رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أما العزيزُ فهو شعب هذه الثورة وأهلها الذين قدموا، ولا يزالون، للعالم دروساً في التضحية والعطاء وحب الوطن قلﱠ نظيرُها في التاريخ.
لا بأس في هذا المقام أن يَصف بعض (المثقفين) هذا الكلام بـ (العاطفي)، مع أننا نؤكد عليه انطلاقاً من قراءة قوانين وسُنن الاجتماع البشري. وحين نستخدمُ الكلمات المكتوبة أعلاه بشكلٍ يبدو فيه تكرارٌ لها، فلأن اللغة نفسَها باتت تعجز عن رفد المرء بمصطلحات تفي بالمقام.
لا مُشاحة هنا أيضاً في استذكار كل الأخطاء والمشكلات التي مرت وتمرﱡ بها الثورةُ وأهلها. لأن هذه الثورة تحديداً تُمثل بشكلٍ عام تجربةً بشريةً غير مسبوقة في التاريخ المعاصر على الأقل. نقول (بشكلٍ عام) لأن ثمة استثناءً وحيداً في الظاهرة، وهو استثناءٌ أقرب للمفارقة، ويتمثل في أن السوريين (البشر) يواجهون نظاماً يبدو أن نصيبه من البشرية، بمعناها الإيجابي، لا يتجاوز الوصف الاسمي.
يكفي القول إن الثورة أخرجت من السوريين في بداياتها أسمى ما يمكن أن يخرج من البشر، لكن هذا أخرجَ من النظام وأزلامه أخسﱠ ما يمكن أن يخرج من البشر.
كانت ممارسات السوريين في الأشهر الأولى من الثورة أقرب لممارسات الملائكة. ثم إنهم واجهوا، مما باتت الناسُ تعرفهُ، ما لا يُطيقهُ البشر ابتداءً. فكان طبيعياً جداً، ومتوقعاً جداً أن يعود السوريون ليكونوا بشراً.
لا تسكنُ الأرضَ ملائكة، ولا يقوم هؤلاء بثورات. وإنما يسكنُها البشر، وهؤلاء البشر هم من يجب أن يكملوا ثورتهم، حاملين على أكتافهم كل ما في البشر من ضعفٍ وقصورٍ من ناحية، وكل ما فيهم من قوةٍ وعزيمةٍ وقدرة على المراجعة والاستعادة والفعل وصناعة التاريخ من ناحيةٍ ثانية.
هذه هي العزﱠةُ الإنسانية في معناها الحقيقي، وهي العزة التي تكون دائماً مدخلاً للنصر، خاصةً حين يكون الخصم ذليلاً.
نعرفُ الكثير عن الذل الذي يتلبس أتباع النظام، نقرأ عن هذا ونشاهده ونسمعه في كل يومٍ بألف طريقةٍ وطريقة.
لكن هزيمة الذل القادمة قلما تكون واضحةً وصريحة كما هي الحال حين تعرفُ ممارسات وفد النظام في أجواء مؤتمر جنيف2.
ومن هنا تحديداً. تقرأ مُعطيات المؤتمر بكل ملابساتها المُعلنة والخفية، فلا تملك إلا أن تشعر بالتفاؤل.
لا يتعلق الأمر بمهارة وفد الائتلاف الوطني المعارض، مع الاحترام لجهوده. فقد أشرنا وأشار غيرنا لثغراتٍ كبيرةٍ في التحضير والأداء. وهي ثغراتٌ تتعلق بتقصيرٍ يعترف به بعض أعضاء الوفد بصراحةٍ ووضوح. والمرحلة القادمة تحتاج إلى مراجعات يحتاج إليها الائتلاف، كما تحتاج إليها كل القوى الفاعلة في الثورة.
ربما نحتاج لرؤية الصورة من زاويةٍ أخرى لفهمها وإدراك دلالاتها.
فنحن من ناحية بإزاء ثورةٍ طليقةٍ من كل قيد، فلا أسرَ لبطلٍ مُلهم، ولا اصطفاف وراء زعامةٍ تاريخية، ولا تقديس لرمزٍ لا يمسهُ النقد، ولا طاعة عمياء لقائدٍ لا يخطئ، ولا تأليه لإنسانٍ يحتاج في نهاية اليوم إلى إخراج فضلاته.
هذه هي ثورتنا اليوم، وهذا هو إنجازنا الكبير الذي سنرى نتائجه استراتيجياً رغم كل التضحيات والآلام الراهنة.
وهذا هو وفدُ الائتلاف، الذي اعترف به العالم ممثلاً للثورة، عرضةً لكل ألوان النقد والتوبيخ والاعتراض، بل والاتهام والتخوين.
ما من سوريٍ واحد، صغيرٍ أو كبير، يخشى اليوم من ممارسة النقد والتصريح برأيه في هذا المجال.
في مقابل هذا، ترى وفد النظام نموذجاً مثالياً على ذُلﱢ الإنسان في أبشع تجلياته.
كيف لا وكل فردٍ فيه يؤمن بأنه مأسورٌ لبطلٍ مُلهَم، يصطف جندياً مذعوراً وراء زعامةٍ تاريخية، ويُقدس رمزاً لا يجب أن يمسه النقد، ويُطيع بشكلٍ أعمى قائداً لا يمكن أن يخطئ، ويُؤلهُ فوق كل هذا إنسان جاء من التراب وسيعود إليه.
لهذا، يتحدث الجعفري رئيس الوفد خلال الجلسات وهو يحسب كلماته ورنة صوته خوفاً من (الإله) الذي يسمع كل ما يجري على الطرف الآخر من خط الهاتف.. فلا تخرج من فمه إلا البذاءة بمختلف أشكالها. لا يملك مثل هذا الإنسان فسحةً للتفكير بمحاذير ما يمكن أن يحصل تدريجياً وهو يحاول إضاعة الوقت بتوجيه الإهانات وكيل الاتهامات غالباً لوفد الائتلاف، وأحياناً للإبراهيمي.
ولهذا أيضاً، يجلس أعضاء وفد النظام كالأصنام دون أن يجرؤ واحدٌ منهم على الكلام. صحيحٌ أن قوانين الجلسات تنص على أن يكون الحديث للإبراهيمي ورئيس الوفدين يوجهان الخطاب إليه، لكن من حق رئيس الوفد أن يُعطي الكلمة لأي عضو. وفي حين يحصلُ هذا بين أعضاء وفد الائتلاف، لا يجرؤ الجعفري على ممارسة ذلك خوفاً من زلة لسانٍ قد تودي به وبصاحبها إلى مجاهل النسيان.
وهذا الذلﱡ هو الذي يدفع الوفد لعدم الإطالة في المباحثات خوفاً من هفوةٍ ما، ومن (إلهه) الذي تجب العودة إليه مراراً وتكراراً كل يوم. وهو الذي يجعل الحضور يرون أكثر من مرة المقداد وغيره يُنصتون بخوفٍ ورعب لهمسات أشخاص مجهولين يرافقونهم على الدوام.
وبما أن الذل كثيراً ما يأتي في لَبوس الكِبر، فقد كان من (بركات الثورة) وتوفيق المقادير أن يتكبر وليد المعلم على رئاسة الوفد، ليرأسها أكثرهم غلظةً وفظاظةً وبذاءةً في اللسان والتصرفات. في محفلٍ دولي يجب أن يكون حضورهُ أمثلةً للتهذيب والاحترام.
لن تتوقف روسيا في محاولاتها لكسب الوقت والتلاعب بالمسار السياسي بكل الطرق الممكنة.
ولا تبدو في الأفق علاماتٌ أكيدة على جدية موقف (أصدقاء سوريا)، خاصة الإدارة الأمريكية في البحث عن مخرجٍ بديل. بل إن أعضاء الوفد الأمريكي أنفسهم يُعبرون في جلسات خاصة عن تبرمهم وضيقهم من موقف الإدارة، وثمة أقاويل بأن روبرت فورد رئيس الوفد سيستقيل عن قريب، ربما ليقينه بأنه لن يتمكن من إنهاء خدمته الدبلوماسية بشكلٍ إيجابي.
لكن الدروس العامة من أجواء جنيف تدعو إلى تفاؤلٍ حذر، يمكن أن يكون كبيراً في حال توافر بضعة شروط تتعلق كلها بالسوريين الذين يجب أن تكون الأوراق القوية بأيديهم في نهاية المطاف.
فالائتلاف الوطني مُطالبٌ بالقيام بمراجعات كبيرة لا تقف عند الأداء في جنيف والتحضيرات له ولما قد يليه في المسار السياسي، بل وتتجاوز ذلك إلى تعزيز لُحمته الداخلية عبر مزيدٍ من المشاركة والشفافية والشراكة الحقيقية بين مختلف مكوناته.
وأهم ما في الموضوع أن الأوان آن لإبداع تصورٍ سياسي يكون فيه اعتبارٌ حقيقي وكبير لفصائل الثورة العسكرية الفاعلة على الأرض السورية. فهؤلاء الرابضون على الثغور ليسوا بدورهم ملائكةً منزهين، لكن ممارساتهم العملية والفكرية المتطورة باستمرار تُثبت تمسكهم بقيم الثورة الأصيلة وأهدافها، وتؤكد بالتالي الحاجة الماسة لترتيبات سياسية وعملية يكون لرأيهم ورؤيتهم فيها وزنٌ مُعتبر.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6588
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3177
| 23 أكتوبر 2025