رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ولد عبدالله ذو البجادين، في مكة المكرمة، يوم كانت لا تزال في ظلمات عهد الكفر والشرك، قبل أن يأتيها الفتح المبين، من رب العالمين، على يد رسوله الأمين، ولد لرجل من مُزينة يقال له عبد نَهْم، فرح هذا الوالد بمقدم ولده فرحا كبيرا، وشكر الآلهة وأثنى عليها، التي رزقته من الله ذلك الوليد، فرأى أن يسميه عبد العزى.
كان ذلك الوالد فقيراً معدِما، يسعى في كل يوم جاهداً مجتهداً، كي يكفل لنفسه، ولمن يعول الغذاء والكُسوة، وما يحتاجون إليه من ضرورات الحياة، ظل على ذلك مدة من الزمن وابنه عبد العزى، لا يزال طفلا صغيرا لا يعي شيئاً، لكن القدر من السماء شاء أن يموت الوالد، ويَذَر طفله يتيما فقيرا، لم يورّثه وأمَه مالا يكفيهما الحاجة إلى الناس، ويضمن لهما الغنى عنهم.
لَطف الله بذلك الطفل الصغير، وقيَّض له عمه الذي كان موسراً كريما، فكفل ابن أخيه كفالة حسنة طيبة، ونشأ في كنفه، يكرمه وينعم عليه، ويرعاه كأنه واحدٌ من أبنائه، لا يمنع عنه شيئاً، ولا يؤثر عليه أحداً، حتى شب عبد العزي، وهو لم يذق شيئاً من مرارة اليتم وقسوته، ولم يحس شيئاً من شدته وعنته.
كان عبد العزى يسمع في مكة كثيراً عن دعوة الإسلام، ويسمع أكثر من أحاديث الناس المتشعبة المختلفة ذات الشجون، عن رسول الله محمد، الذي هاجر إلى يثرب واتخذها موطنا يقيم فيه مبادئ وأركان وتعاليم الدين الموحى إليه من الله، وقد علم أن أناسا كثيرين قد اتبعوه والتفوا حوله، يؤيدونه وينصرونه، وعلم أنهم فريقان، مهاجرون وأنصار، وسمع ثم سمع صدقا، وعلم ثم علم حقا، وإذ ذاك قام في نفسه صراع عنيف، ودار في خَلَده جدال طويل، بما يشبه الثورة العارمة، التي لا يستطيع كبح سَوْرتها، ولا كفَّ لأْوائها، كانت تدفعه نحو التفكير الذي لا يعرف له حدّا، وتحمله على التغير الذي لا يرى له بداً، كل ذلك كان يُشعره بالهم والقلق والانزعاج، وهكذا استمر به الحال، بحيث لا يهدأ له بال، ولا يرى لنفسه راحة، لا بالليل ولا بالنهار، مدة من الزمان، حتى قدّر لنفسه أمرا، لا يرجع عنه أبداً.
لم يرَ عبد العزي مناصاً من مكاشفة عمه، ومصارحته بما في نفسه، وبما نوى عليه وعزم، من اتباع دين الإسلام، والهجرة إلى الرسول الكريم، بعد أن طوى هذا الأمر في نفسه طويلاً، وكان لا يحمل هما لشيء، إلا هم استجابة عمه الأثير عنده.
بينما كان عمه في الدار، رأى عبد العزى أن يطلعه على دخيلة أمره، فقال: يا عمِ إني قد انتظرت إسلامك مليّا، فلا أراك تريد محمداً، فأذن لي في الإسلام والهجرة. فصاح عمه في وجهه قائلاً: ماذا تقول يا عبد العزى؟ ماذا تقول يا بن أخي؟ يا ويحَ نفسِك؟
أبعد أن أكرمتك ونعَّمتك، ولم أوثر عليك أحدا من عيالي، ولم أمنعك شيئا من أموالي، تريد أن تتركني وتهجرني، وتفارق دين آبائي، وتلحقَ بمحمد، فتتبع دينه الجديد. وبحق الآلهة جميعا، إن لم تنثنِ وترتدع عما تريد من اتباع محمد، لأجرّدنّك ولأحرمنك من كل شيء أعطيتك إياه، حتى لا أترك في يدك شيئاً إلا نزعته منك، حتى ثوبك الذي عليك.
أجابه عبد العزى، بسكينة ورباطة جأش: يا عماه، يا أخا أبي، افعل ما بدا لك، وخذ كل ما تملك يدي، والله لا تجدني إلا صابرا، مستغفرا لك، مشفقاً عليك.
كانت أمه شاهدة وموافقة على رأي عمه، لا ترى ما يراه ابنها، ولا تؤيده عليه، فما كان من العم، إلا أن فعل ما قال وما أوعد، تماماً على الذي قال، وترك ابن أخيه سليبا عاريا في البيت، إلا قليلا مما يستر السوءة، وزادت أمه على ذلك، بأن قالت: وأنا سأحبسه في البيت، وأمنع عنه الخروج حتى يعدل عما أراد.
بقي عبد العزى على حالته تلك أياما، لم تزده إلا عزيمة وإصرارا، على الهجرة واللحاق برسول الله، وحلف ألا يأكل ويشرب، إن لم يخلوا بينه وبين ما اختار لنفسه، ولما رأت أمه منه ذلك، وأدركت أن ليس ثمة قوة ولا سلطان، يمكن أن يؤثر فيه، ويفلَّ تصميمه الحديد، يئست، من محاولة منعه وصده، وقال لها قلبها الذي هزته مشاعر الرقة والعطف: إن لم تدعيه وشأنه فسيموت لا محالة، ولا يمكن أن يعود عما صمم عليه. فكان منها أن أطلقته وقالت له: سرْ حيث شئت، وخذ هذا البِجاد – كساء غليظ- ثوبا لك. فأخذ منها البجاد فرحا مسروراً، وشكر لها وقبل رأسها ويدها، ثم إنه شق البجاد شطرين، اتّزر بشطر، وارتدى الآخر، فكانا له إزاراً ورداءً، لم يُرَ على أحد من قبله مثلهما، ثم انسل مسرعا من البيت لا يلوي على شيء مما وراءه، ومما تركه.
لا يمكن لأحدٍ أن يعلم ما الذي كان في نفس عبدالله حينئذٍ، وما الذي كان يشعر به وجدانه، غير أن نور الإيمان قد شعَّ في قلبه، وأضاء حناياه، وأوقع في صميم ضميره محبة الله ورسوله، والحب سلطان لا يُغلب ولا يكسر، ولا تزعزعه الظروف والأحوال في الدنيا.
ولا يمكن لأحدٍ أيضاً، أن يتصور مبلغ ما لقي في طريق هجرته من بأساء وضراء، دونها ما يلقى المسافرون، من وعثاء أسفارهم، فقد لقي ما لقي من عناء، ووجد ما وجد من شقاء، إلا أن الإيمان والمحبة، خففا وطأة ذلك كله، وهوّنا شدته، وأنالاه أيضاً بُغيته، إذ بلغ سالماً المدينة المنورة، مثوى رسول الله. ولا تعجب من فعل الإيمان والمحبة، وما يمنحان من قوة، وما ينيلان من بُغية.
حين بلغ المدينة، وهو على سمته ذاك بما عليه من بجادين، قصد المسجد النبوي، واضطجع فيه وقت السحر، يبتغي رؤية رسول الله، ولما رآه بعض الصحابة على هيئته تلك لقبوه بذي البجادين، وأقبلوا يسلّمون عليه ويحيّونه، ويستخبرونه عن شأنه، ثم صلّى رسول الله الصبحَ، وكان عليه الصلاة والسلام، يتصفح الناس إذا انصرف من الصلاة، فنظر إلى ذي البجادين، فأنكره، وقال: من أنت؟ فانتسب له. فقال رسول الله: بل أنت عبدالله ذو البجادين، وابتسم في وجهه، حتى بدت نواجذه، ثم قال: (انزل مني قريبا). فكان عبدالله من أضيافه، وكان يعلمه القرآن، حتى قرأ قرآناً كثيرا.
مضت الأيام والشهور الطوال، حتى أدرك عبدالله، يوم تبوك، في السنة التاسعة للهجرة، وخرج في جيش العسرة، لملاقاة الروم، وكان يوم تبوك آخر مشهد لرسول الله في الجهاد، وكأن إلهاما من الله أوحى إلى ذي البجادين، أن يسأل الرسول الكريم، الدعاء له بالشهادة، فيموتَ شهيداً في سبيل الله، فدعا له وقال:(اللهم احفظه من سيوف الكفار)، قال: ما هذا سألت يا رسول الله؟! قال: (إنك إن خرجت غازيا فمُتَّ، مُت شهيداً).
ثم إن جيش المسلمين نزل تبوك، واتخذ معسكرا هناك، وأقام أياما، وهو على أتم أُهبةٍ لقتال العدى، إلا أن الله قذف في قلوب الروم الرعب والخوف، فلم يتقدموا لمقاتلة المسلمين، بل تراجعوا وراءهم، وكفى الله المؤمنين القتال، وكتب لهم الظفر من عدوهم بغنيمة باردة.
في إحدى الليالي، التي قضاها المسلمون بأرض تبوك، أصابت عبدالله ذا البجادين، حمى شديدة، حُمَّ بها جسده، حتى قضى نحبه، ولقي ربه على أثَرها، راضيا عنه، ثم حدث في تلك الليلة الظلماء وفي معسكر المسلمين ذاك، أن قام عبدالله بن مسعود من الليل، وخرج من خبائه، فرأى شعلة نارٍ تخفق في جوف الليل، في ناحية من المعسكر، فمضى يستطلع شأنها، فإذا به يرى رسول الله، قائما في قبر عبدالله ذي البجادين، يرفع التراب منه، وإذا بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، واقفين على شفى القبر، ورسول الله يقول لهما:(أُدنيا مني أخاكما)، فوسّده في لحده، وإذ فرغ من دفنه، استقبل القبلة رافعا يديه قائلا:(اللهم إني أمسيت راضيا عنه فارضَ عنه)، وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، حينئذٍ ينظر بحزن ولهفة وذهول وهو يقول:(ليتني كنت صاحب الحفر، يا ليتني كنت). وهكذا شاء الله لذي البجادين، أن يفوز بالشهادة، على ذلك النحو، ولا راد لمشيئة الله تعالى.
ليس المجدُ لذةَ عيشِ الفتى، إنما المجدُ أن يموتَ الفتى مكرَّما.
المشهور الذي لم يعد مشهوراً
(ترويج «مشاهير التواصل» للسلع الرديئة يفقدهم المصداقية) جذبني هذا العنوان لدى تصفُّحي اليومي لموقع صحيفة الشرق القطرية وهو... اقرأ المزيد
84
| 25 نوفمبر 2025
معايير الجمال
منذ صغرنا ونحن نشاهد الأفلام والدعايات التي رسخت في عقولنا الشكل والجسم الذي يجب أن نظهر عليه. أتحدث... اقرأ المزيد
63
| 25 نوفمبر 2025
ارتفاع الإيجارات.. أزمة متنامية تستدعي حلولًا واقعية
يشهد سوق العقارات في دولة قطر ارتفاعاً متواصلاً في الإيجارات السكنية والتجارية على حد سواء، حتى أصبحت الإيجارات... اقرأ المزيد
81
| 25 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13467
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1791
| 21 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من المواطنين والمقيمين من أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في مدارس أجنبية بريطانية رائدة في الدولة بعضا من التجاوب من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي لا سيما وأن سعادة السيدة لولوة الخاطر وزيرة التربية والتعليم إنسانة تطّلع بمزيد من الاهتمام على ما يُنشر ويتم النقاش فيه فيما يخص الخطة التعليمية على مستوى المراحل الدراسية في قطر وتقوم بكل ما في وسعها لتحسين الأمور التي تحتاج للاهتمام ومعالجة كثير من المشاكل التي نوهنا عنها سابقا في سنوات سابقة ظلت معلقة لتأتي السيدة لولوة وتضع نقاطا على الحروف وهو امتياز حظت به الوزارة منذ أن تبوأت السيدة لولوة سدة الوزارة فيها باقتدار وحكمة ودراية دون قصور بمن سبقها لهذا المنصب التي رأت فيه تكليفا لا تشريفا وأبدت سعادتها به بمعالجة كثير من الأمور العالقة فيه فيما يخص المدارس والجامعات، ولذا نكتب اليوم وكلنا أمل في أن يحظى ما كتبناه سابقا شيئا من اهتمام سعادة وزيرة التربية التي لم نعهد فيها سوى ما يجعلها في مراتب عالية من الاحترام لشخصها والتقدير لعملها الدؤوب الذي أثبتت من خلاله إنها الشخص المناسب في المكان المناسب، بالنظر الى عقليتها والتزامها وتواضعها وقدرتها على تيسير الأمور في الوقت الذي يراها كثيرون أنه من العسر التعامل معها ولذا نجدد المناشدة في النظر لما أشرت له وكثير من المغردين على منصة X في الرسوم المالية العالية التي أقرتها إحدى المدارس الأجنبية البريطانية على بداية الفصل الدراسي الثاني بواقع زيادة عشرة آلاف ريال على كل طالب في حين كان يدفع أولياء الأمور من المقيمين ما يقارب 35 ألف ريال لتصبح بعد الزيادة هذه 45 ألف ريال، بينما كانت الكوبونات التعليمية الخاصة بالمواطنين تخفف من عاتق أولياء الأمور بواقع 28 ألف ريال فكانوا يدفعون إلى جانب الكوبون التعليمي سبعة آلاف ريال فقط ليصبح ما يجب أن يدفعه القطريون 17 ألف ريال بعد الزيادة المفاجئة من هذه المدارس التي باغتت كل أولياء الأمور سواء من المواطنين أو حتى المقيمين بالزيادة المالية للرسوم المدرسية بحيث يتعذر على معظم أولياء الأمور البحث عن مدارس أخرى في بداية الفصل الثاني من العام الدراسي لنقل أبنائهم لها، حيث لن يكون بإمكانهم دفع الرسوم الجديدة التي قالت إن الوزارة قد اعتمدت هذه الزيادات التي تأتي في وقت حرج بالنسبة لأولياء الأمور حتى بالنسبة للطلاب الذين قد تتغير عليهم الأجواء الدراسية إذا ما نجح آباؤهم في الحصول على مدارس أخرى مناسبة من حيث الرسوم الدراسية وهي شكوى يعاني منها أولياء الأمور سواء من المقيمين أو حتى المواطنين الذين يلتحق لهم أكثر من طالب في هذه المدارس التي يتركز موادهم الدراسية على إتقان اللغة الإنجليزية للطالب منذ التحاقه فيها أكثر من المدارس المستقلة التي لا شك تقوم موادها الدراسية على التوازن ولا يجب أن ننسى في هذا الشأن القرار الوزاري لسعادة السيدة لولوة الخاطر بتشكيل لجنة تأسيسية لتطوير وتعزيز تعليم القرآن الكريم واللغة العربية في مدارس الدولة برئاسة الدكتور سلطان إبراهيم الهاشمي وهذا يدل على حرص سعادتها بما بتنا نفتقر له في زحمة العولمة الثقافية والإلكترونية وعالم الذكاء الصناعي والتكنولوجيا المخيفة التي بدأت تطغى على مفاهيم وأركان وعادات وتقاليد وتعاليم دينية ومجتمعية كبرت عليها الأجيال المتتالية ولذا فإن الأمل لازال مركونا بالوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر في الالتفات لما تتضمنه شكاوى أولياء أمور، يأملون في تغيير مسار حل مشكلتهم الموصوفة أعلاه إلى مسار يطمئنهم معنويا وماديا أيضا ولا زلنا نأمل في جهود وزارة التربية والتعليم على سد فراغات تظهر مع القرارات المباغتة التي لا تخدم الطلاب وتؤثر بشكل عكسي على آبائهم بطريقة أو بأخرى، «اللهم إنَا بلغنا اللهم فاشهد».
1407
| 18 نوفمبر 2025