رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صدر في الربع الأخير من عام 2022 عن دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، كتاب بعنوان " تشكل الهوية في قطر: دراسة تاريخية خلال الفترة ( 1868- 1913 ) " للكاتبين الدكتور محمد عبدالله الزعارير أستاذ مادة تاريخ قطر والخليج العربي كلية الآداب والعلوم جامعة قطر، والأستاذة ميسر مروان حسن سليمان المحاضرة في قسم الشؤون الدولية بجامعة قطر والباحثة في مركز دراسات الخليج.
والدكتور الزعارير أصدر كتابا جديرا بالقراءة صادرا عن دار النشر آنفة الذكر تحت عنوان "المؤرخون وكتابة التاريخ في الجزيرة العربية في القرنين الثاني والثالث عشر هجري" عام 2018 وفي هذا الكتاب انفرد الدكتور الزعارير بدراسة كيف تناول مؤرخو الحجاز كتابة التاريخ في تلك الفترة كما تناول بالتحليل الجيد مؤرخي نجد وتناولهم أحداث ووقائع التاريخ في ذات الزمان وسيجد القارئ إن أمعن النظر بعناية في منهج مدرسة مؤرخي الحجاز ونجد مواقف الاختلاف والتوافق.
ويذهب أستاذنا الزعارير بعيدا ويتناول بالشرح والتحليل مواقف المورخين العمانيين (الاباضية) واليمنيين (الزيدية) من كتابة التاريخ ولا جدال عندي بأن القارئ المهتم بمعرفة التاريخ في جزيرة العرب سيجد علما متأصلا وثقافة في معرفة كيف كتب التاريخ في هذه البيئة العربية الصافية عبر مناهج وطرق لم يعهدها إلا قلة قليلة من كتاب التاريخ.
أعود إلى "كتاب الهوية في قطر" نجد الدكتور الزعارير وشريكته الأستاذة ميسر راحا يبحثان عن معالم الهوية القطرية على شواطئ إمارة /دولة قطر وعلى شطآن الرياض "جمع روضة" ومن خلال مرتفعات ومنخفضات كثبانه وجدّا في البحث في صفحات التاريخ القديم والمعاصر والوثائق، لعلهما يجدان ما يروي عطشهما بحثا عن الهوية.
إنها محاولة لإعادة قراءة التاريخ بغية التجديد والتطوير والمضي نحو المستقبل في أبسط صورة وأعمق فكرة. وهي متسقة ومتزامنة في موضوعها وطريقة تناولها مع الاهتمام الكبير الذي توليه المؤسسات التعليمية والعلمية والإعلامية في قطر بموضوع الهوية بهدف تعزيزها وتعميقها لدى الشباب لرفدهم بمزيد من المعرفة والوعي بهويتهم العربية والإسلامية وتأصيلها في نفوسهم وتزويدهم بالمؤثرات الرئيسة التي أسهمت في تشكُّلها والمحافظة عليها عبر الزمن لتكون محفزا لهم لمواصلة مسيرة البناء والتقدم والازدهار والانفتاح على العالم وثقافاته مع التمسك بالقيم العليا التي تقوم عليها الهوية.
إن فكرة البحث في موضوع الهوية في قطر عند المؤلف وشريكته أتت من خلاله تجربتهما في تدريس مقرر تاريخ قطر، ودراسات خليجية للأستاذة ميسر ووجدا عندهما دافعا قويا محركا لتوعية الشباب في العوامل ذات التأثير الكبير في تشكل الهوية وتوضيح علاقة الجغرافيا والتاريخ والإنسان والحكم في تشكل الهوية والمحافظة عليها. كما عزز اختصاص الدكتور الزعارير بالتاريخ الحديث للمنطقة وبلدانها وشغفه بتوظيف التاريخ في فهم وتحليل العوامل التي أسهمت في تشكل الهوية يتكامل ذلك مع جهد الأستاذة ميسر التي صدر لها حديثا كتاب بعنوان دراسات خليجية: مراجعة في التاريخ والدولة والمجتمع، بالاشتراك مع الدكتور محمد صالح المسفر عن دار الشرق نوفمبر 2022.
لقد كان لقلة الدراسات التي تناولت دور التاريخ والجغرافيا والإنسان في تشكل الهوية دور أساسي ومحوري مُحَفّز لدراسة الموضوع خاصة وأن موضوع الهوية طُرِح بأشكال وصور عديدة ركزت في معظمها على الهوية المعاصرة من حيث كونها هوية وطنية فحسب، دون التركيز بالدراسة والتحليل على دور التاريخ والجغرافيا والحكم في تشكُّلها. وبناء على ذلك، تمثل هذه الدراسة محاولة من الباحثين للتركيز على العوامل الأكثر تأثيرا في تشكُّل الهوية والحفاظ عليها، وإبراز الدور التاريخي لمرحلة التأسيس في تعزيز الشخصية والاستقلالية والسيادة حتى أصبح هذا أحد أبرز ملامح الهوية في قطر.
تكشف الدراسة عن التطورات التاريخية العميقة التي شهدتها قطر منذ ظهور الإمارة عام 1868م والتي أسهمت بشكل كبير في تبلور شخصيتها العربية والإسلامية كونها دولة حديثة وازَنَت بين الأصالة والمعاصرة والانفتاح على العالم مع المحافظة على القيم الأصيلة التي ترسخت على أيدي رجال قادوا حركة البناء على ركائز متينة تقوم على التمسك بالهوية العربية والإسلامية التي ظهرت في مواقف مؤسسي الإمارة منذ البدايات. وقد لفتت قطر أنظار العالم بالتطور الذي تشهده الآن، والذي ما كان يمكن أن يكون وفق الضوابط الحالية لولا الأسس التي وضعها الأجداد، وتمسك بها الآباء، وحافظ عليها الأبناء. هذه الركائز وتلك الأسس التي تناقلتها الأجيال الثلاثة صنعت إنجازات صارت مصدر فخر واعتزاز لأبناء البلاد، ومبعث عز وافتخار لكل عربي مسلم يتطلع إلى تجارب عربية إسلامية ناجحة في التطور والتقدم والازدهار.
تكونت الدراسة من مقدمة ثم سؤال رئيس تقوم عليه الدراسة وهو "ما هي العوامل الرئيسة الثابتة والمتحركة التي أدت إلى تشكُّل الهوية في قطر قبل وخلال فترة ظهور الإمارة 1868-1913؟"، بعد ذلك تناولت الدراسة الإطار النظري للهوية والذي اشتمل على تعريف بالدراسات السابقة والتعريف بمصطلح الهوية وعناصرها ومستوياتها، ثم تتبعت الدراسة في سياق تاريخي تشكُّل الهوية العربية الإسلامية في قطر بدءا بتناول هوية المكان ضمن الامتداد الجغرافي وكيف أثر على تشكُّل الهوية العربية عبر العصور ثم عرضت تحليلا معمقا لأهمية التاريخ ودوره في تشكل الهوية، وكذلك دور النظام السياسي في تعزيزها والمحافظة عليها وتأصيلها وتحليل هذا الدور بشكل معمق اعتمادا على المواقف السياسية تجاه القضايا المتشابكة على مستوى العلاقة مع الجوار والعلاقة مع القوى الخارجية، كما تم التركيز هنا على تأصيل الهوية في نفوس الشباب من خلال عدة محاور منها؛ المؤثرات التاريخية قبل تأسيس الإمارة، دور المنطقة وأهميتها في نشر الإسلام، النظام السياسي (بدايات تشكل الإمارة السياسية)، ودور الهوية في التأثير على القرار السياسي في التعامل مع القوى الخارجية واختيار الحلفاء.
كما ركزت على تحليل الإنسان (السكان) باعتباره محورا رئيسا في تشكل الهوية والتأثير العميق فيها وتم تتبع ذلك عبر العصور للكشف عن امتدادات وجوده في عمق الزمن من خلال تتبع الهجرات السكانية التي تمتد عبر العصور، والتكوين السكاني الذي استقر عليه المجتمع من خلال التركيز على مكون القبيلة، واللغة والعادات والتقاليد والثقافة.
واشتملت الدراسة أيضا على سبل تعزيز الهوية وتمكين بقائها واستمراريتها وصمودها في وجه التحديات والصعاب من خلال وسائل عدة ذات تأثير كبير وهي التعليم، المساجد، الكتاتيب، القضاء، الثقافة، العادات والتقاليد، الهوية العمرانية.
لقد توصل الكاتبان إلى نتائج كان من أبرزها أن مظاهر الهوية العربية وملامح تشكلها في قطر تمتد في جذور التاريخ أرضا وسكانا، كما أن الموقع الجغرافي لقطر أسهم بشكل كبير في الحفاظ على عروبة أرضها وسكانها وانتمائها الحضاري وثقافتها الإسلامية عبر التاريخ، ونفسه الموقع جعل من أرضها مستقرا آمنا للقبائل التي اتجهت لتأسيس تكوينات سياسية في سواحل الخليج، وله كان الأثر الكبير في مرحلة الصراع والتنافس بين البريطانيين والعثمانيين والذي أدى إلى أن تأخذ قطر طريقها نحو الابتعاد عن القوتين المتنافستين على المنطقة وتنحو نحو الاستقلال.
كما كانت الروابط العميقة والمتينة التي جمعت بين القبائل القطرية هي إحدى السمات الرئيسة المتعلقة بهوية المجتمع القطري والانسجام والتماسك الذي كان ولا يزال سائدا بين أفراد المجتمع القطري ومثَّل في الماضي كما هو اليوم سدا منيعا أمام أية أخطار خارجية
وكشفت الدراسة عن الحاجة الملحة والمتجددة لإعادة قراءة الأحداث التاريخية وتحليلها بما يعزز قيم الهوية العربية والإسلامية، وضرورة الاعتماد على المنظور التاريخي في تطوير وبناء وصياغة البراهين الفكرية والتصورات بشكل واضح ودقيق ومناسب بما يخدم نشر الوعي بين الشباب بالعوامل والجذور المتعلقة بذلك.
كما أكدت الدراسة على الدور الذي حققته أسرة آل ثاني في تعزيز الاستقلالية والسيادة في قطر من خلال مواقف سياسية وعلاقات متوازنة مع قوى الجوار والقوى الدولية الخارجية المتمركزة في المنطقة، وجعلت موضوع السيادة والاستقلالية أحد السمات الرئيسة لهوية قطر منذ نشأة الإمارة وحتى الآن.
تقاليع نرفضها رفضاً قاطعاً
في الماضي لم نكن نسمع في قطر هوس الــ (تيك توك) ولا تقاليع الـ (سناب شات) ولا ترند... اقرأ المزيد
54
| 28 ديسمبر 2025
إنجاز عربي تاريخي
في لحظة ثقافية فارقة، أعلن عن اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، المشروع العلمي العربي الأضخم من نوعه،... اقرأ المزيد
48
| 28 ديسمبر 2025
معجم الدوحة…. سيرة ومسيرة
شهدت قاعة كتارا في فندق فيرمونت في مدينة الوسيل حضورًا استثنائيًا رفيع المستوى لا مثيل له من المثقفين... اقرأ المزيد
36
| 28 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1932
| 24 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1134
| 22 ديسمبر 2025
تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في نسخة تحمل دلالات عديدة على المستويين التنظيمي والفني، حيث يؤكد المغرب مرة أخرى مدى قدرته على احتضان كبرى التظاهرات القارية، مستفيدًا من بنية تحتية متطورة وملاعب حديثة وجماهير شغوفة بكرة القدم الإفريقية. مع انطلاق الجولة الأولى للبطولة، حققت المنتخبات العربية حضورًا قويًا، إذ سجلت مصر والمغرب والجزائر وتونس انتصارات مهمة، مما يعكس طموحاتها الكبيرة ورغبتها الواضحة في المنافسة على اللقب منذ البداية. دخل منتخب المغرب، صاحب الأرض والجمهور، البطولة بثقة واضحة، معتمدًا على الاستقرار الفني وتجانس اللاعبين ذوي الخبرة. كان الفوز في المباراة الافتتاحية أكثر من مجرد ثلاث نقاط، بل رسالة قوية لبقية المنافسين بأن «أسود الأطلس» عازمون على استغلال عاملي الأرض والجمهور بأفضل صورة ممكنة. أما منتخب الفراعنة، صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب، فقد أظهر شخصية البطل المعتاد على البطولات الكبرى، وقد منح الانتصار الأول للفريق دفعة معنوية كبيرة، خاصة أن بدايات البطولات غالبًا ما تحدد الطريق نحو الأدوار المتقدمة. من جهته، أكد المنتخب الجزائري عودته القوية إلى الواجهة الإفريقية، بعد أداء اتسم بالانضباط التكتيكي والفعالية الهجومية. أعاد الفوز الأول الثقة للجماهير الجزائرية، وأثبت أن «محاربي الصحراء» يملكون الأدوات اللازمة للمنافسة بقوة على اللقب. ولم تكن تونس بعيدة عن هذا المشهد الإيجابي، حيث حقق «نسور قرطاج» فوزًا مهمًا يعكس تطور الأداء الجماعي والقدرة على التعامل مع ضغط المباريات الافتتاحية، مما يعزز حظوظهم في مواصلة المشوار بنجاح. كلمة أخيرة: شهدت الجولة الأولى من البطولة مواجهات كروية مثيرة بين كبار المنتخبات العربية والأفريقية على حد سواء. الأداء المتميز للفرق العربية يعكس طموحاتها الكبيرة، في حين أن تحديات المراحل القادمة ستكشف عن قدرة كل منتخب على الحفاظ على مستواه، واستغلال نقاط قوته لمواصلة المنافسة على اللقب، وسط أجواء جماهيرية مغربية حماسية تضيف مزيدًا من الإثارة لكل مباراة.
1059
| 26 ديسمبر 2025