظل يقابله الانفتاح على الآخر بشكل مستمر سواء كان جزءاً من تنمية وطنية أم من دخيل عابر!.
 لماذا تكتب؟..
            
            لماذا تكتب؟..
            من أكثر الأسئلة التي توجه لي في حواراتي الثقافية، أو توجه إلى غيري من الكتاب، هو لماذا تكتب؟.... اقرأ المزيد
186
| 30 أكتوبر 2025
 الإزعاج الصوتي.. تعدٍ على الهدوء والهوية
            
            الإزعاج الصوتي.. تعدٍ على الهدوء والهوية
            في السنوات الأخيرة، أصبحت الأغاني تصدح في كل مكان نذهب إليه تقريبًا؛ في المطاعم والمقاهي والفنادق والأندية الرياضية،... اقرأ المزيد
405
| 30 أكتوبر 2025
 وجوه صامتة
            
            وجوه صامتة
            • ما معنى أن يعم الهدوء كل الأرجاء والوجوه؟ وما معنى ان تصادف إنسانا يلتزم الصمت في معظم... اقرأ المزيد
255
| 30 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
 
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6609
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6483
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3252
| 23 أكتوبر 2025
