رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. فاتن الدوسري

مساحة إعلانية

مقالات

678

د. فاتن الدوسري

الانشقاق الأطلسي العظيم

09 مارس 2025 , 01:00ص

يعد لقاء ترامب زيلنسكى الأخير في البيت الأبيض من الأحداث الفارقة في ذاكرة التاريخ، ليس فقط بسبب ما حدث فيه من مهزلة لم تشهدها العلاقات الدولية من قبل، حيث وجه ترامب لضيفه وابلا من الإهانات العنيفة على الهواء مباشرة ثم أمر بطرده من البيت الأبيض، واعلن عن إلغاء اتفاق المعادن؛ لكن أيضا شكل هذا اللقاء بحق مفترق طرق تاريخيا للتحالف عبر الأطلسي الذي يتشكل من الجناحين الأمريكي والأوروبي.

أراد ترامب من لقائه بزيلنسكى موافقة الأخير على صفقة المعادن وإنهاء الحرب الأوكرانية، في حين أصر زيلنسكى على توافر ضمانات أمنية أمريكية لقاء صفقة المعادن، وهذا هو ملخص مهزلة البيت الأبيض. وعلى إثر ذلك، قد بدا ترامب تماما غير منشغل بمستقبل أوكرانيا وخطورة الطموحات الروسية، ولا الأمن الأوروبي، كل ما يعنيه الاستحواذ على المعادن كتعويض عن نفقات واشنطن في الحرب، والظهور أمام الرأي العام الأمريكي بالرجل القوى الذي استطاع إنهاء الحرب كما وعد، ولتذهب أوكرانيا بكاملها إلى الجحيم.

كان من أبرز المفاجآت المدوية عقب هذا اللقاء، دعوة رئيس الوزراء البريطاني "ستارمر" زيلنسكى لزيارة لندن، وعقب لقائه معه أعلن عن دعم أوكرانيا بنحو مليار و 600 مليون لشراء نحو 5000 صاروخ. كما أعلن في هذا اللقاء عن تأسيس ما يسمى "تحالف الراغبين" لدعم أوكرانيا، وأشار إلى أن هناك عدة دول أوروبية كفرنسا والسويد والدنمارك على استعداد للانضمام للتحالف ودعم أوكرانيا في حربها مع موسكو.

إذ من المعروف أن السياسة البريطانية تسير على نغمة واحدة أو متطابقة مع السياسة الأمريكية، وعادة ما تغرد خارج السرب الأوروبي، والأغرب من ذلك أن ستارمر المحافظ يتمتع بعلاقة وثيقة مع ترامب.

وفى غضون أيام قليلة من هذا اللقاء، قال المستشار الألماني شولتز، والرئيس الفرنسي ماكرون في تصريحات صحفية منفصلة يجب على أوروبا الاعتماد عن نفسها. وفي سياق ذلك أيضا، قالت "أورسولا فون دير" رئيسة المفوضية الأوروبية، يجب دعم قوة أوكرانيا، كما يجب على أوروبا تعزيز قوتها الدفاعية بصورة عاجلة.

* مثلما كانت الحرب الأوكرانية فرصة قوية لترميم التوتر الأوروبي بعد جائحة كورونا، والاصطفاف القوي لمواجهة الخطر الروسي، مثل لقاء البيت الأبيض فرصة أقوى لأوروبا لتوطيد الاصطفاف وهذه المرة بقيادة بريطانيا التي توصف سياستها الخارجية بالتبعية لواشنطن.

إذ من الجلي أن أوروبا بصدد الوقوف بمفردها ودعم كل قوتها لمواجهة روسيا بمفردها بعد تبينها الواضح من نوايا وأهداف ترامب. والواقع أن أوروبا في مازق شديد؛ إذ أن إبرام صفقة هزيلة بين ترامب وبوتين على أوكرانيا سيعرض امنها لخطر محدق. فأوروبا لا تثق ببوتين ولديها شكوك حول نواياه بإعادة أمجاد السوفيتية على الأقل بالهيمنة على دول أوروبا الشرقية.

ومن ناحية أخرى، ترى أوروبا أن خطتها التي نفذتها منذ اليوم الأول للحرب عبر الدعم العسكري المستمر لأوكرانيا كادت أن تجنى ثمارها من خلال إضعاف روسيا وإجبارها على تقديم تنازلات كثيرة، ناهيك عن المليارات التي أنفقت على هذا الدعم، مقابل لا شيء إذا نجح ترامب في إبرام صفقة مع بوتين.

وعلى هذا الأساس، فالتحدي الأوروبي لترامب والمفاجأة بقيادة بريطانيا هذه المرة ليس مستغرباً، حيث باتت أوروبا برمتها تواجه خطرا شبه وجودي يستلزم التصرف بأي شكل لتقويضه؛ أي الاستمرار في دعم أوكرانيا عسكرياً ضد رغبة ترامب، وفي الخلفية الأكبر العمل الجاد على تقوية القوة العسكرية الأوروبية تمهيدا لتأسيس جيش أوروبي موحد بديلا عن الناتو الذي تتحكم فيه واشنطن.

* وفي التقدير الأخير، يعي القادة الأوروبيون منذ إدارة الرئيس أوباما أن الاعتماد التقليدي التام على مظلة الحماية الأمريكية لأوروبا قد باتت محل شك كبير، وذلك على خلفية انشغال واشنطن بالتحدي الصيني الأخطر. ومع ذلك، كانت فيما يبدو تعيش أوروبا على ثقافة التمني بأن واشنطن من المستحيل أن تتخلى تماما عنها، وهذا ما حدث بالفعل من خلال دعم إدارة بايدن القوي لأوكرانيا لكن-دون تدخل عسكري- وهو ما فاقم شكوك الأوروبيين حول الحماية الأمريكية.

لكن لقاء ترامب الأخير في البيت الأبيض قد أيقظ الأوروبيين من غفوة ثقافة التمني تلك، فالمسألة لهم لم تعد التحدي الصيني فحسب، بل في التوجه الانعزالي والالتفاف حول المصالح الأمريكية الضيقة فقط المتنامي بشدة في الداخل الأمريكي والذي دفع بترامب لتحقيق انتصار تاريخي في الانتخابات الرئاسية السابقة. وعلى ذلك، يتبدى أن الانشقاق الأطلسي العظيم قد بدأ للتو ولم يعد كما كان مطلقاً.

اقرأ المزيد

alsharq النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي... اقرأ المزيد

219

| 12 ديسمبر 2025

alsharq عام على رحيل الأسد وانتصار الشعب

كان منتدى الدوحة المنعقد يومي 6 و7 ديسمبر الجاري فرصة متاحة للرئيس أحمد الشرع حتى يستخلص العبر من... اقرأ المزيد

81

| 12 ديسمبر 2025

alsharq نسيج الإنسان في مدارس قطر

اسمي موناليزا… نعم، أعرف ماذا تفكّرون الآن! مثل اللوحة الإيطالية الشهيرة تمامًا، لكن بيننا فرق بسيط: هي تجلس... اقرأ المزيد

120

| 12 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية