رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بلغت الأزمة السورية مداها من القتل وسفك الدماء وتدمير البنية التحتية والتاريخية والتراثية للوطن، والذي يوشك على الدخول في منطقة إهدار الإمكانية والتلاشي، إن لم تنتبه نخبه السياسية، سواء المصرة على البقاء في دائرة السلطة والحكم والتحكم، أو التي تقيم بخانة المعارضة في انتظار اللحظة التاريخية لإزاحة "النظام" والذي بدوره يبدي تمسكا بقبضته، ومع ذلك، فإن كلا الطرفين باتا في وضعية يمكن وصفها بالضجر والملل والسأم - والتعبير للدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية – جراء عجز أحدهما عن حسم الصراع لصالحه وفي الوقت نفسه تفاقم الكلفة الناتجة عنه، لاسيَّما على صعيد البشر بعد أن تجاوزت أعداد القتلى المائتي ألف شخص مع عشرات الألوف من المصابين والمفقودين والمعوقين، فضلا عن تزايد مخيف في أعداد اللاجئين بالخارج والنازحين بالداخل والتي تتراوح بين 12 و13 مليون سوري يكابدون عذابات المنافي والترحيل والبؤس في المطارات والموانئ ومنافذ الدخول والتي يعاملون فيها بصورة تتنافى مع القواعد الإنسانية، فضلا عن رداءة العيش في خيام بالمناطق الحدودية بدول الجوار، لا تمتلك القدرة على الصمود في مواجهة موجات الصقيع والعواصف الثلجية التي حاصرتها وعذبت قاطنيها وبعضهم -خاصة من الأطفال وكبار السن - لقي حتفه من فرط برودة استثنائية تفرض سطوتها دون قلب.
ويمكن القول، نسبيا، إن هذا الشعور بالضجر والسأم والملل هو الذي دفع الطرفين: النظام والمعارضة، إلى الاقتناع بأن الخيار المتاح أمامهما هو الحل السياسي ولا خيار غيره، وهو ما حرصت كل الأطراف الإقليمية والدولية الضالعة في الأزمة والمتحالفة معهما، على تأكيده في الآونة الأخيرة على نحو تجلى بوضوح في كل الطروحات التي خرجت من عواصم هذه الأطراف بما في ذلك الجامعة العربية، الأمر الذي انعكس في إبداء الطرفين قدرا من الرضا والقبول للتعامل مع المبادرة الروسية التي تدعو إلى الحوار بينهما، وإن بدت بعض التباينات الشكلية، لاسيَّما أن موسكو وجهت دعوات إلى قيادات من المعارضة بصورة شخصية، وهو ما دفع إلى استياء قيادة الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، وهو ما ينبغي عليها أن تصححه، بحيث تتعامل معه، باعتباره رقما مهما في معادلة المعارضة والذي يحظى باعتراف إقليمي ودولي واسع، وذلك حتى تتسم مبادرتها بالموضوعية والحيادية، حتى وإن كانت هي الحليف الأكثر دعما لدمشق إلى جانب إيران، عسكريا وسياسيا واقتصاديا، مما وفر للنظام الاستمرار حتى الآن، رغم خسارته مساحات شاسعة من البلاد، وخضوعها في الفترة الأخيرة لقبضة تنظيم داعش وجبهة النصرة، والتي تشير تقارير إلى سيطرتهما على مساحة تصل إلى حوالي 35 في المائة من مساحة سوريا، بينما تسيطر المعارضة التي توصف بالمعتدلة وفي مقدمتها الجيش الحر، على نسبة تقترب من 25 في المائة من البلاد.
وفي هذا السياق، فقد أبدت الحكومة السورية موافقتها على الانخراط في حوار موسكو المرتقب، في حين بدأت أطراف المعارضة - باستثناء داعش وأخواتها – استعداداتها لهذا الحوار، عبر عقد جلسات وورش عمل لبلورة وثيقة موحدة، تعبر عن معارضة الخارج التي يمثلها الائتلاف الوطني ومعارضة الداخل التي تجسدها هيئة التنسيق الوطنية، وبعضها عقد في القاهرة ثم في دبي وإسطنبول مؤخرا، وتشير المعلومات المتاحة إلى التوافق على أغلب بنود هذه الوثيقة الموحدة، والتي تعتمد على بنود الأطروحة التي قدمها الائتلاف لمؤتمر جنيف 2 وتتكون من 24 بندا وخارطة طريق أعدتها هيئة التنسيق.
وتمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أهم ما تم التوافق عليه:
أولا: تشكيل هيئة حكم من ممثلين للنظام وممثلين للمعارضة، خلال الفترة التي ستعقب الاتفاق على إنهاء الصراع الدموي، والدخول في الحل السياسي في مؤتمر موسكو، إن قدر له الانعقاد أو في مؤتمر جنيف 3 وهو ما تحاول دوائر إقليمية ودولية باتجاهه كبديل للعاصمة الروسية، وتكون مهمة هذه الهيئة الإشراف على وقف كامل لإطلاق النار من خلال اتخاذ إجراءات فورية، لوقف العنف العسكري وحماية المدنيين وإرساء قواعد الاستقرار مع الاستعانة بمراقبين دوليين.
ثانيا: تشكيل حكومة انتقالية قد تأخذ شكل حكومة وحدة وطنية، لإدارة شؤون البلاد خلال الفترة الانتقالية المقرر لها ثلاث سنوات، وتتكون من الطرفين، تتولى القيام بعدد من الإجراءات، من بينها إعلان وقف الدستور الحالي وتكليف لجنة من الخبراء الدستوريين والقانونيين لوضع لائحة دستورية مؤقتة للمرحلة الانتقالية، ريثما يتم إعداد وإقرار دستور ديمقراطي جديد ودائم، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في أحداث العنف التي رافقت اندلاع التظاهرات السلمية التي انطلقت في مارس من العام 2011، والكشف عن قتلة المتظاهرين ورجال الجيش ومحاكمتهم، وتشكيل لجنة للمصالحة الوطنية، فضلا عن متابعة الأحوال اليومية للمواطنين والبدء في ترميم ما تعرض للتدمير والتخريب.
ثالثا: لا تفريط في الجيش السوري العربي، والتمسك ببقائه، مجسدا المؤسسة العسكرية الوطنية، غير أن ذلك سيتطلب العمل على إعادة هيكلته وبنائه على أسس مغايرة لما كان عليها.
رابعا: إعادة المؤسسة الأمنية بطريقة احترافية، وبمنأى عن الأطر التي كانت تحكمها، بحيث تكون معبرة عن التوجهات الديمقراطية الجديدة وتضم كافة شرائح المجتمع السوري.
خامسا: التأكيد على عدم إعادة تكرار تجربتي العراق وليبيا في سوريا، من خلال تجنب المحاصصة السياسية بالذات، والإبقاء على مؤسسات الدولة لتكون النواة التي تنطلق منها عملية إعادة البناء الجديدة بمشاركة كافة القوى الحية للمجتمع.
ولحسم بعض جوانب التباينات فإن القاهرة - والتي تحظى برضا طرفي الأزمة السورية الحكم والمعارضة - ستستضيف حوارا تحت رعاية مصر لمختلف رموز المعارضة السورية بكل أطيافها، وبمشاركة فاعلة من شباب الحراك الثوري بالداخل - قد يعقد في النصف الثاني من يناير الجاري - لتوفير المزيد من مساحات التوافق فيما بينها، على الرؤى الموحدة قد يأخذ ما يتم الاتفاق عليه مسمى إعلان القاهرة وذلك، قبل التوجه إلى موسكو في حوار مبدئي في الأسبوع الأخير- ووفق ما هو متاح من معلومات - فإن أهم قضية خلافية تتعلق بموقع الرئيس السوري بشار الأسد في المعادلة السياسية القادمة وهو ما قد ينطوي على خطر استمرار حالة انقسام المعارضة.
إن الثورة السورية تواجه في المرحلة الراهنة، تحدي البقاء سعيا لتحقيق أهدافها التي تنسجم مع طموحات الشعب السوري، الذي دفع وحده ثمن تحديه لسلطة النظام، الذي بادر باللجوء إلى العنف المفرط في قوته، عبر استخدام كل أسلحة الجيش، برا وجوا، وأبدع نوعا جديدا من آليات القتل ضد شعبه، والذي يتمثل في البراميل المتفجرة ، التي تدك بها طائراته التي كان من المفترض أن توجه إلى العدو الحقيقي الذي ما زال محتلا للجولان منذ العام 1967، منازل وممتلكات هذا الشعب. وإذا كان الخيار العسكري لم يسهم في إنجاز هذه الأهداف خلال السنوات الأربع المنصرمة، لأسباب تتعلق أساسا بعجز المجتمع الدولي عن التدخل بفعالية من خلال ممارسة ضغوط - كان قادرا على ممارستها ضد نظام بشار الأسد، وانتهاج قواه المؤثرة لسياسات نفعية أبقت على الأزمة مشتعلة، دون أن يقدم العون الذي كان بوسعه أن يغير المعادلات على الأرض، خاصة على الصعيد اللوجستي للمعارضة الحقيقية، فضلا عن إصرار كل من روسيا وإيران على تقديم كل ما من شأنه الإبقاء على النظام، لأسباب تتصل بالصراع والنفوذ الدولي والإقليمي، فإن مقاربات سياسية باتت من الضرورة بمكان، حتى لا يقفز على الثورة وأهدافها تنظيمات وجماعات رفعت راية الإسلام، لتحقيق أهداف لا تنسجم مع تطلعات الشعب السوري الصابر والمثابر.
جوهر الكلام: صرخات ثقيلة تحت سماء ملبّدة!
تتنوع مُسمّيات (المطر) في لغة العرب تبعا لشدته وغزارته، ومنها الرشّ: وهو أول المطر، والطّلّ: المطر الضعيف، والرذاذ:... اقرأ المزيد
267
| 21 نوفمبر 2025
«ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»
عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة... اقرأ المزيد
303
| 21 نوفمبر 2025
ظلّي يسبقني
في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ أن ظلّي صار يسبقني. لا أعلم متى بدأ ذلك، ولا متى توقفت أنا... اقرأ المزيد
132
| 21 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
5208
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1398
| 14 نوفمبر 2025