رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لا شك أن أي نظام سياسي في العالم لا يقبل التعايش مع شعبه بقبول الرأي الآخر أو استيعاب المعارضين له بوجه حقيقي مقبول ويعمل فقط قولاً وفعلاً وحالا على استئصال هؤلاء وتحطيم وجودهم الذاتي نهائيا – كما كان في الأنظمة السياسية الشيوعية والنازية – هو نظام قمعي فاشل ومهما ظن وتوهم أنه يبقى فسيزول كما زالت تلك النظم المستبدة لأن قوة الشعوب وجهادها أشد وأقوى، وكما يذكر الأستاذ صاحب الربيعي في كتابه الصراع والمواجهة بين المثقف والسياسي أن الجنرال نابليون لما اقترح غزو انجلترا وإسقاط الامبراطورية البريطانية أجابه "توماس بين": يجب أن تدرك أيها الجنرال أن في انجلترا شعبا وامبراطورية فإن كنت تستطيع إسقاط الامبراطورية فلا سبيل لك إلى قهر الشعب. ومن هنا أكد مصطفى صادق الرافعي أن الحق أقوى من القوة وأن الشعب أقوى من الحكومة وأنه من نهاية الصراع سيكون النصر للذي يحتمل الضربات لا للذي يضربها.
وفي المشهد السوري الأليم اليوم نرى ظلماً وإجراماً لا نظير لهما في بلاد أخرى ونلحظ أن عصابة الأسد ومن والاهم يظنون أنفسهم أقوى من الامبراطوريات العظمى وأنهم سيمحون أوروبا من الخريطة كما تبجح وليد المعلم – بفتح اللام – وأنه طالما أن الروس الشبيحة خاصة بجانبهم فإن لهم الغلبة وإبادة من يسمونهم إرهابيين وهم وحدهم الإرهابيون إن الشعب الصابر المصطبر سوف يلقنهم كل درس يقذفهم في مهاوي الردى رغم كل الممارسات اللاشرعية واللاقانونية ضده، ومن يتأمل أفعال هؤلاء القتلة ومصاصي الدماء ومنتهكي الدين والقانون الدولي يدرك تماما أنهم ليسوا من جنس البشر أبدا وأنهم وحوش في غابة يقودها هو كما قادها ظلما أبوه الأسد من قبل فهل يبقى الأسد أسدا والحال أنه يدير ظهره للصهاينة تاركا الجولان يئن من احتلالهم متقدما بوجهه الكالح ضد الشعب الأعزل المطالب بالحرية؟
أسد عليَّ وفي الحروب نعامة
فتخاء تنفر من صفير الصافر
إن الوضع المأساوي الذي تعيشه سورية اليوم وخاصة مدينة خالد بن الوليد رضي الله عنه حمص الأبية وما يرتكب في حقها من المجازر الوحشية التي لم يفعلها نيرون وهولاكو في زمن التغني بحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، إن هولوكوست حمص الصامدة يفوق ما جرى لليهود من النازيين، فالقصف العشوائي على بابا عمرو وحي الإنشاءات بوجه خاص هناك وسقوط مئات القتلى والجرحى والأطفال والنساء والشيوخ وتهديم الممتلكات وقطع الماء والكهرباء واعدام الطعام وضرب المشافي الميدانية، وتقطيع الأجساد البشرية إرباً إرباً والهجوم الطائفي على عوائل السنة، كما حدث في ذبح ثلاث منها بتسعة عشر فرداً من خيرة عوائل حمص إلى غير ذلك من الفظائع الأسدية، إضافة لما يرتكب في درعا الصامدة من قتل وانتهاكات وما يجري في حماة المجاهدة من اعتقالات للعوائل فاقت الثلاثمائة وقصف المنازل وما يجري في إدلب وجبل الزاوية المجاهدتين وكذلك في القورية المتحدية وبقية قلاع سورية، إن ما شاهدناه ونشاهده اليوم من استمرار القمع وجريان شلالات الدم ليدل دلالة قاطعة على أن المجتمع الدولي مفضوح تماماً أمام عصابة لم يستطع أن يوقفها عمليا عند حدها وأن المسؤولية شرعاً وقانوناً تلاحق الجميع وإن كان يتصدرها وحوش الغابة الأسديون الذين ما عرفوا ولم يعرفوا للسياسة أخلاقا إلا حسب رؤيتهم الحمقاء فإذا كانت سلطة هؤلاء تعتبر أن الثوار السلميين في سورية أو المدافعين عن أنفسهم وعنهم هم البغاة عليها فإن هذا لا يستقيم البتة بل إن هذه السلطة الغاشمة هي الباغية على الشعب حقا ولقد عرف الفقهاء المسلمون البغي بأنه الخروج بغير حق على الإمام الحق، فهل خرج المتظاهرون العزل منذ البداية على هذا الظالم بحق أم بغير حق وهل هذا الإمام الجائر هو إمام حق أم إمام باطل وقد قال الفقهاء كما أورد ابن عابدين خاتمة المحققين في كتابه رد المحتار 3/310 أنه إذا خرج جماعة على إمام ظالم لا شبهة في ظلمه وجب على جميع الناس معاونتهم فيعينهم المسلمون وغيرهم للتخلص من حاكم قاتل سفاحا حفظ لدماء المسلمين وممتلكاتهم وقد نقل الشوكاني وغيره من العلماء أن الخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم ألا من محكم لضميره فيما يجري على أهلنا اليوم، ألا من منصف وقائل إن مصداقية هؤلاء وروسيا والصين وإيران وحزب الله ومالكي العراق ومن يقف معهم هي تحت الصفر بمئات الدرجات كما هي درجة البرودة هذه الأيام الثلجية في بعض البلاد، لقد جن جنون الأسديين فبدأوا المحتجين بالقتل والجرح بل واختطاف النساء والاعتداء على الشيوخ، وهم يدعون أنهم علويون وقد ذكر الماوردي في الأحكام السلطانية ص 62 أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقول حتى للخوارج الذين آذوه: لكم علينا ألا نمنعكم مساجد الله ولا نبدأكم بالقتال، مع أن المعادلة اليوم ظاهرة أن السلطة الظالمة هي التي تقتل وهي الباغية على شعبها المظلوم وحتى لو سلمنا – جدلاً – أن هذه السلطة تعتبر من يناوئها باغيا وهذا مستحيل فقد ذكر الفقهاء أحكامهم التي من أهمها: أن يقصد بقتالهم ردعهم لا قتلهم ولا الانتقام وإيقاع الأذى بهم، وأنه لا يجوز الإجهاز على جريحهم وما أكثر ما يفعلون هذا بالجرحى فيموتون بل قتلوا 19 طبيباً مع الجرحى في دوما/دمشق منذ أربعة أشهر، وقال الفقهاء: لا ينصب عليهم العرادات (المنجنيق) ولا تحرق مساكنهم ونخيلهم ولكن ما أكثر ذلك وأفظعه، وكذلك قالوا: لا يجوز قتلهم بعد أسرهم، وما أكثر ذلك أيضا والعدد أكثر من أن يحصى، ونحن نعرف سماحة الإسلام ورحمته حتى بالأعداء في الحروب فلا يجوز قتل السكان الآمنين غير المقاتلين، ويحرم قتل النساء والأطفال والأجراء والفلاحين، والتجار والرهبان والشيخ الفاني ولا تستباح ممتلكاتهم ولا يعقر شجرهم ولا تفل مزارعهم وتحرق ولا تقتل المواشي والدواب، إلا لمأكلة ضرورية وإذا ارتكبت أخطاء من أفراد بعينهم، فيجب أن يحاسبوا فهل بعد كل هذه الدماء حاسب بشار وعصابته واحدا منهم بل قال لمن قابله من العلماء إن خالته اتصلت به هاتفيا كي يبقى عاطف نجيب ابنها في منصبه فأجابها: عند انتهاء الاحتجاجات سوف نعيده! أما قانونيا فإن القانون الدولي الإنساني يمنع كل هذه الممارسات من قتل وجرح ونهب واغتصاب واستهداف للممتلكات وخاصة دور العبادة والمشافي ومنذ عام 2001 كانت 189 دولة طرفا في اتفاقيات جنيف المشهورة التي كملت في البروتوكولين الإضافيين عما سبقهما والتي ترمي على الحد من العنف وحماية المدنيين في النزاعات ومن يساعدهم إلا أن الإسلام كان أسبق من القانون وألزم للعدل فمتى سيوقف الشرع والقانون الانتهاكات في سورية؟
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1137
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1098
| 22 ديسمبر 2025
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
864
| 24 ديسمبر 2025