رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منى الجهني

Munaaljehani1@gmail.com 

مساحة إعلانية

مقالات

1104

منى الجهني

الفوضى.. في الشرق الأوسط

15 يناير 2025 , 02:00ص

كانت وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس، قد تبنت مفهوم «الفوضى الخلاقة» وأوضحت لصحيفة الواشنطن بوست في عام 2005 كيفية انتقال الدول العربية والإسلامية من الدكتاتورية الى الديموقراطية. معلنة ان الولايات المتحدة ستلجأ الى نشر الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط في سبيل إشاعة الديموقراطية. وذلك يعني وصول المجتمع الى أقصى درجات الفوضى متمثلة بالعنف والرعب والدم، وهو ما يخلق إمكانية إعادة بنائه بهوية جديدة.

علينا الاخذ بالاعتبار ان نظرية الفوضى لا تقتصر على الفيزياء والرياضيات فقط، انما في الأنظمة الاجتماعية والسياسية فهي تبدو للوهلة الأولى اعتباطية، ولكنها ذات أنماط منظمة.

يقول أحد الباحثين «ان الشر ق الأوسط هو مثال حي على ديناميكيات الفوضى حيث ترتبط التوترات الصغيرة بتغيرات كبيرة تؤثر على النظام الدولي بأكمله». فالتحولات المعقدة في غزة والشرق الأوسط وهذا الصراع المستمر دليل ثابت على حالة الفوضى المنظمة التي أدت الى كارثة حقيقية في غزة على سبيل المثال وخاصة بعد السابع من أكتوبر التي أدت الى الكثير من العواقب وتفاقم الكثير من المشكلات لأهالي غزة. وبالتالي التدهور في كافة الخدمات والنقص الحاد في الكثير مما يحتاجه أهالي غزة. ويأتي ذلك على جميع الأصعدة سواء في القطاع الصحي، أو الغذاء او الكهرباء والوقود. وما نتج عنه من اغلاق المعابر مما سبب أزمة في الغذاء ومعاناة البرد والجوع.

للوهلة الأولى قد يبدو هذا التصعيد كأنه عشوائي، ولكن من يدقق يجد نمطا محددا. فترى على سبيل المثال في القطاع الصحي تدمير المستشفيات واحدة تلو الأخرى، الى حد خروجها من الخدمة التوقف التام لا ادوية ولا معدات ولا الوقود والكهرباء لتشغيل المستشفى الأجهزة الطبية.

ان هذه الفوضى ليست عشوائية، بل هي مدروسة ناتجة من دوامة التحولات السياسية في الشرق الأوسط، وفي هذا السياق لعبت التدخلات الخارجية دورا رئيسيا في تلك الفوضى. وتأتي أيضا كنتيجة معقدة تتشابك فيها السياسة، الاقتصاد، المجتمع، والبيئة.

كما ان تحليل هذه الفوضى من خلال نظرية الفوضى يدل أن كل قرار أو فعل صغير له تأثيرات

 واسعة وغير متوقعة، مما يجعل غزة مثالًا حيًا على الفوضى المنظمة التي تفتقر إلى حلول شاملة ومستدامة.

 وما زاد الوضع تعقيدا أكثر هو استخدام الاعلام كجزء من الحرب النفسية. باعتبار غزة الخط الفاصل بين الحياة والموت. ان ما يواجه غزة اليوم من تحديات وصراع مع المجاعة والجثث والخيام البالية في البرد تمثل مثالا واقعيا للفوضى نتيجة التشابك السياسي والعسكري والإنساني أدى الى حالة مستمرة من الاضطراب التدخلات الخارجية لها دور في هذه الفوضى والكارثة الإنسانية.

ان هذه الفوضى ليست عابرة أو عشوائية، بل تغير شكلها كل مرة برغم انها تعلمنا ان الأنظمة تبدو غير منتظمة. ولكن بالأصل تحتوي أنماط غاية في الانتظام والمنهجية. وبعدة اعتبارات منها المصالح ما يجعل المواقف غير مستقرة. وغالبا ما يكون التصعيد مرتبطا بالانتخابات او مفاوضات دولية.

من اثار هذه الفوضى الحتمية هي الهجرة والنزوح حيث تتحمل الشعوب عادة العبء الأكبر من اثار هذه الفوضى وتدمير البنية التحتية والأزمات الاقتصادية. وفي هذا السياق فغزة ساحة للصراعات السياسية والعسكرية دفعت الكثير من سكان غزة للهجرة القسرية للبحث عن مخرج مما أدى الى تفاقم الازمة الإنسانية هناك.

كل ذلك لان غزة نقطة محورية بين الشرق الأوسط وافريقيا واسيا لذلك هي مسرح للصراعات الى جانب الأهمية الدينية والتاريخية.

قد تبدو غزة وكأنها عالقة، ولكن يجب علينا ذكر انه وعلى الرغم ما يمر به سكان أهل غزة، فكل ذلك مرتبط بالمعركة الحقيقية في القدس والمسجد الأقصى. ولكن يشهد لهم الصمود في الازمات المتتالية ومواجهة المحتل الإسرائيلي رغم كل هذه الفوضى. فالتحرير قادم والنصر قادم، قيمة راسخة ومتعمقة مهما بلغت هذه الفوضى.

« في الفوضى لا يحدث شيء بالصدفة حتى في أكثر الأنظمة اضطرابا تخضع لأنماط مخفية». كل هذا وبيني وبينكم...

مساحة إعلانية