رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حالات الاكتئاب ترافق دائماً الوجوه، وافتقاد التواصل، والإحساس بالوحدة قد يكون في البيت الواحد، والأسرة الواحدة وقد انشغل كل واحد بنفسه، مكتفيا بعالمه الافتراضي الذي فصله على هواه مبتعداً به عن كل من حوله! ويحاول البشر التلاقي من أجل الرفقة، يتعارفون من خلال أجهزتهم، أو المنتديات، المستشفيات، النوادي، اقتناء الكلاب والقطط، أو دور العجزة!
ولعل دور العجزة قد أصبحت مطلب كثيرين من الذين استشعروا انشغال أولادهم عنهم، وعدم تفرغهم للعناية بهم، وقد عز عليهم خدمة أنفسهم، أو تناول علاجهم، أو طعامهم، أو استشعار الحرج من نظرات التأفف المكتومة، كثيرون من الآباء على امتداد الوطن العربي الجميل يفضلون مستشفيات العجزة ودفع رسومها عن شخط زوجة ابن، أو تأفف زوج ابنة، أو أي عيون تقول دون كلام ليس مرغوبا فيكم! كثيرون من الآباء يعانون وحدة عصية على الشرح لأوجاعها، قد تطل في نظرة ساكتة تحمل مرارة العالم، أو في ابتسامة باهتة مثقلة بأحاسيس الخزلان وقد أصبحوا بين أولادهم، وأحفادهم أحياء خارج الزمن، خارج الاهتمام، والسؤال، والإنصات، واللهفة، والأهمية، وتحولوا رقماً في عداد الأسرة لا حفاوة به، إذ كل ما عليهم أن يظلوا جلوساً في أماكنهم، أو أسرّتهم بانتظار الموت ليخلصهم من شعورهم بأنهم أصبحوا عبئا! وما أصعب هذا الشعور على قلوب آباء عاشوا العمر كله يبذلون الحب والحنان، والرعاية، والعناية، ويؤثرون أولادهم على أنفسهم دون تذمر أو شكوى!!
أسألك، عندك أم؟ عندك أب؟ أرجوك حاول أن تسعد أيامهما الأخيرة بكلمة، أو ابتسامة، أو قبلة حنان، أو هدية، ليس لأن آباءنا هم بركة بيوتنا وكنوزها، وإنما لأنك قد تتألم طويلا وأنت تتبع جنازة أحدهما بوخز شعور بالذنب لأنك قصرت، وأهملت، وانشغلت، وأحياناً تأففت، وغضبت، وتعصبت، ولأنك ستتأكد بعد حثو التراب على قبر أصدق من أحبك أن الكنز الذي دفن لن يعود أبداً، ولن يمكنك استدراك ما فاتك من تقصير!!
ما تقدم من مشاعر في مقالي هذا استدعاه مشهد أوجعني فوضعت على الورق ما اختلج في الروح من مشاعر، المشهد لأسرة تستعد للخروج في يوم العطلة لتناول العشاء في أحد المطاعم، الكل سيخرج، الأولاد، الأحفاد، ومعهم أيضاً الخادمة لترعى صغيراً لا تستطيع أمه الركض خلفه وقد تحرك، كان الأمر عند تلك الأسرة (عادي) لكن بالنسبة لي لم يكن (عادي) لأنهم سيخرجون ويتركون الجدة وحدها بالبيت، رغم أني أتصور أن كرسياً متحركاً تدفعه الخادمة يمكن أن يشرك الجدة بالصحبة العائلية، دون الشعور بالإقصاء، أو الوحدة خاصة أنها تستطيع المشي قليلاً إذا استندت على يد أحد، وفي ذات الوقت لن يكلف شراء كرسي متحرك للجدة شيئاً ذا بال لتخرج من شرنقة الوحدة وهي التي بذلت الحنان والرعاية والحب دون حساب، ربما مس كلامي قلبك الذي لم ينتبه أنه يمكن أن يقدم دفقات حنان تسعد كائناً ضعيفاً بلغ من الكبر عتياً، ياريت تجرب أن تكون الساقي وقد جف الماء، والمحسن وقد انزوى العطاء، والبار وقد علا صوت العقوق، والسائل عن المتعبين وقد عز السؤال! جرب أن تكون للذين أحبوك بسمة المحزونين الصامتين، المهمومين الدامعين، جرب أن تكون ضوءاً، ظلاً، بلسماً، رحمة، فرحة في زمن سافر فيه الفرح ولم يعد!
* * * كلمات من القلب
* إذا كانت قلوب كالورود تحيطك بالدعاء، والرجاء، فلا تخف ولا تحزن.
* سيظل أجمل ما نهديه قلوبا صافية، ومحبة ضافية، ووفاءً لا يذبل.
* * يا بختك يا لنجاوي
* ما من مرة قابلني فيها بكريدور الإذاعة، أو الأستوديو، إلا ودس يده في جيبه ليخرج لي "بومبونايه، أو لبنايه، أو شيكولاتايه" ويقول مازحاً "اتفضلي يا ست هدى" ولما كنت أعتذر يتعمد أن يكلمني بالمصري "مترجعشي يعني مترجعشي" ثم ينتقل إلى تقليدي وأنا أحاور ضيفاً أو أقدم على الهواء فقرة، ويضحكني رغم الانشغال، أو العجلة، أو حتى الحزن، ثم يمضي موزعاً بومبوناته، وقفشاته، وضحكاته على كل مكتب يمر عليه وهو محاط بقافلة من الأطفال في طريقهم معه للأستوديو، وماما (أمينة) ليضج الأستوديو مهللاً لكل ما يقوله "أبو لنجا" حقيقة لم أفاجأ بعدد من تبع جنازته من كبار وصغار أحبوه؛ فلقد كان اللنجاوي على بساطته روحاً ودودة، وطفلاً كبيراً، ونفساً صافية لم تغادرها براءتها الأولى، وكذا كان يتمتع بسلامة صدر لا يخطؤها أحد، سافر اللنجاوي الذي كان يوزع الضحكات، كما يوزع علينا "البمبوني" غادرنا الرجل الباسم، البسيط، الطيب مصحوبا بحب الناس ودعائهم ليخطر على بالي ما قاله صلاح جاهين:
هيجي اليوم وهكون ذكرى
وناس تنسى وناس فاكره
مين في الدنيا دي حيدوم
ومين ضامن يعيش بكره
اللهم ارحم زميلنا العزيز محمد اللنجاوي رحمة واسعة، واجعل آلام مرضه في ميزان حسناته، ومتع روحه بالسرور كما كان بسمة في دربنا.
* * * طبقات فوق الهمس
* كلما زرت المستشفى ورأيت وجع المتوجعين، وصبرهم، واحتسابهم، أدركت حجم تقصيرنا في شكر الله على نعمة العافية.
* رغم الخراطيم المزروعة بيديها، كانت ترفع المصحف لتقرأ وردها، منظرها سؤال يقول يا أصحاب العافية، والوقت الطويل الفارغ من الذكر متى تنتبهون؟
* للصديقة الحبيبة "دانة" دعوات قلبية صادقة إلى الرحمن الرحيم أن يمن عليك بالشفاء العاجل، وأسأله أن تكون يده قبل يد طبيبك، ورحمته قبل مشرط جرّاحك، وأن يفيض عليك كامل الصحة وموفور العافية.. دعواتكم.
القمة السعودية - الأمريكية تعزز الدور الخليجي بقيادة المنطقة
برغم أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس الوزراء السعودي ليس رئيس دولة - ولكن حرص الرئيس... اقرأ المزيد
81
| 23 نوفمبر 2025
مــا كـان ومـا هو الآن فـي غزة
اقرأوا معي هذا الخبر: «ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى... اقرأ المزيد
66
| 23 نوفمبر 2025
الصراع يبدأ
قرار مجلس الأمن أوقف اطلاق النار وأوقف حرب الابادة وأوقف التهجير القسري وأوقف القتل اليومي وفتح المسار لحل... اقرأ المزيد
81
| 23 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
12390
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1770
| 21 نوفمبر 2025