رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
وَقفتي عند مذكرات بنت جاسم لن تكون وقفةً عامَّة، بل ستكون وقفات متعدِّدة عند كل محطَّة من محطَّات قطار الكواريَّة في حياتها.
فَمَن يقرأ مذكَّرات بنت جاسم سيجد أنَّها مزيجٌ ما بين تجارب وخواطر الكاتبة، والتي استطاعت بطريقتها الفنيَّة وأسلوبها القَصَصي المواءمة بين هذه التجارب وتلك الخواطر لكي تُقدِّمها للقارئ على أنَّها عصارة تجارب الحياة وخواطرها، فيكتشف القارئ من خلال قراءته شخصيَّة الكاتبة ويعرف مبادئها في الحياة.
ومن بداية وَقفتنا النقدية انطلقنا من «بداية الكاتبة» وإنَّني متأكِّدٌ أنَّ الحروف والكلمات التي لم تُصرِّح بها الكاتبة لأحد هي التي تَتكلَّم عن الكاتبة، وهي التي تُعبِّر عن طموحها اللامحدود، وعن أفكارها الجريئة، فكانت أوَّل خطوة لهذا الطموح اللامحدود، ولهذه الأفكار الجريئة ولادة دار النَّشر «روزا»؛ فُربَّ تلميحٍ أبلغ من تصريح أبدعت به بنتُ جاسم. والقهوة المرَّة التي رَوتها الكاتبة ما هي إلا قهوة التفاؤل وإعادة تكوين الذَّات إيجابيَّاً من خلال التنفُّس العميق بشكل إيجابي، وألا نَجعلَ لشوائب الحياة مَمرَّاً لضيق النَّفس الإيجابي. ما أروعَ الكاتبة عندما وَضعت للعابرين في حياتنا قيمةً إيجابية تُساهم في جَبر خواطرنا كما يَفعل المقرَّبون والماكثون في حياتنا، إنَّ ابنة جاسم لم تَجعل العابرين خَطَّاً هامشيَّاً في حياتنا، بل آثرت أنْ تُدخلهم في عمق الحياة الإيجابية وصُلبِ تفاؤلها. وما يَجول في خاطر الكواريَّة ما هو إلا فلسفة الكاتبة في تَقبُّل الخطأ ومعالجته، وهي فلسفة مثاليَّة تَفوح بالإيجابية التي تَسير مع النَّمط الإيجابي لمذكَّرات الكاتبة، فهذا التزاوج ما بين مذكَّرات الكاتبة وما يَجول في خاطرها ما هو إلا كميَّة التفاؤل والإيجابية التي تَفيضُ بها روح الشاعرة. ما أجملَ علب الحلوى التي دَفعت الكاتبة للغوص في أعماق الشيء لِتكتشف سرَّه، فالكاتبة لا تَقبل الوقوف عند شاطئ الأشياء مُتغنِّيةً بالجمال الظاهري فقط، فنحن أمام كاتبة اِمتلكت تجارب كثيرة في الحياة وَلَّدت لديها الخبرة الكافية للغوص في أعماق الشيء حتى تكتشف الدرَّ الثمين من المزيَّف. تَسرد لنا الكاتبة قصصاً من واقعها هي عبارة عن وصفات إيجابية جميلة ومختصرة من أجل تَغيير واقعنا من السلبي إلى الإيجابي، ومن التشاؤم إلى التفاؤل بخطوات بسيطة، فسبحان الله الذي مَنح ابنةَ جاسم كميَّة التفاؤل هذه والإيجابية.
نَقف عند فقرة «قابل للتنازل» لِنرى من خلالها كيمياء الكاتبة في تَحليلها لفلسفة التنازل في الحياة، فتدعونا بنتُ الكواري إلى التنازل عن كلِّ ما يَضرُّنا ويُقيِّدُنا؛ لأنها كالعناصر الخاملة كيميائيَّاً؛ لا تُفيدُ شيئاً عندما تَتَّحدُ مع حياتنا الإيجابية، فالكاتبة تَبحث عن عناصر نَشطة تَتَّحدُ مع طاقاتها الإيجابية وتَتفاعل معها لتَلدَ لها حياة كريمة ملؤها التفاؤل والإيجابية.
تَضبط الكاتبة لنا توازننا في الحياة من خلال «كلَّك ذوق»، فتفاؤلنا وطموحنا في الحياة لا يجب أنْ يُنسينا ذوقنا تجاه الآخرين، فذوقكَ هو سرُّكَ الذي تَبوح به للآخرين. أجزمُ يَقيناً بأنَّ مذكَّرات بنت جاسم عبارة عن رحلة أدبيَّة وعلميَّة بنفس الوقت، فها هي الكاتبة تَنتقل بالقارئ من مختبر الكيمياء إلى تجارب الفيزياء من خلال فقرة «بالصدفة»، فالنجاح في فلسفة الكاتبة هو قانون فيزيائي يبدأ بالتخطيط ثم السَّعي لتحقيقه، وهذا السَّعي هو رَدُّ الفعل الذي يجب أنْ يكون مغلَّفاً بالصبر والتَّحمل والابتسامة، فإذا لم يكن كذلك فهو نجاح مزيَّفٌ.
أجمِل وأكرِم بالدكتورة عائشة وهي تَعتزُّ بلغتها وثقافتها وهويَّتها العربية والإسلامية، وما هذا الاعتزاز إلا انعكاس لداخلها، وانعكاس لطموحها اللامحدود في إظهار الوجه المشرق لكلِّ مكوِّنات حياتها وتفاصيلها.
لقد ركَّزت الكاتبة على قيمة العدل، وتَركت للقارئ استنتاج هذه القيمة من خلال ربطها بالطموح وتحقيق الأحلام، وكأنَّ بالكاتبة تقول للقارئ: إذا تأخَّر تحقيق حلمك وطموحك فلا تَتعجَّل الحقيقة بظلم نفسكَ وظلم الآخرين، بل اصبر وحافظ على عَدلِكَ مع نفسك ومع الآخرين.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
1470
| 20 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025