رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

صالحة أحمد

مساحة إعلانية

مقالات

1386

صالحة أحمد

الفرق بين المرونة والتنازل

14 يناير 2025 , 02:00ص

غياب الفهم السليم عن مواقف الحياة ومجالاتها يؤدي إلى الكثير من المشكلات، ولعل أول ما يُقبل رأس القائمة هو: ضياع الحقوق وما ينجم عنه من صدام يشترك فيه الكثير بعد أن تتشابك الأمور وتتعقد، ويبقى السؤال الأهم: ما الذي يأخذنا نحو تلك الزاوية؟ وهل يُمكننا تجنبها؟

 بداية لابد أن نتفق على حقيقة واحدة، وهي أن غياب الفهم السليم لكل ما يحدث من حولنا هو السبب الأساسي لملازمتنا للصفوف الخلفية في حين أن الأمامية منها تترقب تقدمنا؛ كي نخرج بأفضل النتائج، مما يعني أن ما سيتم تداوله في هذا المقال هو ما يمكن اعتماده كمرجع لكل وأي موقف نتعرض له في حياتنا، فإليكم ما هو لكم أصلا:

 إن الزاوية التي نشعر فيها بكثير من الضيق وما يعادل ذلك من ضياع هي تلك التي يغيب عنها الفهم السليم لحقيقة ما يحدث، وهو ما يقع؛ بسبب جهل البعض، ولا عيب في أن نجهل الأمور، ولكن العيب في أن نتجاهل ضرورة تصحيح ذلك بالتعلم واكتساب المعرفة المطلوبة والمتعلقة بما يتم تداوله في ذاك الحين، خاصة متى تعلق الأمر بحقوق الآخرين ممن يترقبون كلمة حق واحدة تميل بكفها نحوهم، ولعل التقليل من شأن الآخر من شأنه أن يُضيق الخناق عليه، وما يعقب ذلك من تقزيم لقدراته وإمكانياته وكل ما يمكنه التقدم به، ولكنه يواجه مشكلة واحدة وهي تلك العقليات التي لا تعقل ولا تفقه حقيقته وهو ذاك الذي يملك الكثير، ويترقب إمكانية الفوز بفرصة يتيمة يمكنه من خلالها التعبير بكل ما يتمتع به، وما يرغب ببثه، فيُجبر على البقاء حيث هو دون أي جديد، أو البحث عن ذاته في مكان آخر؛ لنصبح ونمسي مع مشكلة جديدة وهي رحيل من يدرك ويستحق، وبقاء من لا يدرك ولا يستحق ولا يسعى إلى تطوير ذاته؛ ليبرر ما حصل عليه وحصده وإن لم يزرعه منذ البداية المُطلقة، والحق أن معايشة ذلك سيخلق صداما كبيرا، عشت تفاصيله مؤخرا من خلال المشهد الذي تصدرته زميلة لي متفوقة جدا في عملها ولدرجة أنها صارت Overqualified بالنسبة للمهام الوظيفية التي كُلفت بها، وبين كل ما تتمتع بها من قدرات وإمكانيات، وما تُكلف به من مهام ضاعت فعليا؛ لأن المهام الجديدة قد حصرتها في زاوية لا تسمح بالإبداع والتميز، فإما أن تعمل بعد التنازل عن قدراتها وتركها بعيدا أو أن تبحث عن ذاتها في مكان آخر، والمشكلة أن هذا الحل الأخير لن ينهي الموضوع فهو مجرد حل مؤقت، إذ من الوارد أن تواجه ذات الأمر في أماكن أخرى؛ لتدرك تفاصيل ذات القصة ما لم تتوصل للحل الأمثل، الذي يتطلب الفهم السليم لحقيقة ما يحدث، والذي يمكن أن يكون بمعرفة الفرق بين المرونة والتنازل، حيث لا خلاف يُذكر مع الشق الأول إذ لا بأس بشيء من المرونة، ولكن الخلاف الحقيقي مع الشق الثاني، الذي متى بدأ فإنه سيظل قائما حتى نُقرر عكس ذلك.

بِنِيةٍ صَالِحة أقولها:

 كل العقبات التي تعترض طريقنا في هذه الحياة يمكنها أن تزول، حين نفهم ما نحن عليه، وما يجدر بنا القيام به، فالمرونة التي تتطلبها بعض المواقف تعني أن نملك من البدائل ما يمكننا الاعتماد عليه؛ لتصحيح الوضع وبشكل فوري، وبخسائر أقل، ولكنها أبدا لا تعني سماحنا لسوانا باستلام عجلة القيادة وتولي دفة الأمور؛ ليفرض علينا ما يجب عمله في حين أننا نُدرك تماما ما نقوم به، فالمرونة شيء، والنزول عند رغبات الآخرين وما يفرضه ذلك من تنازل عن الكثير من حقوقنا هو شيء آخر تماما. (نعم) هناك بعض المواقف التي تتطلب وجود من يوجهنا، ولكن (لا) لا يعني ذلك أن يتولى تلك المهمة من يعمل بشكل عشوائي وبخطوات مُتعثرة قد نتعثر معها مستقبلا.

ثم ماذا؟

 لا شك أن المشهد الذي عشت تفاصيله مع زميلتي تلك هو ما يتكرر يوميا وإن كان ذلك في أماكن أخرى، ومما لا شك فيه أن ما يخلفه ذاك المشهد من ضغوطات تؤثر على جودة الحياة ومخرجاتها؛ لذا وجب التوقف عند هذا الأمر لقول التالي لكل من يعاني من كل ما سبق: كن مرنا بقدر ما تستطيع، ولكن لا تتنازل أبدا. وأخيرا: أتمنى أن تكون كلماتي هذه قد قدمت ما فيه من الخير ما يكفي؛ لمساعدتك على تقديم أفضل ما لديك، وحتى تصل لذاك الخير كن بخير.

مساحة إعلانية