رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تُعدُّ الأسرةُ بالنسبة للأبناء هي الوسط الاجتماعي الذي يُمكنهم التفاعُل فيه بحُريَّة وأمان، فيُعبِّرون عن كلِّ ما هو نفسيٌّ وعاطفيٌّ بداخلهم للآباء والأمهات باعتبارهم المصدرَ المعرفيَّ والتربويَّ داخل مجتمع الأسرة.
فالأسرة تحتل مركز الصدارة في كل الأزمنة والعصور في تلقين الأبناء أسس الحياة، وترسيخ مبادئ التفاعل، وتعليم قواعد التواصل والحوار؛ فهي التي توضِّح للأبناء كيانَهم الشخصيَّ وتركيبَهم النفسي وسلوكَهم الاجتماعي السليم.
وذلك من خلال الاتصال الفعَّال معهم بإشباع رغباتهم العاطفية والاجتماعية والثقافية، والرد على استفساراتهم وتساؤلاتهم وإن كَثُرت، والسماع لحكاياتهم وإن تكرَّرَت وبدَتْ سطحية لا فائدة فيها.
فالأسرة المثقفة الواعية هي التي تُعلِّم أبناءها قواعدَ الحوار وآدابَ التواصل، فيُدرك الأبناء حرِّيَّتَهم وحدودَهم ويُميِّزون بين ما لَهم من حقوق وما عليهم من واجبات.
وكل هذه المكتسبات لا تتحقق إلا بوجود التواصل؛ فالتواصل المستمرُّ بين الآباء والأبناء جزء رئيسي من أُسس التربية السليمة، وحلقة الوصل بين الحكمة والنضوج المتمثِّلة في الآباء، وبين التهوُّر وحداثة السِّنِّ المتمثِّلة في الأبناء.
فالاتصال الفعَّال يبني جسورًا من الثقة والإيمان بأهمية العلاقة الوطيدة بين الطرفين، وهذا الاتصال الفعَّال لا يتحقق إلا بأمرَيْن مهمَّيْن:
الأول: ثقة الآباء والأمهات بعقول أولادهم، وتبادل الحوارات الهادفة معهم في شتى الموضوعات.
والثاني: ثقة الأولاد بحِكمة الوالدَيْن، وحرصهما الدائم على ما يُصلحهم، وإشفاقهما المستمرِّ رحمةً بهم.
وأشكال الاتصال بين الآباء والأبناء كثيرة ومتعددة منها: الحوار والتشاور والتفاهم والإقناع والتوافق والاتفاق والتعاون والتوجيه والمساعدة.
ومن أجمل صور الاتصال وجمال الحوار بين الآباء والأبناء حوار لقمان الحكيم مع ابنه في موقفٍ تربويٍّ بديعٍ يجمع بين أسلوبِ النصح والوعظ، وهو أسلوب يتمثَّل في التذكير بوجوه الخير، والزجر المُقترِن بالتخويف من وجوهِ الشَّرِّ بأسلوبٍ رقيقٍ تَغمره الرحمة. فكان الحوار عبارةً عن تِسْع مواعظَ جمعَت في طياتها جميعَ مظاهر التربية. بدأها بالنهي عن الشرك ووجوب التوحيد للخالق، ثم الوصية بالبِرِّ للوالدين، ثم بيان فضلهم على الأبناء، ثم ملازمة الصالحين، ثم التأكيد على مراقبة الله والخشية منه، ثم إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم يختم نصحه لابنه بضرورة اتباع الآداب العامة في معاملة الناس وعلاقته بهم، مع ضرورة التواضُع والبُعد عن التكبُّر والغرور، واتباع الأدب في خفض الصوت عند الحديث.
فنرى في كل موعظة أصلًا من الأصول التربوية التي يجب أن يَكتسِبَها الأولاد، وإذا أخلَّ الآباء بواحدةٍ منها ولم يَكتسِبها الأبناء؛ اختلَّ ميزان التربية عندهم؛ لذلك أوصيكم أيها الآباء بضرورة الحفاظ على الاتصال الفعَّال والمستمر بالأبناء مهما صغُرَت أعمارهم فلا بدَّ منَ الحوار معهم ومشاركتهم الأفكارَ مهما كانت بسيطةً وسطحيَّة وغريبة.
ومن جميل كلام السلف في فنِّ تربية الآباءِ لأبنائهم قولُ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال: "لا تُربُّوا أبناءكم على ما ربَّاكم عليه آباؤكم فإنَّهم خُلِقوا لزمانٍ غيرِ زمانكم".
فيجب على المُربِّين أن ينطلِقوا عندَ تربيةِ أبنائهم والحوار معهم من حقيقة الاختلافِ بين الجيلَيْن حتى تتحقَّق النتائج المرجوَّة؛ لأن ثمرةَ هذا الاتصالِ سيتعوَّد عليها الأبناء وتُربي لديهم أهمية ثقافة التواصل والحوار في المستقبل مع الآخر أيّاً كان، مما سينعكس إيجاباً على المجتمع.
• رسالة:
إلى الآباء والأمهات، فلنحرص على عدم الانشغال بضغوط العمل وزحمة الحياة والمتطلبات الأسرية ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل يُنسِيكم التواصل مع الأبناء والبنات في كل يومٍ ومتابعة كل تفاصيل حياتهم بدقةٍ ورعاية واهتمام ، حتى يشعروا بالثقة والأمان النفسي ليكون ذلك خير معين لهم بعد الله على استكمال مشوار حياتهم بكل نجاح وتميّز وإبداع في كافة مجالات الحياة.
• دعاء:
نسأل الله تعالى أن يبارك في الآباء والأمهات، وأن يُصلح الأبناء والبنات، وأن يوفِّقَنا جميعًا لما فيه الخير لنا ولهم، ويُصلح ذرياتنا وذرياتكم أجمعين.. اللهم آمين يا رب العالمين.
burashid282@hotmail.com
لغة (السونكي) الدامية
رفع جثة الطفل الذي لم يتجاوز عمره ثلاث سنوات بطرف (السونكي)، وهي تشبه الحربة الحادة المعلقة في رأس... اقرأ المزيد
303
| 05 نوفمبر 2025
«ولكنني لست من هنا»
كم مرة جلست بين مجموعة، ومر بك ذاك الشعور بأن كل ما حولك غريب لا تنتمي له؟ كم... اقرأ المزيد
222
| 05 نوفمبر 2025
السودان.. حوار العقل العربي مع مُشعِلي الفتنة
في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف تلك الجغرافيا فحسب، بل تمتد لتأكل الكيان العربي وضميره الخامل،... اقرأ المزيد
288
| 05 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
3315
| 04 نوفمبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2577
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2085
| 03 نوفمبر 2025