رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تخصيص يوم عالمي للمعلم فيه الكثير من المعاني والمغازي والتوجهات الخُلُقية نحو المعلم، واحترام مهنته، واعترافا بجهوده مع تلاميذه. هذا، وقد حُدد السادس من أكتوبر من كل عام يوما للاحتفال بتكريم المعلم المعني بنشر العلم والمعرفة، لعلاقته الوطيدة بهما، حيث يرتبط ذكر كلٍ منها بالآخر؛ فحيثما يُذكر العلم يُذكر المعلم، وكلما ارتقت مكانة العلم في مجتمع ما، ارتفعت معها مكانة المعلم في ذلك المجتمع، وبقدر تكريم العلم، يُكرم المعلم. والعلمُ مُقدر من الله سبحانه وتعالى بدلالة ذكره في كتابه تعالى حيث تكررت كلمة (العلم) بشكل مباشر وغير مباشر في القرآن الكريم أكثر من 770 مرة حسب بعض المصادر.
وهذا العدد يفوق عدد صفحات القرآن الكريم التي لا تتعدى الـــ (604) صفحات، مما يعني أنه لا تكاد تخلو صفحة من ذكر الكلمة (العلم)، وإن خلت، فتتكرر في صفحات أخرى أكثر من مرة واحدة. وقد ظهر هذا التقدير في ذكر العلم في مواضع كثيرة وآيات قرآنية عديدة كقوله تعالى في سورة الإسراء "نرفع درجات من نشاء، وفوق كل ذي علم عليم" وقوله في آية أخرى "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا".
وبناء عليه، وترجمة لهذه الأهمية والتقدير للعلم ومكانته عند الخالق، فقد شجع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المؤمنين على طلب العلم، وحث عليه فقال: (من سلَكَ طريقًا يبتغي فيهِ علمًا سَهّلَ اللَّهُ لهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ... إلخ الحديثٍ). وقال صلّى الله عليه وسلم: (سلُوا اللهَ علمًا نافعًا، وتَعَوَّذُوا باللهِ منْ علمٍ لا ينفعُ). وقال: طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ. والأحاديث كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المقام.
وتشريفا للمعلم ورسالته السامية، قال صلى الله عليه وسلم.. "إنما بعثت معلما" وقال في موقف آخر "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وهل تتم مكارم الأخلاق، إلا بالعلم والتعلم الناجم عن التعليم وما يقوم به المعلم من دور ومهام. فقد كان معلم البشرية... محمد صلى الله عليه وسلم معلما مثاليا، حيث كان قدوة في سلوكه وقوله وفعله وتعامله في جميع مجالات حياته مع أهله وصحبه وكل من يلجأ إليه في السؤال والجواب، وفي الذهاب والإياب. فهو معلم الأمة الإسلامية خاصة، والبشرية كافة. وهذا شرف للمعلم أينما كان ويكون، وشرفٌ له أن يمتهن مهنة الرُسل والأنبياء وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم. وبذا، يكاد المعلم أن يكون رسولا، كما صدح بذلك أمير الشعراء/ أحمد شوقي حين قال: "قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا" فالمعلم بهذا المقام مُشَرَف مُكَرم مُبَجل بهذه المهنة وبرسالتها السامية العالية.
وها نحن هنا اليوم السادس من أكتوبر 2021 في كلية التربية – جامعة قطر، وفي اليوم العالمي للمعلم، نحتفل بتكريم المعلم، باعتباره رمز العلم والمعرفة، والدراية والخبرة من جهة. ومن جهة أخرى، ومن الناحية التربوية تحديدا، هو الأب الحنون، والمُربي الفاضل، وهو المُهذِب والمُؤدِب، والمُزوِد بالمعرفة، والمُبسط لها، والمُهيء للبيئة التعليمية، وهو المُرسِخ للمبادئ والقيم الأخلاقية في نفوس الناشئة، وهو المُشعل لنور العلم، والمُبدد لظلام الجهل، ومُنتشل المجتمع من مستنقع الظلام والضلال إلى بر الهداية والأمان، وذلك اقتداء بمعلم الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي علم الأمة، ونوّرها، وأخرجها من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام، وقاد بها العالم من شرقه إلى غربه، حاملا رسالة العلم والمعرفة، وموجها ومرشدا الأمة إلى صوابها. ولذا، وبعد كل هذا السرد في وصف المعلم الجاد في عمله، نخلص إلى أنه يستحق التكريم والتقدير والتبجيل، وما يكرم ويبجل إلا كريمٌ مُبجل.
وبالإشارة إلى الاستحقاق، نود الإشادة والاستحسان إلى لفتة كلية التربية بجامعة قطر في احتفالها باليوم العالمي للمعلم لهذا العام، والتي بادرت فيها الكلية بمسؤوليها المعنيين بالعملية التعليمية والقائمين عليها بتكريم أساتذتها الذين حققوا تقدما في عملهم وتدريسهم وأبحاثهم وخدمة مجتمعهم، ونالوا ترقياتهم الأكاديمية، وحصلوا درجات علمية أعلى، وذلك تقديرا لهم، وتشجيعهم وتحفيزهم على الإخلاص في العمل، ودفع العملية التعليمية إلى الأمام. إنها حقا سابقة، ولفتة رائعة، أن يُكَرم الأساتذة في يوم المعلم باعتباره يومهم العالمي، وأن يُقدَر كل من يحرص على الارتقاء بالعملية التعليمية في قطر، وعساها أن تكون سنة حسنة يتبعها الآخرون في البلاد العربية قاطبة. فالشكر كل الشكر للمسؤولين في كلية التربية بجامعة قطر والقائمين عليها على جهودهم في تنظيم الاحتفال باليوم العالمي للمعلم، وتكريم من استحق التكريم من أساتذة الكلية ومنتسبيها. ولذا، فننتهز الفرصة لنبارك للكلية احتفالها، ونهنئ كل المٌحتفى بهم من أساتذة وموظفين، ومنتسبي الكلية، والمعنيين بالعملية التعليمية في الجامعة، ومبروك، وألف مبروك على الترقية والتكريم، والسلام ختام.
كلية التربية – جامعة قطر
al-saai@qu.edu.qa
مكافحة الفساد مسؤولية عالمية
تعكس جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد والتي دخلت عامها العاشر، الأهمية... اقرأ المزيد
69
| 15 ديسمبر 2025
كأس العرب من منظور علم الاجتماع
يُعَدّ علم الاجتماع، بوصفه علمًا معنيًا بدراسة الحياة الاجتماعية، مجالًا تتفرّع عنه اختصاصات حديثة، من أبرزها سوسيولوجيا الرياضة،... اقرأ المزيد
75
| 15 ديسمبر 2025
في زحمة الصحراء!
يُخطئ كثيرون في الظنّ بأن الصحراء مجرد رمال وحصى وحرارة تُنهك الجلد وتخدع الروح، كأنها مكان مُفرغ من... اقرأ المزيد
78
| 15 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كلية التربية – جامعة قطر
al-saai@qu.edu.qa
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2325
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1221
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
792
| 10 ديسمبر 2025