رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فهد عبدالرحمن بادار

تويتر @Fahadbadar

مساحة إعلانية

مقالات

831

فهد عبدالرحمن بادار

الاقتصاد العالمي والهيمنة الأمريكية

10 فبراير 2025 , 01:03ص

في ضوء الأجندة الراديكالية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، كانت السمة البارزة في أحدث تقرير ربع سنوي حول توقعات صندوق النقد الدولي للاقتصاد العالمي هي مدى الاستمرارية في الاتجاهات الاقتصادية العالمية، الممتدة من اتجاهات عامي 2023 و2024. ويبدأ التقرير بالقول إن «الاقتصاد العالمي يحافظ على استقراره». ومن بين الأسباب التي أدت إلى حدوث ذلك توقع العديد من المستثمرين والاقتصاديين بشكل صحيح لفوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت في شهر نوفمبر الماضي، وبالتالي تم احتساب نتائج بعض التغييرات التي حدثت بالفعل.

وهناك إجماع على أن نمو الاقتصاد الأمريكي سيواصل تفوقه على معدل نمو الاقتصادات الغربية الأخرى، وأن الهيمنة الاقتصادية أو الجيوسياسية للولايات المتحدة الأمريكية لن تتعرض لتهديد كبير.

ويشير صندوق النقد الدولي إلى تباطؤ النمو العالمي وإن كان بمعدل طفيف، حيث انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأخير من عام 2024 بنسبة 0.1% فقط عن التوقعات. ويتوقع الصندوق تحقيق معدل نمو عالمي بنسبة 3.3% في عام 2025، مقارنة بمتوسط معدل النمو الذي بلغت نسبته ​​3.7% خلال الفترة من عام 2000 إلى 2019. ويعوض التعديل بالزيادة في الولايات المتحدة التعديلات المنخفضة في الاقتصادات الكبرى الأخرى. ومن المتوقع انخفاض معدل ​​التضخم العالمي إلى 4.2% هذا العام، وإلى 3.5% في عام 2026، لكن التقرير يشير إلى إمكانية ظهور مخاطر تضخمية غير قابلة للقياس.

وهناك بعض التباين في الأداء الاقتصادي بمختلف أنحاء العالم، وخاصة فيما يتعلق بالتضخم والسياسة النقدية، حيث توجد ضغوط تضخمية في الولايات المتحدة وبعض الاقتصادات الغربية الأخرى، بينما من المتوقع أن يستمر انخفاض معدلات التضخم في الصين وبعض الاقتصادات الأخرى.

ومن المتوقع استمرار معدل الدين العام والعجز المرتفع للغاية في الولايات المتحدة، ومن الوارد ارتفاعه كذلك. والدولار هو العملة الاحتياطية العالمية، وهو ما يمنح الولايات المتحدة الأمريكية قدرةً أكبر على الاقتراض مقارنةً بالاقتصادات الأخرى، ولكن ارتفاع العجز على مدى فترة طويلة قد يؤدي إلى حدوث مخاطر ملموسة. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن ارتفاع معدل الاقتراض الأميركي قد يؤدي إلى زيادة الطلب على رأس المال على مستوى العالم، وهو ما قد يترتب عليه ارتفاع أسعار الفائدة وربما تثبيط النشاط الاقتصادي في أماكن أخرى.

وربما يكون هناك تحيز غربي معين لدى بعض خبراء الاقتصاد في وصف النمو في الولايات المتحدة الذي يقل قليلاً عن 3% بأنه قوي، والنمو في الصين الذي يبلغ 4.7% بأنه ضعيف. ولكن الحقيقة هي أن الصين تحتاج إلى مستوى أعلى من نمو الناتج المحلي الإجمالي لتحقيق تحسينات مماثلة في مستويات المعيشة لأن الاقتصاد الصيني يركز على التصدير، وهناك سوق داخلية أصغر مقارنة بالوضع في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتبدو التوقعات لمعدل النمو في الولايات المتحدة البالغ 2.7% في عام 2025 أعلى بنسبة 0.5% عن التوقعات الصادرة في شهر أكتوبر، ولكن صندوق النقد الدولي أشار إلى أن آفاق النمو القوية للاقتصاد الأميركي تبدو قصيرة الأمد، حيث أن السياسة المالية المتساهلة، وإلغاء القيود التنظيمية المفروضة على الأعمال والأسواق المالية، وعدم القدرة على التنبؤ بالرسوم الجمركية، كلها عوامل تفرض مخاطر متوسطة وطويلة الأجل.

ومن الصعب التنبؤ بتأثير الرسوم الجمركية على التضخم. ولا نعرف حتى الآن ردود الفعل السياسية من جانب البلدان المتضررة على ذلك، وقد تكون الديناميكيات الناتجة معقدة. ولا تزال الولايات المتحدة تهيمن على الاقتصاد العالمي جزئيًا بسبب التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصادات الكبرى الأخرى. ومن الناحية الجيوسياسية، تُعد الصين القوة الوحيدة التي لديها القدرة على منافسة الولايات المتحدة. ولا يزال معدل النمو في أوروبا بطيئًا، وتحتاج البلدان الأوروبية إلى إعادة هيكلة اقتصاداتها إذا أرادت تحقيق تغيير ملموس. وشهدت روسيا ضرراً شديداً من جراء التكلفة البشرية والاقتصادية لغزوها لأوكرانيا.

وقد اتخذت الصين قرارات استراتيجية خلال فترة الكوفيد لأسباب سياسية، وهو ما أعاق نموها الاقتصادي. والآن هناك إدارة أمريكية جديدة عازمة على الحد من الواردات القادمة من الصين. وتحتاج بكين إلى اتباع سياسات بارعة في التعامل مع الرئيس الأمريكي الجديد الذي يتبنى مواقف صدامية ومعادية لها.

وبشكل عام، بينما يبدو الاقتصاد العالمي «مستقرًا» مع بداية عام 2025، فإن هذا الوضع قد لا يستمر لفترة طويلة.

مساحة إعلانية