رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

حسن عبد الله المحمدي

حسن عبد الله المحمدي

مساحة إعلانية

مقالات

541

حسن عبد الله المحمدي

مرايا

13 ديسمبر 2010 , 12:00ص

كرة القدم تجمعنا

كأس العالم في قطر.. ومصالحة بين الجزائر ومصر.. واليمن السعيد منتصر

بداية عذرا عن تأخري في نشر مقالي إلى اليوم بدلا من الخميس الماضي، فزاويتي كما تعلمون تنشر اسبوعيا كل يوم خميس، واستسمحكم عذرا لهذا التأخير، نظرا لظروف طارئة، وإن شاء الله تعود الزاوية إلى إطلالتها عليكم كل خميس كما هو معتاد.

في عام 2001 استضافت قطر اجتماعا لمنظمة التجارة العالمية الـ WTO لتداول الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة الـ GATT التي تهدف إلى تعزيز التجارة الحرة وإزالة القيود والعوائق أمام التبادل التجاري بين الدول، وأطلق على الاجتماع "جولة الدوحة"، حيث سبقتها عدة جولات في دول مختلفة، إلا أنه لم تعقبها جولة أخرى، ومازالت المباحثات جارية حول مناقشات واتفاقيات هذه الجولة علما أن رئيس منظمة التجارة العالمية حدد هذا العام وقتا لختامها.

عايشت هذا الاجتماع المهم والكبير عن قرب حيث كنت أحد المتطوعين الذين التحقوا فيه للعمل في اللجنة الإعلامية التي رأسها الزميل سلطان المهندي. وأذكر انني كتبت حينها مقالا أشرت فيه إلى أن قطر تستضيف أهم مؤتمرات العالم متسائلا عن إمكانية أن يقودنا ذلك لأن نستضيف مستقبلا كأس العالم لكرة القدم. لم يكن ذلك تخمينا ولا تنبؤا بقدر ما كان استشرافا للمستقبل مبنيا على مؤشرات ووقائع واستنتاجات تعتبر الرياضة "إحدى رؤى البلد، وركيزة من ركائز الاستثمار إلى جانب المبادرات في المجالين الاقتصادي والتربوي التعليمي".

هذه الاستنتاجات هي نفسها التي جعلت كاتبا أمريكيا بعد تسع سنوات تقريبا يؤكد في مقال كتبه أن استضافة قطر للألعاب الأولمبية الصيفية أو كأس العالم لكرة القدم هو أمر حتمي فالدلائل والاستنتاجات تشير إلى أن العوامل كلها متوافرة في هذا البلد لتنظيم الأحداث والبطولات الرياضية الكبرى.

إذ قال الإعلامي الأمريكي الشهير "آلان ابراهامسون" في مقال نشره في موقع محطة "أن بي سي" الأمريكية الواسعة الانتشار في أبريل الماضي ان قطر تتمتع بإمكانات مادية كبيرة وهي في بداية تطور اقتصادي قد يستمر لمائة سنة أو مائتي سنة أو أكثر. مضيفا أن التحدي الذي يواجهها هو في الطريقة التي سوف يتم بها إنفاق كل هذه الأموال، واصفا بأنه "تحد لطيف".

وأضاف كاتبا في معرض مقاله: ليس الأمر إن كانت قطر سوف تستضيف دورة من الألعاب الأولمبية، أو في الوقت الحالي، نهائيات كأس العالم، بل إن السؤال هو: متى سيحدث ذلك؟.. ربما، إن كلل طلب الاستضافة الحالي لنهائيات كأس العالم بالنجاح، سيكون ذلك منذ عام 2022.

صدق حدس هذا الكاتب المتخصص في الألعاب الأولمبية وشؤونها، وفعلا اختيرت قطر لتنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2022، مثلما صدقت تمنياتي.. "يدرك الفيفا أنه قد حان وقت تنظيم كأس العالم في بلدنا لترسيخ رسالة السلام والوحدة في العالم من خلال هذه المنطقة". بهذه العبارة أنهيت مقالي الذي نشرته الخميس قبل الماضي، اليوم الذي اختار فيه الفيفا دولة قطر لاحتضان كأس العالم 2022، وكنت قد ذكرت في المقال ايضا انني "أبلغ من العمر الآن أربعين سنة، وإن شاء الله يكتب لي عمرا طويلا في طاعته وتتيح لي الفرصة أن أشاهد مرة أخرى حدثا رياضيا كبيرا في قطر وهو كأس العالم لكرة القدم عام 2022".

وأشرت إلى أنه "مثلما كانت الدوحة أول مدينة عربية تحتضن دورة الألعاب الآسيوية، إن شاء الله تكون الدوحة أول مدينة في منطقة الشرق الأوسط تستضيف كأس العالم لكرة القدم عندما يتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" قراره "اليوم" لصالح قطر بمشيئة الله".

كانت لحظة الإعلان عن فوز قطر بتنظيم الحدث الأكثر أهمية في العالم لحظة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولن ينسى القطريون وإخوانهم العرب المقيمون بيننا أو في بلادهم أو في أي مكان آخر يوم الثاني من ديسمبر أبدا، ففي هذا اليوم جمعتنا كرة القدم ووحدت صفوفنا وجعلتنا نتفق في وقت يقال عنا نحن العرب إننا اتفقنا أصلا على ألا نتفق.

هكذا هي رياضة كرة القدم مثلما تفرق تجمع أيضا، وأذكر في الصيف الماضي كيف خرج مئات الآلاف من المتظاهرين الأسبان في مدينة برشلونة دفاعا عن الحكم الذاتي الموسع في إقليم كتالونيا، معقل أفضل ناد في العالم وهو برشلونة العريق، بعد أن طعنت فيه المحكمة الدستورية الاسبانية. فهذه الجموع التي دافعت عن حكمها الذاتي وتشجع الانفصال عن إسبانيا هي نفسها التي فرحت للانتصارات التي حققها المنتخب الإسباني في مونديال جنوب افريقيا وتتويجه باللقب.

وغير بعيد عن ذلك، استطاعت اليمن السعيد مؤخرا أن تنظم خليجي 20 لكرة القدم في أحلى وأبهى صورة، بل كانت البطولة التي توج فيها الكويت باللقب هي الأفضل على الإطلاق، وخاصة من الجانب الجماهيري، فاليمنيون اثبتوا أنهم أكثر من يعشق كرة القدم في منطقة الخليج، فبالرغم من خروج فريقهم من الدور الأول برصيد خال من النقاط، فان الجماهير العاشقة للكرة لم تغب عن المدرجات وشجعت كل الفرق الخليجية بحماس. ويحسب لخليجي 20 في اليمن أنها تكاد تكون من المرات النادرة التي تخرج فيها كأس الخليج من غير حساسيات جماهيرية وشعبية.

شخصيا، كنت أتمنى أن تحظى اليمن بشرف استضافة هذه البطولة وعدم نقلها إلى بلد آخر بعد كل الأقاويل التي أثيرت في وسائل الإعلام عن عدم إمكانية استضافتها لهذا الحدث بسبب عوائق أمنية على خلفية الهجمات الإرهابية في البلاد التي تقف خلفها القاعدة والحوثيون.

بسبب كرة القدم انتصر اليمن.. وحسب تقرير نشرته نيويورك تايمز الأمريكية عن خليجي 20 ان الصحفيين العرب قدموا تقارير متوهجة عن البطولة وعن الاستقبال الدافئ الذي لقوه في عدن. ونشرت جريدة كويتية مقالا تحت عنوان: "كذبة المليون"، ساخرة بذلك من التهديدات التي صدرت عن انفصاليين يمنيين بتعطيل البطولة عبر تنظيم مظاهرة يشارك فيها مليون شخص. حتى ان أعضاء من الحركة الانفصالية انضموا إلى الاحتفالات الخاصة بالبطولة. وقال أحمد السلامي، مصور كويتي عمره 29 عاما: "كتبت وصيتي قبل المجيء إلى هنا، وتوسلت لي أسرتي ألا آتي إلى هنا. ولكنني اكتشفت أن كل الأشياء التي سمعناها غير صحيحة؛ فاليمن دولة جميلة".

عندما زار وفد الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" قطر في سبتمبر الماضي ضمن جولاته للدول المرشحة لاستضافة مونديالي 2018 و2022، التقيت بالصحفي مايكل كيسي من وكالة الأنباء العالمية "الأسوشيتد برس" الذي تربطني به علاقة طيبة، ودار بيننا حوار حول إقامة كأس الخليج في اليمن في ظل التهديدات الأمنية التي تعيشها، وقلت له شخصيا أتمنى أن تقام الدورة في اليمن ورفضت مبدأ نقلها إلى دولة أخرى، فلابد لهذه الدولة أن تحظى بشرف وفرصة استضافة هذا الحدث. والحمد لله أن اليمن رفعت علامة النصر وكسبت التحدي في تنظيمها لبطولة هي الأفضل في تاريخ دورات كأس الخليج لكرة القدم.

ومن اليمن إلى الجزائر ومصر.. فمثلما وحدت كرة القدم العالم العربي بعد نيل قطر شرف استضافة كأس العالم 2022، كما وحدت أهل اليمن بمن فيهم البعض من دعاة الانفصال أثناء منافسات خليجي 20، ها هي تسعى إلى التقريب والمصالحة بين الشقيقين الجزائر ومصر بعد أن أذكى شرذمة من إعلاميي البلدين نار الفتنة بين الشعبين.

ويحسب لدولة قطر أنها تقود مبادرة التصالح بين البلدين، مثلما بادرت أيضا بدعم اليمن في استضافتها لكأس الخليج، وتكاد تكون الدولة الخليجية الوحيدة التي آمنت بحتمية إقامة الدورة فيها.. لذلك لم يكن غريبا أن يفرح العرب أولا وأخيرا باستضافة قطر لكأس العالم وأن تحظى قطر بشرف استضافة هذا الحدث.. فإنما الأعمال بالنيات.

مساحة إعلانية